From sudaneseonline.com

بقلم : ثروت قاسم
تفاصيل اخر لقاء بين صدام وبريماكوف مباشرة قبل هبوب العجاجة في مارس 2003؟ الحلقة الاولي ( 1 -3 ) /ثروت قاسم
By
Sep 17, 2010, 23:23

تفاصيل اخر لقاء  بين صدام وبريماكوف مباشرة قبل هبوب العجاجة  في مارس 2003؟

الحلقة الاولي ( 1 -3  )

ثروت قاسم

[email protected]

 

كتاب افجيني بريماكوف ( روسيا والعرب )

 

انتهيت لتوي من قراءة  الطبعة الانجليزية من كتاب افجيني بريماكوف   ( روسيا والعرب ) . وأفترض انك سمعت بكاتبه بريماكوف , الصحفي  الروسي المرموق الذي اصبح سياسيأ , ثم  رئيسأ لجهاز المخابرات الروسي ال كي .  جي .  بي . , ثم وزيرأ للخارجية الروسية, قبل ان يصبح رئيسأ لوزراء روسيا .

بريماكوف يمثل الطبعة الروسية لهنري كيسنجر ومحمد حسنين      هيكل      !بل هو أقرب الي محمد حسنين هيكل منه الي  هنري كيسنجر !

كان بريماكوف صديقأ للرئيس صدام . وربما لهذا السبب طلب الرئيس بوتين من بريماكوف السفر الي بغداد في اواخر فبراير 2003 لمقابلة صدام , علي أنفراد , وتسليمه الرسالة الاخيرة من الدب الروسي . قبل أن تهب العجاجة ؟

امتطي بريماكوف صهوة طائرة حربية اقلته الي طهران . ومن طهران واصل في  راحلة رباعية ( كان يحملها معه في طائرته الحربية )   , برا  , الي بلد الرشيد . لم يكن بوسعه وقتها السفر جوأ من موسكو مباشرة الي  بغداد  .

وصل بريماكوف مجهدا متعبأ الي بغداد , وسار براحلته مباشرة الي قصر   صدام .

 

طير الابابيل ؟

 

كان الجو ملتهبأ . الاساطيل الحربية تحيط بالعراق أحاطة السوار بالمعصم . طير الابابيل تنتظر علي البوارج الحربية لترمي بغداد بحجارة من سجيل ! ومئات الالاف من الجنود المدججين باحدث ما انتجته المصانع الامريكية من اسلحة دمار شامل يقفون علي اهبة الاستعداد من داخل دباباتهم ومجنزراتهم لاقتحام العراق من الجو والبر والبحر , من الجنوب والشمال والغرب , من اليمين ومن الشمال . من فوق ومن تحت ! من عاليها ومن سافلها !

كان بريماكوف اخر زعيم أجنبي يقابل صدام قبل سقوطه الكارثي في  يوم الخميس 20 مارس 2003 , والقبض عليه في ليلة السبت 13 ديسمبر 2003 , وشنقه الذئبي , في فجر يوم السبت 30  ديسمبر 2006  !

 

صدام الحربائي ؟

 

وجد بريماكوف في صدام , وهو في غروب ايام جبروته ومجده ,  رجلأ حربائيأ ومداهنأ , وافتقد فيه الرجل الذي يجسد الذئبية والبطش للعالم الغربي .

في السبعينيات , ايام كفاحه ضد الامبريالية وتحالفه مع الاتحاد السوفيتي , أمم صدام شركة البترول العراقية المملوكة للغرب , تمامأ كما أمم جمال عبدالناصر قنال السويس , من قبله .

وخاطب صدام السوفيت قائلا :

العراق بلد غني . لا نحتاج لدعمكم المادي . وأنما لدعمكم السياسي والتقني . ارسلوا لنا خيرة علمائكم وفنييكم لبناء العراق الجديد . كل ابواب العراق مفتوحة امامكم . مرحبأ بالأستعمار السوفيتي  للعراق !   نحن في اياديكم الكريمة !

