الشعبية في أمريكا.. أجندة خفية

بقلم : سامية على

في زيارة هي الأولى من نوعها وصل وفد الحركة الشعبية «قطاع الشمال» الثلاثاء الماضي إلى العاصمة الامريكية واشنطن، بتشكيلة ضمت مالك عقار رئيس الحركة الشعبية بالشمال وياسر عرمان الأمين العام بينما تخلف عن الوفد عبد العزيز الحلو لانشغاله بترتيبات انتخابات والي جنوب كردفان.

ووجدت الزيارة اهتماماً بالغاً من اجهزة الاعلام الخارجي على وجه الخصوص كونها أول زيارة لقطاع الشمال بعد انفصال الجنوب اعتبرها المراقبون خطوة عملية لفك الارتباط بين الحركة الشعبية بجنوب السودان وشماله.

واكتسبت الزيارة أهمية أخرى لما وجده الوفد من استقبال واسع في العاصمة الامريكية واللقاءات التي تمت على مستويات عالية بمسئولين هناك.. وكان مقرراً للوفد ان ينهي زيارته الأحد إلا أن طلب سوزان رايس مندوبة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة لقائها بالوفد جعل وفد  الحركة الشعبية يبقى بواشنطن يومين آخرين.

وتأتي زيارة وفد الحركة الشعبية «قطاع الشمال» تلبية لدعوة قدمها المستر جون كارسون مساعد وزير الخارجية ورئىس فريق السودان في الخارجية الامريكية، وشملت الدعوة كلاً من عبد العزيز الحلو وياسر عرمان ومالك عقار بغرض التباحث حول قضايا المرحلة القادمة بعد انفصال الجنوب وكيفية تعامل الحركة معها.

ورغم ان هذه الزيارة التي تعتبر الأولى للحركة الشعبية شمال السودان إلا أن زيارات عديدة تكررت للحركة الشعبية قبل انفصال الجنوب وتباينت أهدافها واهتمام الإدارة الامريكية بها، ففي زيارة قام بها باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية للولايات المتحدة الامريكية قبل اجراء استفتاء جنوب السودان طلب فيها من المسئولين الامريكيين الوقوف مع اجراء الاستفتاء في موعده بجانب الاعتراف بدولة الجنوب. وتلقى وعوداً خلال زيارته للولايات المتحدة الامريكية في اغسطس العام الماضي بتمويل الاستفتاء ودعم كامل للعملية ومعالجة التحديات الاقتصادية وآثار الازمة الاقتصادية العالمية على الجنوب..

ومن أبرز الزيارات التي قامت بها الحركة  إلى الولايات المتحدة الامريكية تلك التي كانت برئاسة سلفاكير خلال انعقاد جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة ولكن لم تكن الزيارة ذات زخم ما جعل الوفد يصاب بخيبة أمل كبيرة وإحباط مطلق إذ فشلت أهم اللقاءات المحددة مسبقاً مع الرئىس الامريكي أوباما ووزيرة خارجيته حيث كانت الحركة تعول كثيراً على هذه اللقاءات .. ووصل الإحباط الذي لازم وفد الحركة إلى قمته بسبب  الانتقادات الحادة التي وجهها مسؤولون في الإدارة الامريكية للحركة وحكومة الجنوب في أنها ورغم سنوات حكمها المطلق للجنوب والتي امتدت لخمس سنوات لم تقدم فيها ما يثبت قدرتها على إدارة الحكم أو يرضي القواعد الجنوبية.

وما بين هذه الزيارة التي قوبلت ببرود من المسئولين الامريكيين وزيارة وفد الحركة الشعبية شمال السودان والتي وجدت أهتماماً بالغاً هناك نجد الفوارق واسعة، فمنذ وصول الوفد يوم الثلاثاء الاسبوع الماضي انخرط في لقاءات مع كبار المسئولين الامريكيين من خلال جدول أعمال مزدحم بلقاءات مع مستشاريي الرئىس الامريكي في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع والكونغرس الامريكي بجانب لقاء مفترض مع د. سوزان رايس مندوبة الولايات المتحدة. ويبدو أن زيارة وفد الحركة الشعبية وازدحام برنامج قيادة الحركة باللقاءات باطراف الادارة الامريكية المختلفة وكبار المسئولين بالبيت الأبيض ومراكز البحث تأتي في إطار وضع الإدارة الامريكية لاستراتيجية جديدة لشمال السودان. إذ ترى ان للحركة الشعبية في شمال السودان دوراً محورياً تقوم به في الفترة المقبلة ومن الأهمية أخذ وجهة نظرها حول هذه الاستراتيجية.

رغم أن أحد قيادي الحركة في  الشمال قلل من أهمية الزيارة ووصفها بالطبيعة وانها تأتي في إطار رسم مستقبل العلاقات الامريكية بالحركة الشعبية بعد انقسام الحركة في الشمال والجنوب.

ومهما يكن من أمر فإن زيارة وفد الحركة الشعبية بالشمال للولايات المتحدة الامريكية سيكون لها ما بعدها بحسب مراقبين فاللقاءات التي تمت مع كبار المسئولين هناك والنقاشات التي جرت حول مواضيع مهمة كالدستور والحاجة لتغيير شامل وطرح مشروع السودان الجديد مرة أخرى ومناقشة المشورة السشعبية للنيل الأزرق وجبال النوبة قضايا تشير إلى ان الحركة الشعبية ستلعب دوراً مهماً في استراتيجية امريكا تجاه التعامل مع السودان في وضعه الجديد.. ولا غرو فقد حملت الأنباء ان وفد الحركة الشعبية حث إدارة اوباما بعدم رفع العقوبات عن السودان حتى تفي الحكومة بالتزاماتها تجاه الديمقراطية وحقوق الانسان.. فقد اعلنها ياسر عرمان نائب رئيس قطاع الشمال صراحة في حلقة نقاش بمعهد ويلسون بواشنطن عدم مكافأة الحكومة برفع الحظر عنها مقابل موافقتها على انفصال الجنوب.