From sudaneseonline.com

بقلم : بارود صندل رجب
هل الحكومة محصنة من التغيير؟/بارود صندل رجب
By
Mar 13, 2011, 21:15

هل الحكومة محصنة من التغيير؟

أن موجة التغيرات التي اجتاحت العالم العربي عبر ثورات الشعوب الغاضبة علي حكوماتها ما كانت في الحساب , بل كان ظن الأنظمة أنها أصبحت في مناى من أي تغيير إلاّ من تلقاء نفسها وان الشعوب قد دخلت في بيت الطاعة ولا تستطيع الخروج عليها وإذا حدثتها نفوسها الخروج فأن الأجهزة الأمنية التي تعلم دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء علي الصخرة الصماء سوف تلقنها دروساً لا تنساها في ضرورة احترام جناب الحكام وعدم الخروج عليهم وغابت علي الأنظمة العتيقة أن الشعوب ربما تستكين لحين ولكنها أبداً لا تنكسر وأن التحولات في العالم تجعل الناس عامة الناس علي إدراك تام بإخفاقات الحكام وسوء سياستهم وأن ثورة المعلومات التي اجتاحت العالم أصبح معها سياسة تكميم الأفواه وإخفاء الحقائق وبث الأكاذيب نوع من الحمق وكل الناس حمقي ولكن حكامنا أكثر حماقة ، اندلعت الثورات بأسباب عديدة ولتراكمات كثيرة منها غياب الحريات والديمقراطية وفساد الحكام وبطانتهم والعمالة لللأجانب، ارتهان القرار الوطني للأجانب هذه هي المبررات لقيام الثورات وهنالك أسباب ثانوية وليست جوهرية مثل الأزمة الاقتصادية التي خلفت الغلاء والبطالة والكساد ، وكما قال المفكر راشد الغنوشي أنه كلما توفرت هذه الأسباب في أي دولة من الدول فاتنظر الثورة ؟

