From sudaneseonline.com

بقلم : زين العابدين صالح عبدالرحمن
الميرغني و أتفاق ما بعد الاستفتاء مع المؤتمر الوطني/زين العابدين صالح عبد الرحمن
By
Dec 26, 2010, 08:55

الميرغني و أتفاق ما بعد الاستفتاء مع المؤتمر الوطني

زين العابدين صالح عبد الرحمن

قبل ظهور النتيجة النهائية للانتخابات السودانية التي جرت في أبريل الماضي شد السيد الميرغني الرحال إلي جمهورية مصر العربية و قال في تصريح له إذا كانت هذه النتيجة صحيحة فأين ذهبت أصوت الجماهير الغفيرة التي استقبلتني في الشرق و هي مقولة أراد بها الميرغني التشكيك في نزاهة الانتخابات و لكن درج السيد الميرغني أن تكون كلماته حمالات أوجه تساعده علي جعل الباب مواربا للغريم بهدف إذا كانت هناك فكرة للتصحيح أو فرصة لتسوية سياسية يكون الطريق ممهدا لها و ذهب الميرغني لجمهورية مصر من أجل التخطيط للمرحلة المقبلة و الغريب في الأمر أن السيد الميرغني يحب دائما التفكير في كيفية معالجة قضايا السودان و في الأزمات السياسية خارج حدود السودان و المنهج الذي جعل الحزب الاتحادي الديمقراطي يتأخر في التعليق علي الأحداث أو المساهمة الفاعلة في خلق مبادرات وطنية تعيد ترتيب الأوراق برؤية جديدة يمسك الحزب بلجامها.

بعد خروج السيد الميرغني غاضبا قدمت له نصيحة في مقر أقامته أن لا يكون بعيدا عن دائرة الأحداث و يجب عليه التفكير الجاد في فتح حوار مع حزب المؤتمر الوطني للمشاركة في تشكيل الحكومة القادمة لان وجود الحزب داخل السلطة التنفيذية سوف تسمح له بحرية من الحركة و المشاركة في صنع السياسات التي تجعل الحزب يستطيع السيطرة علي أماكن نفوذه الطبيعية خاصة أن الحزب يعاني من تشققات انقسامات كثيرة و لكن في جانب أخر كان يوجه السيد الميرغني بتيارين الأول تيار لا يمثل الأغلبية و يريد المشاركة في السلطة التنفيذية و أقامت تحالف إستراتيجي مع المؤتمر الوطني يعيد من خلال السلطة الحزب نفوذه و العمل علي توحيد نفسه و الفريق الأخر كان يعتقد المشاركة سوف تعطي المؤتمر الوطني شرعية لانتخابات غير نزيهة و تحمل مسئولية انفصال جنوب السودان مع المؤتمر الوطني و أن الاستفتاء حول تقرير المصير و مهما كانت النتيجة وحدة أو انفصال سوف يكون هناك واقعا جديدا يجب علي الحزب المساهمة في خلقه لمصلحة الحرية و الديمقراطية.

حاول السيد الميرغني أن يكسب الفريقين خاصة بعد ما أعلن المؤتمر الوطني تشكيل اللجنة القومية للوحدة و اختيار السيد الميرغني رئيسا لها و هي كانت فكرة حاول المؤتمر الوطني جر الحزب الاتحادي الديمقراطية لدائرة العمل من أجل الوحدة و تحمل المسئولية التاريخية إذا حصل الانفصال و أشار بعد المستشارين الخاصين خارج الحدود علي السيد الميرغني عدم قبول رئاسة لجنة الوحدة و لكن قبول مبدأ المشاركة في السلطة التنفيذية و لكن تردد السيد الميرغني و عندما حسم أمره و لكن في حواره مع المؤتمر الوطني وضع السيد الميرغني شرطا أن تخصص حقائب وزارية للحزب الاتحادي و يختار الميرغني الوزراء و كان الهدف منها هو إبعاد مجموعة الشريف زين العابدين الهندي من الوزارة و هذه الطريقة التي سوف تعطي  السيد الميرغني  الفرصة لتوحيد الحزب بطريقته الخاصة و ليس عبر حوار اتحادي اتحادي يخلق الإطار العالم لوحدة الحزب  و رفض المؤتمر الوطني ذلك باعتبار أن جماعة الشريف حزب قائم بذاته و له نواب في البرلمان و إذا أراد الميرغني المشاركة دون وضع شروط  و قضية وحدة الحزب الاتحادي قضية ليست لها علاقة بتشكيل الحكومة و عندما أرسل السيد الميرغني خطاب الموافقة رفض حزب المؤتمر الوطني مشاركته في السلطة التنفيذية ليس لان الخطاب جاء متأخرا ولكن بسبب تقاعس الميرغني و رفضه غير الصريح بتولي رئاسة اللجنة القومية للوحدة و إرجاء مشاركة الميرغني لمرحلة جديدة يكون حزب المؤتمر الوطني في أشد الحاجة أليها و في ذات الوقت إرسال رسالة لحلفاء الميرغني خارجيا أن المبادرة في يد المؤتمر الوطني و ليس عند الميرغني و بالتالي حسهم إذا كان السيد الميرغني و حزبه يهمهم عليهم الضغط عليه لكي يتحالف مع الحزب القوي ألان في الساحة دون شروط مسبقة.

