From sudaneseonline.com

تقارير
(الشعبي) و(الشعبية) .. تمتينٌ للأواصر أم غزوٌ بالأفكار ..؟!
By
Dec 29, 2010, 20:26

(الشعبي) و(الشعبية) .. تمتينٌ للأواصر أم غزوٌ بالأفكار ..؟!

تقرير : التقي محمد عثمان:

هل تاور الدكتور حسن الترابي الحنين الى السجن فأختار ان يعود اليه من باب الحركة الشعبية مرة أخرى كما حدث له حين وقع مذكرة تفاهم معها الزمته حيطان السجن لما يقارب العامين، أم أنه أراد ان يقود الناس الى الجوار الأخوي عمليا بعد أن ظل يدعو له الامام الصادق المهدي نظريا لوقت غير قصير، أم ان الشيخ الترابي قرر أن يُحيي أحلامه الموؤدة بخلق امتداد له في دولة الجنوب عبر حزب يحمل جيناته الفكرية بعد أن عجز عن تصديرها عبر المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي العالمي الذي كونه مطلع تسعينيات القرن المنصرم.

ما يجعل هذه الأسئلة منطقية إعلان الأمين العام للمؤتمر الشعبي عزمه توسيع مذكرة التفاهم التي وقعها حزبه مع الحركة الشعبية حال انفصال الجنوب، ويقصد مذكرة التفاهم التي جرى توقيعها بمدينة جنيف السويسرية في 19 فبراير 2001م وحملت توقيع باقان أموم وياسر عرمان عن الحركة الشعبية وعمر إبراهيم الترابي والمحبوب عبد السلام المحبوب عن المؤتمر الوطني الشعبي، والتي تم تطويرها لاحقا عبر مذكرة أخرى وقّع عليها علي الحاج محمد نائب الأمين العام المؤتمر الشعبي والقائد نيال دينق نيال عضو قيادة الحركة الشعبية وكبير مفاوضيها في الايقاد في لندن في 3 يونيو 2003 واتفق فيها الطرفان على برنامج عمل مشترك لتعزيز فرص السلام العادل والتحول الديمقراطي عبر الاجماع الوطني والاستفادة من عبر ودروس الحرب الأليمة، والابتعاد عن منهج الحسم العسكري والاجراءات الأمنية وضرورة ترسيخ وحماية حقوق الانسان وحرماته من الاعتقال والاضطهاد والتعذيب..

الفرضية الأولى يدعمها أن الحكومة التي دمغت الترابي بخيانة دماء الشهداء وتعطيل الجهاد والعمل على زعزعة الأمن والاستقرار وإسقاط الحكومة ووصفت مذكرة التفاهم بأنها إعلان لحـلف سياسي لمحاربة الدولة مع حركة ظلت تقاتل الدولة منذ تأسيسها، هي نفس الحكومة التي ما تزال تمسك زمام الأمور في البلد، وهي نفس الحكومة التي قال بعض قادتها انهم يعتبرون الحركة الشعبية حزبا غير مرغوب في وجوده في الشمال حال الانفصال، وقال عضو المكتب القيادي بالحزب الحاكم محمد مندور المهدي إنه لن يُسمح بتكرار تجربة وصفها بالفاشلة، وقال أن أفكار السودان الجديد التي تتبناها الحركة أثبتت عدم جدواها في الفترة الماضية، ويعزز من هذه الفرضية أن الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي لا يستبعد عودتهم الى السجون اذا تم توسيع المذكرة ويقول كمال عمر المحامي في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف أمس أنهم يتوقعون كل شيء من هذا النظام الحاكم، ويقول (نحن لا نبتغي غير وجه الله واذا سُجنا في سبيل تحقيق مكاسب للشمال والجنوب سيكون ذلك اضافة سياسية لنا).

أما الفرضية الثانية فيدعمها قول مراقبين ان نيفاشا ما هي الا الابنة الشرعية لمذكرة التفاهم مشيرين الى انها فتحت الباب على مصراعيه لمحاورة الحركة الشعبية حوارا جادا من طرف الجناح الغالب من أجنحة المؤتمر الوطني المنقسم على نفسه عقب المفاصلة الشهيرة، وقاد هذا الحواز الجاد والمفاوضات الشاقة الى توقيع اتفاق السلام الشامل بما فيه من تنازلات وتنازلات مقابلة لها، ويقول القيادي بحزب المؤتمر الشعبي المحبوب عبد السلام ان مذكرة تفاهم كانت صدمة كبيرة للمراقبين خصوصا من الدول الغربية ويقول في حوار مع صحيفة صوت النيل المصرية نشر في يوليو من العام الماضي أن الساحة السياسية بدات تتفهم وتتفاهم وحدث تطور في الحركة الاسلامية حتى انها طرحت نفسها بصورة جديدة، ويستدرك الامين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر على عبارة (الابنة الشرعية) حين أتوجه اليه بالسؤال حول صحة نسبة نيفاشا الى المذكرة ويقول ان نيفاشا تحولت لابنة خطيئة عندما لم يلتزم المؤتمر الوطني باستحقاقتها بينما المذكرة ابنا شرعيا بين الشعبي والشعبية سيتم البناء عليها لاصلاح العلاقة بين الشمال والجنوب ورعايتها ومنحها ابعادهاالتي تستحقها.

