From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
السودان .....التغيير مطلوب الآن .....الآن وليس غدا/عمر عبدالرحمن عبدالله البشاري
By
Mar 27, 2011, 10:02

 

السودان .....التغيير  مطلوب الآن .....الآن وليس غدا

عمر عبدالرحمن عبدالله البشاري                                  

                 e-mail:[email protected]                        

نعلم أن للسلطة العامة  إغراءاتها ومتعتها الفريدة فهي المدخل السهل الميسور إلي المال الميري المباح في بلاد السودان الذي يقول اهله (المال السايب بعلم السرقة) وحالة المال السايب تنتهي بتقسيم الناس إلي نوعين الأول وهم القلة صاحبة السلطة والجاه وهي مترفة إلي حد التخمة وهي مسرفة في صرفها والأسراف ذنب يستوجب الأستغفار (اللهم أغفر لنا إسرافنا في أمرنا)والأسراف يستوجب إتباع  الشهوات و إضاعة الدين (الذين أضاعوا الصلاة وأتبعوا الشهوات),و النوع الآخر هم الأغلبية المعدمة والعدم والعوز المادي يقود إلي عدم معنوي ونفسي ولربما حتى روحي  ويجد المجتمع نفسه بين طرفي الرحي التي تطحن أفراده وتحيلهم إلي دقيق يُعجن منه خبز اليأس والأحباط الذي يقتاته الناس صباح ومساء و المال هنا ليس سائب فقط وأنما أصحابه(راقدون  على بطونهم والدجى من فوقهم حجر)  على قول الفيتوري ونأمل لشمس الإنترنيت أن تزيحه عنهم كما أحسنت إلي أخوانهم التوانسة والمصريين ، والسلطة أعظم من المال لأنها سابقة عليه وسبب فيه ولأنها تعني فيما تعني التحكم في مصائر الناس وحياتهم ولذلك قال المثل في دار فور بلد الحكمة والتي صارت بلدا للجنون واللامعقول (سلطة للساق ولامال للخناق).

 ودعنا نختار من البشر من نجمع على صدقه وزهده وعفة يدة

وأصالة خلقه وندفع به حاكما علينا وأجزم بأنه لن يمضي عليه في الحكم أياما معدودات حتي يتنكر لكل من يعرف ولكل ما عرف عنه ويتحول في طرفة عين من حال إلي حال (فالسلطة السائبة تعلم الطغيان) وهو أبو المفاسد وسيدهاولحالة الطغيان طرفان الأول ينتهي بتأليه الحاكم كما في حالة فرعون (أنا ربكم الأعلى ) والآخر ينتهي بجرذنة الشعب في حالة العقيد الليبي(شدوا الجرذان)وللكاتب الصحفي عثمان ميرغني تحليل طريف في مقال له في صحيفة التيار الصادرة يوم الخميس الموافق24/3/2011 يصف فيه الكيفية التي يتحول عبرها الحكام إلي طغاة في ظل غياب الرقابة وحضور المداهنة والرياء من قبل الشعوب فيسير الحكام في إتجاه ينتهي بهم إلي الفرعنة وتسير الشعوب في طريق ينتهي بها إلي الجرذنة ولن يلتزم الحاكم الحق وينشد العدل إلا إذا تيقن بأن الشعب له من الآليات الفعالة ما يستطيع به أن يراقب ويحاسب من يحكم .

  وبعد هذه المقدمة أريد أن أصدع برأي يزعج القابضين على السلطة الجاثمين على الصدور والمثل يقول (الما بستحي من ركوب ضهرك ما تستحي من الفنططة بيهو) يزعج هؤلاء ولا أحد غيرهم ولكن أدعوهم إلي التأمل في قول الله تعالى (عسى أن تكرهوا شيئا هو خيرا لكم ) التأمل فيه على ضوء ما حدث لزين العابدين بن علي و لمبارك في مصر، وما يحدث الآن في ليبيا ونقول أننا نريد التغيير نريد من يحقق لنا الآتي:-

1-تأسيس دستور يستفتأ عليه الناس لأنه يمثل العقد الأجتماعي الذي يبين الناس بأعتبارهم مصدر للسلطة يفوضونها بشروطهم لمن يحكم ويسقط الحق ففي ممارستها متى ما عجز أو قصر في الوفاء بهذه الشروط.

2-التدوال السلمي للسلطة بطريقة شفافة ونزيهة وفقا للعقد المذكور وتحديد مدة الرئاسة بالقيد الزمني المحدد بالمدة والدورات.

