From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
الانتحار السياسي والاقتصادي المشكلة الحالية والحل المقترح/عبد الحليم أنور محمد أحمد محجوب
By
Dec 29, 2010, 05:15

الانتحار السياسي والاقتصادي

المشكلة الحالية والحل المقترح

 

 كنت أريد نشر مقالة بعنوان "عملة سودانية موحدة"، وقد انتهيت من كتابتها بالفعل، لكن نظرًا لإلحاح الموقف، تُعطى هذه المقالة الأولية القصوى وهي بحاجة لأن تؤخذ بعين الاعتبار.

دعوني أبدأ بالقول بأن الوضع السياسي والاقتصادي المتوقع في السودان سيكون كما يلي في غضون الشهرين إلى الثلاثة أشهر القادمة:

ويمكنني توقع أن نفس السيناريو الذي حدث في العراق سيحدث في السودان. أولاً، ستزيد الحكومة الأمريكية من الضغط السياسي وتختلق مبررات ملفقة مختلفة لزيادة الضغط على السودان مثلما فعلت في العراق، وبعد ذلك يُتوقع أن تقوم الحكومة الأمريكية بدعم حرب أهلية أو مهاجمة الخرطوم من قبل القوات العسكرية الأمريكية.

ما يمكن أن يحدث في السودان هو أنه بدلاً من قيام الشيعة بإعدام صدام حسين في العراق، ستعطي الحكومة الأمريكية لحكومة جنوب السودان وأعضائها أو حتى فصائل الحرب بدارفور الفرصة لإنفاذ كراهيتها ضد الرئيس البشير. وهذا هو الشيء الذي لا يمكننا قبول حدوثه، بغض النظر عن كثرة الخلافات السياسية أو الشخصية الموجودة في السودان.

 

سيتم بالتأكيد التأثير في الانتخابات القادمة عن التدخل الأجنبي بما في ذلك الفوضى السياسية الداخلية.   ولن تكون النتيجة سوى إراقة الدماء وهو ما لا تحتاجه السودان.

أسوأ ما في الانتخابات القادمة في السودان هو التدخل الأجنبي المعتاد والمبرر الأجنبي غير الأخلاقي المتمثل في لجنة المراقبة الدولية. ويعتبر جيمي كارتر عنصر آخر للتدخل الأجنبي الذي دائمًا ما يقدم نفسه باسم لجنة المراقبة لضمان النزاهة والديمقراطية في عملية الانتخابات. وهذا هو التدخل الأجنبي الأسوأ والأكثر إهانة والذي ينبغي عدم قبوله من جانب الحكومة السودانية. لقد أخفق جيمي كارتر كرئيس أمريكي عندما خسر الانتخابات أمام رونالد ريجان "الممثل". ويعتبر كارتر مسيحي متعصب ولديه مهمة واحدة فقط وهي نشر المسيحية وإفساد المسلمين.  ينبغي عدم قبول الولايات المتحدة الأمريكية وتدخلها المعتاد في البلدان الأخرى أو التسامح معه لأن السودان ليس أمريكيًا والولايات المتحدة الأمريكية هي آخر بلد ينبغي أن يُسمح له في التدخل في القرارات الخاصة ببلدنا.  وإذا كان الوضع يقتضي السماح لأي بلد أو بلدان بالمشاركة في المراقبة على الانتخابات، فإن ذلك يقتصر فقط على البلدان العربية والأفريقية لأننا نشترك في نفس الحضارة، والعادات والمصالح الجيوسياسية.

هل تعتقدون حقًا أن الحكومة الأمريكية تبني (في السودان) واحدة من أكبر السفارات في أفريقيا والشرق الأوسط فقط لمجرد الاستعراض؟ لا، وهدفهم الحقيقي هو إعطاء السلطة الكاملة لجنوب السودان على كل مناطق السودان وإقصاء الإسلام أو على الأقل حصر الإسلام في أقلية من المجموعات والسكان في السودان. وقد برهن تاريخنا على أننا بلدًا للتعايش السلمي قبل بدء التدخل الأجنبي في السودان قبل استقلال السودان. لهذا فإن التدخل الأجنبي يعني شيئًا واحدًا فقط وهو الحرب الأهلية.  

