From sudaneseonline.com

فيصل على سليمان الدابي/قطر
لعبة الكراسي الرئاسية! /فيصل علي سليمان الدابي/المحامي
By
Apr 6, 2011, 23:49

لعبة الكراسي الرئاسية!

 

لا أحد يستطيع أن ينسى لعبة الكراسي الموسيقية ، فعندما كنا صغاراً كنا نتحلق حول ذلك الكرسي الوحيد ثم نجري حوله بسرعة وأعيننا مثبتة عليه وحواسنا منتبهة لالتقاط إشارة الحكم والتي ما إن نسمعها حتى ينقض كل واحد منا على الكرسي محاولاً الجلوس عليه قبل الآخرين وبالطبع كانت الجولة تنتهي بإعلان فائز واحد ومن ثم تستأنف اللعبة من جديد وتنقلب الأدوار فيفوز المهزومون ويخسر الفائزون في جو من المرح دون أي مشاعر غاضبة ، فالصغار كانوا يتفهمون أن الكرسي يجب أن يكون واحداً وأن المتنافسين يجب أن يكونوا كثيرين وأن قواعد اللعبة الديمقراطية الصغيرة تقتضي أن يفوز به متسابق واحد فقط لكنه لا يستطيع أن يهنأ بالبقاء عليه إلا لبرهة وجيزة!

وحينما يتأمل المرء لعبة الكراسي الرئاسية التي يلعبها الكبار في الدول الديمقراطية يكتشف الكثير من أوجه الشبه بينها وبين لعبة الكراسي الموسيقية ، فالأحزاب تتسابق حول الكرسي الرئاسي ، وتحدد نتائج الصناديق الانتخابية شخصية الفائز به ، والذي يبقى جالساً عليه لمدة محددة ، ومن ثم تستأنف لعبة الكراسي الرئاسية من جديد بعد أربعة أعوام فتنقلب الأدوار في الغالب الأعم ليس بسبب إيمان الناخبين ببرنامج انتخابي معين وإنما بسبب الملل السياسي والرغبة في التغيير في بعض الأحيان، وفي كل الأحوال فإن الكرسي الرئاسي في البلدان الديمقراطية هو مغرم وليس مغنم والجلوس عليه بمثابة تكليف لا تشريف ومن يجلس عليه يتقاضى راتباً محدداً ويخضع لرقابة قانونية صارمة ولا يُسمح له بالجمع بين الإدارة والتجارة بأي حال من الأحوال!

أما في الدول غير الديمقراطية فالحديث عن الكرسي الرئاسي ذو شجون ، فعادةً ما ينقض على الكرسي تحت جنح الظلام عسكري مغمور ، وما أن ينتهي من قراءة البيان رقم واحد سيء الصيت حتى يُسارع إلى فصل خصومه من الخدمة المدنية والعسكرية ويستبدلهم بالموالين ، ويستولى هو وبطانته على كل السلطة وكل الثروة وتتضخم ملفات الفساد وتتراكم المليارات الرئاسية المنهوبة في خزائن الدول الأجنبية بينما يأكل الشعب الفتات ولا من رقيب ولا حسيب ، وحينما يتعرض الرئيس الانقلابي لضغوط من الدول الديمقراطية ، يقوم بإجراء انتخابات شكلية ، ويسخر كل إمكانات الدولة لصالحه ويرهب خصومه بسطوة البلطجية ويحشد مسيرات التأييد مدفوعة الثمن لزوم البهرجة الاعلامية ثم يعلن فوزه في كل مرة بالكرسي الرئاسي بنسبة خيالية متناسياً أن ما بُني على الباطل فهو باطل وأن مهزلته الاحتيالية السمجة لا يُمكن أن يتقبلها أي إنسان تجول في ذهنه ذرة واحدة من مفهوم الديمقراطية الحقيقية!

ولعل أغرب كرسيين رئاسيين في الوقت الراهن هما كرسي العقيد القذافي وكرسي الأخ صالح ، فالقذافي ما زال يقدم مسرحية الكرسي الخالي ، ويصر على أنه لا يحكم ولا يجلس على الكرسي الرئاسي وأن الشعب هو الذي يحكم بينما تواصل كتائبه قصف الشعب الليبي في الزنتان ومصراته بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ! أما الأخ صالح ، الذي هزت الثورة اليمنية قوائم كرسيه الرئاسي، فقد حير الشعب اليمني وحير العالم بأسره فهو قد وافق على التنحي عن الكرسي الرئاسي لكنه اشترط تقديم بديل رئاسي في شكل اخطبوط بشري له ثماني أيادي ثم اشترط أن تكون اليد الأولى أمينة والثانية نظيفة والثالثة غير حاقدة والرابعة غير عميلة والخامسة غير إرهابية وهلمجرا ولأنه من المستحيل العثور على بديل بشري بهذه المواصفات الاخطبوطية فإن مسلسل صالح والكرسي المهتز سيظل مستمراً إلى حين إشعار آخر!

 

فيصل علي سليمان الدابي/المحامي

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com