From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
أما آن لهذه الأمة أن تعرف حزبها ومقرها؟/ الطيب مصطفى
By
Mar 24, 2011, 23:00

زفرات حرى

 الطيب مصطفى

أما آن لهذه الأمة أن تعرف حزبها ومقرها؟

 

أتيح الفرصة للأخ الاستاذ زاهي الدين الطيب ليطل عبر مساحة الزفرات بمقاليه الرائعين فهلاّ شاركتموه وشاركتموني في قراءته؟!

 

لا يقبل الإسلام أنصاف الحلول في مسألة الهُوية، ولا تقهره الضرورة فيهجر ثوابته ولكن، وبعد كل هذه السنوات من التجربة الإسلامية نجد أكثر الناس خرقًا للهُوية وطعنا في الثوابت هم أصحاب القضية ودعاة الإصلاح أنفسهم. والشواهد على ذلك شواخص تحجب الرؤية وتسد الطريق إلى الصراط المستقيم. فالحركة الإسلامية ـ صاحبة المشروع ـ نقضت غزلها من بعد قوة، اختلفوا وتفرقوا وهم يقرأون الكتاب «ولا تكونوا كالذين تفرقوا من بعد ما جاءهم البينات» خرقوا ناموس التمكين في الأرض يخرجون أنفسهم من ديارهم ويخربون بيوتهم بأيديهم. لبسوا ثوبًا غير الثوب الذي كساهم الله به ورضوا أن يكونوا مع أصحاب الدعوة إلى الوطنية أو الشعبية، وجدت الفتنة ضالتها فيهم، والفتنة أشد من القتل وأكبر، فأين هي الحركة الإسلامية اليوم وأين مقرها؟ وبقية الجماعات الإسلامية ـ تكملة النصاب ـ تراها واقفة متفرقة، جامدة، والعالم من حولها يمر مر السحاب، ينسج خيوط الديمقراطية والعلمانية في عقر دارنا، ويفرضون علينا فكرهم ومفرداتهم في كافة مجالات المعرفة في عقر دار أهل السودان، ونحن بشارة النبي صلى الله عليه وسلم وتكملة الثلة وأنصار الدين.

السؤال الذي يقف شامخًا لكل من ينادي بالإسلام هاديًا له ومرشدًا هو: ألك قامة سامقة تطول أسباب السماء؟ فالأقزام لايصنعون مجدًا ولا يكتبون حرفًا في سجل التاريخ.

واجب القادة، بعد أن تبين لهم الخيط الأسود من قضية الجنوب، أن يستمسكوا بالعروة الوثقى، وأن يتدرجوا بالأمة صوب الثوابت التالية:

- إعادة صياغة خطابنا السياسي ليخاطب وجدان الأمة، وينسج لها البيت الكبير فنحن أمة واحدة: ثوابتنا أركان الإسلام والإيمان، وما سواهما متغيرات ترك المشرِّع لنا أمر إدارتها في بيت الشورى.

- الوطن مسؤولية الكل: وعظمة القيادة وقوتها تبرز في مقدرتها على الأخذ بأيدي الكل صوب الهدف الإستراتيجي الكبير، عليه يجب تحقيق أعلى درجات الشوري مع كافة الأحزاب في الساحة للخروج برؤية تمهد الطريق إلى صياغة دستور دائم للوطن. «ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى».

- المحاسبة والتدقيق في المال العام.. والأخذ بكل الأسباب لردع النفوس الضعيفة. بالإضافة إلى تقنين بنود الصرف الخاصة بأصحاب المناصب العليا وتقييدها.

- التدقيق في الخدمة المدنية وإسناد الأمور لأهلها دون النظر إلى أي اعتبار غير الخبرة والكفاءة.

- جعل القضاء سلطة عليا ومستقلة، ومنح البرلمان هيبته ليمارس صلاحياته الدستورية في إجازة القوانين الوطنية بتجرد تام ووطنية محضة، ومنحهم الفرصة أن تكون مرجعيتهم بيوت الخبرة وأهل العلم لا الأحزاب والتكتلات.

- السير قدماً وبالثبات الذي نراه اليوم في بناء دولة المؤسسات، ومواصلة مسيرة التنمية والنماء. وشواهد الإصلاح في ملف التنمية قامتها شامخة.