3-الأعلاء من شأن الأنسان وقيمته في الحياة وإحترام حقوقه وصون كرامته بأعتباره القيمة المفصلية في ذلك العقد وهو به ومنه وإليه.

4- إتاحة مساحة من الحريات تكفل للناس حقوقهم في التجمع  والتواصل والتنظيم والتظاهر والتعبير السلمي عن آراءهم ورؤاهم وأحلامهم وتطلعاتهم في الحياة من غير كبت ولا توجيه أو مصادرة ولاتمثيل .

5-إحترام التنوع الثقافي والأثني والعرقي وجعله أساسا للحافظ  على الوحدة الوطنية للبلاد وإدارة مواردها البشرية بما يستغل هذا التنوع والتعدد في الثراء الثقافي والمعرفي والروحي وكقاعدة للأبداع المادي والتكنولوجي .

6- إعادة النظر في الشأن الأقتصادي من حيث سياسته الكلية من ناتجه وتوزيعه وإستهلاكه ليؤدي إلي حلحلة مشاكل الناس من حيث البطالة وعدم إستغلال طاقات البشر والأستفادة من أمكانات الطبيعة وتوفير السلع والخدمات وجعلها متاحة وفي متناول الجميع .

7- إعادة النظر في الشأن الأقتصادي بما يقلل من التفاوت الطبقي والخروج بالمجتمع من مأزق المعدمين والمترفين ويطلق الطاقات الأبداعية للناس ليتفاعلوا فيما بينهم ومع بيئاتهم ويقلل الكراهية والحسد من طرف المعدمين والخوف والتعالي والأنعزال من قبل المترفين وليعود السوق الأفرنجي من منفاه في الرياض والطائف والمنشية إلي مكانه القديم إلي جوار السوق العربي في وسط الخرطوم وتعود الطبقة الوسطي إلي الإنبعاث من ركام العدم الذي صارت إليه.

8-محاربة الفساد والمحسوبية فعلا لا قولا في الممارسة الأقتصادية والأدارية والسياسية وفي  كل المستويات الخاص منها والعام .

9-إتاحة المزيد من الحريات للأقاليم لتحكم نفسها وتتمتع بأمكاناتها ومواردها وتنهض بنفسها خدميا وإنتاجيا ويصبح لكل منها مدن وأرياف جديدة تنمو وتزدهر وتنعم بالحب والسكينة والسلام.

10-تراجع الكهول ومن هم فوق الستين عن دست الحكم التنفيذي وأن يجعل لهم مجلس حكماء له صفة إستشارية ليستفاد من معين الحكمة عندهم وليوظف في تجربة تواصل الأجيال وتراكم الخبرات البشرية من غير إنقطاع ولا تراجع وإتاحة الفرصة للشباب ليحقن التجربة السياسية بمصل الدماء الشابة والحارة ليتمكن  من الأسراع بوتيرة التغيير والرؤى الجديدة التي تستوعب متغيرات العصر وتتفاعل مع التجارب البشرية المعاصرة والمشابهة للحالة السودانية .

11- إفراد دور خاص للمرأة وتمييزها إيجابيا في الممارسة السياسية لأنها تمثل نصف المجتمع ولها رؤى وخبرات لا تتوافر للذكور وتعوز الحياة الأجتماعيةوالسياسية والأقتصادية .

12-أيضا التمييز الأيجابي لازم وضروري لأبناء الأقاليم والمناطق الأقل نموا في التعليم والتدريب والتوظيف حتى تنعدل كفة الرجحان البائن لأبناء مناطق بعينها في ميزان السلطة والمال ويسود العدل وتطيب النفوس وتنسد الزريعة أمام الدعوة للتمرد والثورات الجهوية والعنصرية والتي يمكن أن تنتهي بنا إلي مآل رواندا.

      هذه النقاط وغيرها ممن أغفلنا عن ذكره ويسير في إتجاهها هي المؤشرات العامة لما ينبغي أن يكون عليه التغيير المرتقب والمرجو من قبل من يحكمون وبالتي هي أحسن وإلا سيجدون من يسوقهم إليه وهم مرغمون وحينها سيجدون حسابهم وافيا غير  منقوص على تقصيرهم في الأتيان بماهو مطلوب منهم وواجب عليهم لأن شرعيتهم في الحكم وأستمرارهم في السلطة أنما يكون بذلك ولاشيئ عداه.

