From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
أمريكا و الصراع بين المؤتمر الوطني وقطاع الشمال/زين العابدين صالح عبد الرحمن
By
Mar 31, 2011, 10:24

أمريكا و الصراع بين المؤتمر الوطني وقطاع الشمال

زين العابدين صالح عبد الرحمن

تقوم الأخبار أن حكومة الإنقاذ اتهمت قطاع الشمال بالحركة الشعبية بالارتداد عن الأجندة الوطنية و السعي إلي تعطيلها بالتحالف مع جهات خارجية و قال الدكتور نافع علي نافع نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني للصحفيين تعليقا علي ما نسب إلي  ياسر عرمان بتحريضه للإدارة الأمريكية من واشنطن بعدم رفع العقوبات عن السودان يصب في خانة الخيانة للوطن. في الوقت الذي واصل فيه وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال برئاسة السيد مالك حقار  و عضوية السيد ياسر عرمان مباحثاته مع عدد من المسؤولين الأمريكيين في الإدارة الأمريكية و حسب ما أوردته الصحافة و الإعلام أن الوفد أكد في لقاءاته علي "ضرورة اعتماد منظور شامل في النظرة لقضايا الشمال و الجنوب و إن الاهتمام بالشمال يصب في استقرار الجنوب و أن حل قضايا المنطقتين و المشورة الشعبية و الوصول إلي سلام في دارفور يعتمد بشكل أساسي علي نظرة شاملة لقضايا الشمال السودان التي لا تحتاج إلي مسكنات بقدر ما تحتاج إلي ترتيبات دستورية جديدة و إعادة هيكلة السلطة في المركز و مخاطبة قضايا الأقاليم و الهامش"

قبل الدخول في تحليل الموضوع هناك سؤال مهم جدا حول الخيانة الوطنية بأي مفهوم تتم الإدانة بالخيانة الوطنية في ظل نظام ديكتاتوري لا يولي أية اهتمام بالقوي السياسية الأخرى؟ أن قضية الخيانة الوطنية أصبحت قضية أتهام مجالس و ليس لها أية وقع في مدلولات السياسة الوطنية بعد حكم الإنقاذ فإذا كان دعوة ياسر عرمان للإدارة الأمريكية بعد رفع العقوبات علي السودان تعد خيانة وطنية باعتبار أن العقوبات يتضرر منها الشعب إذن أين نضع عملية فصل جنوب السودان و تسخير الإنقاذ لصحيفة تعمل يوميا من اجل الدعوة للانفصال أين العملية الخطر تحريض دولة بعدم رفع العقوبات أم العمل من أجل تفتيت الوطن و قتل مئات الآلاف من المدنيين قبل الرمي بالاتهامات كان الأجدي من دكتور نافع أين يراجع مسارات الإنقاذ و خاصة هي التي يدينها التاريخ بفصل جنوب السودان و إذا كانت هناك فعلا محاسبة بالخيانة يجب أن يحاكموا الذين تسببوا في فصل جزا عزيزا من الوطن.

الغريب في الأمر أن الإنقاذ ارتضت السياسة الأمريكية و إرسالها مبعوثا خاصا بهدف الأشراف علي تنفيذ اتفاقية السلام ووضعت الولايات المتحدة شروطا أولها أن المبعوث الأمريكي رفض مقابلة رئيس الجمهورية و قبلت الإنقاذ هذا الوضع ثم وضعت شروطا من أجل رفع أسم السودان من الدول راعية الإرهاب و رفع العقوبات الاقتصادية و كان الشرط بشكل واضح أن تقبل الإنقاذ بفصل الجنوب دون أن تضع أية عقبات و بالفعل وافقت الإنقاذ علي ذلك دون أن يرمش لها رمش بل بالغت في محاولة إرضاء اليانكي ليس بهدف الاستقرار السياسي و الاجتماعي إنما رفع العقوبات و اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب ثم اعتقدت أن الإدارة الأمريكية سوف تغض الطرف عن ما يحدث في السودان الشمالي مادام الولايات المتحدة تريد الجنوب و قد تنازلت الإنقاذ عنه طواعية لكي يتسني لها الاستدامة الأبدية في السلطة و استمرارية الحكم الديكتاتوري و هو الذي دفع الرئيس البشير يطلق دعوته في عيد الحصاد في القضارف ليس بعد اليوم مكان للكلام "المدغمس " التنوع الثقافي و العروبة و غيرها من أحاديث المثقفين الذين لا شغل لهم غير إطلاق أحاديث غير مفهومة للسياسيين و لكن غاب عن السيد الرئيس أن الخارج سوف يظل يشغل حيزا في السياسة السودانية مادامت الإنقاذ تريد الاستمرارية بذات السياسة التي بدأت بها مسيرتها و قد تأكد ذلك بحديث الدكتور مندور المهدي أن المؤتمر الوطني كون كتيبة إستراتيجية و نالت قسط من التدريب الخاص ربما في احد الدول الخارجية بهدف تصفية المعارضة و رموزها.

