From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
عزيزي الصادق المهدي: هل هي قوى الإجماع أم قوى الخيانة؟!/الطيب مصطفى
By
Mar 17, 2011, 21:59

زفرات حرى

الطيب مصطفى

عزيزي الصادق المهدي: هل هي قوى الإجماع أم قوى الخيانة؟!

قد أفهم أن ينساق المؤتمر الشعبي في عهده الجديد «موديل 2011» وحزب الأمة القومي خلف عرمان وأبو عيسى لإسقاط الحكومة على غرار ما حدث في مصر وتونس وليبيا لكني لن أفهم البتة أن يلهث الحزبان خلف أبو عيسى وعرمان لدعم مرشح الحركة الشعبية في ولاية جنوب كردفان بغرض إقامة ما سمّاه عرمان بالجنوب الجديد الذي يسعى من خلاله إلى تنفيذ أجندة الحركة في السودان الشمالي بكل ما يعنيه ذلك من تفتيت لوحدة الشمال أو إقامة مشروع السودان الجديد خدمةً لمخطط الحركة ومن يقفون خلفها من القوى الدولية.

لكن السؤال الذي ينبغي أن يبرز الآن: هل المؤتمر الشعبي وحزب الأمة القومي هما اللذان قررا ذلك أم جناحاهما اللذان يقودهما مبارك الفاضل المزروع الآن في حزب الأمة القومي من قِبل الحركة الشعبية وكمال عمر المزروع في أحشاء المؤتمر الشعبي من قِبل من زرعوه؟!

عرمان عقد مؤتمراً صحفياً وقال إن قوى الإجماع عملت بشكل موحَّد في عملية التسجيل بجنوب كردفان مُضيفاً أن قوى الإجماع ستعلن عن اتفاق شامل في وقت قريب و«ستدخل الانتخابات متحالفة وستحرر جنوب كردفان انتخابياً»!!

قبل أن أعلق على هذا الحديث الخطير دعوني أسأل المؤتمر الوطني عمّا إذا كان يستطيع أن يقيم مؤتمراً صحفياً في جوبا ليعلن أنه سيحرِّر بعض ولايات الجنوب انتخابياً من سلطة الحركة الشعبية؟! طبعاً لا أتوقع إجابة فمتى كان المؤتمر الوطني يجيب عن أسئلتنا وهل يرى أو يسمع الأصم والأبكم والأعمى وأهم من ذلك العاجز؟!

بالله عليكم اسمعوا واقرأوا ما قاله عرمان الذي عقد مؤتمراً صحفياً آخر في اليوم السابق لمؤتمره الصحفي.. ويا سبحان الله عرمان أصبح يعقد مؤتمراً صحفياً يومياً!! فقد قال عرمان في لغة محتشدة بالتهديد والوعيد.. قال مهدداً ومحذراً إنهم قد يعملون على تكرار تجربتي تونس ومصر في السودان، وقال بعد أن أكد أن المؤتمر الوطني قد زوّر السجل الانتخابي لولاية جنوب كردفان «إذا لم يصحّح السجل فإنه سيفتح الطريق للمقاومة ولن نسمح بانتخابات مزوَّرة»!! وأضاف: «لن نسمح بابتلاع جنوب كردفان.. سنواجه انتخابات جنوب كردفان بأوسع عمل سلمي جماهيري تتصدى له كل مدن وقرى السودان»!!

بربكم هل رأيتم جرأة هذا الرويبضة الذي «يبرطع» كما يحلو له ويجمع معه بعض الحمقى من قيادات القوى الشمالية الذين يعملون على إنفاذ أجندته وهل من عملاء يخدمون أجندة الحركة أكثر من كمال عمر وأبوعيسى ومبارك الفاضل؟!

