From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
مأساة تلفزيون السودان بقلم/أحمد محمد خير حقاني
By
Mar 26, 2011, 11:04

مأساة تلفزيون السودان

بقلم/أحمد محمد خير حقاني

الخرطوم- e.mail:[email protected]

 

نشأ تلفزيون السودان بالصدفة عندما كان يتحدث اللواء طلعت فريد وزير الاستعلامات والعمل عبر الهاتف مع صديق له ألماني يعمل وكيلا لاحدى شركات التلفزة ووقتها كان هذا الصديق يقوم بتركيب اجهزة في دولة نيجيريا،فاقترح على اللواء فريد تزويد السودان بمعدات لاجهزة محطة تلفزيونية وهكذا وجدتها حكومة السودان فرصة سانحة لنقل احتفالات ثورة 17 نوفمبر التي كانت تقام سنويا ...كان ذلك العام 1962 ...هذه الخلفية التاريخية سمعتها اكثر من مرة من استاذ الاجيال البروفسير علي محمد شمو الخبير الاعلامي والوزير السابق وأول مدير لتلفزيون السودان...ومن هذا يتضح ان تلفزيون السودان لم يبنى في الاصل على خطة استراتيجية وانما اتى نتيجة لصدفة عابرة لم تمهل القائمين على الامر وقتها من رسم سياسات ومدارس واضحة تبنى عليها العملية التلفزيونية برمتها ،هذه الطريقة انسحبت على اداء التلفزيون المتأرجح عبر السنين والعقود المختلفة بين النجاحات والاخفاقات والاخيرة هي السمة الواضحة في اداء التلفزيون القومي في السنوات الاخيرة...يعد تلفزيون السودان من اوائل المحطات في الوطن العربي والافريقي وكان من الطبيعي ان يكون مؤسسة شامخة تتفرخ منها محطات متخصصة كثيرة على غرار (ماسبيرو) في مصر أو شبكة قنوات الجزيرة في قطر والتي تعد من التجارب الحديثة جدا مقارنة بتلفزيون السودان الا انها حققت نجاحا باهرا فاق حتى الاعلام الغربي بهيله وهيلمانه حتى ان المسؤولين الامريكان انتقدوا الاعلام الامريكي في تغطيته للثورات العربية في تونس ومصر وليبيا وغيرها،هذا النجاح للجزيرة لم يأتي نتيجة صدفة بل نتيجة تخطيط محكم وسياسات اعلامية مرسومة بدقة بواسطة كوادر وادارة واعية تعرف كيف تدار المؤسسات الاعلامية،وبالعودة الى تلفزيوننا القومي نجد ان العشوائية هي ديدنه ابتداءا من شكل الشاشة واساليب الاخراج مرورا بالمضامين وافكار البرامج اما الاخبار فحدث ولاحرج فلا زالت تدور في رحى البروتكولية الموغلة في المحلية ناسية او متناسية كل الاحداث المهمة التي تدور في العالم،وادارتها تظن بذلك انها تخدم خط الدولة أو الحكومة على وجه الخصوص ولا تدري انها تخدم اجندة اعداء الحكومة والا قولوا لي بربكم هل الاخبار اليومية التي تاتي من دارفور تخدم السلام والاستقرار المنشود فيها ام انها اعادة وتثبيت للدعاية السوداء التي تبث عبر الاعلام الغربي الذي اجج ولا زال يؤجج مشكلة دارفور فانا حين اشاهد يوميا وبصورة راتبة للوالي (كبر) وهو يرغي ويزبد في اللقاءات الجماهيرية ويزور معسكرات النازحين ويجتمع بلجان الامن ويستقبل الوفود الاجنبية، سترسخ في ذهني الصورة السوداوية عن دارفور وهذا يؤكد فعلا ان هناك ازمة مستفحلة،ولكن اذا كان لدي كوادر تعمل بمهنية لنقلت لي صورة للتعايش السلمي لقبائل دارفور ولنقلت الي طبيعة دارفور الساحرة خاصة في فصل الخريف ولنقلت الينا التراث الدارفوري الغني ،ولكن أن يتم التركيز فقط على الولاة ونشاط الحكومة اليومي فهذه لعمري التقليدية بعينها التي كرستها نظريات بالية منذ الحرب العالمية الثانية...هذا جانب ،الجانب الاخر البرامج في تلفزيون السودان فهي في أغلبها فطيرة الفكرة والاعداد وحتى الافكار ان وجدت فهي مستنسخة من برامج لفضائيات أخرى،العجلة و(الكلفتة) واضحة للعيان حتى لدى المشاهد العادي دعك من النقاد والمختصين...اما الشق الاداري في تلفزيون السودان فهو في قمة الضعف ولولا ضعفه لما شهدنا صورة هزيلة لتلفزيوننا القومي ويتبدى هذا الضعف في عجز الادارة عن توفير مستحقات العاملين فقد سمعنا لاحتجاجات سابقة للمتعاونين كان من اثرها الاستغناء عن خدماتهم جميعا واليوم نسمع عن دعوة لاعتصام الموظفين الذي يعملون في الخدمة المستديمة احتجاجا علي تأخر مستحقاتهم لشهور طويلة حددوا لهذا الاعتصام الاثنين المقبل،فهل ستستجيب ادارة التلفزيون لمطالبهم أم تستغنى عن خدماتهم أيضا أسوة بالمتعاونين...على رئيس الجمهورية وقف هذا العبث الذي يحدث في تلفزيون السودان فجهاز بهذه الامكانات وهذا الكم من الكوادر يمكن أن يؤسس من داخله عدة قنوات فكثير من الفضائيات الناجحة التي نسمع بها لها عشر امكانات تلفزيون السودان ولكنها تملك ادارة ليست بالأمية التلفزيونية التي تعشعش في رؤوس ادارة تلفزيوننا القومي ..سيدي الرئيس مأساة تلفزيون السودان تكمن في ادارته ..أقيلوها يرحمكم الله فالبلاد حبلى بالكوادر والخبراء الاعلاميين ولم تعقم بعد محمد حاتم والصديق وهارون والأخير كل مؤهلاته أنه عمل مع ابراهيم أحمد عمر في المؤتمر الوطني، حتى شهادة البكلاريوس نالها مؤخرا وهو مدير للأخبار ،هل هؤلاء هم المهنيون الذين ترجو منهم الدولة تحسين صورتها في المرحلة الحالية والمقبلة.



© Copyright by sudaneseonline.com