From sudaneseonline.com

بقلم: عواطف عبد اللطيف
التشكيلية القطرية بدرية الكبيسي تصنع بريشتها " مدينة المساجد /عواطف عبداللطيف awatifderar 1
By
Mar 10, 2011, 15:05

التشكيلية القطرية بدرية الكبيسي تصنع بريشتها " مدينة المساجد "

انها تستدعي القباب والماذن وتناصفهم بالآهلة وحرف الهجاء

 

 

*    في البدء كانت " أقرا " وحروف الهجاء وكانت القباب والماذن وترانيم حي على الصلاة حي على الفلاح انها تصنع بحرفية الفنان الآهلة المزخرفة والقباب ذات الاسطح الملساء انك لا تجد نفسك إلا وأنت في اجواء روحانية في تزاحم لمدينة المساجد وكأني بها تقيم الفجر وليالي التهجد وما ان تتمعن في تفاصيل اللوحات التي رسمتها التشكيلية بدرية خليفة غانم الكبيسي ونثرتها في زوايا بهو فندق الريتزكارلتون الدوحة  إلا وتقودك قدماك للوحة الاخرى والتي هي ايضا حكايات لمساجد ترتفع مآذنها وتتدبدب قبابها في سينفونية تلاقح حميم  بين الحروف العربية وتجلياتها لتمذجها بالالوان الفيروزية تارة والخضراء تارات اخر انها تصنع الحرف  بالكوفي وبرسم متعرج وكانها تلاعب الريشة بين اصابعها .

*    في معرضها الشخصي الذي افتتحة الاستاذ حمد الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث امسية الثلاثاء 8 مارس وسط جمع من الفنانين التشكيليين كانت هناك امل العاثم ووضحة السليطي وسعاد السالم وكان حضورا المبدع الفنان موسى زنيل و محمد العتيق  وحسن الملا ويوسف احمد كان كل " رفقاء اللون والاحبار والقلم واللوح " احتفاء ببدرية التي عادت بعد انقطاع عن ساحة الفعل الملون وإن كان ذلك لم يفارق روحها المخضبة بجماليات الحس الفني والالوان وتماذجها قال العتيق رئيس الجمعية القطرية للفنون التشكيلية " اصبحت اللغة البصرية في عالمنا اليوم هي اللغة العالمية التي تتناول وتطرح اشكالا مهمة عن الهوية وتطرح التساولات " .

*    نعم كانت تساولات لا تملك إلا وان ترددها وانت في رحاب بيوت العبادة " الله الله " أنها سر الكلمة وسر الليالي والايحاء والغيبيات أنها حضن الاطمئنان والتزلف للعلي القدير وتجول بنظرك وسط تلك القباب والماذن المشعة بالانوار لتجد انعكاسات اللون الذي استعملته بدرية برفق تارة وبكثافة تارات اللون الازرق والفيروزي تحسب انه سيطر على مساحات اللوحة فاذا باللون الاحمر الفاقع يشاطرهما في حين يتجلى اللون البني الغامق ليأتي الاخصر ليجد مكانته باريحية وفسحة مكان .    

*     ان بدرية برشاقة ريشتها لم تترك للفكر سانحة للاسترخاء ليبادل البصر المتعة وحض مكامن العقل لكامل الصحيان ان تلك بيوتات تراثية وسط زحمة المساجد لابد ان اصحابها هنا في بهو هذا المسجد او في الاخر المتخبي وسط زحمة المدينة القديمة قد يكون بعضا منهم محتضنا لكتاب الله او ساجدا راكعا او ذاك صوفي يذرف الدمع تجليا وخشوعا انها جسمت العمارة الاسلامية العربية بمشربياتها وزجاجها المعشق ومنابرها في افخم ملامحها وحيويتها النابضة بالحضور لابد ان احد الحاضرين وجد ذات طفولته في قرص الشمس او وسط الهلال التي اوحت له وهو ما زال رضيع في حضن امه ان ذلك الهلال الذي ولد بدرا سيأتي له وعلى ظهره او بين كفتيه حصان لعبته التي افتقدها قد يكون حليب امه وقد يكون ارجوحته فامعن النظر وهدهدته امه بترانيم طفولية لا تفصل الام عن وليدها لينام في امان الله ..

