From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
السلفـــيــون في أمريـــكا/الطيب مصطفى
By
Apr 8, 2011, 00:37

زفرات حرى

الطيب مصطفى

السلفـــيــون في أمريـــكا

 

طالعوا معي هذا المقال الرائع الذي خطّه يراع الكاتب الكبير والمفكر الإسلامي الأستاذ فهمي هويدي:
في أمريكا أناس يطالبون بإقامة حكم ديني أصولي، ويدعون إلى تمزيق الدستور الذي يعتبرونه وثيقة علمانية، واستبداله بوثيقة حكم جديدة ترتكز على الكتاب المقدس.
وهؤلاء ينتمون إلى تيار إعادة البناء المسيحي، الذي يعلن أن هدفه «تغيير أمريكا، وشغل جميع المناصب بمسيحيين مؤمنين بالكتاب المقدس، والسيطرة على الإعلام الوطني، وتدريس المعتقدات الأصولية كعلم في المدارس العامة».
وثمة مناقشات مستمرة بينهم حول ما إذا كان الحكم الديني أفضل أم الديمقراطية. وهؤلاء ليسوا وحدهم ولكن «منظمة قساوسة من أجل الحياة»، يقولون صراحة إن الكنيسة تملي سياسات الأمة، إذ هي تعلن الحقيقة الربانية التي لابد لجميع السياسات العامة أن تتوافق معها.
وحين رشح بات روبرتسون لانتخابات الرئاسة في عام 1988، مؤيدًا من «التحالف المسيحي» فإنه أعلن أنه:
عندما تحكم الأغلبية المسيحية هذا البلد (أمريكا) فلن تكون هناك كنائس شيطانية، ولا توزيع حُر للمجلات الإباحية، ولا ثمة حرية في طلب الإجهاض ولا مزيد من الأحاديث عن حقوق المثليين (الشاذين جنسيا).
وحينذاك سوف يُنظر إلى التعددية باعتبارها أمرًا غير أخلاقي وشريرًا، ولن تسمح الدولة لأي أحد بممارستها.
هذا المعنى الأخير ردده فصيل آخر في اليمين الأمريكي ـ راندل تيرى مؤسس منظمة «عملية إنقاذ» المعادية للإجهاض ـ في قوله لأتباعه:
أريدكم فقط أن تدعوا موجة اللاتسامح لتغمركم. أريد أن تسلموا أنفسكم لموجة من الكراهية.
نعم أريد منكم ذلك، فالكراهية شيء طيب. وهدفنا إقامة أمة مسيحية. والكتاب المقدس يحمِّلنا المسؤولية. فالرب قد اختارنا كي نفتح هذا البلد. ونحن لا نريد مساواة أو تعددية.
ذهبت جماعة «جيش الرب» إلى مدى أبعد. فقد استهدفت عيادات الإجهاض وتورطت في عمليات اختطاف وتفجير وقتل. ووفقًا لتقارير عدة، فإن الجماعة على صلة باستهداف تلك العيادات بمائتين وثمانين رسالة ملوثة بمادة الانتراكس السامة في شهر أكتوبر التالي مباشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وحين أقامت الجماعة حفلاً في شهر يناير من ذلك العام بمناسبة العام الخامس لنشأتها. فإن كثيرًا من المتحدثين حثوا سامعيهم على تبني العنف ضد تيارات الإجهاض واستحلوا دماء العاملين في ذلك المجال.
في تفسيرهم للكتاب المقدس فإنهم يؤمنون بأن حواء خُلقت من ضلع آدم، ومتأخرة عن خلقه لكي تشبع رغباته. وإنها كانت ضعيفة بطبيعتها ويمكن إغواؤها بسهولة، لذلك فإن عقابها على الآثام التي وقعت بها يقتضى أن تعيش دائمًا حياة الخضوع.
وهذه الخلفية هي التي تجعلهم يتمسكون بأربعة مبادئ هي: أن تخضع النساء للرجال ــ النساء أقل شأنًا من الرجال ــ معاناة النساء فضيلة مسيحية ــ المسيحيات المؤمنات حقًا ينبغي أن يصفحن عن إساءة معاملتهن.
الفقرات السابقة منقولة نصًا من كتاب «أصول التطرف ــ اليمين المسيحي في أمريكا» الذي حررته كيمبرلي بلاكر. وقد تُرجم إلى العربية وصدر في إطار المشروع القومي للترجمة في مصر.
والكتاب الذي طُبع في 420 صفحة يضم عدة دراسات أجراها عددٌ من المتخصصين الليبراليين ممن تصدوا لفكر المنظمات اليمينية التي تلعب دورًا مهمًا في الحياة السياسية الأمريكية، خصوصًا في محيط الحزب الجمهوري. وكان لهم دورهم المميز في انتخاب الرئيس السابق جورج بوش.
أهم ما في الكتاب أنه يسلط الضوء على عالم الأفكار الشاذة والمستهجَنة الشائعة بين المتدينين الأمريكيين، والتي يعتنقها ملايين منهم، دون خوف أو هلع، ويراهن على أن الآلية الديمقراطية لا تسمح فقط بتداولها علنًا، ولكنها تتيح إمكان تهذيبها واستيعابها بمضي الوقت من خلال حراك وقوة مؤسسات المجتمع المدني.
وقد عنَّ لي أن الفت الانتباه إليه بعدما لاحظت أن إعلامنا في مصر وكثيرين من عناصر الطبقة السياسية لا يكفون عن الصراخ والعويل والهلع كلما سمعوا رأيًا شاذًا أو وقعوا على تصرف استهجنوه.
علمًا بأن كل ما تعبِّر عنه دوائر اليمين الديني في مصر، لا يصل عُشر معشار نظيره في الولايات المتحدة ولا تسأل عن نظيره في إسرائيل.
ليس عندي أي دفاع عن الكلام الذي يردده الذين أقصدهم في مصر. ولكني معني فقط بالدفاع عن ثبات المجتمع وتوازنه وحسن ترتيب أولوياته.
فهمي هويدي



© Copyright by sudaneseonline.com