From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
سياسة الصمت التي تنطق !!/عمر موسي عمر ــ المحامي
By
Mar 31, 2011, 17:44

سياسة الصمت التي تنطق !!

      سلوك غريب ونهج مفضوح وسياسة تنطق بالغباء ظل أداءاً لهذه الحكومة كلما المت بها ملمة تفضح سترها وإدعائها الكاذب بانها دولة رشيدة وهذا السلوك المتبلد يؤسس علي مبدأ الصمت ويغيب عنهم دائماً أن " السكوت في معرض الحاجة إلي بيان بيان "  ...هذه الدولة غير الرشيدة التي تؤسس سياستها علي ظلم شعبها والتعدي علي حقوقه وترتكب كل آثام الدنيا يري مفكروها ذوي العقول الضعيفة والحكمة المعتوهة أن الخروج إلي أجهزة الإعلام وتبرير الأحداث والأخطاء والذنوب هو إذكاء للنار ويركنون إلي عامل الزمن ليطوي أخطائهم الجسيمة وما يرتكبون من الموبقات وينسون أن ذاكرة الشعوب لاتنسي.

    وحتي لا نكون ممن يقولون الحديث لغواً وينطق إفكاً ونطلق الكلام علي عواهنه فإن هذا السلوك اصبح منهجاً للنظام في تعاملها مع شعبها وسياستها الخارجية وأقرب الأمثلة داخلياً أحداث بورتسودان الدامية بتاريخ 29/1/2005م أو ما أصبح يعرف بالسبت الدامي ...ورغم مرور أكثر من ست سنوات علي المجزرة التي إرتكبتها قوات الشرطة الحكومية في حق المواطنين بأمر النظام ورموزه إلا أن كل من شهد هذه المجزرة لم يكن يدري ماهي أسباب إستخدام الدولة لهذه القوة المدججة بالسلاح والجيش الجرار من أفراد القوات الخاصة (شرطة الطواريء) لممارسة الإغتيال بدم بارد ضد مواطنين أبرياء ومطاردتهم من شارع إلي شارع ومن منزل إلي منزل ومن زقاق إلي زقاق حتي غابات المسكيت التي تحيط بالمدينة والتي وجدت بها العديد من جثث الضحايا.. هذه اليوم الدامي والذي شكل محطة مهمة في تاريخ قبائل البجا مع هذا النظام رغم سعيها الحثيث بعد حصدها لهذه الأرواح بالإلتزام بسداد ديات القتلي دون محاكمة للجناة ؟؟!! لم يفتح الله بكلمة تخرج من فم أحد رموز هذا النظام ليبرر الإستخدام المفرط للقوة في مواجهة مواطنيها وهم عزل من السلاح أو أسباب تحول قوات الشرطة من قوة لحفظ النظام وتطبيق القانون إلي قناصة لحصد الأرواح وأصبحت هذه الأحداث غير المبررة نقطة سوداء وجرحاً دامياً لا يندمل في قلوب ذوي الضحايا وأولياء الدم وهذا صمت في معرض الحاجة إلي بيان وتفسيره الأقرب إلي عقل المواطن البسيط أن الدولة " شعرت بالخجل من فعلتها " وإستكبرت عن الإعتذار لشعبها .. حتي المسئول الكبير الذي أصبح اليوم في ذمة الله عند إجتماعه بالنظار وعمد قبائل البجا لمحاولة جبر الخواطر وتهدئة النفوس والتربيت علي أكتاف أولياء الضحايا وذويهم لم يكن يحمل عند قدومه لعاصمة الولاية أجندة للحوار أو أسباب للتبرير وإكتفي بالإستماع !! لم تكن لدي الدولة ماتقوله للأيتام والأرامل والأمهات والأباء لتقول لهم لماذا إغتالت أبنائها بدم بارد ودون ذنبٍ أو جريرةٍ ؟؟...وحتي من رفض الصلح مع الحكومة ورفض قبول الدية وطلب تطبيق القصاص علي من سلب أبنائهم الحق في الحياة لا يزال ورغم مضي أكثر من ست سنوات عاجزاً عن تحريك الدعوي الجنائية في مواجهة الجناة.

   لن ينسي أبناء هذا الشعب ولن ينسي أبناء قبائل البجا من قبل منهم الدية ومن رفضها ومن جلس في مقاعد المتفرجين عاجزاً هذه الجريمة التي في تقديرهم عصية علي النسيان وذنب لن يغفر لهذه الفئة الباغية من الحكام الذين لايتورعون عن إزهاق الأرواح في سبيل إستمرارهم في مقاعد الحكم والقبض علي صولجان الدولة .