في هذه الفترة وجه السيد الميرغني القيادات الاتحادية القريبة منه جدا و المعروفة بأنها تصرح للصحافة و أجهزة الإعلام بعد أخذ التوجيهات منه شخصيا أن تخفف هجومها علي حزب المؤتمر الوطني و تبتعد عن التصريحات النارية و تتجه للتصريحات الداعية للوفاق الوطني و التسوية و تكثر من التصريحات الداعية لوحدة الوطن و أن القيادات البعيدة عن السيد الميرغني و تعتبر قيادات منفلته يمكن أن تطلق التصريحات النارية باعتبار أنها قيادات معروفة تمثل نفسها و ليس للسيد الميرغني علاقة بها و لكن في ذات الوقت هي ضرورية لخلق "كموفلاش " يخدم  برنامج السيد الميرغني.

في هذه الفترة التقي السيد الميرغني بالسيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة و أتفق الزعيمان علي تشكيل لجنة مشتركة بين الحزبين تعمل من أجل التنسيق بين الحزبين و مناقشة القضايا الهامة المتعلقة بقضية عملية التحول الديمقراطي و مناقشة القضايا ما بعد الاستفتاء خاصة إذا أدي الاستفتاء لانفصال جنوب السودان ثم كيفية مواجهة حزب المؤتمر الوطني و التنسيق مع القوي السياسية الأخرى هذا اللقاء أقلق حزب المؤتمر الوطني أن يسهم التعاون بين السيدين إلي توسيع دائرته و أيجاد دعم له في الخارج يشكل تحديات خطيرة في المستقبل للحزب الحاكم و لكن بعض قيادات المؤتمر الوطني و خاصة المهاجرة إليه وتعلم كيف يفكر الميرغني و كيف يناور أكدت أن الميرغني يريد المناورة فقط من هذا اللقاء و بالتالي يجب فتح حوار معه لفترة ما بعد الاستفتاء لأن الميرغني عينه في السلطة و ليس في عملية التحول الديمقلراطي.

قبل عيد الأضحى المبارك  فتح المؤتمر الوطني مرة أخري باب الحوار مع السيد الميرغني حول مشاركته في التعديل الوزاري الذي سيتم بعد الاستفتاء مهما كانت النتيجة الوحدة أو الانفصال إلا أن  نسب المشاركة سوف تختلف في كلا الحالتين و لكن إذا حدث الانفصال سوف يحصل السيد الميرغني علي النسبة التي كانت تشارك بها الحركة الشعبية في الحكومة الاتحادية مع الاتفاق حول نسب المشاركة في ولاية الخرطوم و الولايات الأخرى ووافق السيد الميرغني من حيث المبدأ و لكن أيضا جعل هناك خط رجع عندما قال أنه يريد مشاورة قيادة الحزب في ذلك و معروف لكل السياسيين السودانيين أن السيد الميرغني يريد إطلاع حلفائه بذلك و اخذ الموافقة ثم الحديث مع بعض قيادات الحزب المقربة منه ليس من باب الحوار و المشاورة و لكن للعلم فقط لذلك للمرة الثانية شد السيد الميرغني الرحال قبل عيد الأضحى الرحال خارج حدود السودان باعتبار أن الأمر مستعجل جدا و يتطلب الأخذ و الرد بصورة سريعة و لاسيما كانت اشتراطات المؤتمر الوطني أن يقدم السيد الميرغني موافقته علي ذلك قبل إجراء الاستفتاء بوقت كافي جدا أو أن حزب المؤتمر الوطني في حل منه  و بعد خروج الميرغني بأسبوع أتصل السيد الميرغني بالدكتور نافع علي نافع موافقا علي المشاركة في حكومة ما بعد الاستفتاء و لكن حتى لا يتراجع الميرغني طلب المؤتمر الوطني من السيد الميرغني أن تكون الموافقة مكتوبة خطيا و موقع عليها الميرغني شخصيا و يسلمها شخصيا للسيد رئيس المؤتمر الوطني رئيس الجمهورية السيد عمر حسن أحمد البشير و بالفعل قام السيد الميرغني بتسليم السيد عمر البشير رئيس الجمهورية رئيس حزب المؤتمر الوطني موافقته مكتوبة و موقع عليها شخصيا علي أن يكون الاتفاق في غاية السرية كما طلب السيد الميرغني حتى لا يحدث اضطراب داخل المؤسسة الاتحادية و يترك الموضوع لحينه أي لما بعد الاستفتاء و لكن علي السيد الميرغني أن يبتعد عن كل مخططات المعارضة أو ما يسمي بقوي تحالف جوبا ووقف كل الانتقادات الحادة التي توجهها بعض القيادات المقربة للسيد الميرغني.