·  تقول بدرية في فاتحة الكتالوج " رؤيتي "  للاهلة والمآذن والقباب قيمة روحية وفنية تتجلى في إنحناءاتها وتقوساتها وامتداداتها ..  ولهذه الوحدات إنعكاسات عميقة في وجداني أثارت ريشتي والواني لتعبر عن جمال اشكالها وتداخلاتها في علاقة ترابطية بين الجزء والكل تكسوها إشعاعات لونية في محاولة لمضاهاة اشعاعاتها الفكرية والروحية العميقة "  والفنانة بدرية التي حازت بكالوريوس التربية الفنية جامعة قطر 1986 عملت موجهة لمادة التربية الفنية وشاركت في كثير معارض داخل قطر وخارجها وحازت شهادات تقدير وعدة جوائز واقامت العديد من الورش الفنية لتنقطع لاستجمامة حيث تمحورت اعمالها السابقة بشكل عام حول الموروث الخليجي لتعود بمعرض شخصي ضم اكثر من اربعين لوحة هي مدينة للمساجد والقباب.

·   انها مدينة  الماذن مدينة تجبرك على طرح سؤال هل هي دوحة الخير التي عرفت مساجد الفريج والاسرة ومسجد الحي لمسجد الشيوخ بثرياته لمسجد الدولة الراقد بالقرب من الديوان الاميري والمؤمل ان ترفع عنه الستارة ليضاهي بثرياته ومناراته احدى بوابات قطر اليوم بكل حداثتها وتناقم تراثها وموروثاتها الاسلامية العربية  ان المعرض التشكيلي لبدرية الكبيسي ينقلك تارة لاسطنبول تركيا وآيا صوفيا بمنارات مساجدها وقبابها ليرجعك مرة اخرى للمسجد الاموي الدمشقي .. لا .. انه ينقلك سريعا للمسجد الفاطمي بقاهرة المعز ولا محالة ان امعنت النظر تجد تلك الخرزات التمايم والحجارة الكريمة من تراب الارض واجوافها وقبل ان تسطع اشعة الشمس لانها ما زالت تختفي في حياء تستعجل المؤذن ليصدح بالله أكبر الله اكبر ..

·  ليس بعيدا عن ريشة المبدعة بدرية استعمالها لتقنية الطباعة على " اللاينو " وما استعاضته عنها بمادة اخرى كما تقول بعد ان بحثت وجربت العديد من المواد واخيرا توصلت الى ان " الفلين " يمكن ان يحقق الغرض ويعطي التأثيرات الطباعية ذاتها لتستدرك بل ان الفلين قد يعطي تأثيرات لونية وملمسية افضل مع استخدام الوان الاكرليك ومعجون " الجسو "  وبعض المواد المختلفة لتشكيل العمل بالصورة المطلوبة " انها تقول " تحويل الرخيص لثمين " وهي ايضا تؤطر لتدوير المواد التالفة ولحماية البيئة .

·  وردا على سؤال حول انقطاعها لفترة ليست بالقصيرة قالت كان اخر معرض لي سنة 1989 ولكن خلال العام الماضي ومع احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010 شاركت في اربعة معارض ومعرض اليوم اعتبره المعرض الشخصي الاول لي رغم انني اقمت معرض وانا طالبة بالجامعة مشاركة وصديقتي الفنانة دكتورة وفاء الحمد وسبب الانقطاع انني مررت بظروف عديدة اهما وفاة الوالد " رحمه الله " الذي كان يساندني ويشجعني ثم انشغلت بالاسرة والعمل ولكنني تفرغت الان للفن .

·    ان الدوحة كعاصمة للثقافة العربية أبت إلا ان تأتي ببناتها وابنائها ليلونوا ساحات العمل الفني بكل الجماليات والتميز ان " مدينة المساجد " فكرة لامعة تجبرك للوقوف بين تجليات اللون وفتنة الحرف العربي لتبحث في جوفه عن سر الليالي وسطوع الشمس في نهارات الخليج في هذه الدوحة التي تتجلى في سماواتها كل الوان الابداع والعطاء الانساني .

 

                عواطف عبداللطيف   awatifderar [email protected]

 

اعلامية مقيمة بقطر

همسة :  ما أجمل ان يكون الفن للجمال وتبقى ليلة المولد هي سر الليالي ..

 

 

 

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com