ورغم وضوح الرؤية في هذه المسألة وأن الثورات أصبحت كالقدر تقع ولا احد يستطيع ايقافها ولكن بعض حكامنا بل اغلبهم يقفون ضد التيار ومازالت الأفكار البالية تعشعش في عقولهم ، وإذا نظرنا إلي السودان في ظل النظام القائم الذي امتد حكمه لأكثر من عشرين عاماً مازال قادته في غيهم يترددون ويطمئنون أنفسهم في أنهم بمناي عن الثورات والتغييرات ومازالوا يرددون أنهم منتخبون من الشعب بنسبة 90% في انتخابات حرة ونزيهة شهد بها العالم !! الم يكن بن علي منتخباً من الشعب التونسي بنسبة تفوق 90% الم يكن حسني مبارك منتخباً من الشعب المصري بنسبة أكثر من 90% الم يدعي القذافي أن كل الشعب الليبي يحبه حبا جما ومن لا يحبه لا يستحق الحياة ..... إذا كان الأمر كذلك فاما أن هذه الشعوب  مصابة بداء الجنون والجنون فنون !! وان هذه الثورات ما قامت إلاّ تعبيرا عن حب هذه الشعوب لقادتهم ومن الحب ما قتل !! وأما أن هذه الانتخابات المدعاة بشفافيتها ما هي إلاّ بعض من أفعال السحرة المحيطين بهؤلاء الحكام ويزينون لهم أن الباطل حق والحق باطل ولم يكتشف الحكام هذه الخدعة إلاّ متأخراً (ولات حين مناص ) وعندما لجئوا لهؤلاء السحرة طلباً للنجاة قائلين أنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من ثورات الشعوب من شئ رد عليهم السحرة والمردة ما كان لنا عليكم من سلطان إلاّ أن دعونا وزينا لكم فاستجبتم لنا فلا تلومونا ولوموا أنفسكم ! فاسقط في أيديهم وذهبوا إلي مزبلة التاريخ تلاحقهم لعنات الشعوب وبئس المصير ولكي لا يلحق قادتنا بأولئك نذكرهم بسلوك الطريق المنجي من ثورات الشعوب وقبلها تعالوا معنا نجوس فيما نحن فيه من سوء السياسة وتدبيرها ، ونبدأ ونقول أن الحكومة الحالية دفعت البلاد دفعاً إلي انفصال جزء عزيز من السودان وعلي ما في هذا الانفصال من تهديد للأمن القومي فأن النظام فرح به بل طلب من أمريكا المكافأة علي هذا الإنجاز غير المسبوق ! بأي فهم تنطلق الحكومة في موقفها الغريب العجيب !! أتفرح لأنها خدمت إستراتيجية القوي الكبرى المتمثلة في أضعاف السودان ووقف مده الإسلامي في الجنوب الأفريقي؟ أم أنها تفرح لأن الشعب السوداني قد ضاق زرعاً بالجنوب واجمع علي ضرورة الانفصال !! هذه الكارثة التي أقدمت عليها الحكومة لم تفعلها لا الحكومة التونسية ولا المصرية ولا الليبية ولا اليمنية والأخيرة تقاتل من أجل الحفاظ علي الوحدة ومع ذلك ثارت الشعوب علي هذه الحكومات فدواعي الثورة عندنا أكبر , أما عن الحريات والحقوق الأساسية فأن تراجعاً صاحبت هذه الحقوق في ظل هذا النظام فلا الصحافة حرة بل تقع تحت رقابة صارمة من جهاز الأمن الوطني بطريقة مباشرة مصادرتها ونزع مواد منها وأما بطريقة غير مباشرة خنقها بحجب الاعلانات عنها , أما الاعتقالات السياسية فحدث ولا حرج ، يعتقل الناس بدون أسباب واضحة ويتعرضون لتجاوزات وانتهاكات فظيعة تخالف الدستور وقانون الامن نفسه ، الاعتقال لفترات غير محددة ، التعرض للتعذيب والأهانة ، وامتهان الكرامة ، حتى وصلت المعاملة إلي اغتصاب النساء ، وفوق هذا كله غياب العدالة فلا القضاء ولا النيابة العامة تستطيعان وقف الانتهاكات . الأجهزة الأمنية تتمتع بحصانات ما أنزال الله بها من سلطان وعطفاً علي هذا فأن الحريات في بعض الدول التي اجتاحتها الثورات أحسن حالاً من السودان ، أما الفساد المالي للحكومة فأن رائحته تزكم الانوف ما من أحد إلاّ وقد تلوث بهذا الفساد من قمة رأس النظام إلي أخمس قدميه ، قادة  هذا النظام كان أغلبهم معدمين  ومن أسر متواضعة جدا ولكن وبفضل السلطة وبريقها أصبحوا أصحاب أملاك وقصور ولا يكتف أحدهم بقصر بل قصراً من بعد قصر وشركة من بعد شركة وداراً من بعد دار ومزرعة من بعد مزرعة وزوجة من بعد زوجة حتى أن بعضهم أصبحوا من الأثرياء يساهمون في مشاريع عالمية ضخمة كل هذا معلوم للناس ولا يحتاج إلي دليل  قاطع فهذه الدنانير قد أطلت برأسها ساخرة متحدية والحكومة عاجزة عن مواجهتها ففاقد الشئ لا يعطيه وهذا السبب مماثل لما كان عليه الحكام الذين أطيح بهم الفرق أن أولئك كانوا ظاهريا يدعون محاربة الفساد أما هؤلاء فأنهم ينكرون وجود الفساد في استخفاف مشين للشعب ويطالبون الشعب بتقديم دليل علي الفساد وحتى عندما تحدث الرئيس عن الفساد وأعترف بوجوده تحت ضغظ الشباب في حزبه وأعلن عن ضرورة أيجاد مفوضية لمحاربة الفساد، تصدي له حزبه قائلاً أن لا ضرورة لهذه المفوضية وأن الفساد المدعي به لا يشكل مشكلة . أرأيت الفرق؟

أما الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي ألقت بكلكلها علي كاهل المواطن المسكين فلا يخفي علي ذي عينين لا نتحدث عن غياب الخدمات الضرورية من تعليم وصحة وكهرباء فمثل هذا الحديث يعد ترفا يثير حفيظة المساكين ، لا يجد المواطن البسيط ما يسد رمقه وبالمقابل يزداد أهل الحكومة ثراء مفارقة غريبة فالدول التي هبت الشعوب لتغيير حكامها يعيش أهلها في ظروف أحسن بكثير من حالنا بل أن بعض الدول لا تعاني أصلاً من فقر مدقع يضرب أهلها ولا من جوع مثل ليبيا وقس علي ذلك ، أن ما تشهدها البلاد من تدهور في كل نواحي الحياة ومشكلة دارفور المستعصية علي الحل تفوق ما كانت تعانيها البلاد التي سقطت حكامها تباعاً لهذا فمن العبث أن يذهب قادة النظام إلي أن نظامهم محصن من الثورة تماماً بأعتبار أن الشعب السوداني كله في صف الحكومة , لا تستفزوا  هذا الشعب الذى يموج بالثورة التي سوف تنطلق قريبا ، هب أن الأمر كما تقولون فلماذا تتصدون للمظاهرات السلمية بجيش من الأمن والشرطة لو أن غالبية الشعب في صفكم فلماذا لا تسمحون للمخالفين أن يتظاهروا...... لماذا تجندون البلطجية للاعتداء علي الطلاب , أنه الخوف والهلع من الثورة وكل أناء ينضح بما فيه وسيلعم الذين ظلموا أي منقلب  ينقلبون.

    بارود صندل رجب                          

 



© Copyright by sudaneseonline.com