From sudaneseonline.com

بقلم : المتوكل محمد موسي
الخيانة والعمالة تقصمان ظهر إتفاق أبوجا 2 -2 /المتوكل محمد موسي
By
Sep 26, 2010, 21:21

بسم الله الرحمن الرحيم

الخيانة والعمالة تقصمان ظهر  إتفاق أبوجا 2  -2

المتوكل محمد موسي                                                                    

Almotwakel_[email protected]

إن مسئولية تطبيق أى إتفاق تقع حصرياً على الطرفين الذين وقعاه .. وتنفيذ إتفاق أبوجا هو مسئولية الحكومة وحركة تحرير السودان ولا أحد غيرهما .. وهو عين ما يتم ويجرى بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية الموقعين على إتفاق السلام الشامل والذى نعيش اليوم فى السودان تطبيق أحد أهم بنوده المتعلقة بالإستفتاء .. حيث لا يسمح أحد من هذين الطرفين لأى حزب أو تنظيم سياسى فى الشمال أوالجنوب من التدخل فى التأثير على تنفيذ أو تغيير شعرة من إتفاق نيفاشا .. فكيف تسمح الحكومة لآخرين بالتأثير على سير تنفيذ إتفاق أبوجا؟. لقد حدث هذا منذ أن جاءت الحركة إلى الداخل لتطبيق الإتفاق الذى وقعته معها فى أبوجا ، لقد خانت الحكومة عهدها وتنكرت له وقلبت ظهر المُجن لمن جنحوا إلى السلم ولم تُقدرهم حق قدرهم .

إن المسألة لم تتوقف عند هذا الحد، بل أقحمت الحكومة آخرين وزجت بهم فى المؤسسات التى أفرزتها الإتفاقية والعمل على إسباغ القانونية على تصرفاتهم ضد رغبة الطرف الآخر الشريك فى الإتفاق .. وليت تدخلهم وإقحامهم فى شئون الإتفاق من عينة ذلك التدخل الحميد الذى قد يفيد فى حل الأزمة موضوع الإتفاق، وإنما كرّس هؤلاء الدخلاء كل جهدهم ووقتهم لمناكفة الحركة وتنغيص عيشة رئيسها وتحدى رئاسته للسلطة الإنتقالية رغم وضوح بنود الإتفاق فيما يتعلق بمهام ومسئوليات رئيس السلطة الإنتقالية .. وعندما عجزت السلطة فى أداء مهامها وأهدافها التى من أجلها أُنشأت وبدأت الإنتقادات تُصوّب من قبل أهل دارفور والمهتمين بالأزمة .. تم تصويب كل النقد إلى صدر الحركة وعلى وجه الخصوص على صدر رئيسها منى أركو مناوى .. فعلى سبيل المثال لا الحصر .. عندما يُوجه النقد بأن الإتفاقية لم تُحرز أى تقدم فى موضوع النازحين واللاجئين وعودتهم إلى قراهم .. فإن النقد كله يصوب إلى الحركة وإلى رئيسها ثم إلى إتفاق أبوجا .. ولكن فى واقع الأمر إن المفوضية المعنية بقضايا هؤلاء ترفض تماماً الإنصياع لرئيس السلطة بل ظلت جزيرة معزولة عن السلطة ورئيسها ، المسئول عنها بنص الإتفاق ونص المرسوم الجمهورى ، تتحدى كل قراراته وتعمل بطريقة تدل على أنها شركة من الشركات الخاصة ولا علاقة لها بالسلطة الإنتقالية كمنظومة أفرزتها الإتفاقية ، بل إن كل الأموال التى تم ضخها فى خزينتها لحل أزمة النازحين واللاجئين ذهبت سداً فى أنشطة لا تمت بصلة لقضية هؤلاء والأمثلة والأدلة الشواهد كثيرة على ذلك .. يحدث هذا فى الوقت الذى تنص فيه المادة (8) من الإتفاق وكل بنودها بلا إستثناء وعلى وجه الخصوص البند (66) - أ- حيث جاء فيها تقع على رئيس السلطة الإنتقالية المسئولية الأولى فى مساعدة الرئيس فى كافة القضايا المتصلة بدارفور والجزء – ب – الذى يقول : يقوم – أى رئيس السلطة -  بتنسيق صياغة وتنفيذ الخطط والسياسيات والبرامج ذات الصلة بدارفور بما فى ذلك إعادة التأهيل والإعمار والتنمية فى دارفور إضافة إلى تسهيل عودة اللاجئين والنازحين... ولكن كيف يؤدى رئيس السلطة مهامة تلك والمفوضيات التى تتبع له لا تنصاع له وترفض أن تُخضع برامجها وأنشطتها لمراجعته؟.. وعندما يتصدى رئيس السلطة ويضطلع بأعبائه ليضع حداً لمثل هذا التفلت والفوضى ويكتب خطاب لرئاسة الجمهورية بُغية إجراء تغيير فى قيادة المفوضيات كما تنص بنود الإتفاق ، تضع الجهات المعنية خطابه فى الأدراج وتلوذ بالصمت ولا ترد عليه إمعاناً فى مضايقته وهل هناك مضايقة أكثر من مثل هذا السلوك الذى يُبديه شريك الإتفاق الأكبر؟ ولماذا لا يُطبق مثل هذا السلوك مع الحركة الشعبية؟.

