From sudaneseonline.com

بقلم : عبدالغني بريش اللايمى
دعوة القس " تيري جونز " لحرق القرآن وأفعال العرب والمسلمين المشينة !؟/عبدالغني بريش اللايمى 00 الولايات المتحدة الأمريكية
By
Sep 22, 2010, 07:43

بسم الله الرحمن الرحيم

دعوة القس " تيري جونز " لحرق القرآن وأفعال العرب والمسلمين المشينة !؟

عبدالغني بريش اللايمى 00 الولايات المتحدة الأمريكية

ما زال موضوع حرق " المصحف الشريف " الذي أثاره القس تيري جونز بالولايات المتحدة الأمريكية يذهب على قدم وساق في الدول والمدن الإسلامية والعربية ، رغم ان الحدث لم يقع أصلا ، أي ان القرآن لم يُحرق ، لأن القس تيري جونز تراجع عن فكرة الحرق أمام سيل من الغضب والضغط الأمريكي ، والنداءات التي وجهته إليه الجهات الدينية - من المسيحية واليهودية والإسلامية من جميع أنحاء العالم ، والتحذيرات التي أطلقتها الجهات العسكرية الأمريكية ، كتحذير قائد العمليات العسكرية في أفغانستان الجنرال " ديفيد بتريوس " ، والمكالمة التليفونية التي أجراها وزير الدفاع الأمريكي " روبرت غيتس " مع تيري جونز ، بإعتبار ان الخطوة التي ينوي الاقدام عليها تنطوي على مخاطر أمنية كبيرة وخطيرة 0 كل هذه الضغوطات والدعوات والرسائل والنداءات أدت إلى اقناع القس " تيري جونز " بالتخلي عن فكرة حرق " القرآن الكريم " 0 ولأن القس " تيري جونز " طويل اللسان وكثير التصريحات والتناقضات ، ويحب الظهور على شاشات التلفزة الأمريكية ، فقد كانت وسائل الاعلام الأمريكية والعالمية دقيقة وواضحة في أسئلتها له صبيحة يوم السبت الموافق 11 سبتمبر 2010 ، عندما أصرت ان تحصل على اجابة قطعية ونهائية على ما إذا كان المذكور قد تخلى للأبد عن حرق القرآن ، أم سيفكر مرة أخرى في المستقبل على دعوة أعضاء كنيسته لحرق " القرآن " مجددا ؟ فكان القس تيري جونز واضحاً في اجابته لوسائل الاعلام ، بقوله بالحرف الواحد أمام الملأ لم ولن أحرق " القرآن الكريم " أبداً ! 0

 

على كل حال حل مشكلة القس تيري جونز ، ولم يتم حرق " القرآن " والحمدلله ، ومرّ تاريخ الحادي عشر من سبتمبر بسلام دون احتجاجات كبيرة 0 وبعده أبدى القس تيري جونز نيته بمقابلة " الشيخ فيصل " القائم على مشروع بناء المركز الإسلامي بقرب من (Ground zero ) أي موقع مركز التجارة العالمي الذي ضربه الإرهابيون في 11 سبتمبر 2001 ، والهدف من مقابلة تيري جونز مع الشيخ فيصل هو السعي لإيجاد حل سلمي للمشكل الذي أثاره بناء هذا المسجد الإسلامي في ولاية نيويورك وصل لهيب نيرانه إلى عدد من الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من شهر 0

 

وبما أن الأمريكان قد استطاعوا ترويض القس جونز وانتهت القضية دون خسائر ، إلآ ان العالم الاسلامي والعربي رفضا رفضاً تاما تصديق خبر انتهاء هذه القضية 0 فحتى الآن هناك مسيرات وتظاهرات احتجاجية تخرج في شوارع المدن الباكستانية والأفغانية والأردنية والصومالية والعراقية واليمنية والتركية 00 الخ ، منددةً بخبر نية القس تيري جونز حرق القرآن الكريم 0 أما في عالم " العروبة والعِربان والأعراب والعربة " فما زال كُتابهم نشطين في كتاباتهم ومقالاتهم عن موضوع القس تيري جونز ، حيث تصب هذه المقالات والكتابات على جرائدهم وصحفهم صبا جما ، معظمهم يتحدثون ويتناولون الموضوع وكأن المصحف الشريف قد أُحرق فعلا ، وبعض الخمل منهم تحرك لتو ليصب الزيت على النار عمدا لإشعال الفتنة الدينية ، وبعضهم وجد في الموضوع وجبة دسمة وطازجة للنيل من أمريكا وشعبها 00 الخ 0

 

وبالرغم من تناول الكُتاب العرب موضوع حرق القرآن بكثافة صحفهم وجرائدهم ، إلآ ان هذا الموضوع تم تناوله من الناحية الإيجابية - أي من ناحية ايجاد الحلول المناسبة والمقبولة لجميع أطراف الأزمة ، بل جميعهم تناولوا الموضوع من جانبه السلبي ، حمل بعضهم صراحةً الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع المسيحي واليهودي أسباب تلك الأزمة 0 ونظر بعضهم لقضية القس تيري جونز على انها جزء صغير من مؤآمرة كبيرة تستهدف الإسلام والمسلمين وووووووووووو الخ 0 وبلغ عدد المقالات التي تناولت الموضوع إلى عشرات المئات منذ ظهوره على السطح 0 وإليكم عدد ضئيل جدا جدا لبعض من العناونين المقالاتية التي وردت في الصحف العربية  بتاريخ 13 سبتمبر 2010 بخصوص الموضوع :

 

1- زوبعة إحراق المصاحف في فنجان “جينزفيل”

 

2- أعداء الأمة أساتذتها

 

3- الكراهية في الغرب أيضا !

