From sudaneseonline.com

حـــوار
عبده حماد :الاحزاب السياسية اصابتها تخمة الرضاعة لأموال الشعب عبر أنابيب سرية مع النظام لذلك فشلت في تقديم مشروع وطني...!
By
Dec 24, 2010, 02:35

·        الجنوب لم ينفصل عن الشمال واِنما مجموعة صغيرة أبناء الشمال أرادت أن تفصل نفسها عن باقي السودان...!

 

·        الاحزاب السياسية اصابتها تخمة الرضاعة لأموال الشعب عبر أنابيب سرية مع النظام لذلك فشلت في تقديم مشروع  وطني...!

 

·        النظام اللامركزي هو المطلب الاول لادارة التنوع في السودان...!

 

المحلل السياسي والمهتم بالشأن الدارفوري الأستاذ عبده حماد المقيم  حالياً بالقاهرة جلسنا  معه وتحاورنا معه في معظم القضايا السياسية الملحة وخاصة قضية دارفور والإستفتاء حيث ذكر ان الحكم اللامركزي بات هو المطلب الأول لإدارة التنوع وفي حديثه عن قضية الاستفتاء قال ان هنالك فئة معينة من الشمال عملت علي فصل نفسها عن بقية السودان وذكر أن بند التعويضات اثر علي حركة التغيير السياسي في السودان وخاصة أن معظم ابناء الشعب السوداني الذين شردتهم الانقاذ او قتلت اهاليهم يستحقون التعويض وجبر الضرر ولكن المؤتمر الوطني تعامل بخبث زائد مع الاحزاب وفتح لها خزائن التعويض فانحت القيادة للمال..وهنالك العديد من القضايا التي تناولها بجرأة بوضوح تام .. فالي مضابط الحوار:

القاهرة : حذيفة محي الدين

 

قضية الاقليم الواحد التي برزت مؤخراً خلال المفاوضات ومثلت عقبة اساسية في الحوار و اختلاف في الرؤي بين الأطراف المتفاوضة كيف تنظر لهذه القضية؟

بلاشك الاقليم الواحد أفضل بكثيرعن فكرة الولايات الثلاث ؛ واذا أجرينا مقارنة فنجد ان

الاقليم الواحد يساعد علي تطويروتنمية  وحدات المجتمع الداخلة ويدفعها نحو الانسجام ويعمل علي رتق النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي بين الناس ؛ ويوقف الاستقطاب السياسي القائم علي أسس قبلية ؛ ويقلل من الصرف المالي ويدعم فرص التنمية ؛ ويفتح الباب واسع لمشاركة الكفاءات المؤهلة في ادارة الاقليم وليست الكفاءات ذات الولاء القبلي او الديني او الحزبي  التي تمثل ظل السلطة المركزية  ؛ ففكرة الاِقليم الواحد تقضي علي مركزية التفكير؛ وكذلك تقضي علي سماسرة الحرب وممزقي النسيج الاجتماعي وتوقف بنود الصرف الخاصة بعطالة السلطة.

 امٌا بالنسبة للولايات الثلاث التي تتعدد فيها المؤسسات وتتداخل فيها السلطات فهي بلاشك تقسيمات جاءت ضد الاِنسان وضد التنمية ؛ لأنها مرهقة مالياً لامكانيات الاقليم الاقتصادية وتزداد فيها نسبة المصروفات الادارية والتي دائما ما تاتي خصماً علي المشاريع التنموية  ؛ وتمتاز بظاهرة القصور الاداري لانها لم تعتمد بشكل اساسي علي الكفاءات المدربة ولكنها في الغالب تعتمد علي الولاءات القبلية والحزبية الضيقة ؛ وتكثر فيها ظاهرة السمسره الخاصة بتمزيق النسيج الاجتماعي ؛ وتتيح فرصة كبيرة لسيطرة المركز عليها ؛ فهي تساهم  بشكل كبير في عمليات التفتيت...! فمثلاً ولاية جنوب دارفور وحدها بها اكثر من 24 معتمدية وهناك اربعة معتمدين عطالة يجلسوا في وظيفة اسمها شئون الرئاسة ..؟ ولماذا بولاية غرب دارفور حوالي 20  معتمدية  ومثلها بشمال دارفور..؟ كل هذه الحكومات يا اخي اسست علي اساس قبلي واثني حتي يتم تشتيت جهود شعب الاقليم الواحد ؛ فمثلا ولاية الخرطوم رغم امكانياتها الاقتصادية والبشرية المهولة فعدد معتمدياتها لا يتجاوز السبعة معتمديات...! أنظر  الي مساوي الولايات الثلاث وما احدثته من تفتيت  داخل المجتمع من منظور السلطة فقط...ناهيك عن الجوانب الاخري.

