From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
إلى المؤتمر الوطني خُذوا الأمرَ مأخذَ الجدِّ أوْ تَنَحَّوا!!/الطيب مصطفى
By
Mar 31, 2011, 09:52

زفرات حرى

الطيب مصطفى

إلى المؤتمر الوطني خُذوا الأمرَ مأخذَ الجدِّ أوْ تَنَحَّوا!!

 

وبمثلما فقع المؤتمر الوطني مرارتنا وخيَّب آمالنا وسفَّه أحلامنا حين فرَّط في ولاية النيل الأزرق الشمالية ومنحها للحركة الشعبية التي تحكمها اليوم حتى بعد أن انفصل الجنوب ها هو يكرر فعلته في جنوب كردفان ويتجاهل تلك الولاية متعلقًا بسراب من الأوهام لا تختلف عن تلك التي جعلته يفقد ولاية النيل الأزرق في وقت استنفرت فيه الحركة الشعبية كل طاقاتها من أجل الفوز بتلك الولاية في إطار سعيها الدؤوب لاختراق الشمال وتمزيقه والتهامه فقد أعلن والي النيل الأزرق ورئيس الحركة الشعبية في السودان الشمالي مالك عقار من واشنطون التي زارها مصطحبًا الرويبضة عرمان وآخرين للتحريض ضد الشمال الذي يسعى عرمان إلى الفوز بأصوات شعبه.. أعلن عقار في تقرير نشرته صحيفة الحركة الشعبية «أجراس الحرية» بتاريخ 29/3/2011م أن خمسة ولاة قد اتفقوا على تقسيم ولاية جنوب كردفان إلى خمس مقاطعات لدعم حملة عبدالعزيز الحلو لتأمين فوزه بمنصب الوالي وأكد عقار أن الحلو سيفوز بهذا المنصب نظراً لشعبيته الكبيرة!!

علاوة على هؤلاء الولاة الخمسة الذين سيرابطون في ولاية جنوب كردفان طوال فترة الحملة الانتخابية فإن عدداً من قيادات الحركة سيشاركون في حملة الحلو ويشمل هؤلاء عدو الشمال الأكبر باقان أموم أمين عام الحركة الذي لم يعد يحمل جنسية الشمال وبالرغم من ذلك يخوض معركة عبدالعزيز الحلو!! إنه سودان العجائب والإباحية السياسية!!

دعونا نتأمل حال المؤتمر الوطني النائم في العسل والذي لن ينتصح حتى لو لُدغ من ذات الجحر مائة مرة.. المؤتمر الوطني حتى الآن يصرُّ على ترك أحمد هارون لمصيره يقاتل وحده ولا تستطيع قياداتُه مفارقة الخرطوم!!

المؤتمر الوطني لا يزال يمارس الإهمال الذي جعله يترك الجيش الشعبي يُعبِّئ صناديق الاقتراع في محليتين حسمتا المعركة لمصلحة عقار في النيل الأزرق حيث لم ينل في إحدى المحليتين غير صوت واحد بينما حصد عقار كل المحلية بل المحليتين!! فهل من تفريط في حق هذا الوطن أكبر من ذلك؟!

الحركة الشعبية تستخدم كل أسلحتها في معركة جنوب كردفان بينما المؤتمر الوطني صامت وهل يتحدث الأبكم؟! وهل يتحرك الكسيح؟! فها هو عرمان يحذر من تزوير انتخابات جنوب كردفان ويقول «إن أيَّ تلاعب سيتم الرد عليه في الخرطوم» وقال الرويبضة ذلك في دار الحركة بالمقرن ونُشر في «أجراس الحرية بتاريخ 9/3/2011» وأضاف أن أي تزوير سيؤدي إلى ثورة في كل السودان، ويكرر الحديث رئيس الحركة بشمال كردفان آدم علي آدم متوعداً بإسقاط نظام المؤتمر الوطني من الحكم في السودان حال تزويره الانتخابات عبر تحريك الشارع وعضوية الحركة الشعبية التي قال إنها «تُقدَّر بالملايين»!! وذهب أكثر من ذلك حين قال إن عدم فوز مرشح الحركة الشعبية بمنصب والي جنوب كردفان سيؤدي إلى إطاحة النظام بما يعني أن عدم فوز الحلو يعني في مفهوم الحركة الشعبية بعرمانها وباقانها أن الانتخابات مزوَّرة فهل من تطاول وغطرسة وهل من احتقار للمؤتمر الوطني وللشعب أكبر من ذلك؟!

أسمحوا لي قرائي الكرام بأن أفري كبدكم مرة أخرى فقد قال عقار في حديثه للجالية السودانية بواشنطون «نحن الآن عرفنا القصر الجمهوري وإذا لم تُنفَّذ مطالب أبناء المنطقتين («النيل الأزرق وجنوب كردفان) سنجعل من يسكن في القصر الجمهوري لا يستريح أبداً إلا بعد تلبية مطالبنا وسنكون لهم مثل الدبيب في البيت» وأردف: «سنجرب كل الطرق السلمية وإن لم يُستجَب لمطالبنا فلكل حادث حديث»!!

أرجو أن تقرأوا قرائي الكرام تحذير «الدبيب» عقار الذي لا يزال بعضُ قادتنا يكيلون له الثناء ويطمعون في استرضائه وكسبه ناسين أن من يثق في الدبيب أو يأمن جانبه وغدره لا يعدو أن يكون إنسانًا مجنونًا منخذلاً منكسراً منبطحًا قاعدًا متثاقلاً إلى الأرض مخلدًا إليها وفوق ذلك ليس جديراً بالبقاء والحياة أقول أرجو أن تقرأوا تحذيره بمقولته في نفس المناسبة بأن المؤتمر الوطني طلب إلى سلفا كير نزع سلاح وتسريح 40 ألف جندي من أبناء الشمال في الجيش الشعبي والدفع بهم إلى شمال السودان لكن سلفا كير قال للمؤتمر الوطني «بإمكاني الدفع بهم شمالاً لكني لا أستطيع نزع سلاحهم» وعزا ذلك إلى أنهم مقاتلون.. من أجل الحرية!!

