From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
سودان ما بعد يوليو(تموز)2011م ......... إستدعاء لذاكرتنا قصيرة المدى/كوري كوسا / السودان
By
Dec 29, 2010, 21:10

سودان ما بعد يوليو(تموز)2011م ......... إستدعاء لذاكرتنا قصيرة المدى

كوري كوسا   /  السودان

 

                
     فيما تبقى من الزمن اقل من اسبوعين لقيام استفتاء تقرير المصير للجنوب و هو الاستحقاق الاهم  بتقديري  من حزمة                  إستحقاقات نيفاشا ، فإن الناتج المحتم  و الذي لا مناص منه هو نشؤ  وضع او أوضاع  دقيقة و فائقة الحساسية فى واقع الحياة السياسية و الإجتماعية و الجغرافية فى السودان كدولة و شعب فيما بعد التاسع من يناير (كانون الثاني) و الأيام اللاحقة التي ستلى ذلك التأريخ. و لسنا في حاجة الى إدراج القول المكرور و الذي  يجري على كل لسان في هذه الايام  بان خيار الدولة المستقلة الكاملة السيادة أصبح الأقرب و المؤكد عند اهل الجنوب. و لكن ما  أود تسجيله هنا يتخطي كل ذلك و يورد تصوراً تقريبياً للمستقبل بعد إنقضاء أجل الفترة الإنتقالية في تموز 2011م، إنطلاقاً من قراءآت واقعية مستندة على تجارب و خبرات عديدة و متراكمة في ذاكرتنا قريبة المدى الممتدة من تأريخ إنقلاب الإنقاذ على الديمقراطية في (حزيران) يونيو 1989م الى يومنا هذا. فبعكس آراء البعض المتخوفة من إحتمال عرقلة المؤتمر الوطني لسير إجراءآت الإستفتاء و إمكانية رفضه للنتائج المترتبة عليه و بالتالى إنزلاق البلاد في هاوية حرب شاملة من جديد بين طرفي نيفاشا و هو ما لن يحدث، فإن الإستفتاء سوف يجري و في نجاح تام بل أن منطقة أبيي نفسها سوف تشهد هي الأخرى إستفتاءأً و إن لن يكن متزامناً مع الأول و سوف تذهب أبيي الى الجنوب و لا يجب في هذا الخصوص ان يأخذ البعض بهيجانات حزب المؤتمر الوطني و تعنته، فالامر سوف يخضع للتفاوض متزامناً مع ضغوط هائلة و إستخدام لسياسة الجزرة و العصاء و لسوف يقبل المؤتمر الوطني صاغراً باي إتفاق يحفظ ماء وجهه أمام سيل اللطمات و عنف الصفعات و امام نظرات أهله في الشمال الذين لازالوا يتوقعون منه خيراً (واقول أهله ليس لمحض إدعاء ناتج عن غضبة، لكن عن يقين لان السواد الاعظم من الشماليين هم حقيقة يكنون كامل التأييد لنظام الإنقاذ و يرونه معبراً عنهم ). أما في شأن منطقتي جبال النوبة و منطقة جنوب النيل الازرق و التي كانتا ضمن ما يسمى ببروتوكول المناطق الثلاث، ففي تقديري بعد ذهاب الجنوب الي دولته المستقلة و بما ان المنطقتين ينتظرهما ما يسمى بالمشورة الشعبية التي تم الإتفاق عليها في نيفاشا و التي إتضح فيما بعد أنها لا تزيد عن كونها مراجعة و تقييم فحسب(تخيل!) لسير تنفيذ إتفاقية السلام في المنطقتين و ما إذا كانت قد لبت الطموح ام لا. و في تقديري ان المنطقتين سوف تدخلان بعد الإستفتاء في توترات و منازعات مع المؤتمر الوطني الحاكم في الشمال الذي سوف يرفض بشدة أي كلام يذهب لتفسير ان المشورة الشعبية هي بمثابة حق المنطقتين في تقرير مصيرهما عن دولة الشمال، و سوف يحشد المؤتمر الوطني لذلك ما سيحشد مثل ما يحدث بالفعل الآن في