From sudaneseonline.com

بقلم: عواطف عبد اللطيف
الجنوب ينفصل " حريريا " والمحروسة تغتسل/عواطف عبداللطيف
By
Feb 13, 2011, 12:19

الجنوب ينفصل " حريريا " والمحروسة  تغتسل

   

*   مصر اغتسلت واشرق نور فجرها من جديد بثورة غير مسبوقة حيث اجبرت الرئيس مبارك على الرحيل  " مكرها متخفيا " وقبل ان يودع شعبه ليلة الخميس 10 فبراير وعلى منصة الرئاسية بالخرطوم نهار الاثنين 7 فبراير اعلن الرئيس البشير القبول بنتيجة استفتاء انفصال جنوب السودان بنسبة جاوزت الـ 90% إنفصل الجنوب بحديث سياسي استباقي متقدما خطوات عن " خميرة العكننة " واطلاق بخور الكراهية  .. لابد ان نسجل ان الانفصال اعلن " حريريا " وسجل كنقطة بيضاء على صفحة تاريخ السودان الذي عرف تماما معنى التحارب والاقتتال ونسجل ايضا ان الدروب ما زالت شائكة وعجلات القطار تحتاج لتعبيد لكي لا تتعثر في المحطات القادمة فقبائل المسيرية في مناطق أبيي لابد ان يكون طريقها للمراعي سالكة وحريرية وان تقفل صناديق الديون بجدولة ميسرة والمواطنة والجنسية لمن وغيره الكثير .

*   هذا " الحرير " وإن غزل بنار هادئة فمولد الدولة الافريقية 54 من رحم وقلب السودان كاذب من يقول خرجت للوجود بسلاسة ويسر .. لا .. كان مخاضا قاسيا امتد لعشرات السنوات أغلبها جحيما فالحروب ودمارها انتقصت مقدرات هذا الجزء من العالم حظه التنموي كان عاثرا لحروب اهلية اوقفتها اتفاقية " نيفاشا " وباستفتاء تم بصورة أقرب للمثالية في وقت يعج العالم ويغلي بثورات غاضبة ففي بحري " المحروسة " خلخل شباب الفيس بوك أركان الحكم رفضا لاختلال موازين العدالة الانسانية والتنموية .

*   الانفصال " الحريري " ما هو إلا بداية لتأسيس علاقات جوار بين بلدين كأنتا " واحدا " السودانيون على المطلق ظلوا يتباهون بوطنهم أرض المليون ميل مربع هذا وغيره كان مصدرا للفخر والاعتزاز ولكن ثبت ان الخارطة الجغرافية " الحدادي مدادي " بين جنباتها وجوفها كثير من القلاقل .. لسنا هنا لسرد لمسبباته فمجرى النيل لن يتوقف تدفقه ولا عقارب الساعة ستتراجع للوراء .. بل لابد من اعادة صياغة الفعل السياسي بتروي وحكنة لبناء علاقات جوار معتدلة رغم سماكة الحجارة واحادية التوجهات بين المؤتمر الوطني  والحركة الشعبية كشريكي حكم في الفترة الماضية  .

*    إن كشفت ثورة مصر مدى استشراء الفساد  في قلب " أم الدنيا " فلعل الكثيرون تابعوا ملامح البدائية والاكواخ السمة الاساسية لمساكن اهلنا بالجنوب لظروف المناخ والامطار ولكن ايضا وبما لا يدع مجالا للشك لغياب آليات التنمية فهذه البقعة من حقها ان تدير دفتها لصالح انسانها وبما يوفر أعلى سمات العيش بكرامة ..  من حق الجميع في اوطانهم حياة  تحفظ انسانيتهم وتحقق طموحاتهم ان الجنوب اختار الانفصال بحماس وفرح فاق التصور وليس عبر " الفيس بوك " كوعي فطري وكنتاج للحروب وعذاباتها وشروخا وتراكمات اجتماعية يصعب حصرها  ولكن الفرصة الان مؤاتية لنسج علاقات تكاملية  بين دولتين.

*    مصر انعتقت بثورة شبابية هزت اركان النظام الفاسد وعمت فرحتها اركان المعمورة لكن  الانفصال " الحريري "  كاذب من يقول انه يوم عيد فالجنوبي كان جزء اصيلا من السودان كانوا زملاء كراسي الدرس وكتف بالكتف في الشارع ووسائل المواصلات والدواويين الحكومية والمصانع واياديهم بايادينا في " صحن فتة البوش  والعصيدة " آدام القطاع الاكبر ببقاع دولنا العربية في مقابل تخمة الحكام وتجبرهم.   

*     العالم العربي الان على صفيح " ساخن بارد " بفرحته بالثورات التونسية والمصرية وانفصال جنوب السودان  كان يمكن ان يكون شعلة لهيب لنار لظى اخرى ولكن.. بلطف الله وارادة سياسية استباقية قادها الرئيس البشير بنفسه ومفوضية استفتاء كفء برئاسة القانوني المعتق بروف ابراهيم فوت الفرصة لانزلاق عملية الانفصال عن مساراتها.

*    المرحلة القادمة لا تقل اهمية عن سابقتها اولها وليس آخرها في شأن مصر ان تتشابك الايادي لبناء دولة الديمقراطية فغسل تراكمات ثلاثون عاما ليس بالامر السهل لابد من الترفع عن الضغائن وبسط افاق التسامح وعلى مستوى السودان فاستجلاب سلام لدارفور يحتاج جهد أكبر هذا الملف لابد ان يمسك به وبكامل الارادة التي جعلت من انفصال الجنوب حريريا .. انسان دارفور من حقه " السلام الامن " وبكل ما تحمل الكلمة من معاني ان دروس الجنوب لابد من استيعابها ولوي اليد لا يأتي " بالوحدة الجاذبة " ولن تخمد النيران تحت الرماد إن وجد من يشعلها .

*    إن مشاركات الوان الطيف والنخب السياسية والتوزيع العادل للخارطة التنموية مطلب للشعوب العربية المنهوب ثرواتها المطحونة كرامتها ان التوافق على الاستحقاقات الانسانية يبقى شأن مفصلي لا تنفع معه المساحيق والدهانات .. المواطن يريد ان يقطف ثمار جهده وعرقه ويعيش كريما .

 

·                     عواطف عبداللطيف   awatifderar [email protected]

اعلامية مقيمة بقطر

 

همسة :  الثورة المعلوماتية  .. أوقدت مصابيح الوعي الانساني لاخر مداه .. ومبروك لأم الدنيا  وغد مشرق لجنوبنا الحبيب .

 

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com