From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
شروط الثورة السودانية/جمال ادريس الكنين
By
Apr 6, 2011, 10:30

بسم الرحمن الله الرحيم

شروط الثورة السودانية

جمال ادريس الكنين

رئيس الحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري

          معظم الناس في السودان تسأل هل  موجة الثورة الديمقراطية في المنطقة العربية موعود بها الشعب السوداني أم ستتخطاه  بعد أن وصل صداها إلي شعوب عربية لم يكن متوقع أن تنتفض أصلا وتطالب حكامها بالتغيير. فالموجة عارمة ولن تستثني بلدا, والثورة صارت أمرا حتميا  لعدة عوامل. أهمها أن الأنظمة لم تعرف التداول في السلطة ولا تعترف بالمشاركة السياسية للشعب في الحكم ولا تحترم مواطنيها ولا تعترف بحقوقهم. هذه الانظمة  لا تعرف إلا القمع والاستبداد والفساد والظلم,  وعلي المستوي الخارجي أنظمة خانعة وتابعة . وفي السياسات الاقتصادية تابعة للرأسمالية الغربية وتوجيهات البنك الدولي, الغت دعم الدولة للخدمات الأساسية وباعت كل ممتلكات الشعب للقطاع الخاص والرأسمالية الطفيلية مما أدي إلي زيادة الإفقار والبطالة  . مع كل هذه المسالب طال الزمن بهذه الانظمة في الحكم, مع مواصلتها للقمع وإهدار الكرامة الإنسانية, ولم تترك أي مساحة للتغيير السلمي الديمقراطي ولا حتى مساحة للتعبير بحرية . كل ذلك وفر الظروف الموضوعية لتسونامي التغيير في الوطن العربي .أما عندنا في السودان فظروف وشروط التغيير في النظام مكتملة وزيادة, فالحالة وصلت لحتمية التغيير فما الذي يؤخرها ؟.

نعتقد أن شروط وعوامل التغيير تنقسم الي قسمين. أولها شروط وعوامل موضوعية مرتبطة بالنظام والظروف التي أوجدها وتسبب فيها وأوجبت ضرورة تغييره. وثانيها شروط وعوامل ذاتية متعلقة بالقوي التي تقوم بالتغيير وأدوات التغيير وكيفية التغيير . ولكي تكتمل الحالة الثورية للتغيير يجب أن تكتمل وتستوي كل هذه العوامل الذاتية والموضوعية في لحظة واحدة حتي تدفع بالثورة إلي الإمام لإتمام التغيير المطلوب .

1.     الشروط والعوامل الموضوعية :.   متعلقة بالنظام, وهي ظروف قائمة وموجودة في الواقع بغض النظر عن الوعي بها أو جهلها من البعض أو الكافة .

أ‌.         انعدام الشرعية والمشروعية :. النظام لا شرعية له منذ أن جاء بالانقلاب عام 89 علي النظام الديمقراطي المنتخب, وحاول طيلة المدة الماضية أن يكتسب شرعية لوجوده من خلال انتخابات مزيفة  ودستور مرفوض من الشعب, ثم إستغل النظام اتفاقيات السلام لاكتساب شرعية  وحاول أيضا من خلال تزوير الانتخابات الأخيرة التي جاءت بمجلس 98% من عضويته مؤتمر وطني, وهذا ما فعله أيضا الحزب الوطني في مصر ولم تسعفه عضويته التي كانت 100% من مجلس الشعب المصري من طوفان ثورة الشعب المصري .

 يفتقد النظام أيضا للمشروعية فهو لم يجد أو يكتسب أي رضي أو قبول حر ونزيه من قبل الشعب, فبعد 20 سنة من الحكم لم يبني أي رصيد شعبي من خلال انجازات ملموسة لصالح الشعب تجد الرضي والقبول  .

ب‌.     مصادرة الحريات :. صادر النظام كل الحريات والحقوق. حرية التنظيم وحرية التعبير وحرية العمل النقابي وحقوق المواطنة بترسانة من القوانين المقيدة للحريات, منع بها العمل السياسي الحر ومارس الاعتقالات والاستدعاءات  الامنية  ومطاردة المواطنين بقانون النظام العام واضطهاد النساء ومطاردتهن والتضييق عليه.