إذا قامت الولايات المتحدة بإشعال حرب أهلية في السودان، فسوف يؤدي ذلك إلى التخلص من غالبية المسلمين. وهذا هو هدفهم وهذا هو الخطر الحقيقي الذي يواجه السودان. ينبغي على البلدان الغربية الاهتمام ببلدانها.

لا تنسوا أن الخطة الصهيونية هي السيطرة وامتلاك الأرض بما عليها بين نهر الفرات ونهر النيل. والعراق الآن تحت سيطرتهم الكاملة. لماذا؟ لأنهم يسيطرون الآن على الحكومة الحالية في العراق. وقام الصهاينة بإعادة اليهود العراقيين المقيمين في إسرائيل إلى العراق. وتم إعطاء هؤلاء اليهود العراقيين جوازات سفر عراقية من قبل الحكومة العراقية الجديدة.

قامت الحكومة الإسرائيلية بتزويد هؤلاء اليهود العراقيين بما يكفي من الأموال لشراء أكبر قدر ممكن من الأراضي والعقارات في العراق.  وكان هناك مصدر آخر لتوفير الأموال وهو" بريمر"، المعين من قبل الولايات المتحدة والمسمى بـ "حاكم" بغداد خلال المرحلة الأولى من احتلال العراق. وهذا مجرد مثال صغير على ما حدث بواسطة اليد الصهيونية الخفية منذ سقوط صدام.

إذا كنتم تذكرون، تم استدعاء "بريمر" إلى جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي في واشنطن، عندما عُرف أن 12$ مليار دولار نقدًا قد تم إرسالها إلى العراق عن طريق حمولة عسكرية أمريكية. وقال بريمر بأنه لو كان يعلم بوجود مثل هذا المبلغ في العراق، لما سمح بتوزيعه. والآن أي غباء يراه في أعضاء مجلس الشيوخ وأي غباء يراه في الشعوب. على أي حال، تم إرسال 12$ مليار دولار إلى العراق بحجة عدم وجود نظام مصرفي في منطقة الحرب بالعراق وقام اليهود العراقيون القادمون من إسرائيل خصوصًا لهذا الغرض بشراء كمية لا تُصدق من الأراضي والعقارات. وبالطبع تم استخدام الـ 12 مليار دولار هذه لتمويل أجندات أخرى.

لا تنسوا أن الحكومة الأمريكية يمكنها طباعة ما تشاء من الأموال عند يتعلق الأمر بدفع رواتب العسكريين العاملين لديها. إنها مجرد ورق ولديها الطابعة. كيف يقومون حسب اعتقادكم بدفع رواتب الموظفين العسكريين ومَنْ الذي حتى ستكون لديه القدرة على سؤالهم عن ذلك؟ لا أحد ...

هل تعتقدون أن الحكومة الأمريكية لا يمكنها إصدار الأمر لقواتها المسلحة بمهاجمة السودان دون أخذ الإذن من حلفائها أو حتى الأمم المتحدة؟ بالطبع يمكنها القيام بذلك ولا تستطيع أي حكومة في العالم منعها من ذلك.

انظروا إلى العراق الآن: فوضى اقتصادية كاملة ولا يوجد حل في الأفق.  هل تعتقدون أن الحرب في العراق والوضع الحالي كان صدفة وليسًا حربًا خطط لها جيدًا؟  تم اختلاق هذه الحرب لإفساد الشعب العراقي وتدميره والاستيلاء على بلده. ويحتاج العراق على الأقل لـ 30 عامًا ليبدأ العيش في مجتمع اقتصادي طبيعي.

ما سبق هو وضع الانتحار السياسي الذي يمكن أن تكون فيه السودان إذا لم يقم البشير وحكومته باتخاذ بدائل سريعة جدًا وصحيحة لأجندتهم السياسية.  وهذا هو السبب الذي دعاني في مقالتي الأخيرة لأكتب أنه من الأفضل للبشير التقاعد كرئيس. ولم يكن القصد من ذلك أي ازدراء للرئيس، ولكنه البديل الأفضل لإنقاذ كل السودان وإبقائه موحدًا. يجب على الرئيس التفكير في هذا الأمر بجدية وقبول هذا الاقتراح لأن الحكومة الأمريكية لن توقف ضغطها السياسي إلا بعد أن يُؤخذ الرئيس البشير إلى المحكمة في لاهاي.

