From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
مقارنة بين تلفون كوكو وعبد العزيز الحلو!!/الطيب مصطفى
By
Apr 3, 2011, 01:36

زفرات حرى

الطيب مصطفى

مقارنة بين تلفون كوكو وعبد العزيز الحلو!!

 

قرأت بتمعُّن مقالاً غريباً في «أجراس الحرية» الناطقة باسم الحركة الشعبية بعنوان: «هل اللواء تلفون كوكو أداة لتخريب العملية السياسية في جبال النوبة؟» ولم أدهش للهجوم الذي كاله لي الكاتب الذي حشد مقاله بعبارات مكررة لعل أهمها عبارة «العنصري» التي ظل الرفاق يطلقونها عليَّ بمناسبة وبدون مناسبة حتى بتُّ أستمتع بها وأسعد وإنما دُهشت والله من هزال المقال الذي ثبَّت وجهة نظري الداعية إلى مساندة تلفون كوكو أكثر مما دحضها خاصة وأن المقال تضمّن في ثناياه جزءاً من مقالٍ كان أكثر تماسكاً من الحجج التي سيقت لدحضه.

على أن الأغرب أن المقال لم يورد أي سبب يبرِّر اعتقال تلفون كوكو ذلك الثائر النوبي الذي بذل في سبيل قضية أهله النوبة وانتفض في غضب وثار محتجاً على استغلالهم من قِبل الحركة والجيش الشعبي اللذين ظلاّ يسخِّران كلَّ أو معظم القوى السياسية الشمالية لخدمة اجندتهما وما التجمُّع الوطني الديمقراطي قديمًا وما يسمى بقوى إجماع جوبا تحت قيادة حليف الحركة الشيوعي أبو عيسى وأمين عام قطاع الشمال بالحركة عرمان إلا دليل ناصع على الطريقة التي ظلت تتعامل بها الحركة مع حلفائها الذين تستخدمهم كمجرد عبيد أو قل حمير تركبهم ثم تربطهم خارج قاعة التفاوض وجني الثمار!!

أورد المقال العجيب أن ترشيح تلفون كوكو أثار استغراب الكثيرين ولست أدري ما هو المثير للاستغراب ومن هم هؤلاء الكثيرون الذين أثار استغرابهم؟!

ثم قال محتجاً بعدم شرعية ترشيح تلفون كوكو إن الرجل لا يزال ضابطاً وعضواً بالحركة الشعبية ونسي أن رئيس الحركة وكثيرين غيره ترشحوا وفاز منهم من فاز وسقط من سقط بدون أن يطعن ذلك في حقهم في الترشُّح ومن هؤلاء الفريق جورج أطور.

ثم قال إن تلفون كوكو رهن الإقامة الجبرية الأمر الذي ينبغي أن يكون مبرِّراً لمنعه من الترشُّح!! قال الكاتب هذا الكلام وتناسى السؤال الذي يردده كل أبناء النوبة بمن فيهم مكي بلايل: لماذا وُضع تلفون كوكو رهن الإقامة الجبرية ولماذا لا تطلقون سراحه اليوم حتى يخوض الانتخابات أسوة بغيره من المرشحين وما الذي يمنع مرشحًا من خوض الانتخابات من معتقله ثم ألم يتم اعتقال تلفون كوكو غدراً وغيلة حتى لا ينافس عبد العزيز الحلو في أصوات النوبة؟!

ثم تساءل الكاتب: «ما جدوى ترشيح شخص لم يدخل منطقة جبال النوبة منذ عام 5002م؟! عجبي والله!! حتى إذا صحّت هذه المعلومة ما الذي يمنعه من الترشُّح وكيف يزور المنطقة وهو معتقل بدون ذنب أو محاكمة سوى الخوف منه أما البرنامج الانتخابي لتلفون كوكو والذي سأل عنه الكاتب فعليه أن يجيب: لماذا لا تطلقون سراحه حتى يعلن عن برنامجه الانتخابي؟!

