From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
مرحباً بثوار مصر في السودان/ الطيب مصطفى
By
Mar 27, 2011, 09:58

زفرات حرى

 الطيب مصطفى

مرحباً بثوار مصر في السودان

 

لطالما سلقنا نظام مبارك بألسنةٍ حداد وعقدنا المقارنة بين مصر الشعب والتاريخ والجغرافيا والدور وبين مصر عندما يحكمها الأقزام ويُحيلونها إلى تابع ذليل ولطالما استشهدنا بمقولة الكاتب المصري الكبير فهمي هويدي «إن مصر تمثل عمود الخيمة العربية وعندما سقط العمود سقطت الخيمة على من فيها» ولا غرو أن يُسقِط شعبُ مصر نظام الأقزام الذي لا يشبهه ولا يشبه مصر بعد فترة من التيه لا يختلف عن ذلك الذي ضرب بني إسرائيل حين تنكبوا طريق الحق وصغُروا عن المهام الجسام التي أُلقيت على كواهلهم.. تيه بدأ منذ كامب ديڤيد وياسبحان الله.. فقد كانت فترة تيه بني إسرائيل 40 سنة وكانت فترة تيه مصر السادات ومبارك التي انتزعت مصر عن دورها منذ كامب ديڤيد 42 سنة!!

كانت مصر عبر التاريخ مركز الكون والمساهم الأكبر في صناعة تاريخه ولا عجب أن تُذكر في القرآن الكريم ثلاث مرات وفي كل الكتب السماوية ولا غرو أن يراها أو يعيش فيها أو يولد ثلاثة من أولي العزم الخمسة من الرسل هم إبراهيم وموسى وعيسى وأن يُولد فيها ويموت عددٌ من الأنبياء والرسل وأن ينساب دمُها ويتسلسل في دم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من لدن هاجر أم إسماعيل جد الرسول الأعظم وأن تكون أمًا لإبراهيم ابن الرسول الأكرم من خلال مارية القبطية.

لذلك ضمتها عبقرية عمر إلى دار الإسلام حتى تكون ردءاً يستنقذ الأمة متى ما ادلهمّت الخطوب ويحتضنها متى ما ضاقت بالناس الدنيا أو ضُيِّق عليهم في مواطنهم، ولا غرو أن تنقذ العالم الإسلامي مرتين من الاستعمار الصليبي ومن القهر التتاري على يد العملاقين صلاح الدين وقطز فكيف يرضى شعبٌ مَلَكَ الدنيا أن يحكمه أقزامٌ صغار جاءوا في غفلة من الزمان ليحطُّوا من قدر مصر ويُحيلوها إلى كائن صغير وتابع ذليل لأعدائها وأعداء الأمة الذين قال فيهم رب العزة سبحانه «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا» ولكم كان الثمن وضيعاً ذلك الذي اشتراها به الأعداء الذين عرفوا ويعرفون قدر مصر في حين تنكّر لها واحتقرها وأرخص من ثمنها الصغار من حكام الغفلة!!

بلغ الهوان بمصر مبارك أن تقوم بدور العميل الذي يمرر كل مخططات الأعداء فما من كارثة حاقت بالعرب إلا وكانت مصر هي المشارك الأكبر في صنعها ولذلك رضيت مصر أن تعربد إسرائيل في ديار العرب وتعبر الأساطيل الأمريكية البحار لتعتدي على الأرض العربية والإسلامية بإذن مرور بل بمشاركة من مصر.

لكأني بصلاح الدين الأيوبي ينتحب خلال الحرب على غزة حين وقفت مصر مبارك مساندة لإسرائيل ليس بتجويع شعب فلسطين من خلال إغلاق معبر رفح أو إقامة الجدار العازل وإنما بتصريحات مبارك التي قال فيها لساركوزي «يجب ألاّ تكسب حماس هذه المعركة»!!

وما كان ربك نسيّاً، وما كان لإرادة الله الغلاّبة إلا أن تُخزي هذا الفرعون الصغير الذي كان حرباً على أمته والذي قزّم من مصر ومن شعب مصر وأخرجها من الصراع العربي الإسرائيلى بل جعلها حرباً على أمتها وعلى شعبها الذي أهدر كرامته وأمواله.