وأكبر دليل نسوقه أيضاً على فساد الأمر فى مفوضياتها أن رئيس السلطة أصدر قراراً بإنتقال السلطة الإنتقالية إلى دارفور حيث ينبغى أن تكون هناك حسب نصوص الإتفاق ونصوص المراسيم الجمهورية التى شُكلت بموجبها .. وحتى بدون ذكر الأمر فى المراسيم الجمهورية وطالما أنها هى السلطة الإنتقالية الإقليمية لـ "دارفور" فإن أول ما يتبادر إلى الذهن أن مقرها فى دارفور وأنها يجب أن تُمارس عملها كسلطة وسط المتضررين هناك .. وهذه معلومة تهم كافة أفراد الشعب السودانى الذين يدفعون الضرائب والتى منها يتم الإنفاق على السلطة وعلى تكلفة تنفيذ بنود الإتفاق .. لأن دافع الضريبة يطمئن عندما يدرك أن أمواله تُدفع فى سبيل حل قضية تهدد أمنه لينعم بالأمن والإستقرار ولكن أن تضيع أمواله هدراً ، دون إحراز سلام ، فى مخصصات وإمتيازات لأفراد لا يكترثون لما يجرى فى دارفور، فإن خسارته تُصبح خسارتين .. وهكذا لا بلقعاً قطعنا ولا ظهراً أبقينا!.

بعد تدهور العلاقة بين شريكى إتفاق أبوجا حول تنفيذ وثيقتة.. فإن ما يتبادر إلى أذهان المراقبين أن الإتفاق على وشك الإلغاء أو أنه قد أُلغى ولكن لم يتم الإعلان عن إلغائه بعد .. ومما يجدر ذكره أنه إذا ما تم إعلان الإلغاء فمن ما لا شك فيه أن كل المؤسسات التى أفرزها الإتفاق ستكون لاغية .. لأنه لا يُعقل أن تبقى السلطة الإنتقالية مثلاً والإتفاق الذى يبرر بقاءها قد ألغى ولا يكون هناك إتفاق إذا الحركة التى وقعته لا تستطيع ممارسة حقها فى تنفيذ بنوده .. الحكومة بتعطيلها لتنفيذ إتفاق أبوجا تكون قد أرسلت رسالة واضحة لا تحتاج إلى شرح إلى الحركات الدارفورية التى لم توقع بأنها لن تطبق أى إتفاقٍ توقعه مع أى طرف من أطراف الأزمة .. لأنه ببساطة إذا لم تستطع تنفيذ إتفاق أبوجا بكل نقصانه وسهولة تكاليفه فكيف تطبق أى إتفاق آخر ذو سقوفٍ عالية فى المستقبل إذا ما قُدِّر لها أن تصل لإتفاق مع آخرين من رافضى أبوجا؟.

