From sudaneseonline.com

كلام عابر بقلم : عبدالله علقم
ربـّك ســـتر!! /عبدالله علقم
By
Dec 30, 2010, 21:53

(كلام عابر)

ربـّك ســـتر!!

قال الراوي،  في موقع منتديات القضارف الإسفيري، أنه كان مرافقا لقريبه المريض  في مستشفى حكومي في الخرطوم  وكانت معهم في نفس العنبر أسرة تتكون من زوج مريض يرقد على السرير المقابل لسرير قريبه وزوجته المرافقة له وطفليها الصغيرين المرافقين لها هي الأخرى، ويبدو أنه  لم يكن أمامها أو أمامهما من حل آخر  سوى مرافقتها في ذلك المكان شديد القذارة الذي تفوح منه الروائح الكريهة. جميع سكان العنبر المرضى منهم والمرافقون اعتادوا بمرور الأيام على الوضع.  قذارة المكان والروائح المنبعثة المصحوبة بحرارة الجو وحالة الاختناق  كلها لم تعد تضايقهم وأصبحة أمرا  مألوفا  لهم.

 حتى كان ذلك اليوم الذي ارتفع صوت تلك المرأة بالصياح والبكاء وانقلب العنبر رأسا على عقب .. مات المريض.. اختلطت دموع الطفلين بدموع أمهما.. دبت حالة من الرعب وسط المرضى كانت واضحة على وجوه بعضهم. جاءت الممرضة متثاقلة الخطى تعلو وجهها علامات الاستياء والضجر لتتقصى سبب كل تلك الضوضاء والإزعاج.. غادرت العنبر بعد لحظات ولسانها يتمتم بكلمات لم يسمعها أحد .. ربما كانت تقول لهم " شنو يعني ؟هو أول وللا آخر واحد يموت هنا؟". عادت بعد قليل يرافقها الطبيب.. فحص الطبيب الشاب بعض أجزاء من جسم المريض ثم أكد لهم برباطة جأش وثقة أن الرجل قد توفي فعلا.. وأضاف بنبرة  آلية  مخاطبا من حوله: البركة فيكم.(فيه الخير برضو)

تحرك الراوي  وبعض الحاضرين سريعا ولم ينتظروا ترف الإجراءات والأوراق الرسمية،  وتكفلوا باستئجار سيارة "أمجاد" وحمل الجثمان إلى داخل السيارة ، وتحركت السيارة بالجثمان والزوجة والطفلين إلى مكان بعيد في طرف المدينة ، بعد أن ترحم الحاضرون على روح المتوفى ودفعوا خفية  ما يسره الله للأرملة عله يعينها في مواجهة المصيبة وانصرف الجميع في العنبر لواقع يومهم وإن كان الصمت قد خيم على العنبر.

بعد مضي ثلث ساعة تقريبا عادت نفس "الأمجاد" بحمولتها، فقد اتضح لهم أن "المتوفى" ما زالت في أيامه بقية وأنها كانت حالة غيبوبة أفاق منها وهو في داخل السيارة، وأن تشخيص الطبيب للحالة لم يكن بالدقة الكافية، وشكروا جميعهم الخالق جل وعلا الذي بيده الموت والحياة  أن القبر لم يكن في فناء المستشفى في ذلك اليوم.

واقعة حقيقية  أقرب إلى سيناريو فيلم  هندي رديء.

(عبدالله علقم)

[email protected]

 






© Copyright by sudaneseonline.com