 لهذا فإن أفضل طريقة بالنسبة لنا نحن الشعب السوداني لتجنب مثل هذا الهجوم الأجنبي هي الاشتراك في تقديم حل سياسي بديل لرفاهية كل السودان. وخلاف ذلك، يمكننا توقع حدوث اضطراب اجتماعي على مستوى الوطن والذي من المرجح أن يؤدي إلى إراقة الدماء.

يعتقد الرئيس البشير على الأرجح بأنه لا يُمس عندما يتعلق الأمر بأي غزو أمريكي في السودان. والحقيقة هي أنه إذا قررت الولايات المتحدة إرسال طائرتين إف 16 لقصف جميع المواقع الحساسية الخاصة بالحكومة، فسوف يفشل نظام الدفاع لدينا في التصدي لها، لأن هذا النظام ضعيف للغاية لدرجة يتعذر عليه شن حرب ضد القوات العسكرية الأمريكية.

هل تعتقدون أن الرئيس محمد حسني مبارك سيكون قادرًا على الدفاع عن السودان إذا اتخذت الولايات المتحدة قرار الحرب ضد السودان؟ لا، لن يكون قادرًا على ذلك، بل سينتظر بالتأكيد حتى تصدر الولايات المتحدة تعليماتها له بالتحرك أو بالهدوء حسبما ترغب الولايات المتحدة.

عُقدت اجتماعات كثيرة بين مسئولي الحكومة الأمريكية ومسئولي الحكومة بالسودان. ومن بينها اجتماعات مع وكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية الأمريكية على مدى الأعوام الماضية. ولم يتم التوصل إلى نتائج إيجابية حقيقية في هذا الموضوع، وبخلاف ذلك لم يكن هناك مثل هذا الضغط الأمريكي المتزايد على السودان.

 

أفضل حل ممكن هو عقد اجتماع طارئ يشمل تأجيل الانتخابات القادمة حتى تاريخ لاحق والأفضل أن يكون في سبتمبر أو حتى نهاية أكتوبر 2010. ولن يتحقق الموضوع المسمى بالديمقراطية ولن يحصل الشعب على جميع الحقوق الديمقراطية التي يتطلع إليها طالما أعطيت الفرصة لأحزاب سياسية معينة للمشاركة في الانتخابات. ينبغي علينا فقط دراسة وقبول أحزاب سياسية جديدة للمشاركة في الانتخابات.

إن الأحزاب والمرشحين السياسيين الذين ينبغي عدم السماح لهم بالمشاركة في أي انتخابات مستقبلية هي تلك الأحزاب التي يقودها صادق المهدي، حسن الترابي، محمد عثمان الميرغني وإبراهيم نقد.

إن هذه الكيانات السياسية وأحزابها السياسية لم تحقق شيئًا سوى الإخفاق السياسي والاقتصادي في السودان.  وقد جاءت الحكومة الحالية في السودان إلى السلطة بواسطة الترابي واتصالاته الخارجية وهي المخابرات البريطانية المدعومة من السلطة الأمريكية والممولة من آل سعود بالمملكة العربية السعودية.  ملاحظة:   المملكة العربية السعودية هي البنك الذي يدفع نفقات البرامج الجيوسياسية الأمريكية في الشرق الأوسط وأفريقيا.

عندما أعلن النميري قوانين الشريعة في عام 1983، كان ذلك بمثابة الوقت المناسب لإخراجه من السلطة لأن ذلك بالضبط هو ما قام الترابي بفعله.  وتم اقتراح مبلغ 500 مليون دولار كتعبير عن الشكر من المملكة العربية السعودية للنميري مقابل تفعيل قوانين الشريعة في السودان. ولم يكن النميري يعلم أن هذا المال كان للتخلص منه وجلب حركة الإخوان المسلمون.

