From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
بقرات الرئيس/كمال الهِدي
By
Mar 29, 2011, 11:20

  تأملات

بقرات الرئيس

 كمال الهِدي

[email protected]   

 

على غير العادة هاتفتني صديقتي التي اعتادت أن تكدر صفاء روحي كلما التقيتها وجهاً لوجه.. أما عبر الهاتف فهذا ما لم أتوقعه منها.. المهم بعد تبادل التحايا والسؤال عن الحال والأحوال قالت لي:منذ أن طالعت خبر آلاف الأبقار التي تبرع بها رئيس دولتكم المبجل لرئيس وزراء مصر الثائر عصام شرف توقعت أن تتبع ذلك جلبة وضوضاء وجدل حام فأنتم تكثرون من الحديث دائماً..

 

قاطعتها بالقول: آلاف الأبقار هدية في بلد يعاني معظم تلاميذ المدارس فيه من عدم توفر ما يسد رمقهم طوال يومهم الدراسي وتريديننا أن نصمت أو نسكت لا أدري؟!

 

أجابتني سريعاً: هدية يا جماعة الخير.. كمان الهدية عندكم فيها كلام؟! ألا ترددون أنتم أنفسكم أن نبي الخلق محمد ( ص ) قبِل الهدية؟!

 

قلت: رئيسنا كريم لكن شعبنا الجائع لم يفوضه بأن يقدم هذه الهدية باسمه.

 

قالت: على العموم هي شوية بقرات لا تساوي شيئاً أمام ثروتكم الحيوانية الغزيرة ولا أرى سبباً واحداً يجعلكم تعطون الموضوع أكثر مما يستحق..

 

وأضافت: ألم تفرحوا جميعاً بثورة أشقائكم في مصر؟ فهذا لعمري أفضل تعبير عن سعادتكم بنجاح ثوار مصر في القضاء على دكتاتور حاولتم من قبل إنهاء حياته وفشلتم،  لذلك فالكرامة واجبة يا صديقي!

 

سألتها: لكن كرامة بخمسة آلاف بقرة؟!

 

وقبل أن تجيب على تساؤلي أضفت: طيب إذا افترضنا أن هذه البقرات كرامة ذهاب مبارك فماذا عن العربات التي منحها رئيسنا أيام مبارك نفسه للاعبي منتخب مصر؟!

 

قالت: أنا أتحدث عن أبقار اليوم وليس عربات الأمس فأرجو ألا  تصرفنا عن الموضوع الأساسي.. فإن فتحنا المجال بهذا الشكل يمكننا أن نثير أموراً كثيرة وبما أننا نحتفي بثورة أشقائكم في مصر فلا تفسد علينا الفرحة.

 

قلت: فليكن.. ولا مانع عندنا من أن نشارك الأشقاء في مصر فرحتهم بنجاح الثورة، وحتى الهدية لا مانع منها شريطة أن يقدمها الشعب السوداني وليس الرئيس فهو لم يأت للسلطة عبر ثورة شعبية لكي يحتفل بثورات الآخرين.

 

قالت: لكنه نال ثقة الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة شهد بنزاهتها كارتر ومركزه!

 

قلت: كارتر هذا رجل نزيه جداً لا تربطه رابطة بحديث المصالح فلا تقحمينه في حديث الريبة والشك.

 

قالت: عموماً من المعيب أن تستكثروا شوية بقرات أهداها رئيسكم لرئيس دولة شقيقة وقد عهدتكم أهل كرم وجود.

 

قلت: نجود بالموجود يا عزيزتي وليس ما لا طاقة لنا به.. كما أننا نكره جداً أن نَجر كالأبقار نفسها لخدمة أهداف بعيدة كل البعد عن المعلن من أي خطوة كهذي.

 

قالت: الحصل حصل يا صديقي والما عاجبو فيكم فليخرج لإعادة الأبقار لحظيرتها!

 

قلت: ستعود يوماً ما.

 

قالت: بعد أن تُذبح في قاهرة المعز ويتوزع لحمها بين أفراد الشعب الشقيق؟!

 

قلت ضاحكاً: لا بل بعد أن يكتشف رئيس وزراء مصر الذي ثار الظلم في بلده وخرج بصدر عار إلى ميدان التحرير أنه أخذ حق غيره ووقتها سيعيدها لنا من تلقاء نفسه.

 

قالت: وداعاً إذاً يا صديقي وسأتوقع اتصالك حينها!



© Copyright by sudaneseonline.com