From sudaneseonline.com

بقلم: د. صبري محمد خليل
حقوق الأقليات الدينية و الفكرالسياسى الاسلامى/د.صبري محمد خليل/ استاذ الفلسفة بجامعه الخرطوم
By
Sep 18, 2010, 17:09

حقوق الأقليات الدينية  و الفكرالسياسى الاسلامى

د.صبري محمد خليل/ استاذ الفلسفة بجامعه الخرطوم [email protected]

 

يمكن تناول مشكله الأقليات الدينية بناءا على  تقرير الإسلام لمبادئ،الحرية، المساواة.  وجمعه بين الوحدة والتعدد استنادا إلي مفهوم الوسطية على المستويين التكليفى والتكويني:

ففيما يتعلق بالوحدة  فان المستوى التكويني يتمثل في تقرير الإسلام  وحده الكون ووحده البشر ، بمعنى وحده الأصل البشرى،  المساواة بين إفراده ، بخضوع كل الناس لذات السنن الالهيه الكلية والنوعية  التي هي ظهور لأراده الله ﴿ وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم .                                               

 اما المستوى ألتكليفي فيتمثل في تقرير مفهوم وحده الدين  بمعنى وحده مصدر كل الأديان السماوية (الله تعالى) ، وان  الإسلام هو جوهر كل الأديان السماوية، وانه ليس نفي أو إلغاء  لهذه الأديان، بل إكمال وتوحيد لها، فهو أكثر اكتمالا باعتباره أخر وارقي مراحل الوحي فالعلاقة بين الإسلام والأديان السماوية السابقة عليه هي علاقة الكل بالجزء يحدده فيكمله ويغني ولكن لا يلغيه ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ، ﴾  ( المائدة:48).

بخلاف نظريه وحده الأديان التي رفضها علماء أهل ألسنه، والتي ترى أن كل الأديان صحيحة بالتساوي، وبالتالي فان علاقة الإسلام بالأديان السماوية علاقة تطابق، مما يؤدى إلي  انتفاء  الموضوعية .

اما فيما يتعلق بالتعددية فالمستوى التكويني  يتمثل في تقرير القران التعدد كسنه إلهيه﴿ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً )المائدة:48) ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (الروم:22).

اما المستوى التكليفى فيتمثل في تقرير تعدد الشرائع.

بناءا على ما سبق اقر الإسلام تعدد الانتماء الديني في الامه الواحدة دون أن يمس هذا التعدد وحده  الامه لذا نجد في القران عشرات الآيات التي تنظم العلاقة بين المنتمين إلي أديان متعددة في أمه واحده،فهو يدعو أهل الكتاب إلي ما هو مشترك في الأديان السماوية لا التخلي  عن دينهم والانتماء إليه فهو يدعوهم معه لا يدعوهم إليه﴿  قل يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمه سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، وفى هذه الحياة المشتركة يكون الحوار حول أيهم اصح عقيدة دون أن يمس أو يهدد الحوار هذه الحياة المشتركة ولا ﴿ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن. وهنا نتناول جمله من الحقوق التي قررها الإسلام   للمنتمين إلي الأديان الأخرى:

ففيما يتعلق بإسناد الأعمال لغير المسلم فإننا نجد  أن هناك من يرى المنع المطلق كأغلب المالكية والإمام احمد، لكن هناك من يرى الجواز المطلق كابي حنيفة وبعض المالكية، أو الجواز أحيانا والمنع أحيانا وهو رأى اغلب العلماء حيث يرى ابن العربي" أن كانت في ذلك فائدة محققه فلا باس به(ابن العربي، 16،268) كما جوز الماوردي وأبو يعلى للرئيس أن يتولى وزاره التنفيذ دون ولاية التفويض وتاريخيا استعان بهم الخلفاء.والذي نراه وجوب التمييز بين غير المسلم المواطن وغير المسلم الاجنبى، فالأول يحق له إسناد الأعمال له مادام شرط الكفائه متوفر له، لأنه جزء من حق المواطنة  أما الثاني فيتوقف على مصلحه الدولة.

اما فيما يتعلق بالشورى فانه يحق لغير المسلم  الأخذ برأيه في الشورى لان مجال الشورى هو  الفروع لا الأصول يقول ابن كثير في تفسير الايه اسألوا أهل الذكر( اسألوا أهل العلم من الأمم كاليهود والنصارى وسائر الطوائف)(3/215).

اما فيما يتعلق بالحرية الدينية فقد قرر الإسلام الحرية الدينية ممثله في حرية الاعتقاد وحرية ممارسه الشعائر والأحوال الشخصية، بشرط الخضوع لقواعد النظام العام الإسلامي لا إكراه في الدين.

 اما عن مفهوم أهل الذمة فان الذمة لغة العهد والكفالة والضمان والأمان(الفيروز ابادى، القاموس المحيط، 4/115) أما اصطلاحا  ( التزام تقرير الكفار في ديارنا وحمايتهم والذب عنهم ببذل الجزية والاستسلام من جهتهم)( أبو زهره المجتمع الانسانى، ص  194) فهو تقرير حقوق المواطنة لغير المسلم في الدولة الاسلاميه (اليهود أمه مع المؤمنين) مع احتفاظه بحريته الدينية على المستوى الدستوري( في ذمه الله ورسوله) ضمانا لعدم إهدارها بواسطة الاغلبيه المسلمة مادام قائما بواجباتها.

أما التمييز بين الذميين والمسلمين فلم يقل به احد من المتقدمين وقال به بن تيميه وابن القيم في مرحله تاريخية لاحقه لوقوف بعض الذميين مع التتار ضد المسلمين من باب الاحتراس فهو ليس قاعدة بل حكم تاريخي مربوط بظروف معينه(عبد العزيز كامل، معامله غير المسلمين ج1، ص199)

أما الجزية فهي حكم من أحكام الحرب كبدل للإعفاء من الجندية ورد في الصلح مع نصارى نجران( ليس على أهل الذمة مباشره قتال وإنما أعطوا الذمة على أن لا يكلفوا ذلك) لذا لا تؤخذ في حاله أداء الخدمة العسكرية كما في الدولة الحديثة إلي هذا ذهب رشيد رضا ووهبه الزحيلى (أثار الحرب،ص698) وعبد الكريم زيدان ( الفرد والدولة،ص98) وهناك سوابق تاريخية تؤيد ذلك ففي صلح حبيب بن مسلم للجراحجه( أنهم طلبوا الأمان والصلح فصالحوه على أن يكونوا أعوانا للمسلمين وان لا يؤخذوا بالجزية)( البلاذردى، فتوح البلدان،ج1/ ص217) ومع أهل ارمينه( أن ينفروا لكل غاره... على أن توضع الجزاء عمن أجاب إلي ذلك)( الطبري، تاريخ الأمم، ج 5،ص 257.).



© Copyright by sudaneseonline.com