From sudaneseonline.com

بقلم :توفيق عبدا لرحيم منصور
رجال ورجال ../توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي)
By
Mar 23, 2011, 12:42


رجال ورجال ..

توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي)

http://www.tewfikmansour.net

  وأنا أطالع ما سطره الأستاذ عبد الحكيم جمال عبد الناصر، نجل الرئيس الراحل عبد الناصر، مرت بخاطري الكثير من المشاهد المخيفة عن بعض قادتنا الذين كنا نظنهم أبطالا، والذين ما زلنا نعتبر بعضهم كذلك !! وكم استشهدنا ببعضهم أو صفقنا لهم، أو حتى احترمناهم !. فها هي الأيام تكشف لنا كلما سقط أحد قادة العرب، وخاصة المعمرين سياسياً منهم، عن حجم ما اكتنز من مالٍ ظلماً وفساداً، وكم افسد عن طريق أسلوب جمع المال أناساً كثراً معه .. ويا للهول فإن ثروة فلان مثلاً تبلغ كذا مليار، وللعلم فإن المليار ألف مليون من العملة الصعبة جداً، وهذا فقط للتذكير والتأمل في هول المصيبة .. وهذه المليارات المنهوبة لا شك جُمعت من عرق شعوبٍ أضناها الفقر والعوز !!. وقبل أن أنقلكم لكلمات عبد الحكيم بعنوان (رجال ورجال) والتي نُشرت تقليدياً وإليكترونياً، أرجو أن أشير في عجالة لرجالٍ في بلادنا كانوا قادة دربٍ وماتوا وأيديهم أنظف من الصخرة الملساء أمثال أزهري وعبد الله خليل وزروق وغيرهم كثر، ولا أدري ما الفرق في القيادة ما بين هذا الزمن وذاك ؟ وإليكم ما كتب ابن عبد الناصر في ما رميت إليه :-

رجال ورجال !!..

 منذ نحو أربعة عقود , قبض أنور السادات على رجال جمال عبد الناصر ووضعهم فئ السجن ، فيما عُرف بانقلاب مايو ١٩٧١ أو بقضية مراكز القوى، وضمت القضية ٩١ متهماً، كانوا جميعاً من رموز الحكم الذي سبقه .. لا يهمنا في تلك القضية تفاصيلها الجنائية والسياسية، فهي شبه معروفة، لكن ما يهمنا هو الذمة المالية للمتهمين فيها من المسؤولين وكبار الشخصيات السياسية، ما الذي كانوا يمتلكونه ساعة القبض عليهم وتفتيش بيوتهم؟؟.. إن بعض الوقائع المذكورة في «التحقيقات الرسمية» تنعش الذاكرة، وتمنح فرصة مغرية وخفية للمقارنة!!

 يقع بيت الوزير الفريق أول محمد فوزى في شارع محمد حجاب بمصر الجديدة، وقد تولى تفتيشه الدكتور سعيد عبد الماجد رئيس النيابة .  جرى التفتيش بتاريخ ٢٤ مايو ١٩٧١  طرقوا الباب ففتحت حرم الفريق السيدة عفاف رياض البحيرى التي تولت إرشادهم إلى مكتب الفريق، وهناك وجدوا خطاباً من البنك الأهلي فرع مصر الجديدة بقيمة حساب جار لا يزيد ما فيه على ١٣٩ جنيهاً، وحساب آخر في البنك الأهلي فرع محمد فريد بقيمة ٧٤ جنيهاً، وعثر في درج المكتب على ١١ جنيهاً و٣٠٠ مليم سلمت للسيدة حرمه .. أما المفاجأة الكبرى فكانت ما ادخره الوزير الشهير (وهو الذي أعاد بناء القوات المسلحة بعد الهزيمة) لأولاده وهم عبارة عن شهادتي استثمار فئة كل منهما ٥٠٠ جنيه باسم ابنته سلوى، شهادة استثمار فئة ٥٠٠ جنيه باسم ابنه أشرف، شهادتي استثمار فئة ٥٠٠ جنيه باسم ابنته ماجدة .  وبتاريخ ٣١ مايو،  فُتح محضر آخر لمصادرة النقد الأجنبي الذي ضُبط في بيت محمد فوزي وكان سبع ورقات من فئة العشرين دولاراً، سُلمت لإضافتها إلى حساب النيابة العامة على ذمة القضية . لكن قبل إيداع المبلغ في الحساب جرى تحويله إلى جنيهات مصرية في البنك الأهلي المصري بعد تسليمه لمندوب البنك محروس يعقوب إسحاق، أما قيمة التحويل فكانت ٥٩ جنيهاً و٥٠٠ مليم بسعر صرف ذلك الوقت وبإيصال استبدال رقم  ٧٦٢٠٥، فقد كان سعر الدولار وقتها ٤٢ قرشاً ونصف القرش.

