From sudaneseonline.com

بقلم : عاطف عبد المجيد محمد
الجبهة الاسلامية القومية وتحمل مسؤولية التبعات السياسية بالسودان منذ 30 يونيو 1998/عاطف عبد المجيد محمد
By
Dec 25, 2010, 22:06

الجبهة الاسلامية القومية وتحمل مسؤولية التبعات السياسية بالسودان منذ 30 يونيو 1998

 

السودان وهو يقف اليوم أمام أكبر ماّزقه السياسية منذ استقلاله السياسى عام 1956, بدأت تطفو على السطح القاء اللوم كلا على الاخر فى ماّلات الاوضاع بالبلاد بين مختلف النخب السياسية تارة , والحديث عن المؤمرات الاجنبية تارة أحرى . فالحقيقة التى لايختلف عليها أثنان هى أن ماكانت تعرق بالجبهة الاسلامية القومية بمختلف مكوناتها كانت وراء ماتعيشه البلاد اليوم , وهو مايقود الى التساؤل الجوهرى الا وهو , الى أى مدى يمكن للاسلام السياسى المطروح أن يتجح فى تشكيل نظام سياسى فعّال يواجه التحديات التى تواجه الدول الاسلامية النامية؟ وهل النموزج السودانى سيكون نعمة أم نقمة على أطروحات الحركة الاسلامية الدولية ؟

 

ومن زاوية أخرى وعلى ضوء التجربة للنظام الاسلامى بالسودان يطرح السؤال , الى أى مدى تجح نظام الانقاذ فى تطبيق الشريعة الاسلامية على مختلف أصعدة الدولة الاقنصادية والاجتماعية ونطام الحكم عبر محتلف اجهزته التشريعية والتنفيذية والقضائية؟  اعتقد من زاوية علمية بحثية متجردة يتطلب الرد على هذا التساؤل دراسة موضوعية لنخلص الى نتائج ترسم الطريق وتؤسس لمعالجة علمية للصراع بين العلمانيين ودعاة التأسيس لنظام حكم اسلامى يحتكم لاصول الشريعة الاسلامية فى ظل استلهام لمتطلبات التفاعل الايجابى لتحديات الواقع المحلى والاقليمى والدولى .

 

نعود لقضيتنا التى نطرحها اليوم , والبلاد تعيش مخاضا خطيرا ينزر بتبعات تهدد الدولة بتمزقها ودخولها الى نفق مظلم فى ظل واقع اقليمى ودولى اختلت فيه كل القيم الاخلاقية والعدلية وتحكمه توازنات وصراع مصالح دولية بلغ زروته , وفى ظل ازمات مالية واقتصادية عاصفة هزت أقوى اركانه مما زاد من وتيرة الصراع والسعى من قبل القوى النافذة لتوسيع دائرة نفوذها لحماية مصالحها الاستراتيجية .

 

عمدت لاعطاء هذا التقديم حتى يستوعب القارىء الكريم ابعاد الاسقاطات السياسية والاقتصادية والجيو استراتيجية لماّلات الاوضاع بالسودان فى المرحلة المقبلة . فقراءة المشهد السودانى خارج منظومة الدول الافريقية جنوب الصحراء يعتبر من أكبر الاخطاء الاستراتيجية , وهو من كبريات اخطاء النحب السياسية بالبلاد طيلة العقود التى اعقبت الاستقلال السياسى . فحينما يصدر البنتاقون تقرير عن دول افريقيا جنوب الصحراء عام 2005 بحسبانها واحدة من أكبر ثلاثة مناطق بالعالم الاشد تأثرا بتداعيات التغير المناخى , وهنا نطرح التساؤل التالى على نخبنا السياسية ,ماهى اهمية اّثار التغير المناخى بدول افريقيا جنةب الصحراء حسب اعتقادهم ليقدم البنتاقون ليعد تقريرا عنه؟ وهل أقدمت كياناتهم الساسية يوما على أعداد تقرير عن هذا الامر ؟بلا شك سيعتبرون هذا الامر ترفا سياسيا , او بلغتنا بالبلدى (الناس فى شنو والحساتية فى شنو ) ويأتوا بعد ذلك ليتسائلوا كيف تهيمن امريكا على العالم . هذا هو الفرق بين ساستنا وساسة العالم المتقدم . فلو طرحت يوما سؤالا على قادتنا السياسيين ماذا تعرف عن جزر ببيروس وهى دولة بالامم المتحدة ولها مقعدا أسوة بالسودان , ولكن حاول أن تطرح نفس السؤال على مسؤول بالبنتاقون , لقدم لك تقريرا مفصلا عن هذه الدولة من الالف الى الياء , ومسقبلها على ضوء دراسات علمية غاية فى الدقة غير مسموح فيها بالاخطاء .