تخليط وضعف حجة وأكاذيب طفح بها المقال الذي كان نشره لمصلحة تلفون كوكو ذلك أن الكاتب لم ينبس ببنت شفة أو يقدح في نزاهة وأمانة وإخلاص تلفون كوكو ولم يقدم أي طعن في مؤهلاته الشخصية لتولي المنصب.

لا أحتاج إلى الدفاع عن نفسي في مواجهة التهم الموجهة لي فقد اعتدتُ عليها كما ذكرتُ ولن أكرر الدفاع على أن هناك نقطة ظل الأعداء يرددونها بل إنها ذُكرت حتى في بعض الفضائيات وهي أننا في منبر السلام العادل احتفلنا بذبح ثور «أسود» عقب إعلان نتيجة الاستفتاء وهذا كذبٌ صراح وما ذُكرت عبارة (ثور أسود) إلا لدمغنا بالعنصرية بما يعني أننا ذبحنا «الجنوب الأسود» أو نحو ذلك، وأقول إننا ذبحنا ثيرانًا كثرًا «15» أُهديت إلينا من بعض الفرحين بالانفصال ولا أذكر أن من بينها ثوراً أسود وحتى إن حدث ذلك فإنه لم يكن على سبيل الاستهداف للون الأسود الذي هو لون كثير من أعضاء المنبر.

أرجو أن تسمحوا لي بإعادة نشر المقال الذي أثار صحيفة الحركة وجعلها تورده بالكامل مما جعلني أشك في أن الناشر من بين مؤيدي تلفون كوكو المزروعين في أحشاء أجراس الحرية!!

تلفون كوكو ومفوضية الانتخابات

 

 الآن وقد ترشح الزعيم النوبي الثائر تلفون كوكو لمنصب والي جنوب كردفان لم يعد من خيار أمام مفوضية الانتخابات غير المطالبة بإطلاق سراحه والاستعانة بكل الدنيا ومنظماتها ومجتمعها الدولي من أجل تحقيق هذه الغاية فما من مرشح لانتخابات على مستوى العالم يظل معتقلاً خلال فترة خوضه الانتخابات التي ينبغي أن يكون حراً طليقاً قبل وخلال فترة قيامها حتى يباشر تقديم نفسه لجمهوره فهل بربكم من ظلم أكبر من أن يكون المنافسون الآخرون طلقاء يصولون ويجولون بين جماهيرهم ويبشرون بما يعتزمون تقديمه لقاعدتهم إن حالفهم الفوز بينما يقبع تلفون كوكو في غياهب السجن وأي سجن؟! إنه سجن الحركة والجيش الشعبي الذي يُلهَب فيه ظهرُه بالسياط صباح مساء وتُعصب فيه عيناه ويُنكَّل به لا لذنبٍ جناه إلا لأنه طالب بحقوق شعبه الذي استخدمته الحركة في حربها ثم لفظته لفْظ النواة ورمت به كما يُرمى منديل الورق.

أما عبدالعزيز الحلو مرشح الحركة وهو بالمناسبة لا ينتمي للنوبة بالرغم من ادّعائه ذلك الشرف فما من دليل أبلغ على أن قضيته التي قاتل من أجلها في صفوف الحركة لم تكن غير نفسه التي بين جنبيه من أنه غادر محتجًا إلى أمريكا عقب تكوين حكومة الجنوب ومصرع زعيمه قرنق وما إن اُستُرضي بمنصب نائب والي جنوب كردفان حتى عاد وصار يسبِّح بحمد الحركة الشعبية مُبديًا استعداده لسحق أبناء النوبة مجدداً في سبيل تحقيق أجندتها فهل بربكم يستحق رجلٌ لا يرى قضية شعبه إلا من خلال مصالحه الشخصية ـ فإن مُنح منصبًا رضي وعاد إلى صفوف الحركة وإذا لم يُعطَ تمرد وخرج وهاجر ــ هل يستحق رجل كهذا أن يمثل أبناء النوبة أو أن يحصل على أصواتهم؟!

