From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
القُوى السياسية و الهدوء الذي يسبق الكارثة..!!/أحمد موسى عمر ــ المحامي
By
Dec 27, 2010, 00:21

القُوى السياسية و الهدوء الذي يسبق الكارثة..!!

مازلنا  على رأي أن (المؤتمر الوطني) أكثر حزب سياسي إستحق التهنئة لمنحه عهداً لأبناء الإقليم الجنوبي بتقرير مصيره وأوفى به ... ومازلنا  عند رأي أن من يتهم (المؤتمر الوطني) بشق الوطن إلى شقيّن لا يمتلك الرؤية السياسية الثاقبة المطلوبة ...  فقضايا الوحدة والإنفصال (أكبر) من تضييق حزب على حزب أو غضبة حزب على حزب ... (ووطن يفتقد إحترامنا ذلك الذي تشقه مكايد سياسية ) , إنفصال الجنوب أو إستقلاله (بحسب زاوية الرؤيا) هو نتاج طبيعي لتراكمات جاوزت الـ 60عاماً , حينها كان كل من (المؤتمر الوطني) و (الحركة الشعبية) يتلمسان طريقهما نحو نور العمل السياسيي ... ومن الآراء (شبه الخاطئة) والتي تبنيناها بوقت ما أن علاقة الشريكين الشائهة أودت بحياة الوحدة  وهو رأي يجنح نوعاً ما إلى الصدق مع إفتقاده إلى الدقة المطلوبة , فالحركة نفسها والتي تُعد لسان حال أهل الجنوب تتحدث وفي كثير من خطاباتها الموضوعية عن أخطاء (الشمال) تجاه الجنوب وليس أخطاء حزب المؤتمر الوطني ولا يصح القول بأن الحركة الشعبية ربطت بين المتمر الوطني والشمال رباطاً كاثوليكياً فالحركة حزب كبير يجيد التفرقة بين الشمال والحزب الشريك وفي (مُخاواتها) لقُوى الشمال الأُخرى بجوبا كان توقن أنها قُوى شمال , هذه الإفادة حول خطأ (الشمال) هي التي تُبرئ الحزب الشريك , ولكنها لا تبدو  مُقنعة كفاية لتبرئة الشريكين من جر البلاد إلى أقسى قرار  سياسي فكان يمتلكان فرصة وحدوية ضاعت بينهما بلحظات غضب , بالمقابل تظل القُوى السياسية تتكئ على ظلٍ ظليل وهي تُمنى أحزابها ببراءةٍ كبراءة ذئب إبن يعقوب من دمه ... و بالسياق تطوى القَصَصْ عن (مكيدة) إخوة يوسف !!! وبينما تتجاهل كثير من القوى السياسية سؤال (ما هي أسباب فصل السودان) وهي تقفز عبر  حائط (من تسبّب بفصل السودان)  القصير ,  لتكفى أجهزتها شر التعثر بدورٍ ما لها في الجانب الموضوعي من السؤال حول ماهية الأسباب , وبينما تسير البلاد بخطىَ حثيثة نحو هاويتها الكارثية تجد الصمت يطبق على أغلب قوانا السياسية بمافيها الحزب الحاكم بما يشبه الهدوء الذي يسبق الكارثة وبينما راعي الإبل في فلوات الوطن الشاسع يوقن بحدوث الإنفصال نجد أن أغلب قوانا السياسية تنتظر (إعلان) الإنفصال لتتفجر نظرة الدهشة وتُخرج تعابير المفاجئة المختبئة بين أضابيرها المهترئة ....  فــ (ثُم ماذا بعد الإنفصال؟؟!) يظل كأسئلة ليست لها إجابة حيث خابت توقعات العُقلاء من ثورة تعبوية تنتظم البلاد يقودها حزب تعود التحشيد والتعبئة والولوغ بقلب الشارع السوداني , فحتى زيارة الرئيس حسني مبارك والقائد معمر القذافي والرئيس الموريتاني ولد عبدالعزيز مرت كأحد مشاهد الدراما الواقعية لم تُحدث إلا قعقعة سرية إكتفت الأحزاب السياسية بحفر البئر الذي  وضع المؤتمر الوطني سره الكبير فيه ... وغادر كل رئيس بسره  , وإفتقدت الزيارة للحضور السياسي الكبير للأحزاب السودانية إلا من يضع لافتات أنقذت بها حركة اللجان الثورية القُدرة