الا تذكرك هذه الكلمات بكلمات الرئيس سلفاكير للامريكان , ونحن علي اعتاب الاشهر الحرم قبل يوم الأستفتاء ...  يوم التغابن  ؟

واتبع صدام القول بالفعل . واصبح العراق , في غضون سنوات معدودة ,  شبه مستعمرة سوفيتية . كان الاتحاد السوفيتي يعتبر صدام الصديق الاوحد, الصديق القوي الامين في العالم العربي ! 

 

التحالف الصدامي – الامريكي ؟

 

 ويتابع بريماكوف ذكرياته فيقول :

ولكن كم كانت دهشتنا كبيرة , عندما هاجم صدام ايران في عام 1980؟ ليس فقط لانه لم يخطرنا مسبقأ , بل لانه اكد لنا , في مرات عديدة ,  بأنه لا ينوي مهاجمة أيران  علي الاطلاق  ؟ وبدأنا نلاحظ تعاونه المغتغت مع الرئيس الامريكي ريغان , الذي كان يحرش صدام ضد ايران الخوميني , التي  كانت تعادي اسرائيل ومن ورائها امريكا  . 

بعد عدوانه علي ايران , اصبح صدام الطفل المدلل للامريكان والاسرائيليين , والاروبيين وملوك وامراء العرب , الذين أغدقوا علي صدام السلاح , والمعلومات الاستخبارية والمال .

 كانت اسرائيل تسعي لكسر شوكة ايران المؤيدة للقضية الفلسطينية , وكسر شوكة عراق صدام في ذات الوقت , بدعم الاثنين سرأ وفي ان واحد , حتي يقضيا علي بعضهما البعض , فتستريح منهما اسرائيل معأ , وتضمن سلامة حدودها الشرقية .


بعدوانه علي ايران المعادية  للامريكان , صدق صدام انه قد وضع العم سام في جيبه الشمال , ومعه كل الرؤساء العرب ! واسكرته نشوة الانتصارات الاولية علي ايران . ومن يومها اصبح لا يري , ولا يسمع , ولا يحس بما حوله من مخاطر .

في   20   ديسمبر 1983  ( في اوج  عدوان صدام علي ايران ) زار  دونالد رامسفيلد ,  المبعوث الرئاسي الخاص للرئيس الامريكي ريغان , صدام في  بغداد  !    (  دونالد رامسفيلد الذي اصبح  فيما بعد وزير  الدفاع الامريكي في عهد بوش الابن )  .

اعلن رامسفيلد   ,   من بغداد  في   20   ديسمبر 1983 ,  ميلاد التحالف الامريكي – الصدامي ضد ايران وسوريا ؟

أنظر صورة دونالد رامسفيلد يصافح صدام في بغداد في 20 ديسمبر 1983  !

 

صدام ... الحليف الاستراتيجي لامريكا في عام 1983 اصبح  العدو الاستراتيجي لامريكا بعد  اقل من ستة سنوات في عام 1989  ؟

ماذا حدث  لينقلب الشربات الي فسيخ ,  ياتري ؟

السبب الحصري هو ان صدام  بدأ  يبرر  أعمال  المقاومة الفلسطينية  للعدوان الاستيطاني والاحتلال الاسرائيلي لأرض فلسطين !

 استفز صدام القوي الصهيونية , بالأخص في  امريكا , بدعمه الذي اصبح مكشوفأ  , وبالقول المتبوع بالفعل , للمقاومة الفلسطينية  , وبالاخص  بدفعه عشرين الف دولار لعائلة كل استشهادي فلسطيني يفجر نفسه في اسرائيل  ,  دفاعأ عن قضية فلسطين  !

حينها ,  في عام 1989  ,   أصبح صدام  ( وليس ايران )  العدو نمرة واحد , لأسرائيل , وبالتالي لامريكا (  والمجتمع الدولي ) !