أما تلفون كوكو فقد احتجّ وثار ليس لنفسه وإنما من أجل شعبه الذي فقد ما لا يقل عن 18 ألف قتيل في سبيل قضية ظنوها قضيتهم إلى أن تكشفت الحقيقة المُرة.. حقيقة أن قرنق ظل يستخدم كل الأحزاب والجماعات والقبائل غير الجنوبية في سبيل قضية الجنوب وهل أدلُّ على ذلك من امتطائه ظهر التجمُّع الوطني الديمقراطي الذي دخل قرنق قاعة التفاوض وتركه في العراء بعد أن حصد المغانم لحركته الشعبية الجنوبية بل لقبيلته ولم يحصل التجمع حتى على خفي حنين؟!

أعجب أن يتحدث باقان وعرمان عن الحريات والتحول الديمقراطي وأن يقيم عرمان وفاروق أبوعيسى وكمال عمر ومبارك الفاضل الدنيا ويُقعدوها مطالبين بالحريات وبإطلاق سراح المعتقلين بمن فيهم الترابي ولا ينبسون ببنت شفة عمّا جرى لتلفون كوكو وآلاف غيره يقبعون في سجون الحركة.. أعجب أن يطالب هؤلاء بالتغيير وبإسقاط النظام في الخرطوم بينما يصمتون عما يجري في جنوب السودان الذي تحول إلى ميدان معركة أوشكت أن تعم كل ولاياته المغلوبة على أمرها!!

لن أدافع عن اعتقال الترابي التزاماً مني بالدستور والقانون الذي ينبغي أن يسود بحيث يُقدَّم الترابي للمحاكمة أو يُطلق سراحُه بالرغم مما يمكن أن يُحدثه من فتن واضطرابات فالدستور إما أن يسود أو يُعدّل إذا كان معيباً أما عدم الالتزام به فإنه مرفوض، ولنتذكر قوله تعالى: «وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى» أي لا يحملكم بغضُكم لقومٍ على ألاّ تعدلوا.

إن الشريعة تعني احترام العهود والوفاء بالعقود وتعني الحرب على الفساد وتحترم الحريات في حدود القانون كما تقيم الشورى ودولة المؤسسات وتُعلي من شأن القضاء وتمنحه الحرية دون تغوُّل من السلطة التنفيذية.

أعود لتلفون كوكو وأقول إن الرجل يستحق النصرة ليس من قِبل مفوضية الانتخابات وإنما من قِبل شعبه والشعب السوداني قاطبة فإذا كانت قوى الإجماع الوطني تطالب بإطلاق سراح الترابي فإنها مطالبة باتخاذ نفس الموقف بشأن تلفون كوكو وألاّ تكيل بمكيالين ذلك أن من يمارس ازدواجية المعايير ويبخِّس الناس أشياءهم ويُخسر الميزان ليس جديراً بثقة الشعب.

أما عرمان فإنه ليس معنيًا بهذا الكلام ذلك أنه لا يستطيع أن يتحدث عن الجنوب خوفاً على أجندته الخاصة، فمتى كان عرمان منذ مولده شخصاً محترماً ليتخذ مواقف مبدئية أو أخلاقية ومتى كان مطلوباً من فاقد الشيء أن يعطيه؟! متى كان هذا الرويبضة جديراً بالاحترام؟!

لن أضيع هذه الفرصة التي أريد أن أنصح الإمام الصادق المهدي وابنته مريم مجدَّداً من خلالها بأن يعلما أن تحالفهما مع عرمان سيلطِّخ من سمعتهما ويدمِّر من مستقبل حزبهما وأرجو منهما ألاّ يصدقاني وأن يبحثا ويستطلعا الشارع ثم يقررا وأود أن أؤكد لهما أن عرمان وأبوعيسى ومبارك الفاضل يُعتبرون من أهم عوامل فشل محاولات إسقاط النظام الحالي وثمة سؤال ينبغي أن يوجَّه لقوى إجماع عرمان وأبوعيسى لماذا تنطلق كل مسيرات إسقاط الأنظمة عقب صلاة الجمعة إلا في السودان؟! الإجابة سهلة وهي أن عرمان وأبوعيسى لا علاقة لهما بصلاة الجمعة!!

 



© Copyright by sudaneseonline.com