From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
(هرِمنا.. هرِمنا.. في إنتظار أية لحظة تاريخية)..!!/ عبد الله الشيخ
By
Mar 27, 2011, 11:47

خط الاستواء

 عبد الله الشيخ

(هرِمنا.. هرِمنا.. في إنتظار أية لحظة تاريخية)..!!

 

نسيت أنني بلغت من الكِبر عِتيا، في غمرة انشغالي بالإستدعاءت.....، والإستيضاحات....، ومتابعة التظاهرات،، في ليبيا، وسوريا، واليمن ..! نسيت أنني على عتبة الخمسين في غمرة إنتظاري لـ (هدير الصمت) هنا،، في شوارع الخرطوم..!

 نسيت أنني هرمت في انتظار التغيير..! و، لم أحفل بجريان السنين.. فكيف احتفل بعمر سرقه العسكر، وبددته الطفولة السياسية والمهاجر..!؟

في هذا اليوم الأول، وأنا أدخل عتبة الخمسين من عمري، ربما كان محمد سعيد العباسي في مثل عمري هذا حين قال: ( يا بنت عشرين والأيام مقبلةٌ... ماذا تريدين من موعود خمسين)..! أتذكر إبن بادية كردفان، العباسي، ياله من شاعر ، وقد قال : (مازلتُ أُسمعه الشكوى، ويسمعني.. أُدنيه من كبديَّ الحرى ويدنيني)..! لمن تُرى أعزف أُغنيتي..!؟  ولمن أشكو..!؟ بل إننا كجيل،، لمن نشكو..!؟

كيف تبدلت شكايانا من عاطفية إلى سياسية، ولم نك نرغب في هذا البديل..!؟ كيف هرِمنا، هرِمنا ، ( في انتظار أي لحظة تاريخية)..!

هل يمكن لشباب الـ (فيس بوك) أن يقدموا للسودان، ما لم نقدم له نحن..!؟

انسربت السنوات، وهذه المصيبة التي تتحكم فينا لا تسقط بالتقادم، لماذا..!؟  كيف أحتفل بعمر ضائع، وقد بدأوا للتو عهد جمهوريتهم  الثانية، تحت قيادة حاج ماجد سوار..!؟

على أعتاب الخمسين ما زال يهزني صوت محمود درويش:(أيها المارون بين الكلمات العابرة.. احملوا أسماءكم، وانصرفوا ... اسرقوا ما شئتم من زرقة البحر، ورمل الذاكرة)..!

فرت السنوات كما يفر العصفور في الهواء، وإبنتي الكبرى (يادوبك) في المستوى الخامس..! و، دي حتقرأ  شنو  في جامعات الكيزان دي..!؟ و، تعرِّس متين..!؟ وتجيب لي أحفادي متين..!؟ هل ترى سيكون قدرهم ( توجهاً حضارياً كما هو  قدرنا نحن..!؟  والله لقد هرمت، وأمي التي وعدتها بالحج شريطة أن يكون ذلك الحج بعد  سقوط  النظام، صارت عجوزاً لا تقوى على الطواف..! وتقول لي الآن، بعد طول الإنتظار، وعلى سبيل التريقة، أنها أدت الفريضة، وأنها تطالب بـ(حق الحج) مالاً سائلاً في اليدين..!

ترى، لو بقي العسكر في ثكناتهم، هل كان بقاؤهم هناك أمراً جالباً للسعادة في سنوات هذا ( العمر الهِزار)..!؟

لقد هرِمنا..! وكيف أهنأ بشيخوخة هانئة، وكل قادتنا شيوخ..!؟  كيف أذكر عيداً للميلاد وما زال بعض قادتنا في (الصف الوطني) يفاوضون (المصيبة)، ولديهم عشم في (إستعدالها)..!

 (أيها المارون بين الكلمات العابرة.. كالغبار المُر، مروا أينما شئتم، ولكن، لا تمروا بيننا،، كالحشرات الطائرة)..!

و،، يبدو أنني  أفضل حالاً، رغم تقادم السنين عليَّ وأنا في هذا الانتظار الطويل، هناك من هو في السبعين، أو في الثمانين حتى!!، وما زال (يكاور مكاورةً) لأشياء الدنيا الفانية..! هناك من يصبغ شعر رأسه وشاربه ليقتل، لـ  (يكْتُل زول عديل)  من أجل هذه الثروة، ومن تلك السلطة، ويقول لنا، على رؤوس الأشهاد، (هي لله)..!

  و، (شِن طعم الدروس)..!؟ ، فهذه السلطة الغاشمة، أليست هي تلك التي تطير (عبر الأثير)..!؟

  ماذا فعلت أنا طوال هذه السنوات..!؟ لا شيئ غير أنني قرأت كثيراً، لكنى لم أفهم بعد..! سافرت كثيراً، لكني لم أجد متكأً غير هذا الوطن المسلوب بأكاذيبهم..! انتظرت ما لا يأتي في دهاليز قصيات، وفي عتامير الغربة، لكنني أعرف جرح الغربة داخل الوطن..!

و، ماذا فعلت بي السنين..!؟  لقد أوجعتني فيها  لحظات العشم في أًناس حسبتهم من الأخيار، كثيرون غرروا أو غدروا بي، وكان من الممكن أن أكون حصيفاً..!؟  هكذا الانسان، حتى في لحظة الوقوف مع الذات قد يرى أنه مظلوم، لكنه قد لا يرى أنه كان ظالماً أيضاً..! و، من سرق الأمنيات..!؟ كم سانحة ضاعت، وكيف هي أمنيات العمر الذي مضى..؟  هل ترى يسعدني تحققها  الآن..!؟

إيييه، هذه الدنيا أعطتني بسخاء في أحايين كثيرة.. أعطتني أصدقاء، و، أعطتني أن أساتذتي سرعان ما يتحولون إلى أصدقاء..! لو استقبلت من أمري ما استدبرت لاستدركت خوفي،لكن ، ليتني أستطيع توحيد خوفي..!
 الحكمة التي خرجت بها من كل هذه السنوات أن الزمان هو اللحظة الحاضرة، وأن  أحلى الحظات قد تأتيك في خبايا الصدفة، وأن أبهج اللقيا عندما يبتسم لك العائدون، لتبداً ــ أنت وهم ــ رحلة  الخطاوي إلى سفر جديد..!

 أكاد أفهم هذا بعقلي، وربما، أفهم سر الحياة بقلبي غداً،،  لكن هل تركت لنا حوادث (هؤلاء) عقلاً..!؟

 أكاد أفهم هذا..! .. أيها الحكام  في هذا الزمان اللئيم، (أخرجوا  من مفردات الذاكرة)..!  أيها الحكام  العابرون، (خذوا الماضي، إذا شئتم، إلى سوق التُحف)..!

 **  شكراً لصديقي ـ رغم فارق السن ـ (سهل آدم) الذي كان أول من ذكرني بعيد شيخوختي..!



© Copyright by sudaneseonline.com