ت‌.     الظلم والبغي :. إن الظلم والظلامات التي ارتكبها النظام في حق السودانيين لا حصر لها وهي عديدة مثل الفصل التعسفي لعشرات الآلاف من الخدمة المدنية والقوات النظامية . الاغتيالات والإعدامات بدون محاكمة,  والاعتقال والسجن والتعذيب . طرد المواطنين الفقراء وتهديم منازلهم في مناطق طرفية كثيرة بالعاصمة والمدن الكبيرة  . مصادرة الأراضي وانتزاعها بالقوة من المواطنين والاستيلاء عليها بغير وجه حق والمماطلة في دفع التعويضات عن الأراضي المنتزعة . التوظيف علي أساس الولاء للنظام وفتح الفرص الاقتصادية أمام عضوية المؤتمر الوطني .ظلم العاملين في الدولة بتأخير مرتباتهم البسيطة وتأخير حقوق المعاشيين لشهور وسنوات وهم في أمس الحاجة يعانون الفقر والمرض, في الوقت الذي يصرف فيه المؤتمر الوطني الأموال الطائلة علي برامجه ونشاطاته . تعرض المزارعين إلي ظلم كبير بعد أن رفعت الدولة الدعم عن تمويل الزراعة وتركتهم فريسة لمحافظ تمويل البنوك بشروط ظالمة أدت إلي إعسارهم ودخولهم السجون . والجهات المتنفذة تستورد وتبيع للمزارعين تقاوي ومبيدات فاسدة غير صالحة مما أدي إلي فشل كثير من المواسم الزراعية والإضرار بالمزارعين ضرراً  بليغاً .. اتبع النظام سياسات جهوية ظالمة قادت البلاد إلي حروب في الجنوب والغرب والشرق وكل الإطراف وارتكب سلسلة من الجرائم في حق المواطنين .

ث‌.     السياسات الاقتصادية  :. سياسة التحرير الاقتصادي التي أتبعها النظام لم تكن في مصلحة الشعب ودمرت الاقتصاد السوداني. بل كانت وما زالت لمصلحة أقلية الحزب الحاكم التي اغتنت علي حساب حرمان وإفقار الشعب بعد أن تخلت الدولة عن دعم الخدمات الاساسية كالتعليم والصحة وباعت ممتلكات الشعب بأرخص الإثمان لأهل المؤتمر الوطني وحلفائه الذين احتكروا كل فرص النشاط التجاري والاقتصادي, مما أدي لتوسيع قاعدة الفقر لتشمل 95%  من الشعب الذي يعاني من غلاء الاسعاروصعوبة الحياة.

ج‌.      الإفقار : إن الإفقار الواسع الذي ضرب حياة السودانيين تم نتيجة للسياسات الخاطئة والظالمة وإهمال القطاعات الإنتاجية والمنتجين, وتخلي الدولة عن مهامها ومسئولياتها في تقديم ودعم الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وكهرباء ومياه, وترك المواطن لمواجهة فواتير كل هذه الخدمات مع قلة الأجور والانخفاض المستمر لدخل الفرد وانخفاض قيمة العملة الوطنية والقيمة الشرائية للجنيه, وفرض الضرائب والجبايات والرسوم المتعددة علي المواطن باستمرار مما جعل التضخم وغلاء الأسعار جحيم لا يطاق  وواقع لا يحتمل ولا يستطيع المواطنين تلبيه حاجاتهم الأساسية للحياة .

ح‌.      الفشل الإداري :.  إن الفشل الذي ظهر من أداء النظام الإداري كارثي وغير مسبوق وهو نتيجة حتمية لغياب البرنامج, وغياب دولة القانون والمحاسبة, ولانتهاك لوائح الخدمة وتعيينات الولاء بدون خبرة ومؤهلات, وتشريد وفصل الكفاءات مما أدي إلي ضعف وفشل كثير من المؤسسات وانهيارها, كمشروع الجزيرة والسكة حديد وسواد نير وغيرها . إن الفشل طال مؤسسات وأجهزة الحكم بكل مستوياتها. والنظام الفدرالي والحكم المحلي خلق مشكلات في كل أقاليم السودان وتم تتويج الفشل الكبير بالتفريط في وحدة البلاد وانفصال الجنوب وما زال الفشل الإداري يهدد ما تبقي من السودان .

