From sudaneseonline.com

بقلم :توفيق عبدا لرحيم منصور
طه الروبي : سيرة عطرة وفقد عظيم .. /توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي)
By
Sep 29, 2010, 17:55

بسم الله الرحمن الرحيم

طه الروبي : سيرة عطرة وفقد عظيم ..

 

توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي)

http://www.tewfikmansour.net

 

  كان الرجل شاملاً، وكان متعدد الوسائط الطيبة والمعطاءة والمثمرة .. كان عبقرياً، كان مبدعاً .. طموحاً .. طيباً .. فصيحاً .. رياضياً .. إنسانياً ..وطنياً .. صناعياً .. مجتمعياً .. دبلوماسياً .. وكان رائداً ومرشداً ..

  اسمه ارتبط لدى الكثيرين بمصنع بطاريات السيارات السوداني، ولكن قلة منا تعلم بأن ذاك المصنع إنما كان أول مصنع بطاريات في أفريقيا كلها .. ولد ببارا ونشأ وترعرع بالأبيض، ونهل من بحور علم الهندسة بمصر، فخلط دعاش كردفان وطيبة أهلها بعلم وثقافة أهل الكنانة، فأضحى سيمفونية إن عُزفت سيرتها تُطرب الإنسان أينما كان .. تعمق في الهندسة الكهربائية بباريس، ومن ثم تدرب أيضاً بأمريكا وهولندا وإيطاليا وألمانيا، فأضحى خلطة سودانية عالمية إنسانية هندسية وإدارية فذة ..

  كان المرحوم مبتكراً ومفكراً وكريماً وأصيلاً، فأضحى قصة مشّرفة تروى، ومناشط ثرة تحكى بكل عزة وشرف وفخر ..  كان ديدنه دوماً العمل على ما يمكث في الأرض وينفع الناس .. ( .. فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ...)  صدق الله العظيم ..

  كان الفقيد شجاعاً .. جابه كل معوقات الصناعة السودانية وصعابها ومنعرجاتها وبيروقراطيتها المضنية، وعمل على تذليل الصعاب ولم يستسلم، ولم يهرب، ولم يقنط، وذلك لأجل واقع تنموي وصناعي أجدى وأرحب  .. كان صادقاً في وعوده وتعاملاته ..

  طه الروبي هو الصناعة السودانية .. هو التجارة الأمينة ومناشطها .. هو الشركات الوطنية المحترمة .. هو العضويات الخدمية الهامة والمشرِّفة .. شرفته وشرّفها لأجل البلاد والعباد .. الخطوط الجوية السودانية، مجلس جامعة الخرطوم .. مجلس السلام والتنمية .. قنصل النرويج بالخرطوم، وهذا غيض من فيض ..

طه الروبي .. مُرتبات منتظمة من شركاته لأسر فقيرة .. طه الروبي .. تهذيب رائع للتعامل مع مستخدميه في شركاته ويعرفهم بأسمائهم فرداً فردا.. طه الروبي شيد أول ثانوية للبنات ببارا .. طه الروبي صاحب المقترحات المفيدة في مجالات الطرق والجسور والتي رأت النور مع مرور الأيام ..   

  هو من سعى لتأسيس اتحاد الصناعات لأجل دعمها .. وهو من سعى لتأسيس اتحاد الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتأسيس البنك التجاري للقطاع الخاص، وأنشأ  أول شركات التأمين، وساهم في تأسيس سوداتل مع نعومة فكرتها .. وهو من أحدث وبلور علاقة مفيدة ما بين جامعة الخرطوم وجامعة بيرجن بالنرويج انعكست آثارها في شكل مِنحٍ وهبات وبحوث مشتركة ..

  سُئل رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .. من أحب الناس إلى الله .. فقال أنفع الناس للناس .. والروبي كان من أنفع الناس للناس ..

  طه الروبي .. هو الرياضة .. دعمها وشجعها ..  فتارة كان رئيس جمعية الهوكي، وطوراً آخر رئيس اللجنة الأولمبية السودانية، وتارة أخرى نائب رئيس الهوكي العربي، ولم ينس كرة القدم، ومناشط ألعاب القوى، وكرة السلة ..

  طه الروبي .. كان عبقرياً في إدارة الاجتماعات، وتوثيق اللحظات، وتحرير الجلسات، بروح عالية، وخفة دم منضبطة، وخطابة متزنة وراقية .. وكان دوماً مقدِساً للوقت، ومروجاً ومحركاُ لتوصيات الاجتماعات حتى لا تموت في أضابير النسيان ..

  طه الروبي كان يشجع الكُتّاب والكِتاب .. وكان يشجع النشر والناشرين .. والمؤلفين والباحثين .. والبحث في التراث .. وكان للنسخ الإكرامية حظاً في ماله ومكتبته ..

  طه الروبي كان صادق الوعد واللسان، وكان وفياً، وقد قُضيت على يده للناس والبلاد حاجات، وبفقده جالت في خاطرنا أبيات للإمام الشافعي :-

 

الناس للناسٍ ما دام الوفاء بهم .. والعسر واليسر أوقات وساعات ..

وأكرم الناسٍ من بين الورى رجلٌ .. تُقضى على يده للناس غايات ..

قد مات قومٌ وما ماتت مكارمهم .. وقد عاش قومٌ وهم في الناس أموات ..

 

ألا رحم الله فقيد بلادنا رحمة واسعة، فقد أعطى لبلده، وللناس عامة، ولأهله، الكثير الذي جُله سيبقى ..

  اللهم أسكن فقيد بلادنا (طه الروبي) فسيح جناتك، وألهم زوجته وأولاده وآله وأهله وجميع أصدقائه الصبر والسلوان، ونخص بالذكر هنا عائلات إخوانه مصطفى وحسن ويوسف وعبد الحميد وسعد ويحي .. هذا ونسوق عزاءنا بصفة خاصة لأخيه الأستاذ خالد الروبي وحرمه الدكتورة نعمات أحمد يونس، والأبناء داليا، وروبي، وريم وأحمد، وجميع أفراد عائلتهم ... ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) .. صدق الله العظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون ..

توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي)

http://www.tewfikmansour.net

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com