From sudaneseonline.com

بقلم : مجتبى عرمان
وما أدراك ما الأجندة الوطنية وتُهم الخيانة العظمى ...!/مجتبي عرمان
By
Apr 4, 2011, 10:29

وما أدراك ما الأجندة الوطنية وتُهم الخيانة العظمى ...!

يقول فرانز فانون في كتابه (معذبو الأرض) عارضاً صورة إنسان البلدان المتخلفة اقتصادياً، محاولاً تفسير إمكانية الثورة وحتميتها في عالم ليس أمامه ما يخسره غير قيود، وفانون المارتينيكي المتوفى في العام 1961م شارك في ثورة الجزائر مشاركة فعلية.

حفلت جرائد الخرطوم ببعض المصطلحات التي قصد منها تغبيش الرؤية مثل الأجندة الوطنية ... فالأجندة الوطنية بالنسبة للمواطن المغلوب على أمره والمسحوق بفعل رأس المال الطفيلي يحلم بوطن يحترم كرامته وآدميته، ويكبح وحش السوق الذي ساوى المواطن بالأرض، فلا توجد أجندة وطنية بدون خلق دولة القانون التي تساوي الجميع على قدم المساواة، وتعطي الشباب المعطل عن العمل الحق/الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية والثقافية في بناء الأوطان ولكي يتم هذا لا بد من بتر خلايا الفساد وجهاز الدولة الفاسد والمفسد للآخرين...

فكانت تونس والجسد الذي أضاء طريق دولة القانون والحرية وبقينا نحن الموتى المؤجلين .. فالمؤتمر الوطني أحال سنيننا إلى سنوات عجاف ولكي نحولها إلى سنوات سِمان لا بد من هدم دولة الحزب التي أشادها بالدم وبيوت الأشباح وملايين القتلى والجرحى فكانت السلطة من أجل التسلط، ولم تكن في يوم من الأيام (هي لله لا للسلطة ولا للجاه) فحقاً كانت من أجل الجاه، والفلل التي لا تجد لها مثيلاً في دول (الغرب الامبريالي) ومن أجل زرق العيون ومثنى وثلاث ورباع! وقد قالها قادة النظام (نريد أن نعطيكم السلطة ثم نذهب إلى بيوتنا)، فهذا نظام كما قال الراحل المقيم المفكر الشهيد د/ جون قرنق  (too deformed to be reformed) أي هذا نظام وصل مرحلة بعيدة من التشوه والفساد، لذا لا ينفع معه أي ترقيع أو إصلاح. فالشعب السوداني يئن تحت وطأة الظلم والغلاء والجوع والقهر والكبت الاجتماعي وما نحتاجه هو الخبز والحرية وإصلاح معاشنا اليومي .. ولا وجود لدولة القانون مع دولة العسكر والأمن والطغاة والأباطرة الجدد ودولة الفاشيست! فلا توجد أجندة وطنية، والحوار الذي يجري الآن مع بعض فصائل تحالف جوبا القصد منه تشكيل ماص صدمات ضد الغبن الذي تعيشه جماهير الشعب، وقد جربت تلك القوى المفاوضات مع نظام يريد سحق الشعب ولم تصطد أرنباً دعك من فيل! ولقد أسمعت لو ناديت حياً ... فالمؤتمر الوطني يلجأ للقوى السياسية في أيام زنقاته التي طال أمدها وحينما يحس أن ظهره على الحائط يضرب بأي اتفاق عرض الحائط ودونكم اتفاقية أبوجا والسلام الشامل التي يحرسها جيش من المهمشين الذين دفعوا الثمن غالياً حتى وصلوا إلى محطة الاستفتاء .. ولكن بعد شد وجذب (وقومة نفس)، فما الذي يجعل النظام يتخلى طوعاً واختياراً عن سلطة اغتصبت بليل بهيم! وتم الحفاظ عليها بالحديد والنار والقهر والتسلط والاغتصاب وبيوت الأشباح، وقد قالها قادة النظام (جئنا السلطة بالدبابة ومن أرادها علية المجيء بنفس الوسيلة!) فالنخبة التي تجعل (شعبها) يتلوى من الجوع والقتل والإرهاب لا تتخلى عن امتيازاتها الاقتصادية وعماراتها وعرباتها ذات الدفع الرباعي والغرف المكيفة الكوزي (cozy)! فلا أجندات وطنية ولا يحزنون وتجربة تونس ومصر ليست ببعيدة عن الأذهان!