خ‌.      الخراب والتخريب :. إن الفشل الإداري والفساد وعدم المحاسبة أحدث خرابا  كبيرا في حياة السودانيين  شمل المباني والمعاني . تم تخريب المؤسسات وتخريب الخدمات فالتعليم والصحة من أهم الخدمات لتنمية الانسان تم تخريبها بعد ان رفعت الدولة يدها عن الدعم . فالتعليم العالي والاساس يعاني من فوضي في المناهج وميزانية شحيحة  مع تشريد الكفاءات وإنعدام التدريب وغياب كل مقومات التعليم الجيد, مع فتح الباب واسعاً لفوضي التعليم الخاص . كذلك الخدمات العلاجية تم اهمالها وتخريبها وترك المواطن فقيرا معدما لمواجهة الاستثمارات الخاصة في الصحة, التي تتاجر وتتكسب في مرضه  ومعاناته . إن التخريب شمل القيم والمعاني وانحسرت قيم اجتماعية إيجابية لتظهر وتسود قيم السوق والطبقة الجديدة مثل الانانية والجشع والمظهرية والصرف البذخي والفهلوة والجو كية والكسر والكذب والنفاق والرياء وكثير من ممارسات وسلوكيات لم يعرفها الشعب السوداني في السابق ، التفكك الاسري والقبلية والجهوية وجرائم جديدة علي المجتمع, وإمتلأت السجون بأعداد هائلة من الرجال والنساء بفضل هذه القيم الجديدة..

د‌.        الفساد : لم يتبقي ركن أو موضع في السودان ما بلغه الفساد الذي تمدد من القمة الي القاعدة. فممارسة الفساد أصبحت واضحة وترتكب بكل جرأة, إبتداء من المناطق البعيدة في الارياف والمحليات والولايات وصولاً إلي المؤسسات المركزية والوزارات وقمة السلطة, بأشكال مختلفة لإستغلال السلطة في سرقة أموال  الشعب,  منها خيانة الأمانة, والصرف بدون وجه حق, والمخصصات والامتيازات الخرافية, والجمع بين اكثر من موقع وظيفي في مجالس الإدارات للمؤسسات والشركات, والجمع بين الوظيفة الحكومية والاستثمار الخاص, كظاهرة الوزراء وكبار التنفيذيين المستثمرين,  وارساء العطاءات والمقاولات وكل الفرص لاهل المؤتمر الوطني وأقارب المسئولين . انهم يصدق فيهم ماجاء في الكتاب الكريم "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله علي مافي قلبه وهو ألد الخصام* وإذا تولي سعي في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد* وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ".(بقرة204-206)

ذ‌.        أداء الأعلام :. احتكر النظام الاعلام وصار موجها بصورة واحدة وصوت واحد,  ومحاولات سازجة لتزيين الواقع وتزييف الوقائع وتحويل فسيخ الخيبات الي شربات انجازات وهمية.هذا هو ديدن الانظمة الشمولية مع الاعلام, احتكار يجعل المواطن في حالة من عدم التصديق و الضيق والملل والقرف من الاعلام الحكومي....

·         كل العوامل التي ذكرناها سابقا مرتبطة بالنظام وادائه الذي أوصل البلاد إلي حالة ضرورة الثورة والتغيير,والازمة استكملت كل حلقاتها . فالنظام مخرب وفاشل أهلك الحرث والنسل, النظام فاسد والله لا يحب الفساد, ولا يحب الفاسدين. النظام ظالم, والله لا يحب الظالمين وحرم الظلم. النظام باغي وحرم الله البغي ونهي عنه .

إنها الفئة الفاشلة الفاسدة الباغية والظالمة, والخروج عليها وتغييرها واجب ديني قبل أن يكون واجب وطني.

إن الغبن والحالة الثورية وصلت مرحلة التشبع وتحتاج فقط الي من يقدح الزناد..

 والنظام يسعي بكل ما أوتي من حيل وتدابير لإضعاف حالة التشبع الثوري ومنع قدح الزناد لشرارة الثورة بعدة طرق منها :.

1.      القمع :من اهم تدابيرالنظام لمنع التحرك الثوري ممارسة القمع بشكل واسع لمنع أي تحرك أو تعبير, ومنع الندوات والتجمعات والمسيرات. الاعتقالات والضرب واستخدام القوة لمنع أي تحرك شعبي .بواسطة الشرطة والأمن وتجهيز المليشيا الحزبية التي سموها الكتيبة الاستراتيجية ظانين بأنهم سيخيفون ويرهبون الشعب.

2.      استغلال الاعلام بشكل ممنهج لإعطاء صورة زائفة عن الواقع المعاش وتشويش الوعي لهذا الواقع البائس لدي المواطن .

3.      اعادة الحديث عن الشريعة في محاولة لارهاب الشعب باسم الدين . والشعب أدرك وعرف جيدا شريعة المؤتمر الوطني بعد 20 سنة من الفشل في الحكم  لمن  زكوا أنفسهم علي الله وتميزوا علي بقية خلق الله من المسلمين و سموا أنفسهم بالاسلاميين !!!. وعرف ان الذين يدافعون عن شريعة المؤتمر الوطني إما منافقين واما جهلة بأمر الدين .