 

تم تحويل الأموال من خلال بنك في المملكة العربية السعودية إلى بنك في الخرطوم والتي حتى اليوم تخص حركة الإخوان المسلمون. دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، لا يمكن لأي بنك على وجه الأرض أن يحول مبلغ 500 مليون دولار من خلال النظام البنكي الدولي لأنه أولاً يحتاج ترخيصًا من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وأيضًا بنك التسويات الدولية في سويسرا.   وجاء الصادق المهدي إلى السلطة كخطة سياسية محكمة التخطيط والتي تم إنجازها بنجاح باتفاق مشترك مع حسن الترابي. وكلا من هذه الإخفاقات السياسية الكارثية لم تحقق شيئًا    الأ الدمار الاقتصادي الوطني، ومصلحتها المشتركة معروفة باسم الزواج السياسي. والصادق المهدي هو فعليًا من الإخوان المسلمون في الفكر والاعتقاد وليس له أي علاقة مع أصول اعتقاد الأنصار وهو الصوفية بشكل فعلي. وكان من المفترض أن يكون الإمام الفعلي للأنصار بعد وفاة الإمام عبد الرحمن المهدي هو ولده يحيى عبد الرحمان و ليس الامام الهادي و لا حتى السيد الصديق لكن يحيى توفى في حادث تصادم سيارة مأساوي.  

كان الشخص المفترض أن يتولى القيادة بعد وفاة يحيى هو شقيقه أحمد عبد الرحمن المهدي، لكن هنا مرة أخرى كانت هناك أجندات خادعة وكانت تعمل على تهميش أحمد عبد الرحمن المهدي. ومن المعروف جيدًا لجميع الشعب السوداني ما الذي أنجزه الصادق حتى هذا التاريخ للسودان "لا شيء مفيد للشعب السوداني". 

الكلمتان الوحيدتان اللتين سمعناهما من الصادق على مدى أربعين عامًا هما "الديمقراطية" و " أنا أعتقد ". والصادق لا يؤمن بالديمقراطية ولا يمكن لأي قائد سياسي أن يحكم بكلماته المشهورة " أنا أعتقد ".    وهذا يسيء إلى ذكائنا نحن الشعب السوداني. نحن جميعًا يمكننا ان نعتقد ، لكن ما نحتاج فعله هو تقديم وتفعيل حلول حقيقية للشعب السوداني.

ما حدث في السودان على مدى الـ 45 عامًا الماضية من حسن الترابي وصادق المهدي هو لا شيء سوى السياسة المسرحية الزائفة. هل نحن الشعب السوداني ما زلنا نراهن على حزب أو قائد سياسي فاشل؟ لا، نحن لا نراهن على ذالك و لن نقبل بهذا.

ينبغي على محمد عثمان الميرغني التركيز على ما كان والده معروفًا به جيدًا وهو الدين. والسياسة ليست من خبرتهم. وينبغي على إبراهيم نقد أن يجرب حظه ويتجه إلى أي شيء آخر بخلاف الشيوعية. حتى موسكو و 99% من المواطنين الروس لم يعودوا يؤمنون بالشيوعية ولا حتى المعجزة الاقتصادية التي بُنيت على وهم الشيوعية.  

يؤمن الروس ببوتين وسياساته لأنه وفر للروس حياة أفضل. هذا كل ما تعنيه السياسة الإيجابية وهي "توفير حياة أفضل لجميع افراد الشعب".

ينبغي على الناس عدم الإيمان بمرشح سياسي مستقل واحد يدعي بأنه عبقري أو قائد سياسي عبقري. الحل لأي شعب هو دائمًا ما تريده الأغلبية وليس الأقلية. عندما يقوم مرشح سياسي مستقل مثل كامل إدريس بالادعاء بأن لديه خطة لمدة 100 يوم سيتم فيها حل جميع مشكلات السودان، فهذه إشارة واضحة بأنه عميل أمريكي. والنسخة الأمريكية النموذجية من القول السياسي كانت دائمًا "المائة يوم الأولى في السلطة".

ما الذي حله أوباما أو ساهم به في المائة يوم الأولى في السلطة "لا شيء". الولايات المتحدة تمر الآن بفوضى اقتصادية أشد مما كان في تاريخها ويقوم أوباما ببيع مستقبل الشعب الأمريكي للبنوك الاستثمارية والمؤسسات التجارية الكبيرة بأمريكا.

