From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
رئيس (خارج الشبكة)/سيف الدولة حمدناالله عبدالقادر
By
Apr 1, 2011, 16:52

رئيس (خارج الشبكة)

في يونيو الماضي كتب الاستاذ عادل الباز رئيس تحرير صحيفة الاحداث يدعو السيد رئيس الجمهورية للانضمام لكوكبة الكتٌاب بصحيفته (الاحداث)، وقد وصف ذلك ب (الحلم) الذي يشغل حياته ، وفي تقديمه لدواعي الطلب قال الباز " على الرئيس ان يفرد جانباً من وقته ليطلع الشعب والمراقبين مباشرة عن رأيه في قضايا الناس عبر الكتابة بالصحافة وهي الاداة الاكثر تأثيراً الآن في الرأي العام" . وبدوري كنت قد تناولت حديث (الباز) بالتعليق عليه في حينه في مقال نشر بعنوان (عادل الباز.. قليل من الرزانة حتى في الخيال).

دعوة (الباز) خلٌفت عندي – منذ ذلك الحين -  تساؤلات حول مدى توفر المعلومات الكافية عند الرئيس عن احوال الشعب ، وما هي السبل والوسائل التي تمكنه من على الوقوف على (حقيقة) تلك الاحوال ؟ فالواقع يشير الى ان الرئيس يعيش حالة (انكار) للواقع ، وهو الوصف العلمي الذي يقابله اللفظ الشعبي بوجوده (خارج الشبكة) ، وهي – الحالة – التي لا يستطيع احد ان يعينه في الخروج منها ، لانه – ببساطة – لا يرغب في الخروج منها ، فالرئيس يعتقد ان شعبه يعيش في نعيم الدنيا في انتظار رديفه بالآخرة ، وان الشعب يمكنه الصبر على شظف العيش ومكائد الدنيا (ان وجدت) في سبيل ما قدمته له الانقاذ من معروف ببنائها كبري (ام الطيور) واخوانه بالحلفايا وتوتي وطريق شريان الشمال ، كما يعتقد الرئيس بانه يجلس على رأس حكم عادل وشريف ، وكل من يقول بغير ذلك فهو اما خائن او عميل او مأجور.
 لا اعتقد بانني اتجنى على الرئيس اذا قلت بانه ليست لديه فكرة عن حقيقة واقع الحال الذي يعيشه الشعب ، فقد طال بالرئيس الزمن واستطال على جلوسه في نعيم القصر ، فالرئيس ومنذ (22) سنة لا يدفع اجرة مسكن ، ولا يسأل عن فاتورة هاتف ولا يشتري (رصيد) جمرة خبيثة – كشأن الرعية - بالاسبوع واحياناً باليوم ، ولا يستجرئ على باب منزله (محصٌل) عوائد او ضرائب او رسوم نفايات ، وليس له – بحمد الله – ابناء في المدارس والجامعات ينتظرون مصروف الصباح ، ولا يوجد حول الرئيس من بين رفاقه في الحكم او اهل بيته من يؤرقه دين او تعوزه حاجة من حوائج الدنيا ، فقد سخٌر الله لهم – وفق تعبيره - من متاع الدنيا ما يكفي حاجتهم ويزيد.
وفي ظل هذا الواقع ، لا يستطيع الرئيس – وان رغب - معرفة احوال العباد من المطحونين وهموم المغلوبين ،  وليس هناك ما يصلح دليلاً على ان الرئيس يقرأ قصص المكلومين التي توردها صفحات (فاعل خير) بالصحف اليومية ، بل لا يوجد ما يقول بأنه يقرأ الصحف من الاساس ، ولا تصله – ولو بالتسامع – ما تسطره الاقلام بعيداً عن رقابة اجهزة الامن بالمواقع السودانية بشبكة الانترنت عن قضايا الفساد والمفسدين ، ولم يعرض الرئيس يوماً لمشكلة مرض ومرضى الفشل الكلوي ، وسرطانات الاطفال  ، و حالات الولادة (الجماعية) بداخليات الطالبات. 
الواقع يقول ان حالة (الانفصال الرئاسي) عمٌا يجري في ارض الواقع ليس بالشيئ الجديد ، وهي حالة يتولى الرئيس كشفها بنفسه في كل مناسبة ، ففي لقائه - قبل يومين -  بانصار حزبه من مغتربي دولة قطر تحدث الرئيس البشير – لاول مرة – عن استيلاء مصر على ارض حلايب السودانية ، ولم يجد الرئيس حرجاً في ان يعلن انه كان عاجزاً في الدفاع عن تراب الوطن ، وقال في تبرير ذلك ان النظام المصري انتهز فرصة انشغال الجيش السوداني في حرب الجنوب وفي حروبه ضد اثيوبيا واريتريا ويوغندا وبريطانيا واسرائيل (هكذا) فقام بالاستيلاء على ارض حلايب.
البشير يعلم انه لم يدخل حرباً ضد اي من الدول التي ذكرها ، كما يعلم – ايضاً – ان القوات العسكرية التي يحتشدها نظام الانقاذ قد صممت خصيصاً لمواجهة العرق السوداني دون غيره ، وقد اثبتت جدارتها فيما خصصت له ، فقد صرعت العشرات من ضحايا معركة بورتسودان وكجبار والعيلفون وغيرها.
سوف نقفز فوق حديث الرئيس البشير عن ظلم الامن المصري وحبيب العادلي في مقابل حُلم الامن السوداني وعدل قوش وعطا المولى، فلن نضيف جديداً حول ذلك مهما قلنا ، ولننصرف للحديث عن خطة الرئيس البشير في استرداد حلايب ، وهي الخطة التي تكشف عن قمة (حالة) الخروج عن دنيا الواقع ، فقد ذكر البشير ان مشكلة حلايب ما كان لها ان تحل ما دام (ابوالغيط) يمسك بخارجية مصر و (كرتي) يمسك باختها في السودان ، ولكن - والحديث للبشير – (ربنا سخٌر لينا قيام الثورة المصرية وتعيين نبيل العربي وزير لخارجية مصر ، ونحن لو قالوا لينا اختاروا براكم ، ما كنا نختار وزير خارجية غيره) .
 الى جانب تعيين (ولدنا) نبيل العربي وزيراً للخارجية ، يتضمن الوجه الآخر لخطة استرداد حلايب  ارسال قوة قوامها 2500 بقرة سودانية تعويضاً للشعب المصري عن خسران حلايب( بمعدل بقرة واحدة لكل 33.600 مواطن مصري) .