4.      محاولة النظام طرح مشاريع وهمية لتشغيل الخريجين  في محاولة مكشوفة لجمع المعلومات والمتابعة الأمنية  وحصرأعداد وتوجهات الخريجين العاطلين  .

5.      الحديث الكاذب عن محاربة الفقر وطرح مشاريع فاشلة مثل التمويل الأصغر والأسر المنتجة. وإعلان النظام وأجهزة المؤتمر الوطني عن عقد الاجتماعات واللقاءات لدراسة كيفية مواجهة الغلاء وكأن الذي تسبب في الغلاء كيان آخر غير المؤتمر الوطني !!

6.      محاولات اختراق وإعاقة مواقع التواصل الاجتماعي في الانترنت وإقامة مواقع وهمية لاصطياد الناشطين .

7.      التصنت علي الهواتف لمتابعة وإبطال أي تحرك شعبي, بتعاون كامل من شركات الاتصالات التي تديرها عناصر أمنية تخرجت من الأجهزة الأمنية .

8.      دخول النظام في حوارات تكتيكية مع بعض قوي المعارضة  لشقها وإضعافها وشغلها عن الهدف الأساسي وهو التغيير.

2.     الشروط والعوامل الذاتية :  ذكرنا سابقا أن الشروط والعوامل الموضوعية وصلت مرحلة الاكتمال والتشبع وتحتاج فقط الي قدح زناد الثورة. وقدح الزناد  هو دور قوي المعارضة الشعبية ويتوقف علي قوتها وقدرتها علي ذلك, بمعني أنه يتوقف علي الشروط والعوامل الذاتية المتعلقة بظروف الشعب وقدرته علي التغيير.

وناقشنا في البداية العوامل الموضوعية أي ظروف الواقع المطلوب تغييره , وسنناقش في السطور التالية العوامل الذاتية المتعلقة بقوي التغيير وقدراتها وضرورة استكمالها.

أ‌-        الوعي : من اهم العوامل الذاتية هي الوعي الكافي بالشروط الموضوعية التي توجب التغيير وادراك ظروف الواقع وابعاد الازمة الوطنية التي تسبب فيها النظام. والشعب السوداني لديه الوعي الكافي والادراك الكامل لدواعي التغيير, وهو يمتلك الالهام الذاتي بحكم خبرته وتجربته التاريخية في تغيير الانظمة الشمولية. والآن في هذه اللحظة التاريخية  زلزال الثورة في الوطن العربي يشكل وعيا و الهاما اضافيا للشباب والشعب السوداني.

ب‌-    الصبر والمثابرة علي عدة اشكال من التحرك الشعبي بمجموعات متعددة واماكن متعددة لاحداث تراكم الفعل الثوري, والحفاظ علي المتابعة والحشد والتصعيد لأي قضية صغيرة او كبيرة. لأن اندلاع شرارة الثورة وقدح زنادها يمكن ان يكون حدثا صغيرا او قضية فرعية يتم تبنيها وتصعيدها والانطلاق منها للفعل الكامل والشامل لتغيير الواقع الذي اكتملت فيه كل الشروط والعوامل الموضوعية والذاتية. ويجب ان لا نتوقع ان الثورة ستندلع من اول دعوة للخروج بل لابد من مواصلة الدعوة للخروج بعدة مجموعات واشكال وتكرارها من غير كلل وملل أويأس  لاستنزاف وارهاق اجهزة القمع واتاحة الفرصة لتراكم الخبرة الميدانية للثوار.((فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وان يكن منكم ألف يغلبوا ألفين باذن الله والله مع الصابرين))