 وفي  نفس عام 1989 , قبر الامريكان التحالف الامريكي – الصدامي ضد ايران وسوريا  , الذي أعلنه رامسفيلد في بغداد عام 1983؟

 

حقأ وصدقأ يمكننا أعتبار صدام ضحية  القضية الفلسطينية لانه حاول تبرير  ودعم أعمال المقاومة الفلسطينية  ضد العدوان الاستيطاني والاحتلال الاسرائيلي لأرض فلسطين ؟ وانقلب بتبريراته تلك من خانة الحليف الاستراتيجي الي خانة العدو الاستراتيجي  لامريكا  ( المجتمع الدولي ) !

 

صدام والسيد الامام ؟

 

 أصبح الكل يغني أغاني صدام , الأ زولنا  المشاتر ؟

مشاتر ...  حسب مسطرة الأعراب ؟

كان زولنا المشاتر وقتها رئيس وزراء بلاد السودان .       

 وقف  السيد الإمام  ,   السني  المذهب ,  مع الحق , ومع شيعة إيران في مجلس السلطان  السني  الجائر   صدام    عندما كان في أوج مجده ,  وكان الجبابرة يرتعدون في مجلسه .

 ألم يجادله السيد الإمام  بالتي هي أحسن ؟ ألم يقل له قولاً ليناً ، رغم أنه طغى  .

ألم يجاهد السيد الامام الجهاد الأكبر بقول الحق عند سلطان جائر ؟

في ذلك الوقت  والحرب العراقية ضد ايران علي اشدها ( يوليو 1987) كان العرب كافة  وراء صدام  وضد الجمهورية الاسلامية الايرانية .  كان العرب , الإ السيد الامام , ينصرون صدام في ظلمه  . ولكن السيد الامام كان ( ولايزال ) واثقاً  بالله . مستمسكأ بمبادئه وقيمه ومثله , وبالعروة الوثقي .

  وثقة السيد الامام المطلقة في الله  تعالي جعلته دوماً مع الحق  , وضد الباطل ( إن الباطل كان زهوقا ً) .

 وأن كانت مواقفه المبدائية  غالبأ ما تكون علي حساب مصالحه الذاتية الانية !

قال  السيد الامام لصدام  , وهو محاط بجنده  ,  في مجلسه  في   بغداد :

 ان ايران الخميني التي دمرت نظام الشاه الموالي للغرب , والذي طمس الهوية الاسلامية لايران , ترغب في التحرر من التبعية الغربية والعودة الي رحاب الاسلام , وتاييد القضية الفلسطينية .  وتتعرض لذلك للهجوم من القوى الغربية التى تسعي لاحتواء ايران .  ويجب علي العراق ان لا يكون مخلب قط للقوى الغربية ,  التى تسعى لاضعاف ايران  .  بل علي العكس  يجب علي العراق ان يتفاوض مع ايران  ,  ويتحاور معها حتي لا ترجع ايران الي الغرب واسرائيل , كما في عهد الشاه ,  وعلي حساب الوطن العربي .

حاول  السيد الامام  ان يبرهن لصدام بان ايران الاسلامية رصيد للعراق وسند له ,  وليس العكس  . ويجب علي العراق عدم الانسياق وراء المخطط الغربي ومعاداة ايران  .

 نعم ..... كلمة حق صدع بها  السيد الإمام  في  يوليو  1987  في وجه سلطان جائر , وفي معقل داره في بغداد  . 

ولكن بالرغم من , وربما بسبب كلام السيد الأمام  , فأن صدام ، ومن خلفه الدول العربية ، أخذتهم العزة بالإثم ، ومضوا يحاربون طواحين الهواء في إيران ، داعين للسلم مع إسرائيل  . 

 وكل ذلك بضغط أمريكي / إسرائيلي .

                  في بيانه امام  الجمعية التأسيسية في  15 يوليو 1987 , قال  السيد الامام ان السودان يوظف علاقاته مع ايران لأنهاء الحرب العراقية – الايرانية  , واستطرد قائلأ :  

 

(  ...    ولتحقيق إخاء إسلامي يقوم على ما يوحد أهل القبلة ليتحدوا حوله . بينما يعذرون بعضهم بعضا حول الاختلافات الاجتهادية !  فوحدة المسلمين رغم الخلافات المذهبية ,  وتعايش العرب والفرس السامي على شاطئ الخليج ,  أمران مطلوبان لمصلحة الجميع  !

