From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
بين الوحدة والانفصال وإبراهيم أحمد عمر!!/الطيب مصطفى
By
Mar 14, 2011, 22:32

زفرات حرى

الطيب مصطفى

بين الوحدة والانفصال وإبراهيم أحمد عمر!!

 

حقّ لصحيفة التيار أن تحتفي بعبارات نُسبت للأخ إبراهيم أحمد عمر وأن تكتبها وتروِّج لها وبها لعدة أيام وبعنوان مثير يقول: «لهذه الأسباب طردتُ الطيب مصطفى»!! وذلك قبل أن تنشر نص الحوار مع البروف إبراهيم ولا أحتاج إلى بيان الأسباب التي دعت الصحيفة إلى إبراز وتكرار هذه العبارة التي تحمل الكثير من معاني التشفي والإذلال «طردتُ» فذلك لا يفوت على فطنة القارئ!!

ما دعاني لكتابة هذه الأسطر هو مجرد عتاب للأخ إبراهيم الذي أريد أن أناقشه منطلقاً من المرجعية الإسلامية التي تجمعنا ولأوضح له أن الخروج من المؤتمر الوطني كان بقرار مني عندما خُيِّرت بين أن أكف عن إبداء رأيي أو أغادر المؤتمر الوطني.. الأخ إبراهيم قال إنه قد وصله خطاب مني حول رؤيتي بشأن انفصال جنوب السودان في نفس الوقت الذي كان يجلس فيه بجانبه د. رياك قاي وعلي تميم فرتاك الأمر الذي جعله «يطردني» وهذه العبارة تعني أنه طردني من المؤتمر الوطني وأود أن أقول مذكِّراً الأخ إبراهيم بأن تسلسل الأحداث كان هكذا: أبديت رأيي حول الوحدة والانفصال في عدد من الصحف... كتب لي الأخ إبراهيم بصفته الأمين العام للمؤتمر الوطني خطاباً شديد اللهجة يطلب مني أن أكفّ عن الكتابة حول الانفصال في الصحف نظراً لأن الوحدة تعتبر من الثوابت لدى المؤتمر الوطني، وعندما عُرض الأمر على المكتب القيادي اعترض عددٌ من الأعضاء على تصرفه معي!!

كتبتُ للبروف إبراهيم أطلب منه منحي فرصة لعرض رؤيتي على الأمانة ورفض البروف إبراهيم ذلك الاقتراح!!

بعدها عُقد اجتماع ضم مجموعة من الوزراء والقياديين في المؤتمر الوطني لمناقشتي حول أفكاري في محاولة لإقناعي بخطل رؤيتي وإثنائي عن الترويج لها.. وأود أن أقول إنه لم يحن أوان الكشف عن أسماء حضور ذلك الاجتماع الذي لم يكن البروف إبراهيم من بين شهوده وأذكر فقط للإثبات أن د. رياك قاي والأخ عوض الجاز كانا من بين المشاركين ولم يقنعوني ولم أقنعهم!!

في تلك الأيام كنت أعمل مديراً عاماً للهيئة القومية للاتصالات وحدثت المشكلة التي جعلتني أقدِّم استقالتي من الهيئة والحكومة اعتراضاً على بعض الممارسات التي اعتبرها فساداً كبيراً وبلغ الأمر درجة أن أكتب متحدياً وبالوثائق في ردي على حوار أُجري مع أحد الوزراء الضالعين في ذلك الخلاف وفي هذه الأجواء اقتنعت بأن أختار بين أن أسكت عن طرح رؤيتي حول مشكلة الجنوب سيما وأن عدداً من القيادات السياسية والاقتصادية قد التفّت حولي وبين أن أصدع بها وأواصل مضحياً بانتمائي للمؤتمر الوطني وحدث ذلك بعد الاستخارة طبعاً.. فاخترت الخروج على المؤتمر الوطني.