السياسية السودانية على التفاعل مع الحدث لولاها لظن زوار البلاد في محنتها أن القُوى السياسية قرّرت مقاطعة الزيارة , زيارة الرؤساء الأشقاء وتهيئة الشارع لكيفية التعاطي مع قضايا الإنفصال أكدت (فشل) أمانة التعبئة بالمؤتمر الوطني في إعداد الشارع لمرحلة هي الأخطر والأهم في مسيرة وطن , والشارع السوداني الآن يتلفت بصمته الكظيم ويهمس بصوت يمتلك كلأ أسباب الجهر (هل فيكم من رجلٍ رشيد؟؟!) ويبحث عمن يمنحه إجابات تطمئنه أو تهيأه للأسوأ من إحتمالات , (ثُم ماذا بعد الإنفصال ؟؟!) هذا التساؤال الجماهيري المتقدم والذي يُستبان منه تقدم وعي الشارع السوداني لا تجد له إجابات واضحة لدى أي من قوانا السياسية بمافيها الحزب الحاكم نفسه , وإن وُجدت ففي ملفاتها التنظيمية الداخلية فقط ..!!! والسودان بالوقت الراهن أشبه ببيت العزاء الذي تأخذ فيه الفجيعة بتلابيب أقوى الرجال ويُبحث فيه عمن ينبري للجمع مُهدئاً وسائلاً المولى أن يلهمهم الصبر والسلوان وحسن العزاء وينظم للأيام القادمات خطتها من تهيئة صيوان العزاء وترتيب إقتصاده والإستعداد للقادمين من المعزين ... ومايرشح هنا وهناك هو فقط نبرات تهديد ووعيد أكثر منها (برنامج) والتي تصل بسبب إنفعالها إلى (خطيئة) تدخل الشأن السياسي في الشأن التنفيذي والتشريعي كمثال تقرير إحتمال منح منسوبي المؤتمر الجنسية السودانية , هذا التصريح الذي يضع (الحزب) بخانة الأندية الرياضية التي يتيح لمنسوبيه (إمتياز) الجنسية وليس (حقها) دونما تفكير في هل الإنفصال نفسه كاف لسحب الجنسية من الجنوبيين , المنتسبين منهم للمؤتمر الوطني والمعارضين ؟؟! وهل مثل هذه التصريحات هي ما ينتظره الشارع السوداني الذي يتحرك فوق براكين القلق والخوف ؟؟! ثُم حديث عن حرمان الحركة الشعبية من العمل السياسي وهي الحديث الأكثر غرابة من قبله ويتناسى مُحدّث القرار بأن الحركة الشعبية مثلها مثل المؤتمر الوطني قامت بالتسجيل كحزب سياسي وإستوفت متطلبات التسجيل ويحق لها ممارسة كافة الحقوق السياسية كغيرها من الأحزاب ومن حق قطاع الشمال الإستمرار وبذات الإسم فإسم الحركة الشعبية ليس بجريمة حتى يحاول نائب أمينها العام التنصُل منه في أول مؤتمر لها في يناير كما قال . و حرمان الحركة الشعبية سبيقى كحرمان الحزب الشيوعي في السابق من العمل السياسي الأمر الذي سيوصم السودان بجريرة التضييق السياسي ويضعنا بخانة متأخرة في التقييم الديمقراطي , وأيضاً هذا ليس ما ينتظره الشارع , فالشارع السوداني غير مسئول عن ترتيبات تخص الحزب الحاكم , الشارع السوداني مازال منتظراً إفادات واضحة لبرنامح مابعد الإنفصال , المشاكل الحقيقية التي يمكن أن يواجهها الوطن , والحلول المتوقعة ,  والمرصودة لها , ودور المواطن في تلك الحلول , ومدى تأثره بتلك المشاكل , يحتاجها دقيقة واضحة وصريحة وصادقة والشعب السوداني شعب تعود العيش في أحلك الظروف الإقتصادية ولكنه لم يتعود العيش في أحلك الظروف السياسية و(رجلٌ رشيد) أو (حزبٌ رشيد)  هو من يمتلك فرصة إستلام عصا القيادة والسير بالوطن في صراطه المستقيم دون ان يسقط في نار الإنفجار ... والله المستعان

 

أحمد موسى عمر ــ المحامي

[email protected]

© Copyright by sudaneseonline.com