From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
((غوانتامو)) الجنوب .. قصص ((زبانية)) الجحيم (1)..!/معتز محجوب
By
Mar 28, 2011, 11:02

((غوانتامو)) الجنوب .. قصص ((زبانية)) الجحيم (1)..!

معتز محجوب

 

الاسم يحي ادم

المكان : معتقل "حي طراوة" في جوبا

التهمة : الصلاة في منزله في جماعة تعمة اولي.

 

 لاتستغربوا سادتي القراء ، فالتهمة التي تم توجيهها لــ(يحي) وآخرين مشابهين له حقيقة وليست من بنات افكاري ((حتي لا تفتحوا افواهكم من الدهشة))، ولعل التهم الموجهة لغيره في عدد من معتقلات الجنوب  تثير الدهشة أولا وتجعلك تستعجب ثانيا ، وتجعلك تشككك في العقلية التي تدير العمل الامني في الجنوب، هل هي عقلية بشرية سوية ولهم عقول يفكرون بها؟ ام هي شئ اخر ينسب الي الانسان ولكن ليس في هذا العصر وقد يكون في العصور الجليدية او اقدم قليلاً قد ترجعنا الي لعهد الانسان الحيوان، وقد تكون ذات الافكار تدور حول ذات العقلية في مكان أخر ، ولكن ما يعنينا ان ما نجده في الجنوب يختلف كثيراً عن الاماكن الاخري ، فلعل في الاماكن الاخري يستخدمون القليل من التبريرات المنطقية التي تدخل الي العقل ، ولكن الوضع في الجنوب غير كل الاوضاع ، وهذا ليس من بنات افكاري بل لاعتبارات كثيرة اوفرها بالنسبة لي الادلة والوثائق المنقولة والمذكورة حتي علي السنة قادة الحركة الشعبية حاولوا ان يدافعوا عن هذه الظواهر وعن العنف الامني في الجنوب، وردوه في غالب تبريراتهم ايل عقلية الحرب التي مازالت تسيطر علي جنودهم وضباطهم عقب اتفاقية السلام الشامل. وعلي الرغم من مضئ عن ما يزيد من الستة اعوام ، الا ان ذات الممارسات اخذت في الاذدياد بمتوالية هندسية آخذة في الاتساع يصعب السيطرة عليها، ويجب الاخذ في الاعتبار ان الاعتقال لا يتم الا لمناوئ سياسي للحركة او تاجر شمالي أو داعية اسلامي او شخص اعتدي علي ضابط عظيم او صغير في الجيش الشعبي أو مسوؤل بحكومة الجنوب علي أمواله او استدان منه الكثير، وعندما قام التاجر المسكين بمحاولة استرجاع ديونه يتم ايداعه في أقرب معتقل.

ولعل اغرب أمر في هذه المعتقلات أو سمها اذا شئت بيوت الاشباح ، انها متوفرة بكل حي سكني ، داخل منازل صغيرة يتم انتزاعها من مالكيها "فمن يسأل الامن" أضف للغرابة تعدد مسميات الامن التي ذكرها لي باعتبارها نكتة حقيقة هؤلاء المسوؤلون ذاتهم، حيث ذكروا لي ان كل قائد بالحركة أو الجيش الشعبي له أمنه الخاص ومعتقله الخاص، وذهبوا الي اكثر من ذلك بتأكيدهم ان الجنوب دولة خارج القانون، حيث لا قانون يطبق، بل علي العكس كل النافذين يبرعون في تكسير القانون ، فيا لسخرية القدر التي تجعل البعض يتمشدق باسم القانون في الشمال ويشدد علي تطبيقه ، ثم ينسي بكل بساطة ارتداء طاقية هذا القانون متي ما حطت قدمه باي جزء من اجزاء الجنوب.

 