من خلال حديث وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال المذكور أعلاه  يتضح أن الوفد تحدث عن السياسة الأمريكية تجاه السودان و يجب أن لا تربط تلك السياسة بالجنوب و يجب التعامل مع كل قضية علي حدي باعتبار أن الشمال له خصوصياته و انفصال الجنوب يجب أن يؤدي لتغيير في كل السياسات التي كانت متبعة قبل الانفصال و أهم تغيير يجب أن يحدث هو الدستور لكي يصاغ صياغة ديمقراطية و يجب أن تشارك فيها كل القوي السياسية في السودان و ليس الحديث عن مشاركة في حكومة عريضة لكي تنفذ سياسة الإنقاذ خاصة أن برنامج الإنقاذ ليس له علاقة بالديمقراطية لا من قريب أو من بعيد أنما يقوم علي دولة الحزب الواحد و الغريب أن دول المنطقة التي جاءت بهذه السياسة قد تغيرت بفعل الجماهير و لكن ما تزال هناك عقليات في الإنقاذ جامدة جدا لا يصل إليها الضوء علي الإطلاق فهؤلاء لا يقبلون أية تحولات و تغييرات في النظام لمصلحة الديمقراطية فحديث قطاع الشمال مع الإدارة الأمريكية أكيد سوف يتناول كل القضايا و الإشكاليات و من ضمنها قضية العقوبات و رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب إضافة لقضية الديمقراطية و الانتخابات السابقة و موقف المعارضة منها إضافة لقضية دارفور و رفض الإنقاذ مشاركة القوي السياسية الأخرى للمساهمة في حل المشكلة و إذا لم تتوقع الإنقاذ إن يحدث ذلك عليها بمراجعة أوراقها.

ربما كان قطاع الشمال واضحا جدا في تعامله مع الإدارة الأمريكية باعتبار أنه وفد ذهب من الخرطوم قاصدا واشنطن وفق أجندة معروفة جدا و قد صرح أعضاء الوفد بالخطوط العريضة للزيارة و لكن هناك أيضا زيارات تتم غير معلنة لعدد من السودانيين و جميعهم متضررين من سياسة الإنقاذ و رفضها لعملية التحول الديمقراطي و إعادة بناء الدولة علي أسس ديمقراطية و معروف أن أغلبية اللقاءات التي تمت بين وفد قطاع الشمال و الإدارة الأمريكية تمت مع عدد من الشخصيات الأمريكية التي لها مواقف واضحة جدا من نظام الحكم في السودان و هذه ليست غريبة لأن أية قوي سياسة تحاول كسب الـتأييد من العناصر التي توافقها الرأي لكي تعطي حديثها اعتبارا خاصا و لكن في ظل التوافق الوطني و القبول بعملية التحول الديمقراطي سوف يفرض علي الجميع شروطا في التعامل مع الخارج و لكن في ظل فرض الرؤية الواحدة تغيب كل المعايير و القواعد التي تحكم الجميع حكومة و معارضة باعتبار ليس هناك توافقا وطنيا قد حدث يلزم الناس فالإدارة الأمريكية ستظل في تجاذب بين الحكومة و المعارضة و لكنها ليس لها خيار غير أن تقبل المجموعة التي تنادي بالتحولات الديمقراطية مهما كانت الوعود التي قدمتها لقيادات الإنقاذ لآن هناك جزءا كبيرا من الشعب غير راضي بسايسة الإنقاذ ذات البعد الواحد.

و الشيء الملفت للنظر عندما كنت أكتب هذا المقال سمعت حديث السيد رئيس الجمهورية عمر البشير لقناة الجزيرة حول الأحداث في سوريا حيث قال يجب علي الرئيس حافظ الأسد أن يعطي اهتماما لمطالب الجماهير و الشعب و يعالج الموضوع بحكمة هذه ذكرتني بالزيارات التي كان قد قام بها الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل أبان مشكلة لبنان بهدف معالجة القضية في الوقت الذي كان فيه  السودان غارقا من قمة رأسه حتى أخمص قدميه  في المشاكل و قضية دارفور و صراع مع الحركة الشعبية أليس من الأجدي للرئيس البشير أن يعالج مشكلة شعبه و يقبل بذات التوجهات و الكلمات التي أرسلها للرئيس حافظ الأسد و الشيء بالشيء يذكر في قمة المعارك الليبية مع الثوار قال الرئيس القذافي ناصحا الرئيس علي عبد الله صالح أن يتنحي لكي يوقف إراقة الدماء و قتل الأبرياء ما أجمل نصائح الديكتاتورين لبعضهم البعض الله يوفق شعوبهم في عملية التحول الديمقراطي.  

       



© Copyright by sudaneseonline.com