From sudaneseonline.com

بقلم :د/عبدالله علي ابراهيم
كِندل: وتقول لي الطيارة ما فيها بوري/عبد الله علي إبراهيم
By
Sep 22, 2010, 13:23

18-9-2010

 

كِندل: وتقول لي الطيارة ما فيها بوري

عبد الله علي إبراهيم

 

جاء في الأخبار أن صفوة من السودانيين بأمريكا وغيرها كونوا "لوبي" للضغط لصالح السودان. وصالح السودان بالطبع موضع خلاف شديد. ولكني رغبت أن أطلع هذه الجماعة على سريرة ثقافية لصالح السودان لن ينتطح فيها "لوبيان".

من ضمن ما كنت استعد للحصول عليه هنا قبل عودتي للسودان جهاز "كندل". وهو جهاز بوسعك أن تٌنَزل فيه الكتب من أسواق الكتب الأكترونية مثل أمازون دوت كم وتقرأها على راحتك. وهي كتب سعرها أرخص من الكتب الحرفية. وشرط ذلك كله أن يكون لك حساباً مع دكانة رقمية لتطلب منها تلك الكتب وقت شئت. وتنصح أمازون دوت كوم الراغب في خدماتها خارج أمريكا أن يراجع قائمة الدول التي بوسع أهلها الاستفادة من هذه الخدمة.

 وجات الحزينة تفرح ما لقتلهاش مطرح. فلم يخب ظني في بلدي الحبيب. فما ضغطت على اسمه حتى قال كندل إنه ليأسف أن خدماته ليست معروضة للسودانيين في الوقت الحاضر. وزاد بأن محتوياته أيضاً غير مأذونة لنا. وفهمت من ذلك بأنه حتى لو كان لك حساب مع كندل فكتب كندل ومعيناتها محظورة عليك لمجرد أنك في هذا البلد العجيب كما تقول البرجوازية الصغيرة الهازئة.

وقلت أجرب دولاً أخرى لأرى من أعطته كندل كتابه بيمنه ومن أخذه  منها بيساره. فمن رأى مصيبة الآخر هانت عليه مصيبته. فوجدت أن أهل اليسار هم النيجر ونيجريا وعمان واليمن وسوريا وتونس والصومال وسيراليون والسعودية وقطر وفلسطين وباكستان وكوريا الشمالية وموريتانيا وماليزيا ولبنان ومالي وليبيا والكويت والعراق وإيران والأردن وكازخستان وأندونيسيا وغينيا وقامبيا وإرتريا ومصر وجبوتي وكوبا وجزر القمر والصين وتشاد وبركينا فاسو وبنغلاديش والبحرين وأزربيجان والجزائر وأفغانستان والسنغال وأوزبكستان.يقول الإمريكان للإيجاز في مثل هذه الحالة: you got the picture. ويعنون الصورة وضحت ليك إفتكر.

 العالم العربي والإسلامي والشيوعي: لم ينجح أحد. إن حرمان أي بلد من كندل في عصرنا هذا هو حكم بالإعدام الثقافي. فخزانة كندل العامة بها حالياً 670 ألف كتاب ولها خدمات اشتراك في الصحف والمجلات وصحافة الإنترنت. وسعة كندل (الذي سعره 140 دولاراً ) 3500 كتاب. ومن حٌرم هذه الفاكهة الدانية شقي دنيا. وسيضيف هذا الزجر عن سوق الكتاب الرقمي إلى حالنا الشقي مع الكتاب. فقد جاء في التقرير الأول للتنمية الثقافية (2008) أن معدل  القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4% من معدل القراءة في دولة مثل إنجلترا. ويصدر كتاب واحد لكل 12 ألف عربي بينما يصدر ذلك لكل 500 إنجليزي و900 ألماني.

بينما كنت أتقلي في حٌرقتي  من كندل قرأت في رحلة ابن جبير (1183 هجرية) من القاهرة إلى عيذاب السودانية عن القراءة خلال سير القافلة. فذوو الترفيه يستظلون بالمحامل (نوع هوادج) وأحسنها اليمانية. "وتوضع على البعير ولها أدرع صٌفت بأركانها يكون عليها مظلة فيكون منها الراكب مع عديله في كِن من نفخ الهاجرة ويقعد مستريحاً في وطئه ومتكئه. . . ويطالع ما شاء من المطالعة في مصحف أو كتب" ويلعب الشطرنج يلاعب عديله تفكهاً وإجماماً للنفس. وقرأت عند الرحالة ابن سعيد يطلق على ما نصفه بمنحني النيل المعروف ب"قوس النيل". وتقول لي الطيارة ما فيها بوري. كنا ملوك قراءة في الزمان.

أرجو ان يستصحب لوبي السودان الناشيء هذه المظلمة من كندل ليرفع بلدنا من دائرة حظره بالضغط على أمازون والرأي العام الأمريكي والدولة الأمريكية التي تريد استبدال كتبنا "الإرهابية" بينما تحظر علينا كتبها الغراء. فلا إطعام ولا استرزاق من خشاش الأرض.

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com