 

دعوني أقدم لكم مثالاً وهو واقعة حقيقية. حصل أوباما على 30 مليون دولار في إطار سباقه الانتخابي من شركة بلاك بيري الأمريكية. كيف ذلك؟ فقط عن طريق حمل أحد هواتف "بلاك بيري" معه أثناء سباقه الانتخابي. "إنه الإعلان عن المنتج في أعلى مستوياته".  وقد طلبت منه شركة بلاك بيري أن يذكر فوائد مثل هذا الهاتف أثناء الحملات الانتخابية. والآن ما هي فائدة رئاسة أوباما الذي من المفترض أنه يريد الرفاهية للشعب الأمريكي ويحصل على 30 مليون دولار في سباقه الانتخابي بينما يعيش ملايين الأمريكيين في فقر وملايين أكثر يفقدون وظائفهم ومنازلهم نظرًا لعدم تمكنهم من سداد الرهون المفروضة على منازلهم؟ الأزمة الاقتصادية الأمريكية ستؤدي فقط إلى زيادة المشكلات الاقتصادية الدولية والحروب الدولية سواءً أكانت حروب اقتصادية أو مادية.

دعوني أعطيكم مثالاً آخر على الواقع الاقتصادي الأمريكي. هناك تاجر أغذية بالجملة أمريكي الجنسية وكان يتميز بأعمال جيدة لعدة سنوات في الولايات المتحدة. ومنذ نهاية عام 2008 وحتى نهاية 2009، خسر 75% من أعماله وفي نهاية يناير 2010 خسر أيضًا 20% أخرى.  لهذا فإن الحقيقة هي وجود وضع اقتصادي مؤلم في الولايات المتحدة دون أي أمل إيجابي للشعب الأمريكي. وتاجر جملة الأغذية هذا يعتبر نفسه محظوظًا لأنه قابل أصدقاء له من بينهم أشخاص يعرفهم من خلال أعماله والذين يقومون بالاستثمار في شراء الأسلحة اليدوية لحماية أنفسهم. لماذا؟ لأنه في رأيهم تعتبر المسدسات والبنادق هي أفضل المنتجات التي يتم الاستثمار فيها نظرًا للأزمة الاقتصادية المتواصلة مع انعدام الأمل في الأفق بالنسبة للمواطن الأمريكي العادي. يبدو أن أمريكا تعود إلى أيام رعاة البقر من حيث احمي أسرتك واقتل إذا لزم الأمر أو اقتل أولاً وبعد ذلك احمي أسرتك.

 

ليس فقط أوباما، ولكن أيضًا ألمانيا وإنجلترا وفرنسا واليابان، ولا تستثني بقية دول مجموعة العشرين "باستثناء الصين"، جميعها تهاجم الملاذات الضريبية من سويسرا إلى ليختنشتاين إلى "آيل أوف مان" والعديد من البلدان الأخرى المكونة من جزر والتي تلجأ إليها العديد من المؤسسات. وقد تم حتى إنذار سويسرا بسبب قوانينها الخاصة التي تجعل من الاحتيال الضريبي جريمة، لكن التهرب الضريبي مجرد عقوبة مدنية. وتمامًا مثل طفل صغير مدلل، يطلب الغرب غزو الملاذات الضريبية والاستيلاء على كل  دولار خارج الحدود باسم كارل ماركس.

لهذا هل تعتقدون حقًا أن السياسيين الأمريكيين يبذلون قصارى جهودهم ولديهم خطة جيدة للولايات المتحدة والعالم؟ لا، إنه لا يقومون بذلك وحالات سوء التقدير السياسي لن تؤدي سوى إلى حرب عالمية. لماذا برأيكم يقومون بتعقب الحسابات الخارجية للمواطنين الأمريكيين؟   لأنهم في أزمة اقتصادية حرجة جدًا.  إن السياسيين الأمريكيين والسياسيين الدوليين الآخرين عادةً لا يخططون إلا قبل الانتخابات التالية.  ولم يكن لديهم أبدًا في العادة أي خطط متوسطة أو طويلة الأمد لضمان مستقبل أفضل لشعوبهم.