وكما بدأنا بالهوية نختم بها، فنحن «مسلمون» وحزبنا «ملة أبيكم إبراهيم، هو سمّاكم المسلمين من قبل، وفي هذا ليكون الرسول شهيدًا عليكم وتكونوا شهداء على الناس» الحج 78.. يشهد الله بصلاحنا «ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين؟». والذين وفقهم الله فعضوا على هذه الهُوية بالنواجذ «رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون». المجادلة 23.

فحزبنا «مسلمون»، ومقراتنا ـ المساجد ـ أعجوبة في دقة النظام، ومعجزة في اتباع الإمام، فالمساجد رسالتها أكبر من مسألة العبادة، فالله غني عن خلقه، إنها دور الحزب الكبير. وأصغر تحدٍ يرفعه حزبنا لبقية الأحزاب العلمانية مجتمعة أن يعقدوا مؤتمرًا واحدًا كما نفعل كل جمعة، أو أن يلزموا أعضاءهم بقانون «من مس الحصى فقد لغى»...

القول اللين نختاره للطغاة ومن نخشى بأسهم، ولكننا نخاطب ذاتنا ونتلمس مكان العورة حتى لا يراها غيرنا، وديننا النصيحة، والكيس من دان نفسه قبل أن يدان، فهلاّ من توبة نصوح وأوبة إلى مدارج «خير أمة أُخرجت للناس»!!

«هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب»

صدق الله العظيم.

وقفوهم إنهم مسؤولون...

 

تداعى علماء السودان والصالحون من أبناء الوطن إلى كلمة سواء بينهم في مؤتمر العمل الإسلامي بين الاتفاق والافتراق في الفترة من  ــ 26 جمادى الأولى 1435هـ، الموافق 13/10/2004م. بقاعة الصداقة، فكانت الرعاية كريمة وكان الشعار عظيمًا «واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا» ووضعوا الإطار النظري لثوابت إصلاح ذات البين، وكانت توصياتهم معينًا لاينضب من الحكمة ووضوح الرؤية والرغبة في الاستمرار بإستراتيجية واضحة المعالم.. ولكن تعثرت تلكم الخطوة الجبارة ولم تؤتِ اكلها، وتفرق الجمع عن مقصدهم العظيم، ووقف الكل في العقبة.. من حقنا أن نسأل عن أسباب الفشل؟ فقد عجز القادرون على التمام!

إن في الوقوف عند مخرجات ذلك المؤتمر بصيرة، وإن في تقييم توصياته بموازين الإيمان ومعايير الأخوة الإسلامية بداية لتجديد الولاء لله.

ترددت كثيرًا، ومازلت محتارًا، من نخاطب في قضية توحيد الصف الداخلي؟ ومن يمتلك المعرفة ليبين للناس أن الرسالة العالمية لا تقودها جماعة لحالها أو أحزاب متفرقة وإنما تقودها أمة، أصلها ثابت وفرعها في السماء؟!

أخيرًا توكلت على الله وقررت أن أخاطب ــ عبر منبر «الإنتباهة» ــ رجلين من أهل السودان، أحدهما بادر بالفكرة والآخر رعاها.

فخامة نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه، حفظكم الله، كانت رعايتكم لذلك المؤتمر دعوة إلى كلمة سواء بيننا، ومساحة ضخمة للشورى. نطمع في كريم رعايتكم لورشة عمل لتقييم ذلك المؤتمر والدفع به إلى ساحة الإصلاح. ونطمع في ردكم عبر هذا المنبر.

فضيلة الشيخ الدكتور عبدالحي يوسف، حفظكم الله ــ نعلم أن العقبة كؤود وأن المرتقى صعب وأن سنة الله في تمحيص القلوب وتمييز الصفوف تبتلي الصبر فينا. مايزيدنا ظلام الليل إلا شوقاً لمعانقة ساعات السحر، أدعوك باسم الله أن تكمل ما بدأت وأن تصدع به وتنادي في الناس عبر المؤتمر الثاني للعمل الإسلامي إلى الاعتصام بحبل الله المتين ونبذ التفرق، العمل العمل، فقد صدر البيان وتمت التوصيات في المؤتمر الأول... يمينك في يمين الراعي، والتي لا شك عندي أنها ممتدة إليك الآن.

اطمع في كريم ردكم عبر هذا المنبر...

«هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب» صدق الله العظيم.

زاهي الدين الطيب حمد

 



© Copyright by sudaneseonline.com