From sudaneseonline.com

تقارير
18 مارس، ثورة عمال الشحن والتفريغ (المنسية)
By
Mar 18, 2011, 17:16

 

18 مارس، ثورة عمال الشحن والتفريغ (المنسية)

تقرير : صالح عمار

في مثل هذا اليوم من العام 1965؛ وفي ظل الحكومة الديمقراطية التي جاءت بعد ثورة اكتوبر 64، كانت جموع العمال واهالي البحر الاحمر تشيع جثامين العمال الخمسة ويتفقدون جرحاهم الذين سقطوا برصاص الشرطة في مدينة بورتسودان، في أعقاب اضراب واحتجاجات لعمال الشحن والتفريغ وعمال المحلج الحكومي.

ويعود سبب الأحداث إلي إضراب عمال الشحن والتفريغ ـ كان يبلغ عددهم في ذلك الوقت 4000 عامل ـ في 16 مارس1965، وذلك لعدم استجابة المقاولين لمطالبهم التي تشمل زيادة الأجور، وتوفير العلاج، وقد رفض المقاولون هذه المطالب بحجة أنّ هؤلاء العمال يوردون بواسطة (باشريس) ولذا فإنّهم ليسوا عمالاً لدى أولئك المقاولين.

وأعلن عمال المحلج الحكومي تضامنهم مع عمال الشحن والتفريغ وأضربوا كذلك عن العمل.

وفي يوم 18مارس قدمت عربات محملة بالقطن من طوكر للمحلج، قالت السلطات ان العمال منعوا دخولها للمحلج وأنها أنذرتهم بالكف عن ذلك ولما لم يستجيبوا لذلك اضطرت لاطلاق النار عليهم.

وكانت الحصيلة النهائية لهذه الأحداث خمسة قتلى وهم: عثمان حامد ادريس، حامد موسي مندر، محمد نور محمد همد، إدريس آدم أحمد، محمد سعيد حامد تيراي، فيما أصيب العشرات من العمال بجراح أوردت صحيفة (الرأي العام) أسماء ثلاثة منهم وهم محمد نور محمود، عيسى محمد عيسى، أحمد محمود سليمان..

ويروي الناشط الحقوقي واحد شهود العيان علي تلك الواقعة هاشم كنة مشاهداته في ذلك اليوم قائلا (كنت طالبا في المرحلة الابتدائية بمدرسة ديم التجاني الابتدائية المجاورة لمحلج بورتسودان، والأحداث وقعت حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا في المنطقة الواقعة شمال المحلج والتي اصبحت الآن ساحة الناشئين بسلبونا، ونحن عندما سمعنا اطلاق النار خرجنا لمشاهدة ما يحدث ووجدنا الشهداء مبعثرين في الميدان، والشرطة أطلقت الرصاص بكثافة والمسافة التي تفصلها عن العمال لم تكن تتجاوز المائتي متر).  

وبعد الحادث وفي يوم السبت 20 مارس زار وزير الداخلية في تلك الفترة كلمنت امبورو ووزير شئون الرئاسة محمد جبارة العوض ومدير عام البوليس مدينة بورتسودان لتفقد الأوضاع، ويوم الاثنين 22مارس وعندما تطرق الحديث في اجتماع رئيس الوزراء سرالختم الخليفة مع اتحاد العمال إلى قتل العمال ببورتسودان (أكد رئيس الوزراء أسفه الشديد لما جرى، وأن هناك تحقيقا يجري، وبعد وصول التقرير ستتخذ الإجراءات اللازمة، واضاف أنه يعارض سياسة استعمال السلاح لفض المنازعات العمالية أو ضد أي تجمعات أخرى.

وقال وزير شئون الرئاسة محمد جبارة العوض انه يعتقد أنه لو بذل مجهود أكبر لحلت المشكلة سلميا، وأنه يدين قتل العمال الذين صنعوا ثورة 21 أكتوبر، وأضاف أنه يرى الاتصال برئيس القضاء لإجراء التحقيق حول حوادث بورتسودان، وأضاف أن الحكومة ستمنع البوليس من استعمال الرصاص ضد أي فئة من الفئات. صحيفة الميدان 23 مارس 1965 العدد440)، وككل تقارير لجان التحقيق التي شكلت في مثل هذه الحوادث لم يخرج للسطح تقرير اللجنة ولم يتم حتي الان الكشف رسمياً عن ملابسات الحادثة.

الحركة المطلبية لعمال الشحن والتفريغ المنادية بتحسين أوضاعهم بدأت منذ أواخر الأربعينيات، وتطورت في الخمسينيات بالتوازي مع نشوء الجمعيات والروابط الثقافية والسياسية في بورتسودان، وليس بعيداً كذلك عن تصاعد قوة الحركة العمالية في مدن وقرى السودان الأخرى. وتطورت حتي وصلت قمتها في مارس 65 والتي تم بعدها الاعتراف رسمياً بحقوق العمال ومعاناتهم، وظلت الحركة النقابية والمطلبية لهؤلاء العمال في تصاعد حتي اواخر الثمانينات.

ويواجه عمال الشحن والتفريغ مشكلات معقدة تهدد وجودهم البشري نفسه، وتنذر بكارثة مقبلة على المجتمعات التقليدية بالبحر الأحمر وعموم مناطق الشرق، بالنظر للبيئة الفقيرة التي ينحدرون منها وانتماء الأغلبية الساحقة منهم لاثنية واحدة وهي البجا، وأيضا للعدد الضخم لهؤلاء العمال الذي يبلغ حسب رئيس النقابة العامة لعمال الشحن والتفريغ حامد محمد ادم 35.000 عامل (خارج البواخر 30.000، داخل البواخر 3.000، كلات الجر داخل البواخر 2.000).

ويعدد النقابي العمالي السابق عبدالله موسي عددا من التحديات التي تواجه عمال الشحن والتفريغ، ومنها حقوق العاملين الذين يعملون كعمالة مؤقتة وليست لهم فوائد مابعد الخدمة وخدمات التأمين الصحي وخدمات الحماية الأخرى، يعملون في ظروف صعبة.

ويرى موسى أن أخطر المشكلات هي عدم تأهيل عمال الشحن والتفريغ واعتماد عملهم بالكامل على نفس الكيفية التي بدأ بها العمل في 1910؛ بالاعتماد الكامل على العمل اليدوي البحت بينما تطور العمل في كل الموانئ وقطع أشواطا بعيدة في خدمات المناولة والتخزين، كما يمتاز نظام جماعات الشحن والتفريغ بالتخلف حيث يعتمد على النظام القبلي وأن كل قبيلة لها كلة وهو ما جعل بيئة العمل مغلقة.

 

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com