ويذهب بعض المراقبين الى ضرورة التوافق المبكر على المبادرات التي يطرحها زعيم المؤتمر الشعبي من واقع انها أثبتت تفوقها على ما عداها من أطروحات وقدرتها على استباق الأحداث لما يتمتع به الرجل من قدرة على الاستبصار وعلى قراءة التحولات من خلال ارهاصاتها ومن خلال استنطاق التجارب البشرية والتاريخ، مشيرين الى أن مذكرة التفاهم التي يعتزم الرجل تطويرها تصبو الى تحقيق نتائج تسعى لها لقاءات المؤتمر الوطني مع الحركة الشعبية سواء في إطار مباحثات الشريكين المباشرة المرعية اقليميا ودولياً أو من خلال المفاوضات الدائمة التي تتولاها اللجنة السياسية المشتركة بين الشريكين، وفي توضيحاته حول توسيع المذكرة يقول كمال عمر ان المؤتمر الشعبي يسعى الى تطوير مذكرة التفاهم في هذا الظرف الدقيق والمهم لحاجة السودان الى تفاهم عميق بين الشمال والجنوب ويقول انهم ينوبوب عن الشمال ويمثلون كل ما اتفق عليه في اجتماعات جوبا التي ضمت قوى التحالف المعارض، مشيرا الى ان الشعبي جلس مع الحركة الشعبية قبل اجتماعات جوبا وجرى التباحث في كافة القضايا ووصلت المذكرة السابقة ذروتها في هذه الاجتماعات في كثير من القضايا، ويقول عمر (وصلنا مراحل عظيمة مع الحركة الشعبية، وبين الشعبية والشعبي تتمثل اعظم اواصر الأخوة) ويؤكد انه برغم التباين بين الطرفين في المواقف الفكرية الا انهما متقفين في القضايا الاساسية لادارة الدولة السودانية، مشيرا الى انهم سيتعاملون مع الحركة باعتبارها الحزب الحاكم في الجنوب بمثلما يتعاملون مع أحزاب حاكمة في أقطار أخرى، ويقول ان المؤتمر الشعبي لديه ابن في الجنوب شارك بفاعلية في مؤتمر الحوار الجنوبي الجنوبي ويقول ان فرع الحزب هناك ربما يتغير اسمه ولكنه في كل الأحوال سيرعى العلاقة التاريخية مشددا على انها وشائج ستستمر بالاحسان وبالمعروف وبالمحافظة على الحقوق الاساسية للانسان.

الفرضية الثالثة تبدأ من حيث انتهى الأمين السياسي للشعبي، وجود فرع لحزب الموتمر الشعبي بالجنوب. فهل ما زالت تلك الاحلام الكبيرة تراود الشيخ الترابي وتدفعه لتكوين احزاب موالية له في دول أخرى ليقود بها تغييرا في المنطقة والعالم، أما يزال يحلم بالمؤتمر الشعبي العربي والاسلامي في الخرطوم كتنظيم عالمى يتولى أمانته العامة، وهل سيقبل الجنوب استيراد احزاب شمالية وهل ستسمح حكومة الجنوب بأحزاب وافدة من خارج حدوده بالعمل في السودان الجديد الذي ستبنيه، خصوصا اذا كان هذا الجزب ذا خلفية اسلامية وإن كانت غير معلنة وفقا لنصوص دستور حزب المؤتمر الشعبي الذي يقر المواطنة اساسا للحقوق والواجبات.

بحسب راصدين فان الدكتور الترابي صار اكثر اهتماما بقضايا السودان وهمومه واصبح مشغولا بها ومقدما لها على ما عداها من هموم الناس والعالم، وصار كثير الحسرات على ما آلت اليه الأوضاع في السودان وقال في حوار أجرته معه صحيفة الشرق القطرية في طريق رحلته الباريسية للإستشفاء قبل اسبوعين (الآن الهم في السودان بلغ درجة لم يألفها الناس من قبل) وطرح من خلال الحوار جملة تصورات لحلول مشاكل السودان ليس من بينها مقترحا واحدا يتعلق بما هو خارج المليون ميل، فالدكتور لم يعد كما يرصد الراصدون يتحدث عن شأن التنظيمات العالمية اسلامية كانت أم علمانية، أما موقف الحركة الشعبية عن قيام حزب المؤتمر الشعبي الجنوبي فقد عبر عنه نائب الامين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان، حين رحب بطرح الترابي حول مذكرة التفاهم، وقال ان الانفصال يجب الا يمنع وجود اي قوى سياسية ذات برامج متشابهة بالجنوب.



© Copyright by sudaneseonline.com