From sudaneseonline.com

بقلم : زين العابدين صالح عبدالرحمن
السودانيون في المهاجر و حكومة المؤتمر الوطني/
By
Dec 25, 2010, 09:14

السودانيون في المهاجر و حكومة المؤتمر الوطني

في الشهرين  الماضيين عقد السودانيون في المهاجر عددا من الندوات السياسية و السيمنارات التي ناقشت بعض من قضايا الوطن و التحديات الداخلية و الخارجية التي تواجهه فمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية عقد السودانيون عددا من الندوات السياسية و الثقافية كان أهمها ندوة " فرص الوحدة الوطنية علي ضوء الانتخابات السودانية الأخيرة" التي تحدث فيها عددا من الناشطين السياسيين منهم السيد مهدي داؤود الخليفة و مجاهد حسن طه و صلاح أبوجبر و إبراهيم علي إبراهيم و غيرهم  و في هذه العجالة أتقدم بالشكر للأستاذ الصحافي و الإعلامي النشيط محمد علي صالح الذي استطاع أن يوصل كل النشاطات التي تقام من قبل الجالية السودانية في أمريكا إلي عددا كبيرا من السودانيين في المهاجر  ثم أقامت حركة العدل و المساواة سيمنارا  حول " السودان بعد التاسع من يناير "  تحدث فيه عددا من قيادات الحركة بالإضافة إلي سالم احمد سالم الصحافي  و أيضا في أستراليا أقامت الجبهة الوطنية العريضة للمعارضة حلقة حوار في مدينة سدني تحدث فيها كل من صبحي اسكندر و أدم عيسي و نزار عبد الوهاب و في القاهرة أيضا أقام مركز الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة سيمنار حول العلاقات السودانية المصرية  علي ضوء انفصال الجنوب  و كانت هناك ندوات في كل من هولندا و لندن و غيرها.

تعتقد العديد من القيادات السياسية و خاصة قيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان أن كل النشاطات التي تقام في الخارج ليس لها تأثير في الداخل و لا تؤثر علي الوضع السياسي داخليا لأنها بعيدة تماما عن القاعدة الجماهير و لا تجد لها صدي داخليا لذلك هي لا توليها أية اهتمام باعتبار أنها تقام من قبل مجموعات منفلتة لها عداء مع النظام أو إنها مجموعات من النخب و المثقفين الذين لديهم وقت فراغ يحاولون ملئيه بهذه الندوات و السيمنارات التي تعقد بعيدا عن القوي المؤثرة داخليا و لكن يعد هذا الفهم فهما خاطئا للذي لا ينظر أبعد من موطئ قدميه لآن هذه الندوات لها تأثير مباشر جدا علي العمل السياسي في السودان و في الصراع الدائر حول قضية الديمقراطية و الحرية و علاقات السودان الخارجية كما للإحداث الداخلية في السودان و الصراع بين القوي السياسية أيضا له تأثيراته في الخارج و هي معادلة تفاعلية و لكن خطورة تلك التفاعلات أن يكون مركز إدارة الصراع في الخارج و بالتالي تفقد المبادرات السياسية للوفاق الوطني سطوتها و قوتها و يرتفع سقف التحدي لكي يكون هناك الفاصل بين الخصوم الهزيمة أو النصر فقط.

كانت قد قدمت القوي السياسية المعارضة عددا من المبادرات تعتقد أنها تشكل أرضية للحل السياسية البعض أطلق عليها " المؤتمر الدستوري" و البعض الأخر وصفها " المؤتمر الجامع" و هناك من أطلق عليها " الحوار الجامع" و غيرها و لكن كل تلك المبادرات كانت تجد الرفض القاطع من قبل قيادات المؤتمر الوطني و أيضا الحركة الشعبية باعتبار أن اتفاقية السلام الشامل هي اتفاقية لحل المشكلة السياسية السودانية و قد وجدت مباركة من الولايات المتحدة و الغرب و بالتالي يجب أن لا ينظر لتلك المبادرات وقد تعامل معها بعض من القيادات بتهكم بالغ ثم أطلقت أيضا بعض قيادات المؤتمر الوطني  لغة التحدي و منهم دكتور نافع علي نافع الذي كرر كثيرا ليس هناك مؤتمر جامع أو دستوري و الذي يريد أن يشارك في حل قضايا الوطن يجب عليه أن يفكر عبر برنامج المؤتمر الوطني.  و خلقت كل تلك التحديات  ردة فعل عنيفة في الخارج لها تبعاتها التي لا يتوقعها الدكتور نافع و مجموعة ما تسمي بالصقور في المؤتمر الوطني لان لغة التحدي سوف تجد من يتعامل معها بذات منطقها في الخارج دون أن تكون للحكومة و مؤسساتها الأمنية سيطرة عليه أو الحد من ردة فعلها لذلك قالوا قديما أن الحكمة هي سيدة موقف.