·        هل اِذا رجعت دارفور للاقليم الواحد ستنتهي الازمة..؟!

عودة الاقليم الواحد لم تحل الازمة..لان الاسباب الجوهرية للقضية ستظل موجودة ؛ سمعنا الوساطة طرحت اقليم واحد يقوم علي ثلاثة مستويات... تبدأ من المعتمدية  ثم الولاية  واقليم .. ولكن هذا الطرح سيعقد الازمة اكثر لأن الولاة الثلاثة الحاليين اذا سميناهم مجازا منتخبين بناءا للدستور فان صلاحياتهم سوف تكون اكبر من الشخص الذي يتم تعينه بواسطة الرئيس عبر التسوية السياسية ؛ اي حاكم الاقليم الذي ياتي في ظل وجود الولاة الحاليين يكون وضعه مثل وضع مني اركو مناوي او اقل منه درجة...فالولاه منتخبون من الشعب بناءا للنظام الرئاسي  الوارد في الدستور..لذلك لا اتصور اذا وقعت التحرير والعدالة اِتفاق مع الحكومة في ظل الوضع الحالي يجد حظة من التنفيذ...لان سلوك واخلاقيات النظام  قائمة علي التوقيع ورفض التنفيذ.

·        اذاً ماهو الحل في نظركم ..؟

الأزمة الدارفورية هي  واحده من أزمات الدولة الكلية فحلها مرتبط بقضايا السودان الاخري فلا اِعتقد تجزئة الحلول سيساعد في حلحلت بقية المشاكل ؛ فاذا كانت الديمقراطية والحريات الاساسية وقضايا التنمية والخدمات والارادة السياسية من ابرز المطالب ؛ فإن الحكم اللامركزي بات المطلب الاول في السودان لضمان ادراة التنوع ؛ واذا رجعنا الي التاريخ سوف نجد أن النظام الفدرالي في السودان كان معمول به منذ الممالك القديمة فنظام الحكم في مروي ونبته وعلوة كان فدرالياً  ؛ وكذلك في عهد السلطنة الزرقاء وفي المهدية نظام الرايات يعني اللامركزية ؛ ولكن الحكم الانجليزي المصري هو أول من أدخل النظام المركزي الذي أظهر التمييز وسط المجتمعات المختلفة وركز السلطة في ايادي قلة من النخب التي تنحدر من ثقافة محددة ؛ فالنظام المركزي في السودان  وليد غير شرعي لم تنتجه لا الموروثات  الثقافية ولا المكونات الاجتماعية والسياسية ؛ فهو نظام  يكرس للقهر والاستبداد وللاسف كل الحكومات الوطنية التي عقبت الاستقلال سارت في هذا الدرب الذي فتت الوطن.      

·        طيب نذهب الي المحور الرئيسي الذي يشغل كل السودانيين اليوم وهو الاستفتاء..فمن الواضح بات الجنوب منفصلاً عن الشمال فما هو تعليقكم ..؟!

 عبارة اِنفصال الجنوب عن الشمال اِعتقد بانها خاطئة ؛ فالعباره الصحيحة هي أن جزء صغير جدا من أبناء الشمال يريد أن ينفصل من باقي السودان وليس الجنوب هو الذي يريد الانفصال  ؛ لأن اذا جري استفتاء لشعب جنوب السودان أن يختار الوحدة او الانفصال مع دارفور او كردفان او الشرق او حلفا اودنقلا لاِختار شعب جنوب السودان الوحدة مع هذه المناطق ؛ لان شعوبها لم تكن مسئولة عن ممارسات الماضي ؛ ولكن "غزة الجديدة " والتي اقصد بها "الخرطوم "  التي تحمل الجينات الوراثية المتشابهة في الفكر الثقافي  هي التي ظلت مسيطرة علي مقاليد السلطة منذ الاستقلال الي اليوم..وهي التي تريد الانفصال عن باقي السودان.. ؛ فبالرغم من أن حق تقرير المصير هو حق اِنساني للشعوب أن تقرر مصيرها الا أن قلة لا تتجاوز ال 5% تريد أن تفصل الشمال من الجنوب كي تستمر في السلطة ؛ ودونك يا اخي الخطة الاستراتيجية التي قدمها حمدي في مثلثه الشهير...!