نعود إلى المؤتمر الوطني ونتساءل: ماذا يضيره لو انتدب كل قيادته لمؤازرة مرشحهم أحمد هارون؟! ماذا لو ذهب نافع ومندور وغندور ومائة من قيادات المؤتمر الوطني حتى لا تتكرر قصة نهب صناديق الاقتراع وملئها من قِبل الجيش الشعبي بينما كان مراقبو المؤتمر الوطني يغطُّون في نوم عميق هذا إذا لم يكونوا مخترَقين أصلاً بالمال وبأشياء أخرى تذهب بعقول أولي الألباب؟!

كذلك فإن الحركة تحارب في كل الجبهات فها هي تلطم الخدود وتشق الجيوب خوفًا من ترشُّح الثائر النوبي تلفون كوكو الذي يقبع في سجون الحركة منذ زمان طويل خوفاً من أن يقف حجر عثرة أمام فوز عبدالعزيز الحلو وشتان شتان بين الحلو الذي ذهب مغاضباً إلى أمريكا بعد مصرع قرنق إلى أن تم استرضاؤه بمنصب نائب والي جنوب كردفان وبين تلفون كوكو الذي ظل مخلصًا لقضية شعبه وانتفض غاضباً من استخدام أهله من قِبل الحركة التي ركلتهم بالأقدام وتجاوزتهم وحصدت ثمار نيفاشا بالرغم من أن الحرب حصدت أرواح أكثر من 18 ألف مقاتل من أبناء النوبة.

الحركة بدلاً من إطلاق سراح تلفون كوكو الذي ترشح في الانتخابات لمنصب والي جنوب كردفان باتت تُطلق الاتهامات وتطعن في ترشيحه ولمّا عجزت عن إيجاد سبب معقول قالت إنه ضابط في الجيش الشعبي ولا يجوز أن يترشح وهو أغرب وأغبى تبرير في التاريخ؟! «طيب» لماذا يا هؤلاء ترشّح الفريق سلفا كير والفريق جورج أطور وعشرات غيرهم في انتخابات جنوب السودان بل لماذا تعتقلون ضابطًا في الجيش الشعبي؟!

- ما ذكرت ذلك إلا لأبيِّن أن الحركة تبذل كل جهد ممكن في سبيل تحقيق غاياتها بما في ذلك البلطجة والتزوير والكذب والتهديد والوعيد بينما يعجز المؤتمر الوطني حتى عن حراسة صناديق الاقتراع مما أتاح للحركة أن تعبث بنتيجة انتخابات النيل الأزرق ويعض المؤتمر الوطني أصابع الندم بعد ذلك!!

المعروف أن علاقة متميِّزة كانت تربط بين أحمد هارون وباقان أموم وهو ما ظللنا نعترض عليه ونسخر منه فعرمان وباقان لا ينبغي أن يُهادَنا دعك من أن يُلاطَفا أو يُصاحَبا لكن أتدرون ما حدث في الأمم المتحدة ـ يا أحمد هارون  ويا نافع ـ باقان هاجم الأمم المتحدة إبّان زيارته لنيويورك خلال الأيام الماضية والتي صبّ خلالها جام غضبه على المؤتمر الوطني والحكومة متهماً إياهما بدعم المنشقين من الجيش الشعبي وبالسعي إلى إسقاط حكومة الحركة الشعبية لكن الجديد هذه المرة أن باقان هاجم الأمم المتحدة في حضور أمينها العام متهماً إياها بنقل أحمد هارون على طائرات اليوناميس واليوناميد بالرغم من أنه مطلوب في محكمة الجنايات الدولية بما يعني أنه يريد من الأمم المتحدة أن تعتقل «صديقه» أحمد هارون  بدلاً من السماح بتنقله على طائرة الأمم المتحدة!!

 مشكلة المؤتمر الوطني أنه يجهل النفسية التي تفكر بها الحركة والجيش الشعبي ولا يستطيع أن يتقمَّص شخصية باقان حتى يتخيل ما يصدر عنه من مشاعر حاقدة وليتهم لو استمعوا إلى قول الشاعر:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته

وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

هذا إذا كان الشخص لئيماً فكيف إذا كان من تُكرمه متمرداً أصلاً؟!

هي ذات الروح التي أنتجت نيفاشا وأفضت إلى كل «البلاوي» التي تمخّضت عنها بل هي الروح التي أحدثت تمرد توريت وكل ما أعقبها والتي جعلت «بوث ديو» يقول منذ الأربعينات «لو كنتُ شمالياً لانتحرتُ».

أخي د. نافع.. تحركوا قبل فوات الأوان فإن التاريخ لن يرحمكم إذا فرّطتم في أية ذرة من أرض الشمال!!

أخي د. نافع هل سألتم أنفسكم لماذا تشتكي الحركة من استهدافها ويبلغ كيدها درجة الشكوى لمجلس الأمن وتعجزون عن المعاملة بالمثل رغم علمكم وعلمها أنها تحتضن الحركات الدارفورية المسلحة وتسعى مع بعض من يُسمَّون بقوى الإجماع وتعلن عن اعتزامها إسقاط الحكومة؟!

اخي د. نافع لماذا تسمحون لعرمان بارتكاب الخيانة العظمى وبعقد المؤتمرات الصحفية في قلب الخرطوم ولا تفعلون ما يفعل في قلب جوبا؟!



© Copyright by sudaneseonline.com