 

إننا نواجه أزمة اقتصادية عالمية والتي تزداد سوءًا فقط يومًا بعد يوم وكما ذكرت في مقالتي "السودا ن بلد الامان "، ينبغي أن نتوقع كثيرًا من التغييرات السياسية والحكومية هذا العام على المستوى العالمي.

 

 

الانتحار الاقتصادي الذي يمكن أن يحدث في السودان سيحدث بسبب الانتحار السياسي الذي يحدث هذه الأيام في السودان. وبحلول أيام الانتخابات أو قبلها في السودان، سنشهد حدوث الكثير من التغيرات.  يمكنني فقط أن آمل أن تكون التغيرات القادمة إيجابية بالنسبة لشعب السودان.

الحل المقترح هو كما يلي:

1-    عقد اجتماع طارئ بهدف تأجيل الانتخابات القادمة بأبريل 2010 إلى نهاية أكتوبر 2010. السودان ليس مستعدًا حتى الآن للانتخابات في شهر إبريل القادم.

2-    توقيع اتفاق بواسطة جميع الأحزاب والفصائل السياسية في السودان لتفعيل صندوق استثمار سيادي وطني. وهذا الصندوق يهدف لتأكيد الالتزام بالمساواة في توزيع الموارد الطبيعية للسودان والاتفاق على ذلك من قبل جميع الأطراف. وذلك على أن يشتمل أعضاء الصندوق السيادي ولجنة مجلس الرقابة على الصندوق السيادي على أعضاء من جميع الأحزاب والفصائل السياسية بما فيها أعضاء من القطاع الخاص، على سبيل المثال محامين، مهندسين، مصرفيين، رجال أعمال، إلخ.

3-    يتم إعداد والاتفاق على لجنة اتحادية مشكلة بأعضاء من جميع الأحزاب والفصائل السياسية بما فيها مشاركين سودانيين من القطاع الخاص. وهؤلاء المشاركين من القطاع الخاص هم محامون محترفون ورجال أعمال. ويجب علينا جميعًا أن تكون لنا كلمة في المستقبل الاتحادي للسودان.

4-    تلتزم حكومة جنوب السودان خطيًا بوحدة السودان وعدم انفصال جنوب السودان. فلن يؤدي فصل أو تقسيم بلدنا إلا إلى هلاك ودمار شعبنا ودولتنا.الافضل ان يصبح جنوب السودان ولاية اتحادية تحت جمهورية السودان الاتحادية ويمكنه حتى رفع علمه الخاص نظرًا لأنهم يصرون على أن تصميم العلم الموجود لديهم بالفعل هو ما يرغبون فيه.

ومع ذلك، سيكون هذا العلم علمًا اتحاديًا فقط تحت علم السودان الموحد والعلم الوطني للسودان يبقى كما هو.  ويمكن أيضًا للولايات الاتحادية الأخرى رفع أعلامها الاتحادية، لكنها جميعًا تحت العلم الوطني للسودان.

ينبغي أن يكون جمهورية السودان الاتحادية هو الاسم الرسمي لبلدنا لأن هذا هو الخيار الأفضل بسبب تعدد الثقافات والأعراق في شعبنا.

5-    تلتزم الحكومة الحالية خطيًا بأنها تقبل النقاط الأربعة أعلاه وأن جميع الأحزاب السياسية سيتم إعطاؤها الفرصة للمشاركة في السياسية كعضو في الحكومة الاتحادية. علاوة على ذلك، تقديم التزام خطي يشتمل على المشاركة في القرارات السياسية والسلطة بتلك الطريقة التي يتم بها اتخاذ القرارات الوطنية للسودان في البرلمان وليس وراء الأبواب المغلقة. والحضور العلني للبرلمان هو الحق القانوني لجميع المواطنين. وبالطبع لعدد محدود بصورة يومية والذي لن يتجاوز 100 شخص من عامة الناس. ويتم إعطاء الفرصة والحق كل يوم لعدد 100 شخص مختلفين لحضور جلسات البرلمان كمستمعين. ويجب إعطاء الحق للناس لتقييم السياسيين.