وما أدراك ما الخيانة العظمى!

تتشدق بعض قوى التسلط والإرهاب داخل المؤتمر الوطني وتحاول عبثاً إلصاق تهمة الخيانة بوفد الحركة الشعبية في شمال السودان الذي زار الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام وطالب بعدم رفع العقوبات عن (النظام) وليس الشعب وذلك حتى يقوم النظام بعمل إصلاحات ديمقراطية! فما العيب أن يقوم النظام بإصلاحات ديمقراطية وما الخيانة إذا طالب وفد الحركة بالإصلاح الديمقراطي؟ ثم هل تناسى النظام التعاون المخابراتي بين أمن النظام والسي آي ايه، وذلك عقب ضرب البرجين؟ ونحن من جانبنا نتساءل هل نهب الإنتاج والثروات والزج بالشباب في الحروب المجانية والتي كانت نتائجها وحصادها الهزائم (والشهداء) أوليست خيانة وطنية؟ وهل تقتيل المسلمين في دافور لا يعد خيانة عظمى؟ وهل فصل البلد إلى دولتين لا يعد جريمة ضد الوطن المفترى عليه؟ وهذا الفصل أسس له رجل مريض ومصاب بجنون العظمة، وقد كان يعمل مغترب بإحدى دول الخليج (مع كامل احترامنا للإخوة المغتربين) راتبه لا يتعدى الألف دولار وهو صاحب دبلوم في الهندسة ثم أصبح يتقلب ذات اليمين واليسار في مؤسسات الدولة، وأيضاً أسس منبراً للفتنة والدعوة إلى الحرب المدمرة مثله مثل أي رجل جهول، متعصب، مستبد يبث سمومه في صحافته الصفراء التي تدعو إلى نشر الإرهاب والتعصب والإكراه في الدين وتدعو إلى ارتكاب الأفعال الإجرامية ضد الديمقراطيين والجنوبيين ولو كانت تلك الصحيفة في أي دولة ديمقراطية تحترم حق الاختلاف والآخرين لذهب بصاحبها إلى مستشفى الأمراض العصبية والعقلية!

فصاحب هذه الجريدة التي أطلقت جميع الغرائز الإرهابية والعنصرية من عقالها عليه الذهاب إلى أحد علماء النفس في أوروبا لكي يجد له علاجاً من عقده النفسية وجنون العظمة، لكيما يبتعد عن قلب الحقائق .. فالذين يجب أن يُحاكموا بتهمة الخيانة هم الذين مارسوا القتل الغير رحيم والتقتيل في دارفور والذين نهبوا ثروات الشعب وعاثوا فساداً في الأرض واغتصبوا حرائر السودان، وهم من دمروا المشاريع المنتجة وليس دعاة المساواة والتحرر والتقدم! فهؤلاء ليسوا بصائدي ثروات ومحبي وزارات وإنما هم جوابي حقيقة ومن كشاف المعرفة على مر الحقب التاريخية وموقظوا الشعوب .. ولقد قالها الفلاسفة (إذا ما أدرك البشر الحقيقة انهار عرش السلطان) وهم جوابي الحقيقة .. وأنتم عبدة المال والسلطان! وأخيراً فمن يستحق المحاكمة بالتهمة هم الذين قسموا الوطن إلى وطنين تحت دعاوى الوطنية الكذوبة والمحافظة على سلطة الاستبداد والفساد والامتيازات الاقتصادية، وهم الذين في عهدهم انهارت العمارات وتطاول فيه العراة الحفاة في البنيان وأهلكوا ملايين البشر في الحروب العبثية دونما تبصر وبدم بارد، هؤلاء هم من ينبغي أن يحاكموا!

  



© Copyright by sudaneseonline.com