From sudaneseonline.com

كلام عابر بقلم : عبدالله علقم
ديون اسماعيل وديوننا/عبدالله علقم
By
Sep 23, 2010, 20:11

(كلام عابر)

ديون اسماعيل وديوننا

حكم الخديوي اسماعيل باشا مصر من 1863 م  حتى أقيل عام 1879م تميزت  فترة حكمه بالصرف الباذخ غير المرشد  وسوء الإدارة  وتبديد المال العام الذي اختلط بالمال الخاص وقامت بعض المعالم الجميلة في مصر مثل القصور الملكية الفاخرة ودار الاوبرا وغيرها ولكنها كانت باهظة التكلفة مقارنة بتكلفتها الحقيقية. تجاوزت ديون مصر في عهد اسماعيل 126 مليون جنيه استرليني وهو مبلغ يمثل ثلاثة أضعاف القيمة الحقيقة لتلك الديون وانتهى الأمر بإقالة اسماعيل من الحكم ليذهب لاجئا لاستانبول ، ووضع مصر كلها تحت الإشراف الأجنبي الذي اضطرها للتنازل عن حقها في قناة السويس ، وغدت هذه ملكا أجنبيا خالصا ولم تعد  السيادة المصرية الكاملة على قناة السويس إلا عام 1956م بعد عناء ودماء وخراب.

ديون السودان الخارجية تجاوزت 35 مليار دولار أمريكي وهي تزيد كل سنة بتراكم وتجدد الفوائد، بمعنى أن القيمة الحقيقية لتلك الديون تقل كثيرا عن مبلغها الحالي مثلما كان الحال مع ديون اسماعيل.لكنها تظل التزاما على الدولة المستدينة. ظهر مؤخرا اتجاه ينادي ببيع هذه الديون الخارجية ليتم سدادها بالعملة المحلية أسوة بكثير من الدول التي باعت ديونها الخارجية بنفس الطريقة.وقال السيد محافظ بنك السودان إن المشاورات تجري حاليا وزارة المالية  كما تجري دراسة الآثار المترتبة على بيع الديون والفوائد التي يمكن أن يجنيها السودان مقارنة بالأضرار.أما المدير السابق للأمن الاقتصادي والباحث الحالي في مركز الدراسات الاستراتيجية  فقد ذكر  أنه تبرز بين الحين والآخر  عروض لاستبدال الديون بأصول مملوكة للدولة مثل المؤسسات والمشاريع والأراضي لكن مثل هذه المعالجة لم تتم إلا في حالة برج الفاتح الذي آلت أرضه للبيا سدادا لجزء من الديون اللليبية على السودان وأكد الباحث رفضه بيع الأصول والأراضي حفاظا على  مصلحة البلاد العليا.

إذن وجهات النظر مختلفة حتى داخل الفريق الواحد ، الذي هو فريق الحكومة ،وما دام الأمر يتعلق بمصلحة البلاد العليا التي يتشارك ويتساوى  الجميع في تحمل مسئوليتها،أو هكذا يجب،  يجب أن تخضع الديون الخارجية السودانية ومعالجاتها الممكنة لحوار وطني تطرح فيه جميع الرؤى  المهنية  المتخصصة والسياسية من مختلف ألوان الطيف السياسي بحس وطني صادق، واضعين في الاعتبار أن تقويم أو تصنيف المجتمع الدولي ومؤسساته، المالية منها على وجه الخصوص، لا يعتبر عاملا مساعدا على معالجة هذه الديون بطريقة إيجابية. ويتطلب هذا الحوار قدرا وافرا من الشفافية وتوفير  كل المعلومات والبيانات، ونبذ عادة  الإقصاء والتفرد بامتلاك الصواب أو اتخاذ القرار،بعد أن  أثبتت التجارب المتلاحقة عدم فاعلية  هذا السلك. ومهما كان الجدل حول هذه الديون وصرفها غير الرشيد،  فقد غدت اليوم  أمرا واقعا، وعبئا على كل مواطن في الحاضر وفي المستقبل، وليس هناك من يرغب  في استنساخ تجربة اسماعيل باشا  حتى لو كانت بملامح عصرية حديثة.

(عبدالله علقم)

[email protected]



© Copyright by sudaneseonline.com