     مثال آخر ينطق بعجز سياسة هذه الدولة ويؤكد حبوها في سياستها الخارجية والتعامل مع الأحداث التي تدور حولهم هو الثورة المصرية التي لم يفتح الله عليهم فيها بتصريح واضح يؤيد شباب الثورة وحقهم في التغيير أو تأييد النظام المصري كما فعلت بعض الدول الإسلامية والغربية ... وما إن إنزاحت غمة الرئيس المصري وذهابه إلي مقبرة التاريخ غير مأسوفٍ عليه حتي سارعت هذه الدولة التي صمتت دهراً إلي تأييد الثورة وشكرهم علي إزاحة النظام الذي كان يجثم علي صدورهم بالملف المعلوم لديهم ولم تنس مكافأتهم علي هذا الجهد الخرافي في التمكن من إزاحة نظام من أكثر الأنظمة دموية في العالم الإسلامي بخمسة آلاف من الأبقار السمان ليستجمعوا قواهم بعد ثمانية عشر يوماً قضوها في عراك مع النظام وبلطجيته حتي كتب لهم الفوز والإنتصار.

      مثال آخر يثبت تخلف السياسة الخارجية في هذه الدولة وعجزها عن اللحاق بأقرانها من الساسة في الدول الأخري ما أصابتهم من دهشة ألجمتهم حتي عن النطق هو رد الفعل المخزي تجاه ملف الأزمة الليبية وحتي ما نطقت به علي لسان وزير خارجيتها كان تهمة لمواطنيها بإتهامهم صراحة بأنهم مرتزقة يقتلون في أبناء الشعب الليبي في مقابل مادي وكان مردود هذه السياسة الخرقاء مواجهة العديد من المغتربين السودانيين في ليبيا للقتل والإغتصاب .

     دولة قطر التي لا تتجاوز مساحتها مساحة ولاية الخرطوم ولا يتجاوز عدد مواطنيها عدد سكان مدينة أمبدة إتخذت موقفاً إيجابياً تجاه الأزمة بتأييد المجلس الوطني الإنتقالي ومساعدة الشعب الليبي الذي أصبح لسانه يلهج بالشكر لهذه الدولة الضئيلة مساحة والعظيمة في الهمة وتناقلت أجهزة الإعلام العالمية موقف هذه الدولة الصغيرة بينما عجزت دولة بمساحة قارة أن تعترف بالسماح لطيران الحلف بإستعمال المجال الجوي للدولة رغم إنها من الدول التي صوتت علي قرار جامعة الدول العربية بفرض الحظر الجوي علي الحكومة الليبية حماية للمدنيين.

    في جلسة مجلس الأمن التي عقدت بتاريخ 22/3/2011م للنظر في الشكوي المقدمة من قادة الحركة ضد الحكومة بدعمها للمعارضة داخل حدود الإقليم الجنوبي ومدها بالسلاح عجزت هذه الحكومة حتي عن إرسال مندوبها وإكتفت بإرسال ممثلها الدائم في المنظمة الدولية للرد علي الشكوي ويبدوا أن توجيهات الدولة له كانت بإلتزام الصمت لأنه عجز حتي عن نفي التهمة أو حتي الإقرار بها .. ولو قالت هذه الحكومة التي ذهب عقلها بدلاً من صمتها أن وفد الحركة لا يمثل دولة عضواً في الأمم المتحدة لأن الشكوي قدمت قبل تاريخ الإعتراف بها رسمياً من قبل الدولة الأم وأن الوفد المعني ليس بذي صفة لتقديم الشكوي وأن الشكوي سابقة لأوانها  لكفتها هذه الحجة شر التهمة وجراءة عرمان في طلبه للإدارة الأمريكية بعدم رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.ولكن ألجمتها المفاجأة من الشكوي بعد دعمها بالمستندات فألهم الحق وفد الحركة والجمت اللجاجة الحكومة.

   علي هذه الدولة أن تعي أن سياسة الصمت لاتجدي في معرض الحاجة إلي بيان وستصغر قامتها بين الدول ولن تفيدها مواقفها المترددة تفسيراً لسياسة الصمت هذه وأن تعي أن عليها أن تنحاز للشعوب لا للحكومات لأن الشعوب أبقي وإرادتها تنتصر وإذا أخطأت في حق هذا الشعب عليها أن تجد الشجاعة للإعتراف بالخطأ والإعتذار لمن أخطأت في حقه لأن الرجوع عن الخطأ خير من التمادي فيه والإعتراف بالذنب فضيلة .

 

                                                                         عمر موسي عمر ــ المحامي



© Copyright by sudaneseonline.com