هل سيكون هنالك استقرار للدولتين في حال الانفصال ام  ان الحرب ستكون ملازماهما ؟

الاِنفصال لم يحقق الاستقرار.. واِنمٌا يفتح الباب علي مصراعيه لصدامات اخري مع الدولة العجوز التي سعت لفصل الجنوب ؛ هناك صدامات مطلبية لاقاليم ظلت تعاني من ظاهرة التهميش الممنهج ؛ وكذلك صدامات من أجل انتزاع الحقوق الاساسية " الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة بين البشر" اِضافة الي التاثيرات التي تحدث في الخزانة العامة نسبة الي ذهاب عائدات البترول الي الدولة الحديثة  مما يؤثر بشكل مباشر علي حياة الناس ؛ فمن المتوقع ستشهد الدولة الشمالية اِرتفاع في السلع والخدمات الاساسية اِضافة الي العودة الي استجلاب النفط من الخارج ؛ خاصة ان الثقافة الاقتصادية في الشمال اصبحت ثقافة اِستهلاكية من الدرجة الاولي..؛ فاذا نظرت الي الارقام يا اخي ستعرف حقيقة ما ذهبت اليه لأن 55 % من عائدات الدولة تاتي من عائدات النفط ؛ و45 % من الضرائب المباشرة وغير المباشرة ؛ وأكثر من 90 % من النقد الاجنبي ياتي عن طريق البترول..فهذا يؤكد شكل المعاناه التي تواجهها الدولة الشمالية من حيث الاقتصاد ؛ اِضافة الي أنها ستعاني من الناحية الامنية لأن الدولة الحديثة مدعومة والشمالية مهجومة من الخارج نسبة لمواقفها المتطرفة تجاه شعبها لا سيما أزمة الجنايات الدولة...وضعف اِرادتها السياسية وتشبث قياداتها بالبقاء في السلطة شجع الدول الانتهازية أن تحقق ماَربها في السودان.

·        ذكرت مثلث حمدي هل هي رؤية شخصية ام حزبية في نظركم ؟

مثلث حمدي هي خطة اِستراتيجية للحزب الحاكم مهما أنكرها كوادره ؛ فحمدي لديه الكثير من الخطط التي ساهمت بشكل اساسي في تدعيم وبقاء المؤتمر الوطني في السلطة ؛ فهو صاحب نظرية توظيف المال العام لمصلحة الحزب ؛ فحين اتي بهذا المثلث أراد أن يفصل باقي  اقاليم السودان التي لديها تداخلات مع بعض دول الجوار عن مثلثه  حتي يضمن بقاء حزبه في السلطة لأطول فترة ممكنة ؛ فبالرغم نفي كوادر حزبه لخطته من الناحية النظرية الا أنهم من  الناحية العملية والتطبيقة ظلوا ينفذون خطة حمدي بالحرف الواحد ..! ويمكنك معرفة ذلك من خلال خطط التنمية التي تتمركز داخل المثلث العازل.

·        مقاطعاً ماذا تقصد  بالعازل...؟

لأنه شبيه بالجدار العازل .. ولكن الفرق بينهما أن 95 % من المواطنين داخل المثلث يرفضون فكرة اِنفصالهم عن باقي السودان .. وينظروا الي الفكرة بانها فكرة حزبية ضيقة الغرض منها الحفاظ علي مصالح النظام وليس مصالح الدولة السودانية وشعبها لذلك يرفضون فكرة هذا المثلث ؛ اما الجماهير في داخل الجدار العنصري العازل يأيدون الفكره.

شاركت مؤخراً في حلقة نقاش نظمها المركز الاِعلامي للأمم المتحدة اِحياءاً ليوم حقوق الاِنسان والنهوض بالتعددية ماهي اهم محاور النقاش؟

تطرقنا إلي أنماط التمييز فالسودان به العديد من أنماط التمييز التي خربت التركيبة الداخلية للمجتمع من أبرزها  الأنماط التي جاءت علي مستوي القانون ؛ فمثلاً الدستور الاِنتقالي لسنة 2005م أقر المواثيق الدولية لحقوق الاِنسان من خلال نصوص مكتوبة علي الورق ؛ ولكن الانقاذ أتت بقانون النظام العام وصادرت تلك الحقوق ومنحت السلطات الفرصة الكاملة لتقهر وتعذب المرأة بطريقة مهينة ومذلة  لكرامة الانسان ؛ وهذا يؤكد بأن الانقاذ تتعامل بنظرة دونية للمراة لا تتجاوز كونها جسد فقط  فهي رؤيه شهوانية تتعارض مع كافة القيم الانسانية  والمواثيق الدولية الخاصة...لذا  يمكن أن نسمي قانون النظام العام بالقانون الشهواني لأنه  ينظر للمرأة من زاوية محددة وقاصرة.