نحمد الله كثيراً أن الأيام أثبتت صحة رؤيتنا التي عبَّرنا عنها من خلال مقالاتنا الأولى التي كان عنوان بعضها «رسالة زرقاء اليمامة للحالمين بأوهام السلام» وكذلك «فستذكرون ما أقول لكم» وكنا نوقن أنه لا حل إلا بالانفصال وأن المشاعر التي عبَّر بها أبناء الجنوب من خلال استفتاء تقرير المصير هي ذات المشاعر التي صدرت عنها أحداث الإثنين الأسود وأحداث توريت قبل نصف قرن من الزمان وغيرها كثير وأن الرغبة في الانفصال مركوزة في نفس الإنسان الجنوبي وأنه من الخير لنا ولهم أن نتفارق بإحسان ونحمد الله أننا نافحنا عن رؤيتنا هذه إلى أن أصبح الانفصال قناعة لدى معظم أبناء السودان الشمالي الذين لم نفعل غير أن قدمنا لهم  الحيثيات التي تدعم منطقنا وتولت الحركة الشعبية البيان العملي لصحة كتاباتنا ومحاضراتنا وندواتنا.

أود أن أسأل الأخ إبراهيم الذي أكنُّ له احتراماً كبيراً: هل كتبت لي خطاباً يعفيني من عضوية المؤتمر الوطني؟! أرجو أن تسأل الأخ عثمان الهادي أمين عام الحركة الإسلامية بولاية الخرطوم.. هل هو الذي أعفاني أم أنا الذي استقال بتمنُّع منه بعد أن ضُيِّق عليَّ وهوجمت جراء خلافي حول الوحدة والانفصال بالرغم من أن الأخ عثمان، وقد كنت عضواً في المكتب التنفيذي، قبِل اشتراطي عليه أن يتاح لي حرية التعبير عن رأيي.

وهل فقدت شيئاً جراء خروجي من المؤتمر الوطني أم هو الذي فقد وأيهما أنفع للمؤتمر الوطني أنا أم رياك قاي الذي أصبح أجنبياً في نهاية الأمر وخرج من المؤتمر الوطني؟!

أقول للأخ إبراهيم إني والله لأعجب أن يقول الله تعالى: «لا إكراه في الدين» وتقول أنت: «بل هناك إكراه في الوحدة».. أعجب أن يضع إبراهيم الوحدة كأهم ثابت في المؤتمر الوطني يرفض من لا يؤمن بها بينما يقبل من يرفض الإسلام بل وينصبه نائباً لرئيس المؤتمر الوطني!! أعجب أن يقبل انتماء أبناء الجنوب للمؤتمر الوطني حتى ولو كانوا غير مسلمين وانفصاليين ويرفض للشماليين أن يكونوا انفصاليين لكنه يقبل أن يكونوا غير مسلمين!! ثم أعجب أن تُعامل قواعد المؤتمر الوطني وقياداته كالقطيع الذين يُرفض منهم أن يفكروا أو أن يأتوا بالجديد ولا يجوز لهم إلا أن يُقولَبوا ويسمعوا ويُطيعوا!!

بروف إبراهيم يعلم أن المؤتمر الوطني الذي كان يقدس الوحدة هو الذي أتاح الانفصال من خلال إتاحة تقرير المصير الذي يبيح للجنوبي أن يختار الانفصال فإذا كانت الوحدة بهذه القدسية التي تجعل البروف يرفض من لا يؤمن بها بينما يقبل ويرحب بمن لا يؤمن بالإسلام فلماذا وافقوا على تقرير المصير الذي يهدد حبيبتهم ولا أقول «معبودتهم» الوحدة والذي قضى عليها بالفعل؟!

أود أن أسأل الأخ إبراهيم: بربك كيف سيكون حال الشارع الشمالي اليوم بعد الانفصال وكيف سيتعامل معكم إذا لم نقنعه بالانفصال ونبغِّضه في الوحدة؟! الإجابة أرجو أن تسمعها من مولانا أحمد إبراهيم الطاهر الذي أشاد بالدور الذي لعبناه في امتصاص الأثر السالب الذي كان سيتمخض عن الانفصال لو لم نكنّ موجودين في الساحة.



© Copyright by sudaneseonline.com