From sudaneseonline.com

اخر الاخبار
الخرطوم تستضيف قمة خماسية مع شريكي الحكم بالسودان لترتيب أوضاع ما بعد انفصال الجنوب وتهيئة الأجواء قبل الاستفتاء
By
Dec 22, 2010, 18:23

 

الخرطوم تستضيف قمة خماسية مع شريكي الحكم بالسودان لترتيب أوضاع ما بعد انفصال الجنوب وتهيئة الأجواء قبل الاستفتاء

 

كتبت: سحر رجب    

 

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم قمة شارك فيها كل من الرئيس المصري حسني مبارك العقيد الليبي معمر القذافي، والرئيس السوداني عمر البشير، ونائبه الأول سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وذلك بهدف دعم جهود الشريكين السودانيين للتوصل إلى اتفاق حول المسائل العالقة في تنفيذ اتفاق السلام الشامل. وأكد بيان صدر في ختام المباحثات أن "القمة بحثت مستقبل العلاقة بين شمال السودان وجنوبه وأكدت أن الروابط العضوية بين الشمال والجنوب، التي تدعمها اعتبارات التاريخ والجغرافيا والثقافة والقيم الاجتماعية والمصالح المشتركة، تستوجب من كافة الأطراف العمل على تدعيم واستمرار هذه الوشائج في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبصرف النظر عن نتيجة الاستفتاء".

وشدد المشاركون في القمة على "احترامهم لإرادة شعب جنوب السودان في البقاء في اطار السودان الموحد او الانفصال السلمي"، كما دعت القمة في بيانها الختامي الى ضرورة الحفاظ على "الروابط العضوية" بين الشمال والجنوب ايا كانت نتيجة الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان المقرر إجراؤه في التاسع من يناير المقبل.

وقال البيان الختامي في هذا الصدد ان "القمة تناولت أولويات استيفاء استحقاقات السلام الشامل في جنوب السودان وإجراء الاستفتاء في جو من السلام والهدوء والشفافية والمصداقية وبما يعكس إرادة شعب جنوب السودان في البقاء في إطار السودان الموحد أو الانفصال السلمي وهي إرادة جدد القادة المشاركون في القمة احترامها أيا ما كانت نتيجة الاستفتاء".

وقرأ مراقبون في مبادرة بلدين عربيين كبيرين جارين للسودان هما مصر وليبيا بالإضافة إلى موريتانيا إلى الالتقاء بالقيادة السودانية في هذا الظرف الدقيق إشارة واضحة من قيادات جوار السودان إلى حرصها على استقرار البلد وسلامته بمعزل عن نتائج الاستفتاء.

ووفقًا لمصادر دبلوماسية في القاهرة، فإن هذه القمة استهدفت بشكل أساسي دعم جهود الشريكين السودانيين للوصول إلى اتفاق حول المسائل العالقة في تنفيذ اتفاق السلام الشامل، وبما يؤمن علاقات قوية بين الشريكين أيا كانت نتائج الاستفتاء الذي سيجرى في التاسع من يناير المقبل.

وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إن القمة بحثت نتائج الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى التقريب بين شريكي السلام للتوصل إلى تسوية للقضايا العالقة بما في ذلك موضوعات أبيي والمواطنة وترسيم الحدود وتقاسم عوائد النفط، مع التأكيد على إجراء استفتاء الجنوب في مناخ من الحرية والشفافية والمصداقية، وبما يعكس إرادة أبناء الجنوب، ويمكن الطرفين السودانيين من التوصل إلى تفاهمات لتنفيذ نتائجه.

 

ترتيبات الانفصال

من جانبه قال وليد السيد رئيس مكتب حزب المؤتمر الوطني السوداني الحاكم في القاهرة: إن المؤشرات كلها تتجه حالياً إلى أن انفصال الجنوب واقع لا محالة، بما يستدعي العمل على استدامة السلام في السودان وعدم العودة إلى الحرب.

وأكد رئيس مكتب حزب المؤتمر الوطني السوداني الحاكم أن هذه الزيارة التي قام بها الرئيس المصري للسودان لعقد قمة مشتركة بالخرطوم، تستهدف التأكد من سلامة الأوضاع في السودان في خضم الإعداد لإجراء استفتاء حق تقرير المصير للجنوب في الأيام القليلة المقبلة، وكذلك للوقوف مع السودان في هذا الظرف التاريخي الهام الذي تمر به البلاد، كما أنها تشكل رسالة جاءت في هذا التوقيت، لتبادل وجهات النظر بين هذه الأطراف من أجل استدامة السلامة والمساهمة في تذليل القضايا العالقة من اتفاقية السلام السودانية، التي وقعها شريكا الحكم في نيفاشا 2005، لأن أجندات البلدين (مصر وليبيا)، حسب خبرتنا معهما تخدم الاستقرار والسلام في السودان والمنطقة برمتها.