 

4- حين انتصر أمريكي متطرف علينا جميعاً بعد أن هدأت العاصفة!!

 

5- من يمثل تيري جونز؟

 

6- حرق القرآن.. القادم أسوأ

 

7- أسـوأ ما في أمريكـا

 

8- حرق المصحف : رسوب جديد للقيم الأمريكية

 

9- التعبئة بالكراهية

 

11 أيلول: يوم يحرق العنصريون كتاب الله!

 

11- لماذا يكرهوننا؟

 

هذه فقط عينات من المقالات التي رد فيها أصحابها العرب على القس تيري جونز في صحفهم وجرائدهم بعد ان انتهت المشكلة تماما وذهب كلِِ إلى طريقه 0 كان الموضوع يتطلب من الكُتاب العرباويين بدل الرد على تيري جونز مباشرةً وبهذه السطحية ان يجروا مقارنة بسيطة ما بين ما كان يفكر فيه تيري جونز الإقدام عليه وبين ما أقدم عليه العرب والمسلمين فعلاً في تجاوزاتهم وخرقهم لما جاء في ( القرآن الكريم ) ليعرفوا ان من ظلم القرآن ليس هو القس تيري جونز المسيحي ، بل العرب والمسلمين أنفسهم 0 فإذا جاز لنا اجراء مقارنة صغيرة بين الإثنين - نرى الأتي :

 

* تيري جونز مسيحي لا يعرف أي شيئ عن الإسلام 0

 

* تيري جونز ينتمي إلى كنيسة لا يزيد عدد أعضاءها على 30 شخص 0

 

* ما فكر فيه القس تيري جونز من حرق للقرآن كان رد فعل مباشر لقيام الارهابيين الاسلاميين بضرب نيويورك وعدد من المواقع الامريكية بإسم الإسلام والمسلمين 0

 

وإذا كان العِبرة في احترام الكتب السماوية ( الإنجيل - التوراة - القرآن الكريم ) هي في مضمونها وموضوعها ومحتواها ، نجد ان العرب والمسلمين قصروا تقصيرا كبيرا في ايصال الرسالة الإسلامية لغير المسلمين في العالم الآخر 0 فهذا القصور الرسالي في حد ذاته يُعد حرقاً متعمداً للقرآن الكريم ، بالإضافة إلى ان الأفعال التالية التي أصبحت سمة ملازمة وملاصقة بالعرب والمسلمين تعتبر تدنيساً للمصحف الشريف وانتهاكا له :

 

* عدم ادانة العرب والمسلمين ادانة واضحة وصريحة للأعمال الإرهابية التي يقوم بها بعضهم في انحاء العالم بإسم الإسلام 0

 

* مباركة العرب والمسلمين للعمليات الانتحارية في عدد من دول ومدن العالم بإسم الجهاد 0

 

* قتل المسلمون لأخوانهم المسلمين بإسم المذهبية في عدد من الدول الإسلامية 0

 

* ما يحدث في اقليم دارفور السوداني من قتل وتشريد وتهجير لمسلميه على يد حُكام مسلمين 0

 

* الظلم الذي تمارسه الأنظمة العربية والإسلامية ضد مواطنيها المسلمين وغير المسلمين 0

 

* ممارسة العرب والمسلمين وعلماؤهم الغش والخداع على الشباب بإسم ( حور العين ) والجنة التي تجري من تحتها الأنهار 0

 

* احتفالات بعض العرب والمسلمين السنوية بحادث 11 سبتمبر الإرهابي وفخورهم الشديد به واعتباره غزوة من الغزوات الإسلامنية الكبرى 0

 

* 00 الخ 0

 

إذن القضية في حقيقة الأمر ليست اهانة القس " تيري جونز " للقرآن الكريم " ! ، بقدر ما هي إهانة العرب والمسلمين ذاتهم لهذا الكتاب المقدس منذ قديم الزمان بصور وأشكال مختلفة 0 فكانت الأمانة تقتضي وتتطلب ان يوجه هؤلاء الكُتاب العرب مقالاتهم وكتاباتهم وعُرضحالاتهم لحكامهم وأنظمتهم الظالمة الجائرة التي تعصر وتطحن شعوبها طحنا ، وأذلت وما زالت تذل " القرآن الكريم " إذلالاً عظيما ، وحرفت وتحرف ما جاء فيه من كلمات ومعاني تحريفا كبيرا لتبقى في السلطة لأطول فترة زمنية ممكنة 00 أنظروا مثلا إلى هذه الأنظمة ذات الأخلاق العربي والقشرة الإسلامية ( ليبيا ، اليمن ، مصر ، تونس ، السودان ، سلطنة عُمان ، الممالك والمشيخات الخليجية ، 00 الخ ) ، جميعها تدعي حرصها على القرآن الكريم ، لكنها في الوقت نفسه تنتهك حُرمة هذا الكتاب السماوي مضمونا وجوهرا !! 0