ت‌-    التنظيم: من اهم العوامل لنجاح الثورة تحديد الاهداف وتنظيم الحركة وتوزيع الادوار والمهام . اننا بحاجة ماسة لقيام اداة تنظيمية جديدة لديها الوعي الكامل والقدرة والقوة لانجاز المهمة الثورية, وتملك الموقف الواضح من قضية التغيير الثوري الديمقراطي الجذري الذي يبدأ باسقاط النظام الفاسد. ان تحالف المعارضة بحالته الراهنة وتركيبته الحالية لايستطيع انجاز التحرك الثوري الي نهاية الشوط ودفع الثمن المطلوب لهذا التغيير,فهو يضم  بعض  القوي التي تقدم رجل وتؤخر اخري ولم تحسم موقفها من التغيير الجذري للنظام بدعوي الوفاق الوطني, او بدعوي الخوف من انزلاق البلاد للفوضي والصوملة، اننا نعتقد ان موقف هذه القوي يثبط الهمم ويعيق ويضعف حركة التغيير ويصب في مصلحة النظام. ودخول هذه القوي في حوار مع النظام فيه تراجع مهين وخزلان للشعب ولافائدة ترجي منه لأن النظام لا خلاق له في الحوار ولايملك أي اساس اخلاقي او سياسي للحوار, وهو لم يسعي للحوار الا تكتيك منه لعبور هذه اللحظة التاريخية من اعاصير الثورة العربية وتجاوز تداعيات انفصال الجنوب.

اننا في حاجة لاسلوب جديد في العمل واداة تنظيمية جديدة تجمع القوي التي لها رؤية موحدة للتغيير الجذري التحديثي ولها اهداف مشتركة, ومتقاربة فكريا وتؤمن بالديمقراطية وببعدها الاجتماعي في سياسات اقتصادية تنحاز للاغلبية الشعبية. وتتفق علي فصل الدين عن السياسة وتؤمن بأن الحلول لقضايا ومشاكل تطور المجتمع وتقدمه  تتباري وتتنافس حولها البرامج السياسية التي هي من اجتهاد البشر, وليست حقائق دينية منزلة ومطلقة. فما رأيناه وعايشناه في الفترة الماضية لا علاقة له بالشريعة أوالدين, انما هو سلوك وجهد بشري نتج عنه تخريب للبلاد, وفشل وفساد, وظلم وبغي علي العباد.  لذلك نري من اهم الخطوات لتكتمل الشروط والعوامل الذاتية لانجاز التغيير بناء الاداة القادرة  علي التغيير . ويجب علي قوي التغيير الجذري ان تثق في قدرة الشباب والشعب السوداني علي تجاوزالمتراجعين والمترددين. فهنالك ضرورة قصوي وملحة لتأطير هذه القوي في اداة تنظيمية تعبر عن كتلة تاريخية قادرة علي تجاوز الضعف الحالي ومواجهة المؤتمر الوطني لاتمام المهمة التاريخية.

ث‌-    الامكانية وقوة التحمل: من العوامل الذاتية المهمة لقوي التغيير ان تتوفر الامكانيات التي تجعلها قادرة علي تحمل وامتصاص ضربات الاجهزة القمعية.واهم الامكانيات هي الامكانية البشرية فالمطلوب تحشيد واستقطاب وتأطير اكبر عدد من الجماهير في التحركات حتي يكونوا قادرين علي تحمل وامتصاص أي اذي وعنف واعتقالات. ان المقاومة والتحمل لاساليب الاجهزة الامنية عامل حاسم لاستمرار التحرك الثوري. فأي حركة في الشارع يجب ان تكون لها خبرة وقدرة لتحمل وتجاوز انتهاكات اجهزة الامن مثل منع الوصول لمناطق التجمع والتظاهر, او الضرب والاعتقال واستخدام الغازات وغيرها من اشكال القوة, والحرب الاعلامية والاليكترونية, حتي مرحلة استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين. كل ذلك لا يتم الا بحشد اعداد كبيرة من الجماهير, لان الجماهير لها سيكلوجية وسلوك مختلف عن الافراد. فحالة الحشد الجماهيري تتخطي حالة الخوف والتردد الفردي, وتزرع وتقوي الثقة لدي الافراد وهم مجتمعين لانجاز التحرك الثوري.لان سيكلوجية الجماهير تفعل المعجزات كما رأيناها في ميادين تونس ومصر ونراها الان في اليمن السعيد, وخبرناها سابقا في اكتوبر وابريل. وهذا مايعرفه ويخشاه النظام ويسعي دائما لابطال وافشال التحركات قبل ان تبدأ.

 ايضا من الامكانات المطلوبة والمهمة مسألة الاعلام فلابد من الحرص علي توثيق أي موقف أو مشهد لأن الاعلام اصبح سلاحا فعالا في الثورة.

·         ان الطلائع الثورية والشبابية مدعوة لاستكمال وبناء هذه الشروط والعوامل الذاتية المتعلقة بقوي التغيير لتتكامل مع الشروط والعوامل الموضوعية لتستوي وتنضج الثورة القادمة حتما.   وعلي الباغي تدور الدوائر.. والشعب غالب باذن الله.



© Copyright by sudaneseonline.com