From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
ان فجعنا في الوحدة فهناك الف وحدة و حدة /أزهري عيسى مختار
By
Dec 28, 2010, 18:49

ان فجعنا في الوحدة فهناك الف وحدة و حدة

الشعوب التي تصنع التاريخ لا تثنيها خطوب الواقع وأهواله ولا تبكيها فجيعة الحاضر ومظاهره وعواديه وانما تنظر بعين الثقة والأمل الى آفاق الغد وأماني المستقبل ، ليس من باب الحلم والتخيلات الجميلة الفارغة ولكن من باب العمل الدؤوب الصارم .

لقد صبرنا صبرا جميلا وعملنا عملا جميلا وأنجزنا الكثير بحمدالله . لقد صبرنا على صفوف البنزين وصفوف الخبز من الغسق الى المغيب ومشينا في الرمل والتراب والوحل كي ننتقل من مدينة الى أخرى ، وها نحن الآن نستقل الحافلات المكيفة الراقية ولدينا جيل من الأبناء لا يعرف ماهي صقوف الخبز وماهي السوق السوداء التي يباع فيها الشاي والصابون والسكر .

لا نقول اننا قد بلغنا الكمال أو اقتربنا منه ، بل هنالك أرتال من الأعباء التي أمامنا وآلاف من الكيلومترات التي لا بد من اجتيازها بسلام  وهنالك أعتى العواصف التي ستتصارع معها زوارقنا في عرض البحر حتى لاتغرقها أو تودي بها الى متاهات لا أول لها ولا آخر .

أولى هذه العواصف والكوارث هي مسألة الوحدة أو الانفصال التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى . فاما أن يبقى السودان بخارطته الحالية التي تملأ السمع والبصر واما أن يحدث فيها شرخ بغيض كريه ممقوت بشوه صورتها ويحد من بريقها وتألقها الباهر .

وان كان لنا أمل حتى آخر لحظة رغم الارهاصات التي لا تبشر بالخير ، الا أننا يجب أن لا نبكي أبدا على لبن مسكوب ، لأن ما يتناثر منه على الأرض ويمتصه الثرى لايمكن أن يعيده البكاء الى زجاجته التي انسكب منها. .

لذا فان الوحدة لو ضاعت منا فلا مجال أبدا للبكاء عليها طويلا والوقوف على أطلالها لأننا في عالم لن نجد فيه من يقول لنا هون عليك  يا وطن وينصحنا حانيا بأن لا نهلك أسى ويدعونا للتجمل بالصبر والحنكة والثبات .

ان كانت لنا فسحة ضيقة للحفاظ على الوحدة التي كنا نود لها أن تأتي بالانجذاب ورقة الحديث وعذوبة المقال ، فالأحرى أن لا نضيع الزمن في رتق ما تبقى لنا من أثمال وحياكة ثوب جديد يليق بنا كأمة خلاقة وثابة .

والخرطوم التي يلتقى عندها نيلان عظيمان ينضحان بالقوة والحيوية والنماء قد التقت فيها كلمة العرب في يوم ما لمواجهة آثار النكسة ـ كانت القلعة العاتية الأمينة التي  وقد وجد فيها الزعيم الراحل عبدالناصر بوارق الأمل التي خففت عنه آلام النكسة وجراحها فأشاد بصوته الدافئ القوي بصمودها الواعد حيث قال في خطابه للجماهير التي ااستقبلته في مطار الخرطوم " الهتافات التي لقيتها في الخرطوم علمتنا أن الأمة العربية لن تنهزم في يوم من الأيام " .

حري بنا ألا ننهزم وألا ننكسر حتى ولو فجعنا في هذه الوحدة ، فهنالك الف وحدة و وحدة يجب أن نتطلع اليها ونعمل من أجلها .

فهنالك وحدة الصف والكلمة التي لا محيص عنها اذا ما أريد لوطن سليم معافى أن ينطلق نحو الحفاظ على مكاسبة والمضي قدما نحو المزيد من الاستقرار والبناء . وعلى جميع الأحزاب السودانية أن توقف جرثومة الانقسام والتشرذم واستعادة الوضع الريادي الذي كانت عليه في السابق .

فهل سيستنهض حزب الأمة صفوفه و يتهيأ لتوحيد جهوده واستعادة مكانته في الصف الوطني البناء وهو الحزب الذي لا تعوزه القيادة الرشيدة ،  فامامه الصادق المهدي الذي يحظى بالتوقير والاحترام من كافة أبناء الوطن عامة ،  اليس في مقدوره أن يخرج على الأقل حزبه من دوامة التفكك والانقسام . وكذلك الزعيم الميرغني الذي لا يخلو بيت من بيوت السودان من ولاء لطائفته وحب للسادة الأجلاء ، ألا يمكنه أن يعيد الحزب أجمع تحت راية الاتحاد ،  ليس على صعيد الوطن فحسب بل على الصعيد العربي والاسلامي كما كان في السابق ؟ .

وينطبق القول كذلك على الحركة الاسلامية بنت المثقفين و وليدة المدارس والجامعات ، أيعجبها هذا الدور الذي آلت اليه والانقسام البغيض الذي ينخر في عظامها ويسئ الى أهدافها ومراميها البعيدة ؟ لقد آن الأوان لكي تستفيد من تجارب الماضي البعيد والحاضر القريب وتعمل على خلق انسان منفتح متعاون مع الجميع لا يحقد ولا يظلم ولا يضمر السوء لأحد .

ألم تكن الحركة الاسلامية في يوم من الأيام لا تغضب ولا تستفذ ولا تستثار الا عندما يظهر القومي العربي في الساحة ؟ ثم جاء وقت الشدة  الذي لم يجد فيه السودان غير مؤاذرة القوميين والبعثيين ووقفوا معه جنبا الى جنب في خندق واحد؟ .

أمامنا درب طويل وصعب ولكننا سنمشيه خطى ثابتة نحو المجد والارتقاء . اذا التوت من بين أحضاننا أذرع كنا نتمنى أن تنضم الينا وسارت مغربا وسرنا مشرقا، فهنالك كم هائل من الشعبوب التي تتوق الينا ونتوق اليها وقد آن الأوان لكي نلتفت اليها بعمق أكثر وترحيب أكبر .

اذا مضت الوحدة مع الجنوب في طريق مسدود أو فجعنا فيها ، لن يعدم سودان الأزهري والمحجوب وعلي عبداللطيف ومن قبلهم المهدي ومحمود ود أحمد والنجومي وعثمان دقنة وغيرهم من الأبطال الأفذاذ ما يمكنه من تحسين صورته و وضعه في مصاف الدول العظيمة التي ترقى في سلم المجد دون أن تتزعزع أو تتهاوى الى الحضيض المهلك .

أزهري عيسى مختار

[email protected]

6401445 توصيلة 122

 



© Copyright by sudaneseonline.com