أن المؤتمرات التي تعقد في الخارج تعقد من قبل عناصر تمتلك القدرة علي الحركة و الفعل خاصة وسط المنظمات الغربية  و لهم القدرة العالية جدا علي الاتصالات بصناع القرار في الغرب و التأثير عليهم  كما أن العديد منهم له علاقات وطيدة مع عددا من نواب البرلمانات و الصحافيين و الإعلاميين و هؤلاء في حركتهم لديهم القدرة تماما علي محاصرة علاقات السودان في الغرب و الولايات المتحدة و غيرها من الدول صاحبة النفوذ و بالتالي سوف تجد مؤسسات الدولة التي تتطلع بقضية العلاقات الدولية صعوبة كبيرة جدا في حركتها  و سوف تكشف الأيام ذلك بعد استفتاء جنوب السودان الذي سوف يقود إلي الانفصال حتما و مهما أعطت الولايات المتحدة من وعود لتحسين علاقتها مع السودان و إعفاء الديون و إزالة أسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب فإنها ستظل وعود  يمكن أن تتراجع عنها بخلق أسباب جديدة مثل شريط جلد الفتاة باعتبار أنها انتهاكات لحقوق الإنسان  و يمكن تصوير العديد من الحالات في السودان عبر التلفون النقال و هي كلها أسباب تؤدي إلي التراجع إذا تم عرض مثل هذه الحالات للجمهور في الغرب الذي سوف يضغط علي حكوماته لاتخاذ موقف من حكومة السودان.

أن النخب السياسية المنتمين سياسيا للأحزاب أو الناشطين في قضايا حقوق الإنسان و غيرهم في المهاجر و خاصة في دول الغرب و الولايات المتحدة الأمريكية سوف ترفع سقف مطالبها  ضد سلطة المؤتمر الوطني عاليا جدا في قضايا الحريات و التحول الديمقراطي إضافة لقضية محاسبة الذين تسببوا في انتهاكات حقوق الإنسان و قتل المدنيين في دارفور  و هي لا تقبل مساومة في ذلك باعتبار أنهم لن يخسروا شيئا في ذلك كما أنهم بعيدين من المراقبة المباشرة لأجهزة الأمن و المخابرات وردة فعلها و بالتالي قادرين علي العمل من اجل محاصرة النظام خارجيا و تصعيد بعض ملفات العدالة و هي القضية التي لا تفطن لها بعض القيادات عندما تعتقد أن لغة التحدي و العنف هي الوسيلة الوحيدة للتعامل مع المعارضين  و كان من المفترض أن تلعب مجموعات السودانيين في المهاجر دورا ايجابيا في تنمية السودان و تحسين علاقته مع الخارج إذا استطاعت قيادات المؤتمر الوطني أن تعيد عملية التفكير السياسي أن يصبح الوطن هو المبتغي و ليس المصالح الذاتية والحزبية الضيقة أو في اضعف الإيمان أن تقبل الإنقاذ بالحوار الوطني لحل المشاكل السياسية و الصراعات و النزاعات و أن تشرك معها كل القوي السياسية من أجل عملية السلام و الاستقرار لكي يستطيع الوطن أن يحافظ علي ما تبقي منه بعد ذهاب الجنوب.

أن سقف المطالب الذي تقدمه ألان القوي السياسية فيه معقولية تؤسس لحوار وطني و هو أدني من السقف الذي يمكن أن ترفعه النخب في الخارج و إذا حدث ذلك فإنها لا تخضع لأية سلطة سياسية أو حزبية أنما سوف تدير معاركها بالصورة التي تعتقد أنها سوف تحاصر و تخرب علاقات المؤتمر الوطني في الخارج خاصة أن هناك قيادات في المؤتمر الوطني تدفعهم لذلك من خلال تصريحاتها الانفعالية التي تغيب عنها الحكمة.

أن المشاكل و التحديات التي تواجه الوطن عديدة وخطيرة جدا إذا لم تستطيع النخبة الحاكمة أن تتعامل معها بروية و حكمة بالغة خاصة أن انفصال الجنوب و تبعات ذلك الانفصال سوف تفرض تحديات جديدة ربما لا يقدر علي مواجهتا و حلها حزب واحد و هي تتطلب تضافر كل الجهود الوطنية من اجل مواجهتها  و في الأيام القلية الماضية قال دكتور نافع علي نافع أننا فشلنا أن نبقي السودان موحدا لان الحركة الشعبية و الغرب يريدون انفصال الجنوب و لكن الحقيقة لان المؤتمر الوطني و سياسته هي التي أدت للفشل لأنه رفض رفضا قاطعا مشاركة القوي السياسية الأخرى لكي تسهم معه في حل تلك المشاكل و هو الذي قاد للفشل الذي أعلن عنه دكتور نافع و أيضا هناك مشكلة دارفور التي يتعنت و يرفض المؤتمر الوطني مشاركة القوي السياسية لكي تساعد في الحل و هذا يعني توقع الأسوأ  في مقبل الأيام.

يقول بعض الناشطين في المهجر إذا كان المؤتمر الوطني يعتقد أنه يريد الانفراد بالسلطة و عدم مشاركة الآخرين و يرفض التحول الديمقراطي الحقيقي و إلغاء القوانين المقيدة للحريات فإن ذلك الإصرار يرفع عنا الحرج في العمل بشتى الطرق في أن نحاصر قيادته في الخارج و نحاصر أيضا علاقات الحكومة في الخارج و نستخدم كل ما هو فعال في محاصرة المؤتمر الوطني أن كان في الغرب أو غيره و هي معركة أرادها المؤتمر الوطني ونحن غير مسئولين عنها لذلك أن النشاطات و الندوات التي يقيمها الناشطين السودانيين في الخارج هي للتقارب بينهم و تخلق الأرضية المشتركة بينهم من أجل عمل يسهموا فيه جميعا كما أن هناك مجهودآت فردية مؤثرة و فعالة جدا يقوم بها البعض و كلها كان من المفترض أن تكون لمصلحة الوطن و لكنه التعنت و نسأل الله ألطف. 

 

     

    

 

         



© Copyright by sudaneseonline.com