من المثير للأسف حقاً أن تبتكر الحكومة إستراتيجية جديدة لحل أزمة دارفور وهى أقل قامة من إتفاق أبوجافى كل شئ بدلاً من الإجتهاد فى تطبيقه ، بل إن الحكومة لم تستشر الحركة ولم تشركها فى وضعها رغم نصوص إتفاق أبوجا الذى تقول بوضوح أن رئيس السلطة هو المسئول الأول لدى رئيس الجمهورية عن كل ما يتعلق بدارفور وقد ذكرنا البنود التى تنص على ذلك فى متن هذا المقال .. ولكن لعَّل أكبر الخيانات التى تعرضت لها حركة تحرير السودان ورئيسها منى أركو مناوى هو عملية تنكر الحكومة لهما .. فالحركة هى التى وثقت في وفد الحكومة فى أبوجا ورئيسها هو من تقدم ليوقع الإتفاق فى وقت كان من أكثر أوقات أزمة دارفور عصبيةً .. لم تقدر الحكومة إقدام الحركة على التوقيع .. فما أن جاءت الحركة إلى الداخل حتى بدأت الحكومة تمارس أبشع أنواع التنكر للإتفاق، فتركته عرضةً لمنسوبيها من الذين ، لن يعترفون به حتى وإن جاء مبرءً من كل العيوب .. وأولى فصول التنكر عندما قررت الحكومة فرض آخرين على الإتفاق لم يشملهم التفاوض بل جئ بهم وزج بهم لتعطيل مسار تنفيذه وليخلقوا منهم أجساماً غريبة لا علاقة لهم به ، وبعد تعيين رئيس الحركة كبيراً لمساعدى رئيس الجمهورية نال جزاء سنمار بإبقائه بلا مهام فى القصر الجمهورى ودعم خصومه ليُصبح عرضةً لسخرية رافضى أبوجا وكل معارضى المؤتمر من القوي السياسية ، لقد قالوا صراحة وفى أكثر من مناسبة أن حركة تحرير السودان تستحق هذه الإهانة وعليها أن تتحمل وحدها وزر توقيع إتفاق مع نظام معروف بنقض عهوده ومواثيقه .

 ننصح الأخوة فى المؤتمر الوطنى بالإسراع فى تطبيق باقى بنود إتفاق أبوجا والعمل على إستكمال سلام ارفور بتوقيع إتفاق سلام شامل يضع حداً لهذه الأزمة المتطاولة ، وأن يكفوا عن دعم هؤلاء الذين لا يزيدون الناس إلا خبالا ولايستطيعون فعل أى شئٍ لإستدامة السلام فى دارفور لأنهم لايملكون شيئاً لتقديمه يمكن أن يؤثر على الأرض فى الإقليم المنكوب ، يبدو أن ضيق هذه المساحة لا يُمكننا من كتابة المزيد عن " الهباب " الذى ظلوا يمارسه المفوضون فى السلطة الإنتقالية من سوء للإدارة وجهل مثير للشفقة بشئونها وتبديد لأموال التسيير فيما لاطائل من ورائه إلا السفه الممض والممارسات الخاطئة التى أُتبعت فى تعيين الموظفين ومحاباة الأهل والعشيرة ومخالفة كل اللوائح والنظم الإدارية بل تجاوزوا حتى قواعد الأخلاق والقيم التى عُرف بها أهل دارفور ، ولذا سنكرس العديد من المقالات فى مقبل الأيام لفضح هذه الممارسات التى ظلت ترتكب بإسم أهل دارفور وهم منها براءٌ.



© Copyright by sudaneseonline.com