ابلغني عدد مقدر من المسؤولين في الجنوب، ساتحفظ عن ذكر اسمائهم بطيبعة الحال، ليس لانهم وهميون كما سيروج مساندو الحركة ، ولكن حفاظا علي حياتهم ومناصبهم ، لانه سبق ان تمت إقالة عدد من المسؤولون ، ليس لشئ سواء انهم تحدثوا مع الاعداء "الانتباهة" . لنرجع لحديثهم الذين قالوه في وقت سابق قبل اكثر من ثلاثة اعوام، وكنت حينها اذهب الي الجنوب سعيا وراء الحقيقة المجردة حتي لا استقي ما اكتب من اناس لهم عداء او مصالح في تشويه صورة حكومة الجنوب ، ولكن المضحك في الامر ان حكومة الجنوب لا تكلف الاخرين عناء تشويه صورتها ، فهي بسلوك قادتها وجنودعهها تعطيك الادانة لنفسها بنفسها دون عناء ، فقد ابلغوني بحقيقة وجود معتقلات عديدة في الجنوب تحت مسميات كثيرة، وأحيانا دون مسمي ، ولم اركن بشكل كامل لحديثهم هذا ، ولكن وجدت فيه مادة دسمة للتحقيق الصحفي، فامضيت في البحث عنه بالوثائق والشهود ما يقارب الثلاثة سنوات ، وحاولت قدر الامكان الا اكون مستعجلا في طرحي، والا انحاز لطرف دون الاخر ، وأن ازور عدد من مدن الجنوب ، ووجدت خلالها ما وجدت، وتلك قصة طريفة سنأتي اليها في أحد اجزاء هذا التحقيق السياسي.

 

ارقام واحصاءات .

لم استطع ان احصي بدقة عدد المعتقلات او السجون الموجودة في الجنوب ، ربما لكثرتها او ربما للخوف الكبير الذي ينتاب كل من أساله عن هذه المعتقلات ، واضطررت للجوء لاستقاء هذه المعلومات من عدد كبير من المعتقلين الذين انقذهم الله من هذه المعتقلات ، ومن ثم اسعي لمقارنة ما لدي من معلومات ببعضها البعض، ومن خلال هذه المقارنات توصلت الي احصائية غير دقيقة تشير الي وجود ما يزيد عن مئة سجن ومعتقل بالجنوب ، هذا بخلاف ما كان موجوداً منها قبل اتفاقية السلام ، سواء بالجنوب او ببعض دول الجوار مما كانت تدعم الحركة نكاية بالحكومة، وتشير الاحصاءات الي وجود ما يزيد عن "1750" معتقلاً بهذه المعتقلات تتفاوت جنسياتهم ما بين المنتمي فبليا للجنوب او لاحدي دول الجوار، سواء كينيا او يوغندا او زائير او للشمار، اضف اليهم التجار الشماليين ودعاة مسلمين وعدد يزيد عن المئتين من الدارفوريين ، ممن امرت استخبارات الحركات الدرافورية الموجود بالجنوب باعتقالهم، لا لشئ سوى انها شكت فيهم بتعمة العمالية للمؤتمر الوطني او الامن في الشمال.. نسيت ان اذكر ان تهمة العمالة لحزب المؤتمر الوطني والتجسس لصالحه ، هي التهمة الغالبة للايداع في المعتقل ، بالاضافة الي الانتماء الي منظمات ذات طبيعة اسلامية .

 

قصة البيت الابيض

والبيت الابيض الذي اعنيه لمن لا يعرفه ، ليس هو البيت الابيض مقر اقامة الرئيس الامريكي ، بل هو مكان من أسوأ اماكن الاعتقال في الجنوب. والغريب ان اي مكان تعذيب في الجنوب يطلق عليه اسم (البيت الابيض) ولا ادري ما هو الرابط بين العذاب و(الابيض) ربما يكون تفسيراً لا اعلمه ، وتتم في هذه البيوت عمليات تعذيب كاملة الدسم للمعتقل ، ويفضل المعتقل ان تتم تصفيته فوراً او اعدامه كأفضل الحلول للخلاص من التعذيب والراحة . ولكن هيهات ان ينفذ زبانية الجحيم هناك مطلبه بسرعة ، فهم ، حسب المعتقلين الذين تحدثوا الي ، يجدون لذة شديدة في التعذيب ، ربما لاحساس سابق لهم بالدونية  كما نيظر علماء النفس . ويقبع هذا البيت (سيد الاسم) في مكان قريب من عاصمة الجنوب جوبا ، ان شئنا الدقة علي بعد كيلو مترات منها قرب جبل الرجاف شمال غرب المنطقة العسكرية ، ولا يوجد اي منزل قربه اطلاقا ، ويتوجس اي مار بقربه مجرد مرور ، ويحسب الف حساب من مجرد المرور ، وما ان يقترب الشخص منه الا ويهرول سريعا بعيداً عنه كأنما رأى شيطاناً او جانا عيانا بياناً .

ونجد ان ولايات الجنوب بيها اكثر من بيت ابيض ، وتشتهر معتقلات بذات الاسم في تلك الولايات  اشهرها سجن  لولوقو وبمبما  شرق جوبا، وبنيو سايد وببلفام مقر قيادة الجيش الشعبي وجزء منها يوجد بمكان قريب من مركز التدريب القتالي قرب سوق الكاستم.