وهكذا تعود مصر إلى دورها وينتفض شعبها العظيم وتبدأ مرحلة جديدة من التاريخ تعيد مصر سيرتها الأولى بإذن الله.

أما السودان عمق مصر التاريخي وحارس بوابتها الجنوبية والممر الأكبر لنهر النيل شريان الحياة الأبدي لمصر والذي بدونه تصبح مصر مجرد صحراء جرداء لا قيمة ولا وزن لها.. أما السودان فقد تغافلت عنه مصر وتركته نهباً لأعدائها وأعدائه يكيدون لها من خلاله ويهددون أمنها القومي وكان إهمالها لإفريقيا ولدول حوض النيل لا يقل خطراً!!

صحيح أن لنا رؤية حول قضية جنوب السودان تختلف عن تلك التي تبنّتها مصر التي كانت تعتبر وحدة السودان إحدى ركائز أمنها القومي لكن ماذا فعلت مصر مبارك لتحقيق تلك الغاية وذلك الهدف؟!

لا شيء... بل ظلت تطلب من السودان الفقير أن يحقِّق لها وبالمجان إستراتيجيتها ويخوض لها حربها فكانت غضبتها المضرية عندما انفصل جنوب السودان وتحميلها الحكومة السودانية المسؤولية عن ذلك مبرِّئة نفسها من تلك المسؤولية ونائية بنفسها عن الضغوط التي تعرض لها السودان من قِبل أمريكا وحلفائها ودول الإيقاد الإفريقية المتعاطفة مع جنوب السودان على أسس اثنية بل ضاغطة على السودان في سبيل تنفيذ مخططات أعدائها وغريبٌ والله أن تطلب مصر مبارك من السودان أن يخوض لها معركتها وتحمِّله المسؤولية عن الموافقة على منح أبناء الجنوب حق تقرير المصير ولا يهمها أن تستمر الحرب مائة سنة أو مليون عام بينما توقع كامب ديڤيد رغم أنف كل الدول العربية وتخرج عن الصراع العربي الإسرائيلي وتنكفئ على ذاتها وتتخلى عن دورها التاريخي في سبيل وقف الحرب مع إسرائيل!!

تلك كانت مصر حسني مبارك.. تفتح صدرها لجون قرنق وتفتح جبهة حلايب في سبيل التخفيف على الحركة الشعبية بل تدعم قرنق بالسلاح متجاهلة طبيعة الصراع في جنوب السودان ومتناسية أن قرنق كان ينطوي على أحد خيارين: الخيار الأول المتمثل في مشروع السودان الجديد الذي يرمي به إلى نزع السودان عن هُويته ومحيطه العربي الإسلامي بحيث يصير دولة إفريقانية علمانية لا تمتُّ إلى العرب بصلة، أما الخيار الثاني فكان يدعو إلى الانفصال في حالة فشل مشروع السودان الجديد الوحدوي.

أقول لمصر الجديدة.. مصر الثورة إن مبارك يرفض بإيعاز من أمريكا أي تقارب بين السودان ومصر وكان يقول رداً على من سأله لماذا ترسلون مزارعيكم إلى العراق البعيدة بينما السودان على مرمى حجر؟! كان يجيب «أمريكا ما تسمحش»!! نعم فقد كانت أمريكا علاوة على أهداف أخرى تعمل من أجل مشروع قرنق لطمْس هُوية السودان من خلال إغراقه بالهجرة الإفريقية والحيلولة دون الهجرة المصرية والعربية!!

أقول للثوار إن مصر الجديدة في حاجة إلى إعادة النظر في إستراتيجيتها للتعامل مع السودان وإذا كان الاستعمار الإنجليزي نجح في توحيد جنوب السودان مع الشمال وفي فصل السودان عن مصر بل وفي الإطاحة بمحمد نجيب الذي كان بمقدوره أن يوحد مصر والسودان والإتيان بعبدالناصر الزاهد في تلك الوحدة فإن مصر الجديدة ينبغي أن تعلم أن قوة السودان وقوة مصر في السير باتجاه الوحدة، والحديث ذو شجون!!

 



© Copyright by sudaneseonline.com