الطامة الكبرى في لقاء الدوحة كانت في  ما قال به الرئيس حول مشاركة الحركات الدارفورية في الحرب الليبية حيث ذكر نصاً " ان الجماعات المسلحة في دارفور تقاتل الى جانب كتائب القذافي بعد ان قام بتسليحها" ومثل هذا القول سبق البشير فيه المذيع التلفزيوني خالد موسى الذي اصبح – بحول من الله - ناطقاً باسم وزارة الخارجية السودانية ، وقد كان من نتائج ذلك التصريح ان تعرض عدد كبير من ابناء الشعب السوداني في ليبيا الى القتل ذبحاً بالسكاكين والسحل وتقطيع الاوصال ، كما اغتصبت بسببه العديد من الفتيات و النساء السودانيات ، والرئيس يعلم بأن الحرب الليبية لا تزال تشتعل بين اطرافها ، بل لعل الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد ،  كما يعلم الرئيس انه لا يزال هناك الاف من ابنائنا وبناتنا العالقين داخل المدن والقرى الليبية الذين يمكن ان يتعرضوا جراء هذه التصريحات لمزيد من عمليات القتل والتعذيب والاغتصاب .
حقاً انه رئيس (خارج الشبكة) ...  ولا حول ولا قوة الا بالله ،،

سيف الدولة حمدناالله عبدالقادر
[email protected]



© Copyright by sudaneseonline.com