From sudaneseonline.com

بقلم : المتوكل محمد موسي
ساحل العاج فى وجه العاصفة /المتوكل محمد موسي
By
Dec 28, 2010, 00:32

بسم الله الرحمن الرحيم

ساحل العاج فى وجه العاصفة

المتوكل محمد موسي

Almotwakel_[email protected]

 

    ساحل العاج بلد أفريقى جميل ..فضلاً عن أنه فائق الثراء طبيعياً وبشرياً.. فقد أنجبت درر فى ملاعب كرة القدم أمثال بوكو قديماً وحديثاً رفد نجوماً ظلت تتوهج فى ملاعب كرة القدم العالمية حتى أصبحت ساحل العاج نغمة فى شفاه جماهير الرياضة العالمية أمثال ديديه دروغبا وسالمون كالو إلى آخر الكوكبة من النجوم ، ومما لاشك فيه أنه لولا الإستقرار الذى كانت تنعم به ساحل العاج لما قدمت للملاعب كل هذه اللآلئ ، إلا أن المتتبع لأخبار هذا البلد الواعد هذا يلاحظ أن الأوضاع فيه تهوى إلى قاعٍ سحيق وبسرعةٍ كبيرة ، والسبب هو الصراع الأفريقى الأزلى حول السلطة والذى يُنيخ بكلكله هذه الأيام فيه.

     قلنا فى مقالٍ سابق وقبل إنتخابات الجولة الفاصلة أن الرئيس لوران غاغبو لن يتنازل عن السلطة بالساهل .. وما قبوله من الأصل بخوض الإنتخابات سوى حيلةٍ لكسب الوقت والتعامل تكتيكياً مع الضغوط التى تواجهه داخلياً وخارجياً .. وقلنا من نكث بعهدٍ فلابد أن أن يستمر فى نقض العهود إلى ما لا نهاية خاصةً إذا تعلق الأمر بالسلطة، ، فهاهو لوران غباغبو يحشد كل مقدرات البلاد ويضعها فى سبيل بقائه فى سدة السلطة ، لايهم كم من الضحايا قد سقطوا ولايهم أيضاً عدد الذين سيسقطون  فى مقبل الأيام القادمات  فى ظل إصرار الرجل على البقاء فى السلطة إلى ما شاء الله ، ولما أصبح المجتمع الدولى لا يقبل مثل هذا التعدى الصارخ على القوانيين وأُسس التداول السلمى للسلطة وفرض الأمر الواقع من قبل أفراد ، فإن ساحل العاج مالم يرضخ الرئيس لوران الذى جيّر جيش البلاد لصالحه ، لشرعية صناديق الإنتخابات فإن شلالات من الدماء ستجرى فى البلاد وقد أعلن متمردى الشمال دعمهم للرئيس المنتخب الحسن وترة وهم يشهرون أسلحتهم والذى بدوره لايمكن أن يتنازل عن سلطة إستحقها عن جدارة ، وهكذا نرى أنه لا مفر من القتال وسقوط الضحايا .

   ولعل ما يزيد من تمسك الرئيس المنتخب بموقفه هو تأييد المجتمع الدولى له ، فقد جاء فى الأخبار أن الجمعية العامة للأمم المتحدة وبالإجماع قد إعترفت وأقرت بأن الرئيس الشرعى لساحل العاج هو الحسن وترة ، ومما لامراء فيه لا يمكن تسفيه آراءها وهى تضم فى عضويتها 192 دولة وليس هناك رئيس دولة فى العالم يستطيع أن يحكم وكل هذا العدد من الدول لايعترف به ، بل إنها أتبعت إعترافها بقبول قائمة الدبلوماسيين التي قدمها  الرئيس المنتخب وترة إلى الأمم المتحدة بإعتبارهم الممثلين الرسميين الوحيدين لساحل العاج في المنظمة الدولية ، إلا أن كل هذا لايقلق بال بغاغبو فهو لن يستسلم إلا بعد أن تُرق دماء كل العاجيين ، المهم أن يبقى هو فى السلطة.

   ومن ما يزيد الطين بلة بالنسبة للرئيس المهزوم أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إتهمه بإرتكاب إنتهاكات خطيرة في ساحل العاج وكانت نائب المفوضية العليا لحقوق الإنسان كيونغ واكانغ قالت في الجلسة أن 173 شخصاً قتلوا ونحو 500 آخرين اعتقلوا في أعمال العنف التي تلت الانتخابات الرئاسية ، وأنهم يتلقون يومياً 300 إتصال يُبلغ فيها عن انتهاكات لحقوق الإنسان هناك ، من بينها عمليات إختطاف وإعدامات سريعة وأعمال عنف جنسي، وطالبت بالتحقيق في هذه الانتهاكات وتقديم مرتكبيها إلى العدالة ، مثل هذا السجل السئ  يُعطى الضوء الأخضر للمجتمع الدولى لمحاصرة وعزل بغاغبو ويزيد من معاناته.

   لم يقف الأمر بالنسبة لغباغبو عند حد إدانة وتنديد المنظمة الدولية فحسب وإنما دخلت المؤسسات المالية الدولية ضمن الضاغطين عليه لتسليم السلطة لخلفه وترة ، وكان رئيس البنك الدولي السيد روبرت زوليك قد أعلن من باريس تجميد قروض قيمتها 800 مليون دولار كانت ستقدم لساحل العاج  تضامناً مع الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وأنه تحدث إلى رئيس مالي أمادو توماني توري عن إقناع "إيكواس" أيضا بتجميد القروض لساحل العاج ، ليُثمر الأمر عن إعلان البنك المركزي للاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا في بيان أذاعه راديو بومبولون في غينيا بيساو وقف تعاملاته المالية مع غباغبو، مشيراً إلى أنه بات يعترف الآن بمنافسه وتارا رئيسا للبلاد.

   ولما تيقن المجتمع الدولى أن كل ما سبق  لم يقنع السيد لوران بتسليم  السلطة للفائز بها قررت أن تُصعد من ضغوطها بإنتهاج الوسيلة التى يفهمها الرجل الذى عبأ القوات المسلحة العاجية لتزود بالغالى والرخيص عن سلطتة البائدة ، فقررت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إستخدام القوة للإطاحة بالرئيس العاجي المنتهية ولايته لوران غباغبو، وذلك بعد يوم واحد من اعتراف الأمم المتحدة بغريمه الحسن وترة رئيسا شرعيا للبلاد ، واتخذت قراراً بإرسال مبعوث إلى العاصمة أبيدجان لتبليغ غباغبو بأن عليه التنحي، وإلا واجه القوة الشرعية ومعلوم أن إيكواس منظمة إقليمية فرعية تمثل دول غرب أفريقيا وهى دوماً عندما تقرر تفعل عكس الإتحاد الأفريقى الأب الوديع ولعلنا نذكر فى تسعينات القرن الماضى كيف تصرفت إيكواس عندما قاد مجموعةٌ من العسكر فى سيراليون إنقلاباً أطاحت فيه بنظام الحكم الديمقراطى الذى كان قائماً آنذاك ، إذ لم تترد المنظمة فى إرسال جيشاً عرمرماً أعاد الأمور إلى نصابها فى سيراليون فى أقل من أيام ، يبدو أن الرئيس السابق غباغبو لم يقرأ التاريخ جيداً ، إذ أن منظمة إيكواس التى تنتمى إليها ساحل العاج سريعة الغضب فى مثل هذه المواقف .



© Copyright by sudaneseonline.com