استعدادات لتقرير المصير في جنوب السودان

وأشار رئيس مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة إلى أن هذه الزيارة تعتبر رسالة تؤكد أن: (جيران السودان يقفون معه) في المحك التاريخي الذي يمر به، ليغلقوا الباب أمام أى تآمر خارجي ضد السودان، بالإضافة إلى أنها تعطى انطباع بأن المؤتمر الوطني أوفى بالتزاماته نحو تنفيذ اتفاقية السلام الشامل عام 2005.

وبينما يتوقع العديد من المحللين تصاعد المعارك في إقليم دارفور بغرب السودان الذي يشهد حربا أهلية منذ أكثر من سبع سنوات، فمن شأن استقلال الجنوب أن يعيد رسم خارطة السودان وان يعدل موازين القوى بين المتمردين والحكومة المركزية في الخرطوم.

رؤية الجنوب

من جهة أخرى، صرح نصر الدين كشيب، رئيس مكتب الحركة الشعبية لتحرير السودان بمصر والشرق الأوسط لشبكة (الأزمة) الإخبارية، بأنه ليس لديه إخطارا مسبقا أن تكون الزيارة قد تمت بعلم الحركة الشعبية، ولم يستبعد كشيب ، أن يكون هناك ترتيب بين الإدارة المصرية وحكومة جنوب السودان بمصر حول القمة الثلاثية.

وأشار نصر إلى أن مكتب الحركة الشعبية بمصر، قد علمنا بهذه الزيارة من وسائل الإعلام وأضاف نصر، انهم يرون فيها زيارة مهمة ومن العيار الثقيل، كونها أتت في هذه المرحلة الحرجة فى تاريخ السودان. وقال بانه يعتقد  بأن غرض الزيارة هو إجراء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان، بطريقة سلسة توفر الأمان والاستقرار لكلا طرفى السودان ،وذلك لأن الاستفتاء إذا لم يتم بسلاسة، فسوف يقود الى جرجرة السودان والمنطقة ككل بما فيها مصر وليبيا، الى مشاكل لا يحمد عقباها، كما ان توفير السلام والاستقرار فى السودان خلال وبعد الاستفتاء سوف لن يتأثر به السودان فحسب ، ولكن المنطقة برمتها، ومن المنطقى أن يسعى جيران السودان لتقريب وجهات النظر بين شريكي الحكم هناك. وأتوقع أن يتم تصريح ببعض ماستتم مناقشته فى اللقاء على الملأ بينما ستظل بعض المناقشات فى طى الكتمان لحساسية الفترة .

واستطرد نصر الدين قائلا: أما فيما يخص الطرف الليبي، فالأقرب إلى الواقع هو مواصلة ليبيا لعلاقاتها الجيدة مع جنوب السودان بعد أن صرحت مسبقا بتأييدها لاستقلاله، كما أنه من ناحية نفسية ستظل ليبيا تشعر بالارتياح لانفصال الجنوب، الذي سيصبح مجرد ولاية أو منطقة صغيرة داخل الأوعية الكبرى التي يتزعم الرئيس الليبي بعضها، مثل الاتحاد الأفريقي والتجمعات الأخرى في القارة الأفريقية .

 

مضى كشيب إلى القول: إننا نعتبر بأن هذه الزيارة تأتي من قبل القيادة المصرية لطمأنة طرفي الحكم في السودان أن انفصال الجنوب سوف لن يؤثر على العلاقات بين مصر والسودان، ولا على السلام والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في دولة شمال السودان.

كما استبعد رئيس مكتب الحركة الشعبية بالقاهرة أن تكون هذه القمة بغرض البحث عن مصالح مصر فى السودان فى  حالة تقسيمه، مثل حصة مصر فى مياه النيل و الأمن القومى المصرى  والاستثمارات المصرية فى السودان وغيرها، حيث تؤمن مصر أن تقسيم السودان سوف لن يؤثر على مسألة مياه النيل أو غيرها إنما تهدف الزيارة للمصلحة العامة لشعوب الدول الثلاثة أو (الأربع) واستدامة السلام والاستقرار في الإقليم .

