From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
ليس لدى الوحدة من يناديها بقلم : الصادق الرزيقي
By
Dec 22, 2010, 18:17

ليس لدى الوحدة من يناديها

بقلم : الصادق الرزيقي

في مرحلة سابقة وقُبيل استواء مركب التفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية على جودي منظمة الإيقاد، طُرحت في مفتتح العقد الأول من هذا القرن في 2001م

المبادرة المصرية الليبية لحل النزاع في السودان، وكان نزاعاً مركّباً، مشكلة الجنوب من ناحية، وقضية المعارضة السودانية التي كانت تتخذ اسم التجمع الوطني الديمقراطي من ناحية ثانية، وانشغلت دولتا الجوار العربي للسودان «مصر وليبيا» بحكم العلاقات التاريخية والروابط المختلفة والاعتبارات العديدة، بالبحث عن حل للأزمة في السودان وذلك بعد الانشقاق الذي حدث داخل المؤتمر الوطني آنئذٍ، ونشطت الدولتان في صياغة المبادرة التي صُمِّمت كما يقول أصحابها لحل المشكل السوداني.

لكن تلك المبادرة رغم ما صاحبها من زخم كبير في ذلك الأوان، والوفود التي تروح وتغدو وتزدحم ما بين الخرطوم وطرابلس والقاهرة، لم يُكتب لها النجاح واصطدمت بعقبات عديدة، وتم اختيار مبادرة ومبادئ منظمة شرق إفريقيا لمكافحة الجفاف والتصحر «الإيقاد»، كإطار ومنبر للتفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية، ولم تخرج المبادرة المصرية الليبية عن كونها نوايا حسنة ورغبة صادقة من دولتين جارتين شقيقتين أرادتا التدخل لإيجاد حل مقبول لما يعاني منه السودان.

ونسبة لظروف وتقديرات شائكة التقاطعات، انحسر الدور والتأثير العربي في قضية جنوب السودان وفي القضية السودانية نفسها، ولم تلعب دولتا الجوار العربي الدور المطلوب لظروف معلومة ومتفهَّمة من البعض لكنها ليست مبرَّرة على كل حال.

اليوم يحل في بلادنا قائدان كبيران لدولتي الجوار «مصر وليبيا» في إطار مساعٍ وكبادرة لمعالجة الأوضاع السودانية وعقد قمة ثلاثية تجمع الرؤساء البشير ومبارك والقذافي ويحضرها سلفا كير ميارديت رئيس حكومة الجنوب المتأهب للانفصال، صحيح أن هذه القمة تأتي في وقت دقيق ومنعرج تارخي مهم في السودان، لكنها قد لا تغير من النتيجة المحتملة والمرجحة شيئاً، لكنها يمكن أن تساعد على نزع فتيل التوترات في حال قيام دولة في الجنوب وجعل الانفصال سهلاً وميسوراً وسلساً لا تعود فيه الحرب وأشباحها لشطري السودان المتباعدين.

صحيح أنه لا يوجد سقف للتمنيات لدعاة الوحدة في أن يحلموا بما يريدون ويأملوا كما يشاءون، لكن الواقعية السياسية تفرض علينا جميعاً الإقرار أنه لا مناص الآن من تقبل حقيقة أن الانفصال بات هو الحل الوحيد لعلاقة الشمال بالجنوب، ولا مناص منه ولا تراجع، ليس بسبب اختيار الجنوبيين لشعارات الانفصال قبل مجيء الاستفتاء وانحيازهم لها، إنما برغبة كبيرة اجتاحت الشارع الشمالي وصاغت مزاجه تجاه الانفصال بعد تعثر تحقيق الوحدة والامتعاض حتى من الحديث عنها، وهذه تحولات عميقة اجتماعية وثقافية ومفهومية تعم الشمال بلا استثناء، لأن الانفصال لم يعد هو فقط مطلب جنوبي.

القمة الثلاثية اليوم، لن تعيد عقارب الساعة للوراء، لكنها تحاول تخفيف وطأة الانفصال ووضع كوابح قد تمنع انزلاق الأوضاع في البلاد نحو هاوية المواجهات والحرب من جديد.

وليست قضية دارفور أيضاً بعيدة عن هذه القمة، لكن تشابكات المواقف وتداخلاتها والعلاقات العضوية لضيوف البلاد بها، تجعل من المنطقي أن نتوقع حلاً لها دون الاعتراف أن تعقيداتها كانت بسبب التقديرات الخاطئة والحسابات المتعجلة والعشوائية في المنطقة كلها والتي أفرزت وضعاً ساهم في تعقيد قضية دارفور وارتفاع فواتير حلها.

إذن القمة الثلاثية مهمة، والرجاء والأمل فيها كبير، من أجل أن لا يقع السودان فريسة لأنياب الحرب والاقتتال من جديد، لكنها قد لا تفلح في جعل الانفصال غير جاذب للشمال والجنوب معاً ، فـ «الانفصال هو الحل» والشماليون والجنوبيون في هذه الرغبة «شركاء لا أجراء

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com