يعتبر السيد الميرغني الاتفاق الذي تم بينه و حزب المؤتمر الوطني أتفاق إطاري يحتاج إلي حوار حول الوزارات التي سوف تمنح له فهو لا يريد وزارات خدمية أنما يريد بعض الوزارات السيادية خاصة وزارة الخارجية ثم وزارات اقتصادية مثل وزارة الصناعة و التجارة و غيرها إضافة لمنصب نائب رئيس الجمهورية لأحد أبنائه و الأخيرة اعتبرها المؤتمر الوطني ليست جزءا من الاتفاق و لكن سوف ينظر فيها فهي خاضعة لتطورات الأحداث التي تعقب عملية الاستفتاء و التحديات التي سوف تواجه المؤتمر الوطني أن كانت داخلية أو خارجية فإذا كانت الأمور تسير سيرا طبيعيا بعد عملية الاستفتاء دون بروز تحديات داخلية تزعزع الوضع السياسي و إذا صدقت الدول الغربية و الولايات المتحدة في وعودها التي قطعتها علي المؤتمر الوطني أنها سوف تعفي السودان من الديون الخارجية و ترفع العقوبات و أسم السودان من الدول الراعية للإرهاب و تبني علاقات طبيعية معه بعد اعترافه بنتيجة الاستفتاء و استجاب لمطالب الحركة الشعبية في قضية الحدود و أبيي و المشورات الشعبية في مناطق جنوب كردفان و النيل الأزرق فإن المؤتمر الوطني غير مطالب بتقديم تنازلات كبيرة للحزب الاتحادي الديمقراطي أنما يكتف فقط بمشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي في السلطة التنفيذية بالصورة التي يراه المؤتمر الوطني و ليس التي يتحدث عنها السيد الميرغني أما إذا كانت التحديات كبيرة في الداخل و الخارج يبقي أرضا السيد الميرغني مطلوب لشيئين الأول أبعاد الحزب الاتحادي الديمقراطي من القوي السياسية المعارضة من أجل أضعافها و القضية الثانية أيضا مواجهة التحديات الخارجية ضمن تحالف سياسي له بعده في المحيط الإقليمي الذي يدفع الإقليم بالعمل الجاد من أجل تخفيف و معالجة  تلك التحديات.

لذلك ليس مستبعدا أن يتصل السيد الميرغني بالرئيس عمر البشير و يؤيد التصريحات التي جاءت في كلمته في احتفالات الحصاد في القضارف و التي قال فيها بعد الاستفتاء و تم انفصال الجنوب أن الدين الإسلامي سوف يكون دين الدولة  و اللغة العربية هي لغة الدولة و سوف تطبق الشريعة الإسلامية و لن يكون هناك حديث حول التعددية هذا التأييد هو تأكيد أن الحزب الاتحادي موافق علي التعديل الوزاري بعد الاستفتاء بل موافق أيضا علي البرنامج السياسي لحزب المؤتمر الوطني و هو التحالف الجديد الذي سوف يبرز بقوة بعد عملية الاستفتاء كما أن العملية التي قامت بها قوات الشرطة ضد تجمع حزب الأمة هي أيضا رسالة تحمل إشارتين الأولي أن المؤتمر الوطني سوف لن يتهاون مع أية معارضة تهدد سلطته و سوف يرجع للمربع الأول إذا دعت الضرورة لذلك الإشارة الثانية للسيد الميرغني يقول فيها أيهم تفضل المشاركة في السلطة أو أن تخضع حزبك أيضا تحت قبضة أجهزة الأمن و الشرطة و لا اعتقد أن السيد الميرغني يفضل الثانية و الله الموفق.   

        



© Copyright by sudaneseonline.com