 

قصة هروب .

ويؤكد القيادي  المنشق عن الجيش الشعبي اللواء توبي مادوت ، وهو من دينكا البحيرات ، لـ (الانتباهة) ان المعتقلات لا تحصي ولا تعد وان لكل قائد جنوبي امنه الخاص وسجونه ومحاكمه ايضا ، ويذكر مادوت اسماء وزراء مشهورين وشخصيات بارزة في الجنوب لهم امنهم الخاص ، ساتريث قليلاً قبل نشر اسمائهم حتي اتحقق من صدق معلومته.

فات علي ان اذكر ان مادوت من اشهر الهاربين من هذه المعتقلات حيث تم سجنه في معتقل هناك، وتمت مصادرة امواله حينها التي قدرها هو ، بالاضافة لاثمان العربات المصادرة ، باكثر من أربعة ملايين جنيه ، ويحكي مادوت عن قصص مروعة لعمليات التعذيب التي تتم بهذه المعتقلات ، نجا هو من اغلبها لانتمائه القبلي ربما،  وربما لانه كان يتولي الدفع لزباينة التعذيب هناك كما قال، ويشير الي ان التهمة التي تم اعتقاله بها كانت تخوف قيادي نافذ في الجيش الشعبي من تعيينه قائداً لاركان الجيش الشعبي ، فقام "بالحفر" كما قال ، ودبر له عددا من التهم ابرزها ، وهي عادة تكفي لايداعه المعتقل ، التجسس والعمالة لصالح المؤتمر الوطني .

ويشير مادوت انه وعن طريق عدد من الضباط  الموالين له في الجيش الشعبي ، قام بالهرب من المعتقل ليلاً ، وسار مسافة طويلة جدا علي رجليه ، وتم توفير عدد من الاماكن للاختباء . وكشف عن اضطراره للتنكر بالازياء التقليدية للنجاة من مطاريده علي خلفية تكثيف عمليات البحث عنه . ويحتفظ مادوت باسماء العديد من المعتقلين هناك ، ويؤكد ان استخبارات الجيش الشعبي قامت بتنفيذ عمليات تصفية واسعة ضد عدد كبير من السياسين الجنوبيين المناوئين لسياسة الحركة في الجنوب ، وبحق تجار شماليين . ويشير مادوت الي ان المعتقلات هناك تتكون من حاويات ضخمة او جملونات تم استيراد السلاح فيها او العفش في السابق ، فلا منفذ للتهوية بها ويتم ايداع المعتقلين فيها بالنهار ، ويتم اخراجهم ليلاً ليعيشوا العذاب مع الحشرات التي تفتك باجسادهم العارية  ويوضح ان عددا من المعتقلين لقي حتفه لسوء التهوية بهذه الحاويات ويكشف مادوت شروع حكومة الجنوب الان في بناء معتقلات حديثة بوسائل تعذيب حديثة ، ويؤكد علي حصة معلوماته التي يقول انه استقاها من ضباط كبار باجهزة الامن في الجنوب ويشير الي ان اشهر المعتقلات في الجنوب معتقل بولاية البحيرات قرب رانشيل (موقع العاصة الجديدة للجنوب) بملوم مقر الكلية الحربية للجيش الشعبي ، والثاني شرق الاستوائية قرب يامبيو ، والثالث قرب توريت وبه عدد من كبير من التجار الشماليين ، ويشير الي ان تمت  تصفية عدد كبير منهم .

ويكشف عن وجود ما يزيد عن "900" معتقل بولايات بحر الغزال في معتقلات بدائية عبارة عن زريبة شوك وحفر داخل الارض يتم القاء المعتقلين فيها ، وحاولت (الانتباهة) خلال زيارة سابقة ليها لشمال بحر الغزال وتحديد لكل من أويل وواو ، التأكد من صحة هذه المعلومات ، الا ان اوالي شمال بحر الغزال قول ملونق انكر هذا الامر تماماً واقر بوجود حراسات في مقار الجيش الشعبي التابعة له ، ووصفها حراسات تأديبية للجنود والمخالفين للتعليمات ، الذين يتعاطون الخمر اثناء الحراسات اليومية ، وسبق لتجار شماليين ان اشتكوا من عمليات اعتقال ونهب لممتلكاتهم في ذات الولاية ، نجا منهم جزء وقتل اخر ، واغلبهم من مناطق بالنيل الابيض ، ويوجد توثيق لحديثهم بعدد من الصحف السيارة.



© Copyright by sudaneseonline.com