المنطقة، خصوصاً بعد ان يجري التعديل في الدستور الإنتقالي الحالي و يهوي المؤتمر الوطني بالأوضاع  برمتها الي الاجواء البغيضة التي كانت سائدة فيما قبل إتفاقية السلام تنفيذاً لحديث ورد سابقاً للبشير أعلن فيه قائلاً (بعد إنفصال الجنوب لن يكون هناك مجال للحديث عن تعدد ديني او ثقافي و ستكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع و ستكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة). و لطالما ان المؤتمر الوطني قد أدمن اللامبالاة و الإستهتار و عدم المسؤلية، فسوف يلجأ الي اسلوب المراوغات و الحنث و تقديم كبش الفداء من اهل الشمال(الذين لازالوا يصرون على دعمه) خصماً على أرزاقهم و امنهم من اجل البقاء فوق كراسي الحكم امام الحصار الدولي الذي سوف يزداد خناقه أكثر بعد إنفصال الجنوب و أمام قرارات الجنائية ذات العواصف العاتية.و على أبعد تقدير فأن المؤتمر الوطني لو قدر له أن يفعل فأنه سوف يقبل على مضض ان يكون لمنطقتي جبال النوبة و النيل الأزرق حق الحكم الذاتي ضمن دولة الشمال، و لن يكون بالطبع حكماً ذاتياً خالصاً بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل سوف يصر المؤتمر الوطني على الذج بنفسه في تلك المنطقتين و المماطلة هنا و هناك مما يجعل من الحكم الذاتي بالشكل ذاك إذا تم ليس من النوع الذي يرضي عنه أهل المنطقتين و يلقى منهم القبول.
     أما قضية دارفور المستعصية على كل الحلول و التي يستعر أوارها الآن ففي تقديري سوف لن تراوح مكانها و سوف يستمر الإقتتال المروع هناك و يظل النزوح و التشريد قائمان و سوف تنهال المزيد من القرارات الدولية على حكومة الشمال و سوف تطول قائمة المحكمة الجنائية الدولية و تتعقد الإدانات الموجهة فيها أكثرو هذا كله سوف يقابله تعنت غبي و غير مسؤل من نظام الإنقاذ الحاكم في الشمال. و إذ هو الامر كذلك فسوف يفضل الشماليون التسول و حياة البؤس الإختياري أو حزم الحقائب و مغادرة البلاد تماماً، على ان ينقلبوا على نظام الإنقاذ. و في آخر المطاف سوف يتم توقيع إتفاقية سلام مع حركات دارفور التي قد تتوحد في تقديري مجتمعة في حركة أو حزب واحد، و في تقديري سوف يكون إتفاقاً مماثلاً لذلك الذي تم في نيفاشا، بل و صورة طبق الأصل منه مع عدم إشتماله على حق تقرير المصير للصعوبة النسبية في تحقيق ذلك نظراً للتداخل العرقي و الثقافي و تشابك المصالح مع إختلاف الولاءآت في إقليم دارفور. و مع ذلك فأن المؤتمر الوطني سوف يلجأ الى نفس الحيل و الاسليب الماكرة في التنصل من بعض الإتفاقات و خرق جوانب كثيرة من الدستور و القوانين كما كان يفعل مع الحركة الشعبية شريكه السابق في الحكم. ما قد يسوق الى صدامات عنيفة و متكررة بين المؤتمر الوطني و حركات دارفور و لكن ليست في الفاشر أو جبل مرة أو في الأطراف النائية لجنوب دارفور هذه المرة، بل ربما في الخرطوم و على مستوى مناطق الشمال ما يدفع بالامور الى اوضاع  أكثر سوءاً و مأساوية مما هي عليه أصلاً.
                                                                       و نواصل..

[email protected]



© Copyright by sudaneseonline.com