From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
هذا أو التسونامي/عثمان واش
By
Dec 27, 2010, 00:30

هذا أو التسونامي

إستميح الأستاذ / محمود محمد طه عذرا لأستعير إطلالته منذ نحو ثلاثة عقود و هو ينتقد حالة السودان يومها –" هذا أو الطوفان " ..  لأستعيض عنه اليوم ... . .. " هذا أو التسونامي "  فقد تبدل من بعد الأستاذ الأوضاع و المصطلحات في السودان و بقية بقاع الأرض . و  قد تبدل تبعا لذلك كافة مفردات حياة الإنسان على وجه البسيطة , وهذا أمر بالسعة لا يمكنني الإحاطة به . اذ يتطلب أمر كهذا الي جيش من الإختصاصيين علي إطلاع بكافة دروب الحياة . لتشريحها خلية بخلية و دراسة تطورها و اثارها الظاهرة للعيان و المستبطنة كذلك . ولكن ما نريد أن نطل عليه هى محاولة  مختصرة لمقارنة عوانين الحياه العامة في أواخر عهد المشير / نميرى و أيام المشير/ بشير الأن .

على نسق التداول المقيت للسلطة في السودان ... و التي ألفته الشعب السودانى منذ رحيل المستعمر بأجسادهم و أبقوا أفكارهم و قيمهم وديعة عند ربائبهم الذين أنابوهم في إدارة شئون البلاد من بعدهم ... إستطاع النميرى أن يزيح ثلة من الثرثارين , جعلوا من الجمعية التأسيسية منتدى ليتباروا فيه فصيح الألفاظ نثرا و في كثير من الأحيان يتطاعنون شعرا . لم يستغرقه ذلك الا طابورا من عشرة ضباط للسير خمس كليومرات ....و هي المسافة الفاصلة بين خورعمر بامدرمان حتى القيادة في الجانب الأخر من النيل . دون أن يكلفهم ذلك قطرة عرق . و كذلك فعل البشير . و في هذا تفوق الصادق – رئيس الحكومة أنذاك علي من سبقوه من السياسيين في فنون الثرثرة . لدرجة أنه أصبح  ما يميز صورته الكركاتورية هو الأنف المعلوم و الميكرفون الملاصق .

وجه النميرى أنظاره صوب الجنوب و قد أحسن المسير حتى أفضى الجهد الى ايقاف الحرب تماما . بإتفاقية أديس المعروفة . رقص السودانيون طربا كما لم يرقصوا من قبل , ولكن بعد أن دانت له الأمر و لم يجد من يعارضه الإ نفسه – جعفر – لينقض إتفاقية أديس ليعيد السودان إلي المربع الأول , حيث القتال لمستقبل أفضل لكل السودان . ركز البشير مثله نحو الجنوب و قد أحسن الوفاق في ورقة مشهودة , تمت في كينيا هذه المرة . العهد فيه أن يعمل مع شريكه  لأجل مضروب بأن يهيا مؤسسات الدولة  وفاقا لتسع أهله جميعا دونما تمييز . و لكنه لم يفي بالعهد فأرجع السودان ليس الي المربع الأول و لكن إلىما  قبل التاريخ . ..   .. أي قبل نشوء موسسة الدولة في السودان . فالوضع القائم الأن هي مؤسسات القبيلة في أفضل الأحوال , القاعدة فيه أن القبيلة القوية تسليحا تغير على من حولها من القبائل و المشيخات لإخضاعها لسلطانها قهرا . وتتطوع أخريات  رهبا للدخول في جيرتها . و للأعراب في السودان وغيرها من البلدان  في هذا إرث . و عادت بنا الزمان الي عهد الغارات . فإن كان النميرى يتخير مناصريه من التنظيمات,  فقد تواضع البشير ليتخير مناصريه من  القبائل .

يعلم الجميع أنه مرت أوضاع معيشية عصيبة  طالت مجموعة كبيرة من السودانيين و جيرانهم كذلك في اواخر عهد النميرى , كان لعنصر الطبيعة دور فيه . فقد أصاب القحط نواحى الإقليم مما أصاب الإنتاج المطري -  التي تعتمد عليه غالب السكان – بالضمور فضرب المجاعة دول الإقليم و  تدفق علي السودان جيرانها من كل صوب . من الجنوب الشرقي – إثيوبيا و إرتريا . و غربا من تشاد و جنوب إفريقيا . كما تم نزوح داخلي كبير للمرة الأولى بهذا الحجم ,الي مشارف النيل في اواسط السودان . وكذلك الي المدن و تبدل معها ديمغراطيا مناطق الي درجة لم نألفه من قبل في السودان . تعاطى أهل المناطق المجيرة الوافدين  بترحم كبير . أما عند البشير اليوم فالوضع إختلف . فبعد أن سًخر الله الصينيين و أنتجوا البترول في السودان  - نحو مليون برميل يوميا بعائد قدره مليار دولار كل أسبوع -...  ليستخدم هذه الموارد لقتل شعبه في دارفور . -  ما يفوق ثلاثمائة الف قتيل و اربعة مليون نازح إضطروا لترك ديارهم الي معسكرات نزوح داخل السودان و خارجه . تركهم جميعا يتسولون لقمة العيش من المجتمع الدولى . و عندما يأتي الخيرون ليس من أرض الإسلام بل من أقاصي الدنيا لإغاثة المتضررين يتفنن من الأساليب لإعاقة جهدهم . ..  لا يعطون لا يبغون أن تنزل رحمة الله على العباد .... حقا صدق من قال  ..  " من أين أتى هؤلاء .. " . اما بخصوص التسعة مليار المنهوبة فلا سبيل لي  للحديث عنها حتى أفيق أنا  شخصيا من هول  الصدمة .

يقال أن عملية " موسى"  التى سمح بموجبه النميرى لقلة من من اليهود الفلاشا لإستعمال مهابط نائية في السودان لنقلهم الي أوربا و من بعد الي إسرائيل هي فضيحته الدبلوماسية .والمحكمة العلنية التى تشكلت   في غيابه كانت   أشبه بمسلسل جاسوسي ..     تابعه جميع السودانيين علي الشاشة البلورية بشغف منقطع النظير . فيما دفع البشير ألافا من أفراد الشعب السودان ليتسللوا حافيي الأقدام الي إسرائيل . لم يتبقى منهم  الإ من صرعته رصاصات الشرطة المصرية موتا وهم متمسكون بأهداب حدود إسرائيل  . ليرسم أشلاء عظام أهلي معالم الحدود بين مصر و إسرائيل .

أي عنوان مما ذكرت هو مشروع كتاب لمن يحبون الثرثرة و أنا لا أحسن ذلك . السودان على أعتاب مرحلة جديدة بعد ذهاب جنوبها . ما تبقى من الأزمات هي التالية :

-      المشورة الشعبية النيل الأزرق

-      المشورة الشعبية جنوب كردفان

-      إدماج الأقليم الشرقى في مؤسسات الدولة

-      اسس إدارة في السودان -  قضايا الحريات و التداول السلمي للسلطة

-      السلام في دارفور ومعالجة التراكمات الناتجة بفعل الصراع

-      بالمختصر المفيد  .. نحن في السودان على شفا ..  جرف هار ..    فأن أحسنا التعاطى مع القضايا أعلاه  ..  فقد ننجو مع عظيم الضرر الماثل  ..   و الإ فهى التسونامى و ليست الطوفان هذه المرة .,

عثمان واش

26 ديسمبر



© Copyright by sudaneseonline.com