From sudaneseonline.com

بقلم : سارة عيسي
الأستاذ/علي عثمان طه .. الرجل العاقل في مركب المجانين /سارة عيسي
By
Sep 28, 2010, 18:56

الأستاذ/علي عثمان طه .. الرجل العاقل في مركب المجانين

 

     لم أحفل كثيراً بتصريحات وزير الشباب الرياضة الأستاذ/حاج ماجد سوار ، صحيح أنه وضع خمسة شروط للقبول بنتيجة الإستفتاء ، وهذه الشروط يُمكن أن تزيد أو تنقص حسب الحاجة ، والسبب لعدم أهمية تصريحاته لأن الرجل يتكلم من مساحة ضيقة ، فهو يختلف عن علي أحمد كرتي أو الدكتور نافع أو حتى كمال عبيد صاحب تصريح الحقنة المميتة  ، فهؤلاء يتكلمون من مساحة جهوية شاسعة ويمثلون شارعاً يجب أن لا نستهين به ، فهذا الشارع لا يقف ضد أهل جنوب وكفى ، بل أنه الشارع الذي يحارب أهل دارفور ، وهو  الشارع الذي بشر بحدوده الدكتور عبد الرحيم حمدي في ورقته الشهيرة ، إذاً الاستاذ حاج ماجد سوار – بحكم كونه من كردفان – فهو بعيد عن هذا الشارع ، ودرجته في حزب المؤتمر الوطني تساوي  درجة الفلاشا بين يهود الإشكناز والسفارديم في إسرائيل ، لذلك كان حاج ماجد سوار في معية المجموعة التي أنفصلت مع الدكتور الترابي ، لكن هذه المجموعة لم تقوى على معارضة الحزب الأم وشعرت بالتهميش ، وقد أفلست ونضبت منها الموارد ،  ثم بدأت تتساقط كأوراق الخريف  في سلة حزب المؤتمر الوطني ، وقد عاد منها الاستاذ/محمد الحسن الأمين ، ثم حاج ماجد سوار الذي برق نجمه الآن  بعد أن خاض معركة فاشلة في إنتخابات إتحاد كرة القدم السوداني ، لكن بالنظر لتصريحات علي كرتي وكمال عبيد ثم حاج ماجد مشوار شعرت أن حزب المؤتمر مشتت في حملته الإعلامية ، فهم لا يلعبون مثل  الفريق (Tick - Tak)  المتجانس ، فهم يلعبون فرادى وتحس أنهم بلا إستراتيجية أو أن الإستفتاء أخذهم على حين غرة ، هذه المواقف المتشددة في الداخل لا تنسجم مع خطاب الاستاذ/علي عثمان طه في نيويورك ، بل أنني شعرت أن مجانين الداخل يحاولون هدم كل محاولات الأستاذ طه  الهادفة لتقليل الخسائر ، فالرجل يحاول في نيويورك العمل على ثلاثة محاورة مضنية  وهي قضية الإستفتاء ، قضية دارفور ، والمحكمة الجنائية الدولية ، كما أنه يحاول جاهداً شطب إسم السودان من قائمة الإرهاب والعمل على إلغاء الديون ، لكن مجموعة الداخل والتي يمثلها كل من علي كرتي ودكتور نافع تعتقد أن السودان لا زال يعيش في فترة التسعينات ، وأنه بالإمكان العودة إلى الحرب وحياة الدبابين ، ولذلك يُمكن تصنيف شروط حاج ماجد سوار بتلك الشروط التي وضعها صدام حسين مقابل الإنسحاب من الكويت والتي كان بينها إنسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية ، في ذلك الوقت صفقت كل شعوب العالم العربي لشروط صدام حسين ، لكن ليس كل ما يشتهيه المرء يدركه ، ونحن في عالم فيه حدود لتصرفات القادة والحكام . فيجب أن يتعامل حزب المؤتمر الوطني مع إتفاقية نيفاشا كحزب مؤسس وليس كأفراد يخاطبون الناس في وسائل الإعلام  كما يحدث الآن ، وإذا أستمر هذا الحال سوف تستيقظ  د.بدرية سليمان ليوم غدٍ ويُمكن أن تطرح شروطاً تعجيزية أكثر من التي حددها حاج ماجد سوار ، أو أن يطل  علينا بروفيسور الزبير طه فيطالب بضرورة سحب كافة الجنوبيين من الشمال مقابل الإعتراف بنتيجة الإستفتاء ، أو يطالب وزير الداخلية الحالي  بضرورة تسليم الجنوبيين للأوراق الثبوتية  التي بحوزتهم مثل الجواز والجنسية لحكومة الشمال قبل إجراء الإستفتاء ، فهذه تُسمى شروط إبليس لأنه يصعب الإيفاء بها .