لقد صور بعض الناس هذا الاجتهاد السوداني انحيازا ؟  فأوضحنا لاخوتنا في العراق :

نعم هو انحياز !  ولكن لا لمذهب  ! ولا لموقف ! ولكن للسلام , ولإنهاء الحرب ,  على أساس عادلة , ولقيام حسن العلاقات بين الطرفين المتحاربين !   إن للسودان علاقات طبيعية مع طرفي النزاع وانه يوظف تلك العلاقات لانتهاز كل فرصة لإنهاء الحرب , وتحقيق   السلام  !

والسودان في موقع يمكنه من النظر في مصلحة المدى الأبعد ... ) !

انتهي بيان السيد الامام في 15 يوليو 1987 في الخرطوم  .

النظر في مصلحة المدى الأبعد ... هذا ما لم يره صدام في يوليو 1987 ,  وراه زرقاء يمامة السودان ... رأي العين  ؟

المقاومة الفلسطينية وصدام !

ثم وفي نزوة مميتة  حسب الأمريكان , ولحظة صحيان  حسب الفلسطينيين , بدأ صدام  ( 1989 )   يبرر أعمال المقاومة الفلسطينية , ويجهر بدعمه للقضية الفلسطينية , بعد أن كان دعمأ مغتغتأ , وعلي أستحياْء!

وبعدها  ( 1989 )  وبسبب تبريره للمقاومة الفلسطينية  , دارت عليه الدوائر ! حصريأ لانه لم يعد يحترم التحالف الصدامي – الامريكي – الاسرائيلي ضد ايران وسوريا , ومع اسرائيل .

 لم يعد ( 1989 )  صدام يسمع الكلام !

قال الامريكان لزعماء الاعراب  ان صدام قد خرق أتفاقه معهم ضد ايران وسوريا  ( 1983 ) , بتائيده وتبريره للارهاب الفلسطيني في اسرائيل  ( 1989 )  ! وان صدام , الذي أنقلب من العلمانية الي الاسلام ( 1989 ) , بدأ يطعن ( 1989 ) في صحة أسلام زعماء الاعراب , الذين أتهمهم صدام بالتنكر لقضية فلسطين , وبخذلانه في حربه الجهادية السنية علي شيعة الفرس المارقين  ! وعليه , وحسب  تبرير الامريكان ,  وجبت محاربته  لانه اصبح من أَئِمَّةَ الْكُفْرِ  , كما قالت بذلك الاية 12 في سورة التوبة :

وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ .

( 12 – التوبة )

وأتخذ الامريكان غزوة صدام للكويت ( 2 أغسطس 1990 ) سبوبة للانتقام منه لتبريره للمقاومة الفلسطينية , ودعمه ,  الذي أصبح مكشوفأ  ,   للقضية الفلسطينية !

  في  يناير 1991  , في حرب الخليج الثانية ( الكويت )  ضد العراق ، إنقلب السحر على الساحر ، تماماً كما تنبأ بذلك السيد الأمام  في عام 1987 في مجلس الرئيس صدام  .   وشن الامريكان  الحرب ( 16 يناير 1991 )  على العراق ، بواجهة عربية  /  دولية    .  ولم يجد صدام من يستجير به ، سوى إيران ، التي أرسل إليها معظم أسطوله الجوي خوفاً من تدميره  بواسطة آلة الحرب الأمريكية .

مسرحية عبثية في مسرح الامعقول ؟

 ماذا كان يمكن ان  يكون مصير صدام  , لو سمع ووعى كلام  السيد الإمام  في عام 1987 ؟
       
  أفأنت تسمع الصم او  تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين ؟

﴿   40 -  الزخرف   ﴾

يتبع في الحلقة القادمة تفاصيل ما قاله  صدام لبريماكوف مباشرة قبل هبوب العجاجة في 21 مارس 2003 ؟



© Copyright by sudaneseonline.com