  عندما هاجمت النيابة بيت وزير الداخلية وقتها شعراوي جمعة لم يجدوا في حوزته سوى شهادات استثمار قيمتها ٥٠٠٠ جنيه لتعليم ابنته سلوى التي أكملت دراستها في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية حتى حصلت على الدكتوراه وأصبحت أستاذة علوم سياسية . وقد حاولت جهات معينة مصادرة الشهادات لكن مساعد المدعى الاشتراكي الدكتور إبراهيم صالح رفض تجويع عائلة لا ذنب لها، وأمر على مسؤوليته الشخصية بإعادة الشهادات لصاحبتها!! انتقل طاقم من النيابة برئاسة أحمد نشأت المصري لتفتيش بيت عبدالرؤوف سامي شرف وشهرته سامي شرف .  فتحت الخادمة الباب وجاءت في إثرها السيدة تغريد مظهر زوجة سامي شرف، وكانت هناك أيضاً ابنتاه ليلى وهالة وشقيقته فايزة .  ووجدت فرقة التفتيش مسدساً ماركة أنفيلد، وبعض أشرطة التسجيل لأفلام سينمائية وأغان لأم كلثوم، ومظروفاً به كشف حساب من البنك الأهلي يثبت أن الرصيد هو ٣٤٤ جنيهاً و٨٥٨ مليماً، إضافة لإشعار آخر من نفس البنك يؤكد أن سامي شرف اقترض مبلغ ٣٦٠ جنيهاً و٣٠٠مليم تضاعف بسبب الفوائد إلى ٧٢٣ جنيهاً و٥٥ مليماً!!
 كما عثرت فرقة التفتيش على أوراق بنكية تفيد بأن سامي شرف استبدل مبلغ خمسمائة جنيه من معاشه، ووافق على الاستبدال ثروت عكاشة عندما كان رئيساً للبنك الأهلي، وكان الدكتور عبد العزيز قد أخبر محمد حسنين هيكل باستبدال سامي شرف لهذا المبلغ من معاشه، وبدوره أبلغ هيكل جمال عبد الناصر الذي قال له : هوه مفيش حل تانى يا سامي غير استبدال معاشك؟ ثم استطرد : خلينا نشوفلك حل ولو شخصي!! وابتسم سامي شرف، فهو يعرف أن جمال عبد الناصر نفسه لا يملك سوى راتبه فكيف سيساعده؟  وفهم جمال عبد الناصر سر الابتسامة فقال له : طب روح اتصرف زى ما أنت عايز!!  وعندما أشيع أن سامي شرف يمتلك أربع عمارات في سويسرا، علق سامي بسخرية على ذلك قائلاً : نعم لدى أربع عمارات ولكنها في مصر وليست في سويسرا !  وهم ليلى وهالة وهشام ومحمد  أي أولادي الأربعة !! أما مفاجأة التحقيقات فهي ما عثروا عليه في بيت ضياء الدين داوود من متاع وثروة، فقد وجدوه يستخدم ٧ قلل لشرب المياه !!

ختاماً .. دعونا نتوقف برهة لنذرف دمعة - بعد أن وصلنا إلى ما نحن فيه الآن - عند المقارنة بالذي كان وماهو كائن !!.

عبد الحكيم جمال عبد الناصر

 



© Copyright by sudaneseonline.com