From sudaneseonline.com

بقلم : عاطف عبد المجيد محمد
الاقتصاد والدخول الى غرفة الانعاش مبكرا/عاطف عبد المجيد محمد
By
Sep 22, 2010, 07:38

الاقتصاد والدخول الى غرفة الانعاش مبكرا

 

ظلّ الكثير من الحادبين على المصلحة العليا للبلاد التحذير من مغبة انتهاج سياسات اقتصادية واجتماعية وتنموية ارتجالية لاتقوم على الاسس العلمية والواقعية والتحليل المؤسسى لمختلف الاسقاطات على ضوء متغيرات اقليمية ودولية سريعة الوتيرة وازمات مالية وغذائية دولية يمثل اقطاب الفعل الاساسى فيها اللاعبون الكبار , حيث لامكان للصغار الا استجلاب الكرة حينما تخرج من الملعب . ففى مواجهة مثل هذه الازمات يتطلب الامر توخى الحذر واعمال الحكمة , فصناع الازمة للذين لايعلمون, دولة مثل الولايات المتحدة الامريكية مثلا يتجاوز ناتجها الاجمالى المحلى اكثر من ثلاثون ترليون دولار , أى بالبلدى أكثر من 30 ألف ألف مليون دولار , طبعا بالجنيه الكومبيوتر سيصاب بصداع لترجمته الى ارقام . والميزانية السنوية العسكرية تبلغ نحو 3.6ترليون دولار أى هذا الرقم فى ألف ألف مليون دولار . ولكم أن تتصوروا حجم السنام لدولة هذه مقوماتها المالية . طبل الكثيرون دون وعى لانهيار اقتصاديات دول من هذا الحجم , ووسط زهول الجميع,و للذى يود الاستزادة مراجعة حجم ارباح الشركات العملاقة لنصف السنة الحالية ليدركوا جيدا ان التعاطى بواقعية مع المعطيات الاقتصادية والسياسية الدولية بالنسبة لما تسمى بالدول النامية فى عالم الالفية الثالثة أمر لايحتمل غير ذلك , فاقتصاديات يمكن اعداد ميزانياتها دون الحوجة لاستخدام جهاز الكمبيوتر , بل قلم الكوبية بتاع زمان يكفى , لابد من رسم استراتيجيات وسياسات وخطط وبرامج أهم سماتها توجيه الموارد المحدودة أصلا الى استثمارها فى الانشطة التى تصب فى تنمية الاقتصاد الحقيقى المرتبط بصورة اكثر صرامة بالنشاط المحورى لاقتصاد البلاد وهو الزراعة . والنأى عن الاستثمار فى انشطة قابلة للانهيار فى أى لحظة .

الذى دفعنى لكتابة هذه الاسطر حزمة السياسات التى تناقلتها وسائل الاعلام مالية واقتصادية , والتى تتمثل فى رفع الجمارك لبعض السلع وترشيد الاستهلاك ورفع بعض الضرائب , بغية توفير اكبر قدر من العملات الاصعبة فى ظل ميزانية للعام 2011 تبدو ملامحها تلوح فى الافق . والسؤال الذى يطرح نفسه بشدة على جهات الاختصاص , هل جاء هذا الامر الموجب لتلك السياسات فجائيا ؟ أم أمر ّ معلوم قبيل حوالى الست سنوات ؟ ولنتحدث بلغة العلوم ولنقل بنسبة 50% , ياترى هل كانت خططهم وسياساتهم خلال تلك المرحلة وبعلمية بحتة تترجم هذه الاسقاطات التى أسست عليها تلك السياسات ؟ ام المراهنة على تدفق مليارات الدولارات الموعودة من قبل المانحيين ونذكر هنا محطات ماسترخت واوسلو وهلم جرا , مع اعتزارنا للسيد رئيس الوزراء السابق لاستعارة تعبيره المشهور . أم المراهنة على تدفقات عشرات المليارات من الدولارات من قبل المستثمرين الاجانب , وما سوف يدفع كل ذلك بتنمية اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة على ضوء ضمانات الايرادات البترولية .

