From sudaneseonline.com

كلام عابر بقلم : عبدالله علقم
وما زال النيل يجري/عبدالله علقم
By
Feb 15, 2011, 07:10

(كلام عابر)

وما زال النيل يجري

كل طاغية يؤمن إيمانا  راسخا أن وجوده  متطلب أساسي  لدوران الكون واستمرار الحياة في الأرض  والهواء في السماوات ..فرعون طال بقاؤه على  رقاب العباد و"طال عهده بالسلطة حتى فقد قدرته على رؤية التاريخ" حسب كلمات  الأستاذ هيكل المعبرة الجميلة،  وأحسب أنه كان وهو على متن الطائرة التي أقلته خارج القاهرة يفكر في  أن كارثة ما لا بد أن تلم بالناس  من بعده، بعد أن فقد الكون البوصلة والهدف. ولكن شيئا من ذلك لم يحدث، وبقي النيل يواصل تدفقه  عبر أرض الكنانة ليتفرع إلى فرعين .. رشيد ودمياط عبر الدلتا  حتى تنتهي رحلتهما المتكررة شمالا  في البحر الأبيض المتوسط. وما زال النيل يجري إلى ما يشاء الله، ولم تجف مياهه حزنا على رحيل أحد ولم يخلف موعده في يوم من الأيام ولم تتوقف حركته الدائمة.

ليست المناصب السلطوية  وحدها التي تفتن من يشغلها وتجذب الطالبين ، فحتى المناصب الاجتماعية الطوعية التي لا تعود بعائد مادي أيا كان ولا تكسب شاغلها سلطة ولا وجاهة تذكر، حتى هذه  لها أيضا بريقها الجاذب للبعض ولها فتنتها. في مدينة خليجية بقي أحدهم رئيسا  للجالية السودانية  لفترة طويلة ويتم تجديد ولايته بعد كل انتخابات منظمة حتى ملّ "رعاياه" وطالبوا بالتغيير فوقف سنوات منافحا يجهض بذكاء وتمرس كل محاولة للتغيير، وكانت له قولة مشهورة لا تخلو من الطرافة ولا أدري أي شيطان أوحي بها إليه  " أنا لو مشيت حتبقوا زي الصومال"، بمعنى أنه هو الشخصية الملهمة الخلاقة التي يجتمع حولها ويجمع عليها الآخرون ، وإذا حدث، لا سمح الله، أن  تخلى (أو تنحّى بلغة هذه الأيام) عن منصب الرئاسة فإن الفوضى ستشيع وسط السودانيين المقيمين في تلك المدينة الخليجية وسيدخلون في حيرة من أمرهم تبلغ بهم حد الاختصام والاحتراب مثلما فعل أهل الصومال بأنفسهم بعد سياد بري، ولكن الرغبة في التغيير كانت أقوى من مبرراته للبقاء في المنصب، فاختار القوم رئيسا غيره للجالية، ولم يحبسوا أنفاسهم ولم تنتقل إليهم عدوى الصومال التي صورها خياله الخلاق، وما زالت أمور حياة السودانيين تسير في تلك المدينة الخليجية ومازالوا هم يسيرون في طرقاتها مثل غيرهم من السكان.وكانت مجرد نكتة.

هي حالات رضاء مفرط عن الذات تتراوح قدرا وضررا، والرضاء عن الذات "من أوسع ابواب الضلال" كما قال السيد الصادق المهدي" لأنه "يخدر الضمير ويمنع التعلم من الأخطاء".إدمان السلطة  يقضي على طبائع البشر ويجهض  الابداع ويقتل  إحساس السلطان  بأنه بشر مثل سائر البشر ، له أجل محدد لن يخلفه وإن أراد، ومساحة محددة في الأرض لن يتجاوزها، وأن الله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يدبر شئون الكون، ولو كان في السماوات والأرض آلهة غير الله لفسد الأمر.

 (عبدالله علقم)

[email protected]



© Copyright by sudaneseonline.com