طلب صريح للسيد الصادق المهدي أوجهه إليه ليعلق على البيان الذي أصدره مبارك الفاضل المهدي والمنشور تلخيص له في صحيفة «الأحداث» الصادرة بتاريخ 9/2/2011 أي بعد أن أعلن مبارك الفاضل انضمامه إلى حزب الأمة القومي.. فمبارك الفاضل يدعو في بيانه إلى «اعتماد الجنسية المزدوجة مع قيام وحدة اقتصادية وشراكة بين الدولتين على الموارد الطبيعية والبترولية» وقال مبارك المهدي: إن «الانفصال جاء تبعاً لسياسات مُعوجة سارت عليها النخب الشمالية منذ الاستقلال»!! ماذا يقول السيد الصادق المهدي تعليقاً على هذا البيان ثم إنني لأتساءل: باسم من يتحدث مبارك المهدي؟! هل جاء بيانُه هذا مُعبِّراً عن حزب الأمة القومي أم عنه شخصياً؟! بالطبع فإن البيان يعبِّر عنه لأنه ممهور بتوقيعه ولا يحمل اسم حزب الأمة القومي!! إذا كان الأمر كذلك فهل يصحُّ يا الصادق المهدي أن يتبنّى قيادي بل مرشَّح لتولي منصب نائب رئيس حزب الأمة القومي.. هل يصحُّ أن يتبنى آراء بهذه الخطورة بدون موافقة الحزب؟!

تنبع أهمية هذا السؤال من حقيقة أن الصادق المهدي ظل يملأ الساحة ضجيجاً حول أهمية الاتفاق على أجندة وطنية مع حزب المؤتمر الوطني كشرط للدخول في الحكومة فكيف بربكم يستقيم أن يطالب الصادق المهدي بما لم يتحقق داخل حزبه حيث يعبِّر مبارك الفاضل عن أجندة وتوجُّهات أقرب إلى الحركة الشعبية منها إلى مرجعية حزب الأمة القومي؟! ألا يكشف ذلك البيان السبب الذي حمل مبارك على الانضمام إلى حزب الصادق المهدي بتلك الطريفة الغريبة والمفاجئة؟!

كدليل على تبني مبارك المهدي لبرنامج الحركة الشعبية أشير إلى تبني الرجل نفس الشعارات التي ترفعها الحركة بما في ذلك تحميل النخب الشمالية منذ الاستقلال المسؤولية عن الانفصال، ومعلوم أن هذه العبارة تعتبر من ثوابت الحركة الشعبية من لدن قرنق وحتى اليوم ولن ينسى القارئ الخطابات المتبادلة بين قرنق والصادق المهدي التي قال قرنق فيها في الصادق ما لم يقل مالك في الخمر!!

على أن الأهم من ذلك استخدام مبارك الفاضل لذات اللغة التي تستخدمها الحركة الشعبية للتعبير عن مشروع السودان الجديد فقد طالب مبارك الفاضل المؤتمر الوطني بالقيام ببعض الإجراءات التي تؤدي إلى «التوافق على ترتيبات سياسية ودستورية انتقالية تؤسس لكيان سوداني جديد يستعيد تماسك واستقرار الشمال السوداني ويفتح المجال لاستعادة الوحدة مع الجنوب على أسس جديدة عبر مرحلة انتقالية تقوم على التوأمة بين دولتي الجنوب والشمال»!!

الصادق المهدي يعلم تماماً أبعاد ومضامين عبارة «الوحدة على أسس جديدة» التي لطالما انتقدها فهو يعلم أن تلك العبارة لا تعدو كونها «اسم دلع» لمشروع السودان الجديد الذي وجّه إليه الصادق المهدي نقداً لاذعاً في مرات عديدة سواء بالكتابة أو بالمحاضرة ولا أظن السيد الصادق ينسى نقده لمشروع السودان الجديد من خلال تعليقه على ورقة الشيوعي المغروس في الحركة الشعبية الواثق كمير في قاعة الشارقة، فمشروع السودان الجديد عند الصادق يُعتبر مشروعاً بغيضاً وإفريقانياً عنصرياً وعلمانياً بل واستئصالياً فهل يوافق الصادق على اختطاف مرجعية حزبه الإسلامية وهو الإمام لطائفة الأنصار.. هل يوافق على اختطافها من قِبل بعض قيادات حزبه العلمانيين من أمثال مبارك؟!

 



© Copyright by sudaneseonline.com