 

الذى دفعنى لكتابة هذه الاسطر هو المؤتمر الصحفى لهيئة علماء المسلمين بالسودان الذى عقد قبل يومين , حول الاسباب وراء احتمالية انفصال جنوب البلاد , وحديثهم عن ان القوى اليهودية والصلبية هى من تقف وراء هذا الامر . حديث يدفعا للطرح التسأؤل عن تعريف العالم الاسلامى , هل هو الملم بمختلف جوانب الشريعة الاسلامية ؟ أم اضافة الى ذلك المامه بمختلف العلوم العصرية من اقتصاد واجتماع وعلوم سياسية واستراتيجية والجغرافية الطبيعية والجيوسياسية , اضافة لمختلف العلوم الطبيعية والانسانية ؟ فالمزاوجة بين الشقين ضرورة حتى نطلق تعريف علماء المسلمين , وليس الاعتماد على شق واحد , فتخرج الرؤية لتحليل الاحداث قاصرة , فينعكس سلبا على الهيئة المعنية . فالحديث عن الدور اليهودى والصليبى ماكان له واقعيا ان يلعب دورا فاعلا فى الامر لولا اقدام حكومة الانقاذ على التوقيع على اتفاقية نيفاشا والتى تنص صراحة فى غير مواربة على حق تقرير المصير لجنوب البلاد , وحكومة الانقاذ وحدها من تتحمل تبعات ماوقعت عليه بشهادة المجتمع الاقليمى والدولى , دونما حتى اشراك بقية القوى السياسية الشمالية فى الامر , فلابد سياسيا واستراتيجيا قد راهنت على مكاسب متعددة نحن كبقية الشعب السودانى ننتظر ان نجنى معهم تلكم المكاسب , وقتها سوف نشهد لهم والتاريخ كذلك بأنهم دون غيرهم من القوى السياسية الشمالية كان لهم شرف معالجة القضية بماجلب للشعب السودانى تلكم المكاسب , وحق للشعب السودانى أن يرد الفضل لاصحابه , ولكن اذا تجلى الامر عن النقيض من ذلك , فبدلا من المكاسب جنى الشعب السودانى انفصال جنوبه , وارتفاع اصوات الانفصال بمختلف جنباته وتدهورت اوضاعه الاقتصادية والاجتماعية واكتنه عدم الاستقرار السياسى بصورة اكبر اتساعا , فهل سيجبونا هيئة علماء المسلمين اّنذاك على هذا التساؤل , ايضا سيردون الامر لليهود والصلييبين ؟ وكيف يقيمون منهج الشورى فى ظل تغييب قيادات القوى السياسية الشمالية والعلماء والمثقفين عن دائرة رسم السياسة واتخاذ القرارات المصيرية ؟

 

اننى أقول أنه اّن الاوان للحظة الحقيقة , وعلى مختلف مكونات ماكانت تعرف بالجبهة الاسلامية القومية أن يتبنوا بكل الشجاعة والصراحة كافة تبعات مرحلة مابعد 30 يونيو 1989, وعلى كل طرف ان يكاشف الشعب السودانى بدوره خلال تلك المرحلة , وليس التنصل من الادوار التى وقفت وراء مايعيشه السودان حاليا وما سيتبع من عواقب , وهو ماسوف يقود الى ادارك كافة شرائح المجتمع السودانى بأن هناك لازال املا للسعى لايجاد معالجات عاجلة مؤسسية للحد من التداعيات المرتقبة للمرحلة السابقة , وارتفاع صوت العقل , فمن يظن انه لازالت هنالك فسحة من الزمن للرهانات فى ظل عملية الاقصاء فبلا شك لايقرأ جيدا الواقع الاقليمى بصورة جيدة , وكما وصفتها فى مقال سابق من أن قضية دارفور هى قضية جنوب (2) بعد تاريخ 9 يناير القادم , فهاهى امريكا قد حزمت امرها فعينت مبعوسها لدافور حتى لم تنتظر تاريح 9 يناير القادم , وهل وقف الجميع على السيرة الذاتية لهذا المبعوث , المخضرم فى المنطقة دول افريقيا جنوب الصحراء , وهنا استدرك بالقارىء بتقرير البنتاقون عن المنطقة الذى اشرت له بالمقدمة , أى ان الامر وخاصة دارفور يؤخذ فى اطار هذه المنظومة فى اطار استراتيجية امريكا المستقبلية تجاه المنطقة , وهنا يجب عدم اغفال منظومة أفريكوم والتى أنشئت قبل اكثر من عام ومقرها الان بأحد القواعد العسكرية الامريكية ببرلين بالمانيا , خاصة بعد تصريحات المسؤولين الامريكيين اخيرا بالابقاء على مقرها الحالى وعدم نجاح الدبلوماسية الامريكية عبر سياسة العصا والجذرة فى انتقالها لمقرها الذى كانوا يرنون له والذى كان فى حالة نجاحهم سيمثل حدثا تاريخيا ينزر بوبال ليس بمنطقة افريقيا جنوب الصحراء بل بأفريقيا والشرق الاوسط , رغم ان العديد من الانظمة بالمنطقة ظلت تلهث وراء احتضانه .

 

حيال ماتقدم , فأن الاسلام السياسى بالسودان يجد نفسه اليوم فى وضع لايحسد عليه , وعلى قياداته أن تدرك ان مواجهة الحقيقة تعتبر اقصر الطرق لتأمين الارضية الموائمة لاعمال منهج الشورى الحقة من خلال الدعوة لمؤتمر جامع عاجل لكافة القوى السياسية بالبلاد لرسم خارطة طريق تمثل معبرا عبر التحديات الماثلة للخروج بأقل الخسائر , وأن سياسة أنا او الطوفان فماّلاتها من التاريخ المعاصر يدركه الجميع .

 

 

والله من وراء القصد

 

 

عاطف عبد المجيد محمد

عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء-هايدلبرغ-المانيا

عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين-بروكسل –بلجيكا

الخرطوم بحرى – السودان

تلفون:00249912956441

بريد الكترونى:[email protected]

 

 

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com