From sudaneseonline.com

أمواج ناعمة بقلم : د. ياسر محجوب الحسين
منصور خالد يستقيل!!/د. ياسر محجوب الحسين
By
Mar 21, 2011, 09:05

أمواج ناعمة
منصور خالد يستقيل!!
                                                                   د. ياسر محجوب الحسين
 ليتها كانت استقالة بينة وواضحة وليست (مكمكمة) من الحركة الشعبية.. انها استقالة من رئاسة مجلس إدارة شركة الصمغ العربي.. د. منصور خالد أراد قطع عرق الاحتجاجات الحادة والمتكررة للعاملين بالشركة و(تسييح) دمها بتقديم استقالته من المنصب الرفيع ولتذهب الامتيازات المالية الضخمة إلى الجحيم.. هذه الاستقالة لا نقصدها بذاتها ولكن كانت سببا لنبحث في تاريخ الرجل ونبعثر بعض أوراقه في دهاليز السياسة..   التاريخ السياسي والفكري للرجل لم ينجه من المواجهة الفاصلة مع العاملين بالشركة الذين طالبوا بمستحقاتهم والحديث عن (الغش) الذي صاحب المرحلة.. استقالة الرجل من الشركة لا تهمنا بقدر ما تهمنا استقالته من الحركة الشعبية التي تمسكت بخيار الانفصال ولفظت فكرة السودان الجديد، هذه الفكرة التي استطاع بها زعيم الحركة العقيد جون قرنق تسويق الحركة لمفكركبير مثل منصور خالد!!.. في العام 1985م انضم للحركة مستشاراً لقرنق.. لا أظن الرجل اليوم سيغضب مثلما كان يغضب في الماضي إن تحدثنا عن المؤامرة الأمريكية – الاسرائيلية في فصل جنوب البلاد، فقد قيل أنه كان أكثر ما يغضب منصور خالد أن تسأله عن دور الغرب وإسرائيل في مشاكل السودان الداخلية، ويرى أن مثل هذا الطرح بمثابة بحث عن حائط المبكى كثيراً ما يقوم بديلاً تعويضياً متوهماً مكان البحث عن العلة الموضوعية!!.. رغم أن الحركة بدأت شيوعية وناطقة باسم الهامش لكن كان انضمام منصور خالد (البرجوازي) محيرا.. منذ أن كان طالباً بمدرسة وادي سيدنا الثانوية لم يكن مثل الطلاب الآخرين فقد كان معتداً بنفسه، وفي عطلات الجامعة كان يسافر إلى أوربا، ولم لا؟ فأهله من المقتدرين وكان واحداً من الطلاب اللصيقين بعدد من الأساتذه الأجانب، وكان هذا أيضاً مبعث شكوك واتهامات حوله.. صفوية منصور خالد بدت حتى في كتاباته ونوعية المصطلحات والتعابير التي يستخدمها.. عندما وقعت اتفاقية السلام الشامل وصفها في احدى كتاباته الصحفية بأنها "زلزال سيهز عند تطبيقه الألواح التكتونية للجسم السياسي السوداني". والألواح التكتونية واحدة من عدة كلمات أجنبية ظل يرصع بها مقالاته لابهار المثقفين قبل البسطاء والغوغاء وحتى متوسطى الثقافة الذين يسبحون بحمده!!.. مع ذلك فقد إشتهر بسلامة اللغة، وجمال البلاغة، وسعة التخيل، ودقة التحليل.
ربما كان التناقض سمة ظاهرة لا يستطيع منصور خالد الفكاك منها، فقد عمل سكرتيراً لرئيس وزراء السودان عبد الله بك خليل (1956-1958)، وقد كانت وزارة خليل منتخبة ديمقراطيا، لكن عندما أطاح جعفر نميري بالحكم الديموقراطي وأتى بنظام (ثورة مايو)، الذي انتقده انتقادا حادا فيما بعد تقلد منصب وزير وزير الشباب والرياضة والشئون الإجتماعية ثم وزارة الخارجية ووزارة التربية وعمل كمساعد لرئيس الجمهورية وعندما (شبع) من المناصب استقال في العام 1978 من المكتب السياسي واكتشف أخيرا أن نميري يتغول على المؤسسية في الدولة!!.
الدكتور عبد الله علي ابراهيم حاول أن يقدم دليلا ملموسا على ما أعتبره (عمالة) في مقال حمل عنوان (منصور خالد القوال) قائلا: "فقد وقعنا على وثائق خبرها غير سار. فقد خدم منصور المخابرات الأمريكية في عام 1953 وهو طالب بعد بكلية الخرطوم الجامعية. فقد ورد اسمه ونوع خدمته في تقرير من ضابط الاتصال بالسفارة الأمريكية بتاريخ 8 أغسطس 1953 إلى الخارجية الأمريكية بصورة إلى أفرع القوات المسلحة الأمريكية والسي آي أيه!!.. البعض أشار إلى أن د. عبد الله ينطلق من خصام شخصي ويريد أن يصفي حساب قديم، عندما طرده د. منصور من "الملتقى الفكري" عام١٩٧٠م، فكسر شوكته وأحدث في خويصة ذاته جرحا نفسيا غائرا.. السؤال متى يستقيل منصور خالد من الحركة الشعبية؟.

 



© Copyright by sudaneseonline.com