ونفول لمن يدعون الناس إلي (لحس الكيعان) والذين أعتقد أنهم لن ينزلوا عند رغبة الناس في التغيير بالسلم والرضاء, أقول لهم لا تعتدوا بالسلطة وما إليها من القوة البادية فيها ولا بالأحزاب السياسية والضعف الظاهر عليها فالتغيير لايكون بها وحدها ولكنه سنة الكون ومشيئة الله في الأرض وأصحاب المصلحة فيه كثر وهم جموع المهمشين من الرجال والنساء والصبية في أطراف الخرطوم والذين يحيطون بها إحاطة السوار بالمعصم في أمبدة ودار السلام والحاج يوسف و الوحدة والتعويضات و في مايو وجنوب الحزام والذين لفظتهم أقاليمهم ولم ترحب بهم عاصمتهم وهم بائعات الشاي والأطعمة المنتشرات في الخرطوم واللائي هرب عنهن الرجال أو أغتربوا وأنقطعوا ولم يعودوا أو أقعدهم المرض والمعاناة وشظف العيش  وتركوهن يواجهن الفافة المكشرة عن أنيابها في شوارع الخرطوم وغيرها من مدن البلاد مع كل مافي ذلك من الذل وأمتهان الكرامة البشرية وهم ماسحوا الأحذية الذين يجوبون الشوارع والأسواق طول اليوم من أجل جنيهات لا تقيم الأود وهم الباعة المتجولون الذين يعرضون المناديل الورقية وزجاجات المياه الباردة في هجير الصيف على راكبي السيارات في طرقات الخرطوم الملتهبة بالأسفلت والشمس والفقروهم المزارعون والرعاة وصغار التجار الذين ألهبت الدولة ظهورهم بسوط الجبايات مما دفع بتجارتهم ومحاصيلهم وحيواناتهم إلي البوار وتركهم للسجن وعرض عائلاتهم للضياع هم الرأسمالية الوطنية الرائدة التي كانت تحاول تجاوز النشاط التجاري الوسائطي إلي دنيا التصنيع فوجدت نفسها مجبرة على الأنكفاء على ذاتها في وجه المنافسة الشرسة غير النزيهة ولا المتكافئة  من الأثرياء الجدد الذين يتدثرون بعباءة السلطة وينعمون بأمتيازاتها هم الألوف من الخريجين الذين صرفت عليهم الأسر من المقطوع من لقمة العيش ليتموا دراستهم ليواجهوا بعدها شبح البطالة الذي يتهدد حياتهم بالعدم والضياع وهم الحرفيون الذين يقضون سحابة نهارهم وهم جلوس في أماكنهم بالأسواق المختلفة ينتظرون من يطلب خدماتهم ولا يأتي تاركا أياهم يتسولون ما يوصلهم إلي بيوتهم آخر النهاروهم من الأحزاب السياسية التي نكل بهاووحرمت من حقوقها في ممارسة نشاطها السياسي لمدد طويلة مما حرمها من التواصل مع قواعدها وتركها مقعدة كسيحة لا تقوى على ممارسة دروها الطليعي في قيادة الجماهير وتوعيتها بحقوقها وهم الموظفون والعمال والجنود الذين يتقاضون رواتب لا تكفى لأعالة جرذان (عفوا لهذا الأقتباس غير اللائق عن سعادة العقيد الليبي) ناهيك عن بشر بعائلاتهم وهم الأغلبية الساحقة من أهل السودان في المدن والأرياف والبوادي والتي تئن تحت وطأة الفقروالحاجة والتي يصبح عندها الحصول على رطل من السكر مطلبا عزيز المنال وهم  ...وهم.... نستطيع أن نعدد إلي ماشاء الله وأستطيع أن أقول أن المجتمع بكامله غير راضي عن أداء جهازه السلطوى السياسي والمنوط به حسب دوره وأمتيازاته قيادة التغيير وهم وحدهم أهل السلطة الذين يعيشون بمعزل عن الناس ويعتقدون أنه ليس بالأمكان أحسن مما كان وأن على من يحاول تغييرهم ودفعهم للتغير أن يحاول (لحس الكوع)  وهو خطوة واسعة في إتجاه أنا ربكم الأعلي  ولا أريكم إلا ما أرى النهاية المنطقية لكل طغيان ونعوذ بالله من شرور الجرذنة التي نساق إليها وما يخفف خطانا الحثيثة على دربها إلا إرثنا من الثورات الشعبية في 21/أكتوبر 1964 و6أبريل 1985وقد أدت هذه الأجيال واجبها وحقوق المواطنة والأجيال اللاحقة عليها فهل نستطيع ؟ ذلك هو السؤال .

                عمر عبدالرحمن عبدالله البشاري 25/3/2011

                [email protected]                                              



© Copyright by sudaneseonline.com