From sudaneseonline.com

بقلم: محمد عثمان ابراهيم
التظاهر بالتظاهر /محمد عثمان ابراهيم
By
Mar 10, 2011, 22:45

خارج الدوام

التظاهر بالتظاهر

محمد عثمان ابراهيم

[email protected]

..وهو غير التظاهر الذي قد يكون إحتجاجياً أو مؤيداً أو إحياء لذكرى معينة. التظاهر بالتظاهر هو أن يهدد المواطن (س) أو الحزب (ص) بأنه سيخرج في يوم محدد متظاهراً من أجل هدف محدد،  ثم لا يخرج الشخص أو الحزب المعني في تظاهرته المعلنة. قد ترفض الشرطة –محقة أو غير محقة- منح الإذن بخروج التظاهرة وحينها لا مناص إلا من خيارين: إما الإذعان لقرار الشرطة وإما مخالفته. هذا مسلك معروف في كل أنحاء الأرض إذ على سبيل المثال  تمنع الدول الغنية عادة التظاهرات الإحتجاجية المناهضة للعولمة لكن المحتجون (وهم أصجاب حق دائماً) يأخذون الأمر بيدهم ويتظاهرون.

التظاهر بالتظاهر سلوك أصيل خاص بالمعارضة السودانية. في 7 ديسمبر 2009، أعلنت إحدى واجهات الحركة الشعبية (قوى الإجماع الوطني) عن تظاهرة تمت الدعوة إليها قبل وقت مبكر وكافٍ. خرج حوالي ال 300 مواطن تعرضوا لعنف الشرطة وقوات مكافحة الشغب، وحين اضطر بعض الشبان للإحتماء  بدار أحد الأحزاب وجدوا قادة التظاهرة هناك يتحدثون للفضائيات ويهتفون بكلمات الإنتصار!.

على شبكة الإنترنت وتقليداً لما حدث في بعض البلدان من استخدام مواقع التواصل الإجتماعي للترتيب للتظاهرات، تحاول الكثير من الكيانات الإفتراضية الدعوة لتظاهرات لا تجد لها صدى. هناك مجموعات تدعو للتظاهر في مارس ومجموعات أخرى اختارت ابريل وأفراد يدعون أيضاً للتظاهر وقد اختار الكل  تاريخاً موسيقياً يناسب الهتافات الحماسية!

يوم امس خرجت تظاهرتان بالتظاهر في الخرطوم وأم درمان، لكن الشرطة قامت بقمع التظاهرتين لأن الحكومة لا تريد أن تترك أي مساحة خالية يمكن التمدد فيها وتحويل التظاهر بالتظاهرات إلى احتجاجات حقيقية.  الدكتور نافع علي نافع، مساعد رئيس الجمهورية وخصم المعارضة الألد، قلل من إحدى التظاهرتين بطريقته المعتادة فيما حاولت المعارضة تكبير ما حدث بطريقتها المعتادة أيضاً.

لدي يقين مؤسس على حيثيات كثيرة، بأن المعارضة الحالية تضر بقضايا الشعب السوداني الحقيقية ضرراً بالغاً وتحجب عن الأمة النفع. حين تفشل المعارضة (كلها)  في استقطاب خمسمائة مواطن لصالح قضية هامة مثل محاربة الفساد، أو تغيير بنية السلطة، فإن الشعب يخسر المعركة من أجل هاتين القضيتين الأساسيتين. ستنظر الحكومة للقضيتين على اساس أنهما تفتقران إلى الدعم الشعبي إذ ستقوم بطرح عدد 500 شخص من جملة  40 مليون مواطن لتصبح النتيجة أغلبية لصالح الإبقاء على الفساد، وعلى بنية السلطة الحالية. الحكومات وفق أبجديات السياسة العامة (ببليك بوليسي) لا تتعاطف مع الأفراد لكنها تذعن للجماعة. إذا لم تطالب المعارضة بالتغيير مثلاً، لن تعرف الحكومة عدد الرافضين لاستمرارها وربما انصاعت لصوت الأغلبية الداخلية في حزبها الحاكم لكن مطالبة المعارضة بالتغيير تشوّش على هذا المسار.

ماذا لو اختار زعماء المعارضة مواجهة الحكومة بقضاياهم الحقيقية بدلاً من إهدار قضايانا نحن؟

 



© Copyright by sudaneseonline.com