أين هى مليارات المانحيين والمستثمرين ؟ فالمانحين سرعان ما صبوا الزيت على النار بقضية دارفور بصورة دولية تجاوزت مزابح بروندى ورواندا الشهيرة ابان التسعينات من القرن الماضى , تنصلا من استحقاقات الالتزامات لاتفاقية نيفاشا , واين هى مليارات المستثمريين الاجانب ؟ فالمليارات التى صرفت على تنمية شبكات الاتصال وتعدد شركاتها مع احترامى لاصحابها لاتطعم خبزا الشعب السودانى , وكذلك تشييد الابراج العملاقة هنا وهناك لاتوفر خبزا للشعب السودانى , بل استنزاف للطاقة الكهربائية الشحيحة اصلا من خلال تكيفها المركزى وخلافه , وبمناسبة الكهرباء , أصبت بالزهول وانا اتابع قناة الجزيرة حينما علمت ان مصر تنتج حوالى 22.3 الف ميغاوات سنويا , ياترى كم ننتج من الطاقة الكهربائية سنويا , وحسب علمى أن خزان مروى طاقته ينتج 1.25ألف ميغاوات وهو اكبر منتج للكهرباء بالبلاد . وياترى كم حجم مساهمة قطاع الزراعة وهو القطاع المحورى بالاقتصاد السودانى فى الصادرات كأهم مورد للبلاد للعملات الصعبة فى حالة انحسار ايرادات قطاع البترول ؟ انها تساؤلات مشروعة نوجهها لراسمى السياسات الجديدة للاجابة عليها حتى يتسنى للمواطن البسيط ان يلم بواقع الميزانية القادمة ويؤمن بها ويتفاعل معها بشكل ايجابى . انها مرحلة الحقيقة , وعلى جهات الاختصاص وعلى رأسها وزراء القطاع الاقتصادى ان يدعو الى مؤتمر صحفى موسع لتمليك الرأى العام حقيقة الوضع الاقتصادى المرتقب للعام القادم , أى بلغة أخرى تمليك الرأى العام الاسس التى تم بناءا ميزانية 2011 عليها والسياسات الواجب انتهاجها لتأمين موارد هذه الميزانية حتى يتمكن المواطن من تبنيها والسعى من قبل الجميع لبلوغ مراميها , اما اعلان سياسات اقتصادية ومالية بالطريقة التى تدفع بها الان للساحة فبلا شك ستقود الى حالة من الغيوم حول الميزانية . فيكفى لضعف القوة الشرائية والتضخم وضعف ايرادات الصادر الى تقويض هذه السياسات قبيل تطبيقها فعليا . فانهيار القطاع العقارى امر حتمى , وهنا الحديث عن الاسمنت والسيراميك ومختلف مستوردات مواد البناء والتشييد يصبح سرابا , ولن تجنى الميزانية أصلا موارد تزكر , وهو ماضخت فيه بكل اسف مليارات الدولارات خلال العقد المنصرم , قطاع الاتصالات المرشح الاقوى هو الاخر للانهيار , لانه يرتبط عادة بترمومتر الحالة الاقتصادية والمعيشية بأى بلد , فاولويات المستهلك ستتغير , وبكل أسف هذين القطاعين هما الذين نالا نصيب الاسد من الاستثمارات , اما البنى التحتية الاخرى من طرق وخلافه ففى ضعف الاستثمارات بالريف وعلى رأسها الزراعة تصبح ليست ذات جدوى تزكر , فدراسات الجدوى لانشاءاها مرتبطة بـتأمين التوسع فى التنمية الريفية ومحاربة الفقر وعلى رأس ذلك القطاع الزراعى النشاط الاساسى به . فأنهيار اسعار المنتجات الزراعية بالسوق المحلى حتمى فى ظل الضعف المتنامى للقوة الشرائية , كذلك مع متلازمة ارتفاع تكلفة انتاجه وضعف الانتاجية , بمالايتيح اى فرصة للمنافسة فى الاسواق العالمية , حيث الجودة وقلة تكلفة الانتاج , وكذلك تنوع المنتجات فى قبالة منتجات تغلب عليها المحلية من حيث الاستهلاك , أضف الى ذلك , عدم الموافقة حتى الان من قبل منظمة التجارة العالمية لانضمام السودان لعدم استيفاء شروط الانضمام , وفوق هذا وذاك تعتبر تجارة المنتجات الزراعية العقبة الكأدا امام المنظمة حتى الان , حيث لازالت اتفاقية الدوحة حول تسويق المنتجات الزراعية تراوح مكانها منذ ثمانى سنوات , فى ظل تصلب موقف دول الاتحاد الاوربى وامريكا فيما يتعلق بقضية الدعم الزراعى وفتح اسواقها امام منتجات الدول النامية الا وفق معايير , تدرك تماما عدم مقدرة هذه الدول للايفاء بها . هذا ناهيك عن انحسار دعم المانحيين للدول النامية وانتهاجها هى الاخرى سياسات تقشفية حادة , وهو ماجعل أهداف الالفية الانمائية تذهب ادراج الرياح وتعاظم عدد الجوعى والفقر بالعالم النامى , وهو مادعى قادة العالم لتناول هذا الموضوع على رأس المواضيع التى ستناقشها الجمعية العامة للامم المتحدة خلال اجتماعاتها الحالية بحضور معظم قادة العالم .

فالوضع وهذه ملامحه الا يستوجب مواجهة جمهور المواطنين بطرح كافة الخيارات والسياسات ومبرراتها بكل الصدق والموضوعية حتى يتكامل الجهدين الرسمى والشعبى لتبنى تدابير تؤمن اقتصاد البلاد وثرواته وتدفع بالجميع لاعلاء القيم الوطنية السمحاء فى مواجهة الشدائد ,والمناداة بتطبيق الخطوط التوجيهية الطوعية لاعمال حق الغذاء التى أعدتها اللجنة الحكومية الدولية تمثل الاساس القوى لتأمين هذه الخطوة  بدلا من انتهاج سياسات فوقية احادية الجانب , لم تجلب للبلاد سوى هذا الواقع الماثل امام الجميع . فانتهاج سياسة الحوار المفتوح تمثل انجع السبل فى مثل هذه الاوضاع , واللجوء لحكماء الامة والمختصين والعلماء ضرورة يمليها الواقع , خاصة والبلاد تتجاذبها العديد من القوى مما يوجب التوحد وتضافر الجهدين الرسمى والشعبى لعبورها بسلام .

 

 

والله ولى التوفيق

 

 

عاطف عبد المجيد محمد

عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء-هايدلبرغ – المانيا

عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين – بروكسل – بلجيكا

الخرطوم بحرى – السودان

تلفون :00249912956441

بريد الكترونى :[email protected]



© Copyright by sudaneseonline.com