 

لننظر إلى ( النظام السوداني ) مثلا : فهذا النظام جاء رافعا لشعارات اسلامية كـ ( الحاكمية لله ، ولا بديل لشرع الله ، والسودان دولة إسلامية ، والمشروع الحضاري الإسلامي ، 00 الخ ) ، غير انه اعلن حربا شاملة بلا هوادة على كل معارضيه من كل الديانات والقوميات والأعمار ، ومع انتهاء حربه مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في عام 2005 كان عدد الموتى من الجانبين قد تجاوز مليوني قتيل وأكثر من مليون جريح بعضهم في حالة خطرة حتى الآن 0 أما في حربه مع مسلمي دارفور التي بدأت في عام 2003 ومستمرة حتى الآن ، فقد بلغ عدد قتلاها حسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة إلى أكثر من 300 ألف قتيل 0 فبإجراء مقارنة بسيطة بين أفعال هذا النظام الذي يطلق على نفسه بالإسلامي وبين دعوة القس تيري جونز لحرق القرآن نجد ان الأول بكل المعايير والمقاييس أخطر انتهاكا وتهديدا " للقرآن الكريم " من الثاني دون لف ودوران 0

 

ان العالم العربي والإسلامي مطالبان بتصحيح أوضاعهما الديني والأخلاقي في دارهما أولاً ، ومراجعة فهم الإسلام والقرآن فهماً جيداً ، وايجاد الطرق والوسائل السلمية لتوصيل الرسالة الإسلامية لغير المسلمين 0 ومطالبان أيضاً بمواجهة الأنظمة السياسية المنتهكة لحقوق مواطنيها باسم القوانين الإسلامية وشريعتها ، ومنعها من استخدام آيات القرآن الكريم في أغراض سياسية سلطوية دنيوية رخيصة 0 كما ان العرب والمسلمون وعلماءهم وحكامهم مطالبون جميعا بتعريف العالم الآخر بالرسالة الإسلامية وبمحتوى ( القرآن الكريم ) على غرار ما يقوم به أتباع المسيحية من ترويج وتسويق وتبشير لديانتهم في كل أنحاء العالم بكل الوسائل المتاحة ، من مرئيات مجانية للجميع في كل الدول ، ومسموعات في كل مدينة من مدن العالم ، وكتب ومنشورات تحكي لغير المسيحيين عن تعاليم المسيحية وعقيدتها وآدابها 0 ونعتقد ان ليس هناك ما يمنع أتباع الرسالة الإسلامية من ان يحذو حذو المسيحيين لتوصيل الإسلام للآخرين حتى يفهموا مقاصده ومعانيه السامية ، لأن النموذج الإسلامي المقدم للعالم كان نموذجاً سيئا ومشينا ومخجلا 00 ما قدموه للآخرين من نموذج سيما في السنوات العشرة الأخيرة كان مفضحا ومنفرا كـ ( أقتل عددا كبيرا من البشر بمجرد اختلافهم معك تضمن دخولك الجنة ، أزرع المفخخات واربط الأحزمة الناسفة لقتل الأبرياء كوسيلة لتوصيل رسالتك لغير المسلمين ، الظلم الذي يمارسه النظام السعودي مثلا ذات الاغلبية السنية ضد الاقلية الشيعية ، الظلم الذي تمارسه الجمهورية الاسلامية الايرانية ذات الاغلبية الشيعية ضد الاقلية السنية ، الحرب الطائفية المذهبية القائمة بين الأطراف العراقية منذ عام 2004 ، الظلم الذي يمارسه النظام المصري ضد الأقليات غير الإسلامية في البلاد ، 00 الخ ) ، كل هذه الأنظمة وغيرها قدمت نموذجا اسلاميا سيئا خجل منه حتى المسلمين أنفسهم الذين بدأوا يشدون رحالهم أفرادا وجماعات نحو الغرب النصراني المسيحي بحثا عن الحماية الشخصية والأسرية ، حتى أصبحت معظم دول ومدن ( آكلة لحوم الخنازير ) مكتظة بأصحاب مطلقي اللحي وأسرهم 00 فهل الخطأ هنا خطأ القس تيري جونز بطل دعوة حرق القرآن أم الخطأ خطأ المسلمين الخونة الذين تبولوا على المصحف الشريف منذ زمان طويل قبل ميلاد القس تيري جونز نفسه ؟

 

والسلام

 



© Copyright by sudaneseonline.com