 وكما توجد أنماط أخري خلاف القانون..منها التمييز الخاص  بحرية التعبيير والراي ؛ فماذا تفهم أخي عندما يكتب صحفي مثلك عن عمليات التهجير القسري للمواطنين وحرق القري وقصفها وقتل للمدنيين ويطالب باجراء تحقيق او تطبيق للعدالة هذا الصحفي يسجن ويحاكم رغم اِلتزامه باخلاقيات المهنية ؛ ولكن هناك اَخر مسموح له بزراعة الفتنة بين ابناء الشعب السوداني مسموح له بأن يكتب ويقول " أن هؤلاء اعداء للشمال وهم سرطان يجب اِستئصاله "..بل وزير خارجية الدولة التي  لم تنقسم بعد صرح لمجتمع معظم مواطنيه من المسلمين قائلاً " هؤلاء الافراد يخدمون مصالح الكنائس الامريكة والمسيحية التي تريد وقف نشر الاسلام في الجنوب وافريقيا جنوب الصحراء...! ألم يكن هذا تمييز ديني..؟! ..وايضاَ هناك تمييز اَخر علي مستوي السكن لا سيما سكان الكنابو الذين يطلق عليهم لقب الجنقوجورا..الذين ينحدرون من مجموعات اِثنية محددة .. اِضافة الي وضع القبيلة كمعيار في اِستمارة طلب الوظيفة في بعض المؤسسات خلال فترة محددة من تاريخ الانقاذ ..هذا يعتبر تمييز اجتماعي ساهم بقدر كبير في زراعت الغبن وسط المجتمع وأفقر المؤسسات للكفاءات ذات الخبرات العالية في اِدارة التنوع الموجود في الدولة السودانية ؛ اضافة الي تمييز المجتمع في دارفور الي عرب وافارقة ودعم مجموعة ضد الاخري...وهناك يوجد الاستعلاء الثقافي والسياسي فالذين ينحدرون من الثقافة الاسلاموعربية دائما ما ينحازون الي من يحمل تلك الجينات من الثقافة في ممارساتهم لادارة الدولة ..وكان واضحا من خلال التبريرات التي قدمها قادة العمل السياسي بأن لا يمثل البشير امام العدالة ..فبالرغم من فظاعة الانتهاكات الا أن درجة القرابة الفكرية دفعت هؤلاء للانحياز لمن يحمل جيناتهم  الثقافية...أي اِنحازوا الي البشير وتركوا الضحايا..! ؛ وكذلك توجد أنماط أخري من التمييز لا سيما تلك العبارات التي يواجهها  النشطاء واصحاب الراي داخل المعتقلات..  

 

·        ما هو دور الأحزاب السياسية في رأيك في المرحلة المقبلة؟

للأسف الاحزاب السياسية الشمالية أصابتها تخمة الرضاعة  لاموال الشعب عبر أنابيب سرية وأنفاق خاصة بينها وبين النظام  عن طريق بنود سموها التعويضات ؛ لذلك فشلت في تقديم مشروع وطني تلتف حوله كل قطاعات المجتمع ؛...فبند التعويضات اثر علي حركة التغيير السياسي في السودان وخاصة أن معظم ابناء الشعب السوداني الذين شردتهم الانقاذ او قتلت اهاليهم يستحقون التعويض وجبر الضرر ولكن المؤتمر الوطني تعامل بخبث زائد مع الاحزاب وفتح لها خزائن التعويض فانحت القيادة للمال ؛ هذا الموقف اثر بشكل كبير في العلاقة بين الجماهير ومصداقية الاحزاب السياسية في ان تكون البديل المناسب ؛ فالان البشير مطلوب للعدالة ولا مفر له الا المثول امام القضاه...وحتي الان القوي السياسية تفتقر الي المشروع الوطني ؛ وايضا السودان حاليا يفتقر للقيادة الكارزمية التي تستطيع قيادة الدولة الي بر الامان.

 

 

 

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com