6-    ينبغي إعداد دستور اتحادي جديد والاتفاق عليه من جانب جميع الأحزاب والفصائل السياسية. وهذا يشمل ميزانية وطنية جديدة يتم تخصيصها لتمويل جميع قطاعات الاقتصاد.  ويتم الإعلان عن كل من الدستور الاتحادي والميزانية الوطنية باللغة العربية والإنجليزية بهدف الحصول على الموافقة عليها من الشعب السوداني. ويتم الترحيب بأي وجميع الاقتراحات والتعليقات المقدمة من الشعب السوداني حول الموضوعين طالما كانت هذه الاقتراحات والتعليقات تضيف قيمة إيجابية.

7-    تولي حكومة انتقالية للسلطة على أن تتضمن جميع الأحزاب السياسية.

8-    فقط بعد الاتفاق على جميع النقاط السبعة أعلاه، وتحرير ذلك خطيًا والتوقيع عليه من جانب جميع الأحزاب والفصائل السياسية، ستكون هناك فرصة للاتفاق على تاريخ وجدول زمني للانتخابات. بخلاف ذلك، نحن نبحث في مشكلة لا يمكن حلها. ألم يتعرض السودان وشعبه لما يكفي من التدخل الأجنبي الذي تم في بلدنا على مدى الأعوام المائة الماضية. نحن شعب ذكي جدًا ولدينا القدرة على التعامل مع مشكلاتنا الداخلية والاتفاق على حلولها.

 

ما ورد أعلاه هو الحل الذي أقترحه لأنني لا أرى شيئًا سوى الحرب ومزيد من الانقسام في بلدنا الحبيب إذا لم تتوصل جميع الأطراف لاتفاق سلام شامل يوقعه الجميع في الأسابيع الأربعة القادمة.

 

إن الوضع السياسي العالمي يتجه نحو الحرب بسبب خطورة سوء الإدارة السياسية الدولية.  وباختصار، فيما يلي المشكلات العالمية الخطيرة المتوقعة:

* سترتكب إسرائيل خطأ في التقدير إذا قررت شن حرب على إيران. وبالطبع ستكون أمريكا جزءًا من تلك الحرب. وسيؤثر ذلك بوضوح على جميع دول الخليج. إنها ليست معادلة 50 / 50، لكنها احتمال 80 / 20، و80 هي الأغلبية. ولا تهتم الولايات المتحدة إذا كان ذلك يحقق مصالحها إذا تم تدمير الدول الخليجية لأن إمدادات النفط الخام للولايات المتحدة يمكن توفيرها أيضًا من غرب أفريقيا. ويمكن أيضًا للولايات المتحدة تحقيق فائدة أخرى عندما يتم تدمير دول الخليج وهي عودة جميع الأموال إلى أمريكا وهي في شدة الحاجة للأموال.

* قد تدخل الهند في حرب نووية بسبب الوضع السياسي غير المستقر جدًا في باكستان. ولن تكترث حتى الحكومتين الأمريكية والبريطانية بتلك المأساة لأن هذا سيحل مشكلتين بالنسبة لهما. الأولى هي التخلص من باكستان مرة واحدة وللأبد والثانية أن الهند لن تصبح منافسًا اقتصاديًا لهما.

* سيحدث انخفاض في قيمة عملات رئيسية بسبب الديون الهائلة على البلدان الغربية. وسيتسبب هذا في تضخم مفرط وشامل وبعد ذلك يمكننا توقع انكماش شامل وركود اقتصادي عالمي. وعندئذٍ يمكننا توقع اضطراب اجتماعي في العديد من البلدان على مستوى العالم.

يبدو لي أحيانًا أن هذا هو المطلوب حدوثه بحيث يمكن للبشر العودة لما هو مطلوب أصلاً للجنس البشري وذلك لندرك أن السلام هو أقدس ميزة في الحياة. دعونا نأمل بتحقق السلام دون الاضطرار إلى التسبب في مزيد من الألم والمأساة للإنسان.

إن الرئيس البشير وبلدنا وشعبنا يقعون فعلاً تحت تهديد سياسي واقتصادي خطير جدًا، لهذا نرجو اعتبار هذه الرسالة كرسالة سلام للجميع.

  تحياتي...   عبد الحليم أنور محمد أحمد محجوب

[email protected]

February 15th 2010



© Copyright by sudaneseonline.com