 

رؤية من السلطة التنفيذية

ومن جهة أخرى أكد الدكتور عبدا لله تيه جمعه، وزير الصحة السوداني "للأزمة " أن الأجواء في السودان مشحونة بدرجة كبيرة بسبب استفتاء جنوب السودان المزمع في 9 يناير 2011، وزيارة الرئيسين " المصري والليبي " تأتى في محاولة لجعل الاستفتاء يجرى بشكل سلمى ويتم تقبل نتائجه سواء كان اختيار الجنوب للوحدة أو الانفصال. وأضاف تيه، أن  أهمية زيارة الرئيسين تنبع من هذا المنطلق ، كما أن هناك بعض المقترحات التي قدمت من الطرف المصري، منها ضرورة أن يكون هناك حكم كونفيدرالي بين شمال وجنوب السودان ، ولكن هذا الطرح قد قوبل بالرفض ، وقال الوزير السوداني، أنه من المجدي أن يكون هناك تبادل للآراء حتى لو جاء الاستفتاء بانفصال الجنوب عن الشمال يجب أن يأتي دون أي صراعات ،كما أن هناك حوار قائم بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني،  حول ما يسمى بالقضايا المشتركة أو المتداخلة، والتي منها " البترول الذي يأتي معظم إنتاجه من جنوب السودان ، بينما نجد خطوط وأنابيب تصديره تمر عبر شمال السودان ،كما ان هناك التجارة بين الشمال والجنوب باعتبار أن الجنوب سوق لأعلب المنتجات الشمالية ، وكذلك الرعاة في الشمال الذين يذهبون للجنوب ، والجنسية ، والمواطنة ، والعمل على كيفية جعل هذه القضايا جاذبة للحفاظ على العلاقات بين البلدين ( شمال السودان وجنوبه ).بالتالي فأن القمة الثلاثية بالخرطوم لها أكثر من هدف.

ويرى وزير الصحة السوداني، انه إذا تم التوصل إلي حل في هذه القضايا، فأن ذلك سيمهد لجعل الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان، يسير بشكل سلس وسلمي، ويمهد لجبال النوبة والنيل الأزرق، مواصلة حل قضاياهم عبر المشورة الشعبية في شكل سلس كذلك، وما نخشاه أن  وجود أي توتر أو إشكالات خلال الاستفتاء ينعكس بشكل مباشر على المنطقتين ويؤثر على المشورة الشعبية. 

 

 

 

جهود تنموية مصرية

وكانت الصحافة السودانية قد ألمحت إلى أن مبارك سيسلم البشير رسالة من الرئيس الأميركي باراك اوباما، غير أن السلطات السودانية نفت هذه الأنباء جملة وتفصيلا.

أما مصر فوفقا لقُـدراتها، أنشأت مستشفى حديثا في جوبا، وهناك مشروع لإنشاء ثلاث مستشفيات أخرى في واو وملكال، بولاية بحر الغزال وجوبا بتكلفة 200 مليون جنيه. ويجري إنشاء مدرسة مصرية في جوبا متعدّدة الأغراض، وتقدّم مصر 300 مِـنحة تعليمية لأبناء الجنوب، مُـقسّـمة على الولايات العشر، مع استمرار لعدد 100 منحة تعليمية أخرى سنويا، كما أنارت ثلاث مدن في الجنوب بنَـفقة مصرية خالصة.

ويبحث حزب المؤتمر الوطني السوداني الذي يترأسه البشير، والحركة الشعبية التي يتزعمها سلفا كير منذ يوليو أربعة مواضيع رئيسية لفترة ما بعد الاستفتاء وهي المواطنة وتقاسم الموارد الطبيعية بينها النفط، والأمن واحترام الاتفاقات الدولية بما يشمل اتفاق تقاسم مياه النيل، كما يفترض أن يتوصلا إلى تفاهم حول مسالة ابيي المنطقة المتنازع عليها والتي يطالب بها الطرفان.

ويعد الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان نقطة أساسية في اتفاق السلام الشامل الذي أنهى في العام 2005 حربا أهلية دامت أكثر من عقدين بين الشمال المسلم والجنوب الذي شكل المسيحيون غالبية سكانه.

 

ومن المقرر أن تُقيم مصر محطة لتوليد الكهرباء في منطقة ابيي، وِفقا لما أعلنه الرئيس مبارك أثناء الزيارة، كما أنشأت فرعا لجامعة الإسكندرية، بعد إتمام إجراءات توفير الأرض من قِـبل حكومة الجنوب، وهناك مزارع استِـرشادية مصرية واتفاق على تيسير عملية إعادة استخدام "قناة جونجلي"، التي تضرّرت إبّـان الحرب الأهلية.

هذا الجهد الحكومي المصري، وإن كان مقدّرا، لكنه يظل بحاجة إلى المزيد من جانب الحكومة ومن غيرها، لاسيما القطاع الخاص المصري، الذي يبدو أقل حماسا للتّـركيز قليلا على دعم تواجده في الجنوب السوداني، رغم الفرص الكبيرة والمتوافرة هناك.

 

 

 

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com