    فنحن لسنا في فترة التسعينات ، وقتها كان الحزب الحاكم موحداً ، وكان يحارب كالبنيان المرصوص ، ولم تكن أزمة دارفور موجودة ، كما أن العالم لم يكن يتحفظ على الحروب الدينية التي يغذيها العرق البشري كما يحدث اليوم ، وغير كل ذلك ، فالشعب السوداني نفسه غير متحمس الآن  لهذه الحرب ، فبعد خمسة سنوات من السلام النسبي شعر الناس بأن الحرب لا تقدم لهم - كما قال جيفارا- غير المرض والجوع وفقد الرفاق ، ولا ننسى أن شمال السودان سوف يخوض هذه الحرب بلا موارد ، ومن الأخطاء القاتلة التي أرتكبها حزب المؤتمر الوطني أنه أستثمر أموال البترول في مشاريع غير منتجة ، أو يُمكن أن نقول أنه بددها في الصرف الحكومي البذخي ، مما يعني أن شمال السودان يواجه الحرب وهو مكشوف من ناحية الموارد ، وبعد تصريحات كمال عبيد استبعد أن توافق الحركة الشعبية على تصدير نفطها عن طريق الشمال ، فأصغر مجنون في حزب المؤتمر الوطني يستطيع  أن ينبش في الأرض ويأخذ أنبوب النفط ويستخدمه في تصريف مياه الصرف الصحي حتى لا يصل بترول الجنوب لى موانئ التصدير  ، فهذا  سوف يعيد أهل السودان للوقوف في طوابير البنزين وأكل " الخبز المسوس " وشرب الشاي " بالجكة "  وفق تعبير  المستشار مصطفى عثمان إسماعيل وكان يعد أنعم الإنقاذ  . لذلك يجب أن اقول أن الحرب خيار صعب بالنسبة للجنوبيين ، كما أنها خيار أصعب بالنسبة للشماليين على الرغم من حديث المستشار مصطفى عثمان أن الشمال مستعد لتقديم مائة ألف شهيد .   هناك عقبة أخرة تقف في مشروع الحرب وهي  القوات الأممية المرابطة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق والجنوب ، بل أن الخرطوم نفسها تعج برجال المخابرات من كل أنحاء العالم ، فحزب المؤتمر الوطني سوف يُحارب في أرض مكشوفة ، فقد تغير الزمان والمكان ، كما أن الشيخ الذي كان يلهب خيال المحاربين ويعدهم بالإقتران من الحور العين بات بعيداً عن أرض المعركة  ، وطريداً يدعو الله مبتهلاً أن تكون كل صيحةً على حزب المؤتمر الوطني  .

 

نعود لتصريحات الدكتور كمال عبيد والذي يلعب دور " صحاف " الحرب في هذه الأيام ، فالدكتور كمال عبيد يقول أن الولايات المتحدة تتدخل في سيادة السودان بسبب مواقفها  المسبقة من إستفتاء الجنوب ، ومن حقنا أن نسأل كيف وصلنا لشاطئ نيفاشا ؟؟ والإجابة قد وصلنا إليها بمراكب أمريكية كانت ترفع شراع كُتب عليه سلام السودان لعام 2004 ، أنه قانون شرّعه الكونغرس الأمريكي في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش ، نيفاشا هي حصاد أمريكي قبلنا به  وليس علينا أن نرفضه بعد فوات الأوان ، ولا أعتقد أن الدكتور كمال عبيد يجهل أن المندوب الامريكي سكوت غريشن يتدخل في شئون السودان كلما سنحت الفرصة لزيارة السودان ، و هو الذي أعطى الضوء الأخضر لتزوير الإنتخابات الرئاسية الأخيرة  ، كما أنه هو  الذي يلتقي كافة رموز حزب المؤتمر الوطني ما عدا الرئيس البشير ، كما أنه طلب منهم في إحدى اللقاءت ضرورة طرح بديل غير الرئيس البشير لحكم السودان ، فدعم المجتمع الدولي للأستاذ/علي عثمان طه لم يأتي مصادفة  ، وهو دعم شبيه بالذي يجده نظيره الصومالي شريف شيخ أحمد ، فكل دول العالم الجديدة والقديمة تتدخل في الشأن السوداني من تشاد إلى إرتريا  ، لكن كل تدخل يمنع الحرب ويأتي بالسلام علينا القبول به ، فكلما أتابع أخبار الاستاذ/علي عثمان طه في نيويورك  وحواره الهادئ مع المجتمع الدولي ، ثم اسمع لما يقوله علي كرتي أو كمال عبيد في الداخل تتبادر لذهني مقولة لسيدنا عمر بن الخطاب : مثل القائم في حدود الله  مثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم اعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروراً على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا ، فإذا تركوهم وما أرادو هلكوا جميعاً ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً "

سارة عيسي

 



© Copyright by sudaneseonline.com